جبهة السلام والحرية.. سبل التعايش وإنهاء المقتلة السورية
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 6635
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
يؤكد البعض من الكتاب والسياسيين على أن #السياسة الكردية# السورية غير قادرة على الوقوف الذاتي بدون دعم وتحييد المكونات الموجودة في المنطقة، وما جعل السياسة الكردية فاعلة هو العمل انطلاقا من هذه الحقيقة، وبالتالي ماذا يمكن للمجلس الوطني الكردي ان يفعله في ظل الوقائع العنيدة والعجز عن تغيير موازين القوى القائمة في ظل انسداد افاق الحل السياسي السوري والتدخل الاقليمي والدولي وانطلاقا من هذا الواقع والاقرار به جاء تأسيس جبهة السلام والحرية بين مكوناتها المؤتلفة
من هنا لابد من التأكيد على ان المهمة الملحة والعاجلة امام الكرد السوريين هي في ترتيب العلاقات الكردية اولاً والوطنية السورية ثانياً وتحقيق المزيد من التلاحم بين مكونات الشعب السوري، ولا ننسى ان تعزيز العلاقات الكوردستانية يقع في صلب هذه المهام، وبعيداً عن تفاصيل الاعلان عن الجبهة ورؤيتها السياسية فان معظم السوريين هم مع التعايش والتلاحم والاتحاد وتحقيق السلام وزوال نظام الاستبداد، هذا النظام الذي انتهك السيادة الوطنية وفتح الابواب امام التدخل الخارجي وقتل وشرد ابناء الشعب السوري وحوّل الوطن الى ملكية فردية.
لكن بمقاييس الشرعية وتوفر شروط الخروج من مأزق الحركة الكردية السورية فإن الحل ليس في عقد المؤتمر الوطني الكردي السوري الجامع بغية استعادة شرعيتها فهذا المؤتمر لا يعدو ان يكون سوى اجراء شكلي وخارج التاريخ السياسي الواقعي لأن هذه الوحدة منوطة بالظرف الموضوعي، وبالعوامل المتدخلة في الشأن السوري والكردي على حد سواء، وكل الوقائع ودعوات البعض وعلى مدار سنوات لعقد هذا المؤتمر وطرح مشروعه لم تؤدّ الى نتيجة عملية، وبقي المشروع مشروعاً على ورق كون المؤتمر المنشود يحتاج الى تكامل الذاتي مع الموضوعي والى دعم أطراف كوردستانية (خارجية) فالقضية لا تتعلق بكتابة جملة المهام المطلوبة ولا بالإجراءات الواجب اتخاذها أو الشعارات المطروحة بل بالطريقة الاجرائية والعملية التي سيتم فيها تحقيق وحدة الحركة الكردية السورية عبر هذا المؤتمر بدون الاعتماد على الخارج تماشياً مع مبدأ استقلالية القرار الوطني.
أما عن جبهة السلام والحرية فهي عبارة عن تحالف سياسي بين المجلس الوطني الكردي والمنظمة الاثورية وتيار الغد السوري والمجلس العربي في الجزيرة والفرات تجمعها رؤى سياسية مشتركة حول القضايا الوطنية والقومية وشكل الدولة وآلية توزيع السلطة ومستقبل البلد ومصير المكوّنات وطريقة حل مسألة التعدد القومي بشكل عام دون بيان اي اسس او محددات تفصيلية لحل هذه المشاكل او الاشارة الى بعض الوقائع العنيدة في المنطقة او الصعوبات الحياتية واليومية للمواطن. .
لن اناقش الجبهة عن احقية القضايا والمشكلات ومشروعية الحل بطريقة واقعية عبر ترتيب الاولويات ولا الى النقاش المستفيض الذي قد يشير الى بعض النقاط غير المكتملة ولا الى التنظيم الدقيق واليات عمل الجبهة في تطبيق برنامجها كي لا تختلط الامور ببعضها وتبقى متشابكة في اطار عمومي وتذهب الجهود سدى ونحن مازلنا في مرحلة بدء الاعلان وهذا يحتاج الى وقت، فبعض الرغبويين يحاولون التحليل دونكيشوتياً ارضاء لجهة ما او الانخراط بعملية تضليلية لتحقيق اهداف مؤدلجة لكن تلك المواقف لن تجد لها مكانا كما يتوهم البعض بحكم الواقع الذي نعيشه، وهذا لا ينطبق على النقد البناء الذي قد يشير الى بعض نقاط القصور ومكامن الخلل.
النقطة الرئيسة التي يمكن التوقف عندها في اعلان الجبهة هو عدم تحديد نوع اللامركزية التي تنشدها الجبهة هل هي لامركزية ادارية ام لامركزية سياسية (فدرالية) فالدولة المركزية لا يمكن لها ان تحل المشاكل الناتجة عن الحروب الاهلية فقد تبلورت في سوريا مجموعة وطنيات خلال الفترة الماضية، واصبح كل تشكيل عسكري عبارة عن دولة بذاته، وبالتالي فان الدولة المركزية لن تأتي طواعية بل عبر القسر والاجبار والذي لا ينتج سوى الاستبداد واعادة الديكتاتورية وبالتالي يبقى الاتفاق على الحل الفدرالي هو الحل الطوعي والمنطقي لشكل الدولة السورية القادمة، وسيكون لصالح سوريا الموحدة، ولديه قدرة كبيرة على الجذب وتكريس الهويات الفرعية وتحقيق كينونتها لأنه بدون تحقيق مصالحات واعتراف بما هو قائم من هويات لا يمكن ان تنمو الهوية السورية او وتتعمق.
اخيراً لا حاجة الى التأكيد ايضا الى ان شعبنا الكردي السوري واع لواجباته الوطنية والقومية وفي هذا السياق سيكون اعلان الجبهة –رغم كل ما يقال حولها- خطوة في اتجاه الواجب الوطني الذي يستلزم التعايش والعمل مع كافة المكونات الاخرى لإيجاد حل وانهاء المقتلة السورية ، ورغم التأكيد على التعددية القومية ونفي وجود مجتمع بسيط- احادي يهدم كل الايديولوجيا والتاريخ السوري الرسمي كان لابد من الاشارة الى الوجود الاصيل للشعب الكردي والذي لا يتناقض مع وثائق وقرارات الهيئات والمؤسسات الدولية.[1]