تجاوزات الاعلام الغربي.. استخفاف واستغفال مواطنيهم
مقالات/ عبدالله سلمان
الإعلام والصحافة يلعبان دوراً بارزاً وحيوياً في المجتمعات الحديثة، حيث تتراوح مهامها بين توفير المعلومات والتثقيف والترفيه ورصد الأحداث والتحليل والرقابة على السلطات والمؤسسات .
وتعتبر الصحافة وسيلة رئيسية لنقل المعلومات والأخبار الهامة للجمهور. تُعد الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى مصدرا أساسيا للمعرفة والتوعية .
حيث يقوم الصحفيون بمتابعة وتغطية الأحداث الجارية والمهمة في العالم، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وتوثيقها بشكل موضوعي ودقيق وبتحليل الاحداث المختلفة مما يساعد القاريء والمشاهد على فهم الاحداث بواقعية .
ان الإعلام السياسي يتميز في توفير المعلومات اللازمة للمواطنين لفهم الشؤون السياسية وممارسة حقهم في اتخاذ القرارات، كما يلعب دورًا هامًا في رصد السلطات والمساهمة في تعزيز الديمقراطية والشفافية في الحكم ويقوم بتغطية الأحداث والمستجدات السياسية على الساحة المحلية والدولية، والأحداث السياسية الهامة التي تدور في الساحة الدولية .ويمتلك الإعلام السياسي القدرة على توجيه وتشكيل الراي العام وتوجيهه .
الا ان في العديد من الحالات، تشير وسائل الاعلام الامريكي والاوروبي إلى وجود ممارسات غير أخلاقية في بعض وسائل الإعلام في الغرب، حيث تقوم بتقديم معلومات مضللة أو ملتوية بهدف تشويه صورة معينة أو توجيه رأي عام معين. يظهر ذلك في التلاعب بالحقائق وتضليل الجمهور، والتلاعب بالعواطف لتحقيق أهداف سياسية فان هذه السلوكيات تستهدف بشكل خاص عقول المواطنين وتحاول إقناعهم بأفكار غير صحيحة وساذجة، والتي من المفترض أن يقبلها الجمهور كواقع لا مفر منه .
من الأمثلة الشائعة على هذا النوع من السلوكيات الإعلامية، تلك القصص المزيفة التي تُنشر من مصادر القرار في الغرب وتصورات ساخرة للترويج لأجندات معينة مع غياب تام لمصداقيتها و تضخيم الأحداث أو تحريفها لتكون أكثر جاذبية للمشاهدين من اجل إشاعة المعلومات الزائفة والتي يمكن أن تؤثر سلبًا على الثقة بين الناس وتثير الفوضى والاضطراب في المجتمع دون تقديم سياق كامل أو تحليل موضوعي للأحداث .
خلال الفترة الاولى للحرب بين روسيا وأوكرانيا، أدلى الناطق الرسمي للبنتاغون بتصريح على التلفاز يتحدث فيه عن تأثير شدة البرد القارس على الجيش الروسي، مما يؤثر على معنوياتهم. ان هذه الادعاءات تثير تساؤلات حول مدى صحة هذه المعلومات وتبرز تصرفًا مهينًا لعقل المواطن الأمريكي. إذ ان كثير من الناس في العالم يعرفون أن المواطن الروسي العادي قادر على تحمل درجات البرد المنخفضة المعتادة في بلاده فما بالك بالجندي الذي يتلقى تدريبا خاصا على ظروف قاسية من حيث البيئة ، وهذا بالتأكيد يشكل عنصراً يجب مراعاته. بالإضافة إلى ذلك، فإن وصف الظروف الجوية في روسيا وأوكرانيا يمكن أن يعكس نوعًا من التفاهة أو عدم المصداقية في تقديم المعلومات وامتهان لكرامة المواطن واعتباره ساذج وعليه قبول التصريح كواقع حال .
