في تناقض مواقف النخب العربية السورية ..!
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 7152
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تتهم بعض النخب العربية الكرد بإفشال مشروع الانتقال السياسي في سوريا ومنع قيام الدولة الوطنية الديمقراطية فيها ، بسبب استغلالهم لواقع الثورة ومحاولة زرع وهم الدولة الكردية والحقوق القومية والالتحام مع مصالح قوى الثورة المضادة والمشروع الامبريالي الامريكي رغم ان وقائع الديمغرافيا العنيدة وتقطّع مناطق تواجد الكرد السوريين وتوزعهم بشكل غير مركز في مناطق محددة من سوريا ، يعيق ويمنع تشكل هذه الدويلة واستمرارها
لاشك بان في هذا القول شيء من الاتهام الظالم ، وانكار للوقائع الملموسة . فالكرد السوريون لم يدعوا يوما الى الانفصال ، او الانغلاق في مناطق محددة ولم يكونوا سبباً في وجه قيام الدولة الوطنية الديمقراطية وبناء مؤسساتها لا بل كانوا من اشد الداعمين لقيامها واعتبروا بان لا ديمقراطية بدون حل القضية الكردية في سوريا لذا انخرطوا في كل نضالاتها وكان شعار الاحزاب الكردية على مر العهود هو الديمقراطية للبلاد والحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب الكردي في البلاد ، وهذا يُظهر مدى ادراكهم لأهمية الديمقراطية وضمانها للحقوق الكردية .
لكن المؤسف بأن بعض القوى السياسية السورية لم تدرك اهمية هذا التلازم ولم تتبنى حقوق الكرد كجماعة اثنية لها من الحقوق ما يساوي حقوق العرب على الصعيد الجمعي – باستثناء حزب العمل الشيوعي ، وتيار مواطنة - وكانت في بعض الاحيان تزاود على حزب البعث في شوفينيته ، وهذا ما دفعهم ان يحجموا عن دعم الكرد اثناء انتفاضة 12 اذار 2004 ، كي يواجهوا مصيرهم رغم ان هذه الانتفاضة قد هزت اركان النظام وعرشه وكان بإمكانها ان تتحول الى انتفاضة شعبية عارمة لو حظيت بالدعم والمساندة .اما في زمن الثورة فلازالت المواقف تجاه الكرد متشنجة وغير عقلانية وخاصة فيما يتعلق بالانفصال او الفدرالية كمدخل لتقسيم سوريا ، اوالارتهان للأمريكي . رغم كل المواقف والبيانات التي تصدر عن الكرد وتصر على تمسكهم بوحدة الاراضي السورية وتبنّي القرار الدولي 2254 .
لقد دفع خوف المعارضة من اقامة كيان كردي او انفصالهم ، الى وقوفهم بجانب المحتل التركي ، ودعم عمليتي غصن الزيتون ونبع السلام اللتين اسستا لتتريك هذه المناطق ونزع الهوية السورية عنها وغض النظر عن عمليات الهندسة السكانية والانتهاكات والجرائم التي ترتكبها المجموعات التابعة للجيش التركي في هذه المناطق ، اواستخدام بعض مناصري داعش تعبير ملحمة غويران كتسمية للعملية التي نفّذها التنظيم لتحرير أعضائه من سجن غويران ،او التأييد العلني أو الضمني في هجومه الاخير على سجن الحسكة والابتهاج بما حصل لقسد والولايات المتحدة الامريكية ، باعتبار داعش نفسه هو الاسم الرمزي للمظلومية العربية السنية على حد تعبير الكاتب عمر قدور.[1]