زكي رضا/ قبل أربعة عقود وفي مثل هذا اليوم الرابع من نيسان 1980 ، بدأ النظام البعثي العنصري الفاشي واحدة من أكبر عمليات التهجير وأقساها في تاريخ العراق والمنطقة بحقّ مكوّن عراقي أصيل ساهم الى جانب باقي مكوّنات شعبنا العراقي، في نضاله من أجل بناء عراق متقدّم تُحتَرمُ في حقوق الإنسان وتُقدّس فيه المواطنة. وقدّم أبناء هذا المكوّن وهم ينخرطون في العمل السياسي من خلال أحزاب وطنية يسارية وقومية كوردية وإسلاميّة، الآلاف من السجناء والمبعدين والمئات من الشهداء بنكران ذات قلّ نظيره. وقد كان لدور الكورد الفيليين في إنتفاضات ووثبات شعبنا العراقي، ومقاومتهم البطولية وهم يقاومون الضباع البعثية دفاعا عن ثورة الرابع عشر من تموز في شباط عام 1963 ، ولموقفهم الرافض للبعث وهو يعود للسلطة من جديد في تموز 1968 . سببا كافيّا ليقوم البعث الفاشي بأوّل عمليات تهجيره في العام 1970 ، والتي لم تكن بوحشيّة هذا الحزب وهو يعود من جديد لتنفيذ المرحلة الثانية من عمليات التهجير التي بدأت عام 1980 وإستمرّت لأكثر من عقد من الزمان. إذ تفتّقت عقول البعثيين الإجراميّة هذه المرّة عن خطط جديدة للإبادة الجماعية، فقام النظام الفاشي علاوة على عمليات التهجير التي طالت الآلاف من العوائل من الكورد الفيليين والعرب الشيعة، ومصادرة ما تمتلكه هذه العوائل من أموال منقولة وغير منقولة ووثائق ثبوتية وشهادات دراسية. بجريمة لازالت العوائل المهجّرة تنتظر إجابات حولها، الا وهي تغييب الآلاف من الشابّات والشبان الكورد الفيليين.
لقد كان الرأي العام الكوردي الفيلي وحتّى إنهيار النظام البعثي، لديه بصيص أمل في أن يكون أبناءه على قيد الحياة في سجون ومعتقلات الفاشيّة، أو على الأقّل كان يُقنع نفسه في أن يكونوا على قيد الحياة. لكن وما أن أنهار النظام الدموي في نيسان 2003 ، حتّى بدأت الآمال تتلاشى ليحل محلّها اليأس الذي لفّ حياتهم ولليوم. لكن الأقسى كان في الطريق وسلطة المحاصصة تبدأ بكشف مقابر جماعية للشيعة والكورد في مختلف مناطق العراق الصحراويّة، كان الوضع ولا يزال مأساويا وقاسيّا لأن السلطة التي نجحت في كشف المقابر الجماعية التي تخصّ أبناءها، فشلت في العثور على قبر واحد وليس مقبرة جماعية للكورد الفيليين!
قبل أسابيع من اليوم، كشفت سلطة المحاصصة والفساد عن طريق مؤسسة الشهداء من أنّه تمّ العثور على مقبرة جماعية لشهداء الكورد الفيليين، هذا الإكتشاف الذي جاء متأخرا جدا منح مع ذلك شيء من الأمل للعوائل الكوردية الفيلية في أن تدفن عظام شهدائها بشكل لائق. الا أنّ أملها هذا إصطدم بتصريح رئيس هذه المنظمة الفاسدة كما فساد السلطة، والذي صرّح من أنّه سيتم فتح المقبرة حال توفر التخصيصات المالية اللازمة لذلك!!
السلطة التي نهبت مئات المليارات من قوت شعبنا خلال سنوات حكمها العجاف، لا تمتلك أموالا لفتح مقبرة جماعية لمكون إنتظر 40 عاما ليسمع بهذا الخبر ويشهد هذا الحدث، مؤسسة الشهداء الغارقة في فسادها وموظفيها الفضائيين لا تمتلك هي الأخرى التخصيصات المالية الكافية لفتح هذه المقبرة، الأحزاب الشيعية التي كان الفيليون يتقاسمون معها رغيف الخبز في المنافي القسرية لا يمتلكون الأموال التي من الممكن تخصيصها لفتح هذه المقبرة، المرجعية الدينية التي كان التجار الكورد الفيليون يمدونها بخمسهم وزكاتهم وتبرعاتهم قبل أن تهيمن على خزائن العراق بوصول الشيعة للسلطة لا تمتلك هي الأخرى المال الكافي لمساعدة الكورد الفيليين في فتح السلطات لمقبرة يتيمة تمّ إكتشافها!! فهل كل هؤلاء لا يملكون أموالا بالفعل، أم أنّه نكران متعمّد لدور هذا المكون كونه كوردي، على الرغم من شيعيّته.
أن لا يمتلك كل من ذكرناهم أعلاه أموالا تُخصّص لفتح هذه المقبرة، أو التهرّب من تخصيص هذه الأموال وهو الأقرب الى الحقيقة. فأنّ تجاوز سلطة إقليم كوردستان لهذا الأمر وصمتها حول تصريح رئيس مؤسسة الشهداء، وعدم تكفّلها ماليا وتقنيا في فتح هذه المقبرة. يضع حكومة الإقليم أمام الف سؤال وسؤال، أوّلها هل نحن كورد؟ وهل ناضل المئات من شبابنا في تنظيماتكم وقدّموا حياتهم وزهرة شبابهم في الجبال؟ هل ساهم التجار الكورد الفيليون في مدّ الثورة الكوردية بالمال والرجال؟ وآخرها هل حقيقة لا تمتلكون أنتم كما الشيعة اموالا لفتح المقبرة!؟
المجد لشهداء الكورد الفيليين وشهداء المقابر الجماعية
الذكر الطيب للأمهات والآباء الذين رحلوا دون أن يجلسوا الى قبور أبناءهم
المجد لشهداء الوطن
الخزي والعار لبعثيي الأمس واليوم من أحزاب سلطة المحاصصة الفاسدة.[1]