واذا ما اطلعنا على بعض وسائل الإعلام في بعض الدول الأوروبية، نجد تصويرًا بارزًا للنصر الكبير للجيش الأوكراني، مع تأكيدات على قدرته على هزيمة روسيا وتصوير الروس كمهزومين لا محالة. هذا التوجه الإعلامي يشير إلى تصوير الواقع بطريقة مبالغ فيها، ويعتقد بعض الناس في الغرب أنه يهين عقولهم بسبب انحيازه وعدم مصداقيته .
في الواقع هذه الإشارات إلى النصر مبالغًا فيها وغير متسقة مع الواقع الميداني. فقد يتم تجاهل التحديات والصعوبات التي تواجهها القوات الأوكرانية، ويتم التركيز فقط على النجاحات المفترضة وهما . هذا النوع من التوجيه الإعلامي يمكن أن يثير التساؤلات حول مصداقية وموضوعية وسائل الإعلام في الغرب، ويمكن أن يعتبر إهانة لعقول المواطنين الغربيين الذين يتوقعون معلومات دقيقة وموضوعية .
كما ان القليل من وسائل الإعلام الغربية تعمل على تصوير غزة والأحداث فيها بطريقة محايدة وموضوعية، مع التركيز على توجيه الانتقادات لإسرائيل بسبب العمليات العسكرية والانتهاكات في المنطقة. لكن الاغلب الاعم من الوسائل الإعلامية الغربية تعتمد بعض التوجهات التي قد تعتبر مثيرة للجدل أو غير موضوعية عندما يتعلق الأمر بغزة
على سبيل المثال، يتم تبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بشكل مفرط على انها دفاعا عن النفس مما يعكس تصويرًا موجهًا للأحداث و يفهم ذلك على أنه تبرير للابادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين. كما تتجاهل بعض الوسائل الإعلامية الغربية عمدا قرارات محكمة العدل الدولية أو التقارير الدولية التي تدين الانتهاكات الإسرائيلية في غزة وتصفها بأنها جرائم حرب .
هذا النوع من التوجه الإعلامي قد يثير تساؤلات حول مدى موضوعية ومصداقية وسائل الإعلام في الغرب التي صدعت رؤس الناس بشفافيتها ، وهذا يدلل ويعكس استخفافًا واهانة لعقول المواطنين الغربيين الذين يتوقعون معلومات دقيقة وموضوعية حول الأحداث في غزة . يجب أن تلتزم وسائل الإعلام بتقديم المعلومات بشكل موضوعي ومتوازن، وأن تأخذ بعين الاعتبار قرارات محكمة العدل الدولية وتقارير المنظمات الدولية الموثوقة في تغطية الأحداث .
ذلك يُظهر التحدي الذي يواجه العالم في التعامل مع وسائل الإعلام الغربية التي لا تنقل الحقيقة بوضوح وتلتزم بحسابات سياسية غير منصفة، فعلى الرغم من صعوبة التعامل مع مثل هذه الوسائل الإعلامية، إلا أن الوعي بالانحياز المطلق لهذا الالة الاعلامية والالاعيب التي تدسها يمكن أن يساعد في تقليل تأثيرها ويفقدها المصداقية مما يحذوا بالمواطن بالبحث عن الحقائق من مصادر اخرى .
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الجميع أن يتحدوا ويعملوا معًا للضغط على وسائل الإعلام لتحقيق المزيد من الشفافية والموضوعية في تغطيتها مما يتوأم مع دورها الطبيعي وذلك من خلال التعبير عن الانتقادات والمطالبة بتقديم معلومات دقيقة وموضوعية.
إن التعامل مع هذا الإعلام الغير منصف يتطلب جهودًا متواصلة وتعاونًا شاملاً من الجميع لضمان أن تصل المعلومات الصحيحة والموضوعية إلى الشعوب في الغرب . والعمل على استنهاض كرامة الانسان الغربي الذي تدهسه اله الاعلام المسيسة في الغرب.[1]