التطوراتُ التي طرأت عند دخول الإدارة الذاتية إلى شمال وشرق سوريا
دور الشبيبة في المجتمع
إيمان العليان
شهدت منطقةُ شمال وشرق سوريا تحولاتٍ جذرية منذ إعلان الإدارة الذاتية في عام 2013. هذا النموذجُ الإداري الجديد، الذي نشأ في خضمّ الصراع السوري، أحدثَ تغييراتٍ ملموسة في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمنطقة. وفيما يلي نظرةٌ عامة على أبرز التطورات التي شهدتها المنطقة منذ ذلك الحين.
على الصعيد السياسي، أدى تأسيسُ الإدارة الذاتية إلى إنشاء هيكل حكمٍ محلي يختلفُ عن النظام المركزي السابق، تم تشكيلُ مجالسَ محلية ومجالس تنفيذية في مختلف المناطق، وسعى إلى إشراك مختلف المكونات العرقية والدينية في عملية صنع القرار.
في المجال الأمني، تم تشكيلُ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كقوةٍ عسكرية رئيسية في المنطقة، بالإضافة إلى قوات الأسايش التي تولت مهامَ الأمن الداخلي، هذه القواتُ لعبت دوراً محورياً في محاربة تنظيم داعش وتحقيق استقرارٍ نسبي في المنطقة. ومع ذلك، ظلت المنطقةُ عرضةً لتهديدات أمنية متنوعة، بما في ذلك التوترات مع تركيا والنظام السوري.
اقتصادياً، سعت الإدارة الذاتية إلى تطوير نموذجٍ اقتصادي يعتمد على التعاونيات والإدارة المشتركة للموارد، وتم إنشاء العديد من المشاريع الاقتصادية المحلية، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعات الخفيفة، إضافة إلى الموارد الطبيعية، ومع ذلك، واجه الاقتصادُ تحدياتٍ كبيرة بسبب الحصار الاقتصادي والعزلة النسبية على الأسواق الإقليمية والدولية.
في مجال التعليم، تم إدخالُ تغييراتٍ جوهرية على المناهج الدراسية، مع التركيز على تدريس اللغات الكردية والسريانية والعربية. هذا النهجُ التعليمي الجديد أثار جدلاً، حيث رآه البعضُ خطوة نحو الحفاظ على الهويات الثقافية، بينما انتقده آخرون باعتباره تهديداً للوحدة الوطنية.
على الصعيد الاجتماعي، سعت الإدارةُ الذاتية إلى تعزيز حقوق المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، وتم تطبيقُ نظام الرئاسة المشتركة في معظم المؤسسات، حيث يتم تمثيل الرجال والنساء بالتساوي في المناصب القيادية. كما تم سنّ قوانين تحظر تعدّد الزوجات وزواج القاصرات، مما أحدث تغييراتٍ ملموسة في الأعراف الاجتماعية التقليدية.
في مجال الخدمات العامة، بذلت الإدارة الذاتية جهوداً لتحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية، ومع ذلك، ظلت هذه الجهودُ محدودةً بسبب نقص الموارد والتحديات اللوجستية.
على الصعيد الدولي، سعت الإدارة الذاتية إلى كسب الاعتراف والدعم الدولي، ونجحت في بناء علاقاتٍ مع القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة، في سياق الحرب ضد داعش، ومع ذلك، ظلّ وضعها القانوني والسياسي غير واضحٍ في ظل استمرار الصراع السوري.
رغم هذه التطورات، واجهت الإدارة الذاتية تحدياتٍ كبيرة، من بينها التوتراتُ مع الحكومة المركزية السورية، والتهديدات العسكرية من تركيا، ومحاولات بثَّ الفتنة بين مختلف المكونات العرقية والسياسية. ومع ذلك، أحدث دخولُ الإدارة الذاتية إلى شمال وشرق سوريا تغييراتٍ عميقة في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمنطقة.[1]