=KTML_Bold=الكورد.. من الإشكالية إلى الشراكة السياسية!!=KTML_End=
#بير رستم#
تعتبر القضية الكوردية إحدى أهم وأعقد القضايا القومية العالقة _ليس فقط في المنطقة_ بل وعلى المستوى العالمي؛ حيث المساحة الجغرافية الممتدة بين درجتَي العرض 34° و39° ودرجتَي الطول 37° و46° والتي تقدر بحوالي 500,000 كم2 تقريبًا مع إستيعاب لخزان بشري هائل يقدر بأربعين مليون نسمة وموزعين ومقسمين وفق إتفاقيات إستعمارية بين أربعة دول (سوريا، العراق، إيران وتركيا) والتي تعاملت؛ أي تلك الدولة الإستعمارية الإستعبادية الغاصبة لكوردستان بمفهوم “الأرض المحروقة” مع شعبنا وقضيتنا حيث وفي الدول الأربعة تم تهميش، بل ومحاربة الكورد بمختلف الأسلحة والسياسات العدائية وصلت إلى درجة الإبادات الجماعية وإستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، كما حصل في الأنفال وحلبجة من قبل النظام العراقي السابق وذلك في محاولة من تلك الحكومات والدول الغاصبة لإلغاء ما كان يشكل لهم أرقاً ومشكلة سياسية (وطنية) حيث وللأسف كان _وما زال_ يتم التعامل مع المسألة الكوردية على إنها “مشكلة داخلية وطنية” ويجب التخلص منها وذلك ليس من خلال حلها حلاً سياسياً ديمقراطياً، وإنما بالقضاء عليها من خلال إنكار وجودها ووجود قضية شعب له من الحقوق ما لغيره من شعوب المنطقة في الحرية والحياة الكريمة وفي وطن حر مستقل وذلك إسوةً بكل شعوب العالم.
لكن ومع بدايات وصول رياح التغيير للمنطقة الشرق أوسطية وسقوط النظام العراقي السابق وتوفير منطقة حماية للإقليم الجنوبي _إقليم كوردستان (العراق)_ فقد أنتقلت المسألة الكوردية من ملف داخلي أمني لدول المنطقة إلى قضية سياسية تحتاج لحل سياسي وقد نجح الكورد في الإقليم مع قيادتها السياسية وحنكتهم الديبلوماسية أن يضعوا الكورد وبقوة كأحد أهم اللاعبين في العراق وذلك من خلال كتابة الدستور وجعل وضع الإقليم وضعاً دستورياً قانونياً ومن ثم العمل لإيصال القضية الكوردية إلى المحافل الدولية على إنها قضية شعب تعرض للظلم والغبن والتهميش على أيدي دول المنطقة والعالم وقد حان لهذا الشعب أن ينال حقوقه العادلة وقد نجحت الديبلوماسية الكوردية إلى حد كبير لإيصال تلك الرسالة للعالم، وربما النجاح الثاني جاء بعد “ربيع الثورات العربية” في المنطقة وخروج الإرهاب والتطرف الديني من قمقمه الإسلامي الداعشي ليكون الكورد وقواتهم الباسلة _البيشمركة والكريلا ووحدات حماية الشعب_ هي القوات الأكثر قدرة وفاعلية على التصدي ومواجهة تلك المجاميع التكفيرية السلفية وبذلك إنتقل الكورد من مرحلة الإشكالية _كإحدى مشاكل المنطقة_ إلى ما يمكن إعتبارهم أحد أهم الشركاء واللاعبين على مستوى المنطقة لمواجهة الفكر الظلامي الداعشي.
وهكذا فقد حطم الكورد مع بدايات هذا القرن قيد الإستعباد، ليكونوا فرسان الشرق مرة أخرى لكن ليس فرساناً (تحت الطلب) كما كان يستخدمون سابقاً، بل فرساناً لقضيتهم والتي خرجت من ملفات الدوائر الأمنية لتصبح قضية عالمية وليس فقط إقليمية وقد بات الكورد يحظون بالتعاطف الدولي وتأييدهم وتأييد حقوقهم وفي أجزاء كوردستان الأربعة حيث وعلى الرغم من بعض الإختلاف والخلافات الداخلية والتي تؤثر سلباً على شعبنا وقضيتنا، إلا أن القضية الكوردية قد تجاوزت عتبت أن تكون رهينة لمشاريع إقليمية ودولية وباتت كل دول العالم تدرك أهمية كوردستان؛ جغرافية وموارد وإمكانيات بشرية وإقتصادية بحيث إن حلها ستكون أحد أهم عوامل إستقرار المنطقة ورعاية مصالحهم الإستراتيجية، بل إن الكورد سيكونون عامل توافق وسلام بين كل مكونات المنطقة وذلك لخصوصية المجتمع الكوردي الذي يتسم بالإعتدال الديني والثقافات المتنوعة والمتشاركة مع كل من المكونات الأساسية الثلاث الأخرى؛ الترك والعرب والفرس وبالتالي؛ فإن حل المسألة الكوردية في هذه الدول لن يساهم فقط في حل مشكلة وقضية سياسية وطنية لشعب تعرض للغبن على مر التاريخ الحديث، وإنما سوف يساهم أيضاً في إستقرار المنطقة ورعاية مصالح الغرب من جهة ومن الجهة الأخرى سيكون الكورد عامل توحد ومشاركة وربط بين المكونات المجتمعية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط .. ولذلك المطلوب من القيادات السياسية الكوردستانية؛ التحضير للمرحلة المقبلة وليكونوا أحد أحد أهم الشركاء الذي يرسمون سياسات المنطقة وكوردستان.[1]