تركيا حجر عثرة أمام الديمقراطية في الشرق الأوسط
عزالدين محمد
سوريا بِحِراكها الثوريِّ يمرُ في مراحل مفصلية في صراعها الدائر، وثورة 19-07 التي لعبت دوراً محورياً في السياسة الديمقراطية والحرب ضد الإرهاب، حيثُ كانت الملحمة البطولية بدايتها في #كوباني# ومنبج والرقة حالياً، كانت ضد إرهاب الدولة بكل معنى الكلمة، فإرهاب داعش لم يكن وليد الساعة وإنما كان يخطط له في اجتماعات تركيا وإيران وسوريا، وذلك عبر التقاء مصالح تلك الدول وهذه الدول كلاً منها لها تاريخ طويل في إرثها القوموي والشوفيني ومعاداتها للكرد، فتحديداً تركيا دخلت الحرب السورية لمصالح حزبية ضيقة لا تخدم مصالح الشعب التركي ولا السوري، وإذا ما رجعنا الى الوراء في عهد الإمبراطورية العثمانية التي قد توسعت ووصلت إلى تخوم الصين بكل هيمنتها وبربريتها وفق ايديولوجية إسلامية خاصة بالسلطة والحكم، مارست التطهير العرقي ضد الأقليات ومنهم (الأرمن، الكرد، وغيرهم…)
أوربا لم تنسى خطر العثمانيين عليها، وفي السنوات العشر السابقة في عهد حكومة AKP وحتى يومنا هذا عندما أرادت تركيا أن تنتعش اقتصادياً فتحت لها أوروبا الباب على مصراعيه، فتطورت في الصناعات المحلية ودخلت السوق الأوروبي وارتفع الدخل التركي من المردود السياحي والتجاري والتطوير العمراني وتحديث البنية الخدمية، أما سياسياً حكمت تركيا مجتمعات الكثير من الأقليات، واحتلت أراضيها. ومن المعلوم أنها تحتل كردستان الشمالية منبع الثقافات والحضارات والأديان والفكر والثقافة والفلسفة، لذا من الصعب إدارة هذه المجتمعات بالشدة وقوة السلطة المركزية، مع أنها مارست كافة أنواع وأدوات التعذيب التي احتفظت بها من إرثها العثماني التي ارتكزت على الحرب الخاصة النفسية والإبادة، فوصلت الشعوب القاطنة في تركيا إلى أعلى درجات الاحتقان لاعتقالاتها التعسفية وقمعها التظاهرات، ومن المؤكد إن استمرت بأسلوبها هذا ستكون تركيا في صراع داخلي وتحدٍ كبير أمام الشعوب القاطنة في تركيا من الداخل.
ومن هنا نرى بأن تركيا تقف حجر عثرة أمام الديمقراطية في سوريا كنموذج بديل لسلطة المركزية، فالنظام في تركيا بحاجة ماسة إلى سياسة ديمقراطية وفق إيديولوجية إنسانية تخدم كل المجتمعات، في الوقت الذي فقدت مصداقيتها على الصعيد الخارجي. وإن استمرت تركيا بسياستها ستتخلى عنها أوربا. فبوادر الخلاف بين تركيا وأوروبا ظهرت من خلال صراعها مع ألمانيا التي تهدد تركيا بقطع المساعدات وفرض عقوبات عليها، أما تركيا بدورها تحاول تصدير أزمتها إلى الخارج بعدوانها على عفرين وقصف المدنيين، وذلك لتمزق جسد الديمقراطية في الشمال السوري، وما العزلة التي تفرضها السلطات التركية على القائد أوجلان ليست سوى أوراق ضغط على المشروع الكردي في سوريا ومحاربة الكرد أينما وجدوا، وأن أي عمل عدواني جنوني على شمال سوريا سيكون بمثابة انتحار لنظام AKP إقليمياً ودولياً، وبدون أدنى شك تركيا بحاجة منذ زمن بعيد إلى سياسة ديمقراطية تغير من عقليتها وتحافظ على ما تبقى من شعبها وحقوقهم المغتصبة.[1]