نستذكر في هذه الأيام المريرة الذكرى السنوية السادسة والثلاثين لإرتكاب النظام المقبور جريمة تهجير وإبادة المكون الفيلي بتأريخ 04-04-1980 التي تعد من أبشع جرائم الإبادة الجماعية التي أرتكبت في العصر الحديث وتوازي ما حصل في العديد من بلدان العالم ، حيث وقعت هذه الفضائع والخروقات الجسيمة بحق الفيليين في إطار سياسة منهجية للتطهير العرقي التي تعكس السلوك الإجرامي المتئصل في الفكر البعثي الصدامي وأفضت إلى أنهار ومجازر دموية وذهبت ضحيتها أكثر من (1,000,000) مهجر فيلي وأكثر من (23,000) شباب فيلي مغيب من خلال ممارسة القتل العمد والإسترقاق والعنف وفرض الأحوال المعيشية القاسية وإلحاق الأضرار البليغة بحياة الأشخاص وأخذ الرهائن والحجز والإخفاء القسري في المعتقلات السرية الرهيبة دون حماية القانون ورفض الكشف عن مصيرهم المجهول والتسبب بالألم الشديد والمعاناة البدنية والفكرية وإستخدام السموم والأسلحة والغازات الخانقة وإجراء التجارب البايولوجية والكيمائية والمختبرية ضد المدنيين الأبرياء ومهاجمتهم ووضعهم كدروع بشرية في المواقع العسكرية والشروع بعمليات الإبعاد والنقل القسري وإصدار أوامر الترحيل غير القانونية وعبور مناطق المعارك والألغام والقيام بالتعذيب والإعتداء الوحشي والمعاملة المهينة الحاطة بالكرامة الإنسانية والإغتصاب والإستبعاد الجنسي والحرمان من الحقوق الأساسية وإسقاط حق الجنسية والمواطنة وإتلاف الوثائق الرسمية والطرد المجحف من الوظيفة العامة دون سند أصولي ولأسباب سياسية وعرقية وقومية وإثنية وثقافية ودينية ومذهبية ، إضافةً إلى إلحاق التدمير والتخريب بالأموال والممتلكات والإستيلاء عليها ومصادرتها تعسفياً بطريقة عابثة دون تعويض وحكم معلل والتدخل في شؤون القضاء والتأثير في إعماله ومنعه من إجراء المحاكمات النظامية وتنفيذ الإعدامات الجماعية والفورية خارج إطار القانون والتي شملت النساء والأطفال والشيوخ والشبان والرجال وبمختلف الأعمار في واحدة من أبشع الجرائم الفادحة والإنتهاكات الصارخة للشرائع السماوية والدنيوية وللأعراف الأخلاقية والمواثيق الدولية ، حيث نصت المادة (2) من إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام / 1948 تعني " الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو ثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه : (أ) قتل أعضاء من الجماعة ، (ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة ، (ج) إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً ، (د) فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة ، (هـ) نقل أطفال من الجماعة عنوةً إلى جماعة أخرى " ، وهذا ما أقرته المحكمة الجنائية العراقية العليا في حكمها التأريخي الصادر بتأريخ 29-11-2010 بشأن إعتبار ما تعرض له هذا المكون الأصيل جريمة إبادة جماعية بكل المقاييس والأعراف .
لقد دفع الفيليون ثمناً باهضاً لتضحياتهم وبطولاتهم ونضالاتهم المشرفة في سبيل العراق ، وتعرضوا لكل هذه الفواجع الآليمة ولم يغيروا مواقفهم الثابتة نتيجة القمع والإرهاب ، بل على العكس زادتهم إيماناً وعزماً وصلابة ، وأنخرطوا في العمل السياسي المناهض للنظام المباد منذ وقت مبكر وتعاونوا مع جميع الأحزاب الوطنية والقومية والدينية التي مع الآسف لم تنصفهم بعد سقوط الصنم في 09-04-2003 وتجاهلت دورهم وتنصلت عن تنفيذ تعهداتها الرسمية في وثائق مؤتمرات المعارضة العراقية ومناهجها السياسية وأنظمتها الداخلية بشأن إعادة الحقوق المغتصبة إلى المكون الفيلي وأنشغلت في مغانم ومكتسبات العملية السياسية التي أقصت الفيليين رفقاء الدرب والنضال من التوازن والشراكة الوطنية ، وهذا بإقرار وإعتراف القيادات والكوادر الحزبية بعد أن أصبحت في السلطة ، كما تقاعست عن مد يد العون والمساعدة إلى أبناء المكون الفيلي الذين يشتكون أثناء مراجعة دوائر الدولة من حلقات الروتين والإجراءات والقيود التعجيزية والفساد المالي والإداري وإطلاق عبارات التشكيك بهويتهم الوطنية وولائهم وإنتمائهم العراقي الأصيل وإتهامهم تعسفياً بالعمالة والتبعية والأجنبية والناجمة عن التصرفات والمضايقات والممارسات المتبعة من قبل بعض الموظفين والمسؤولين وتعاملهم بروح البعث الصدامي المحظور بحسب المادة (7) من الدستور وقانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008 والبعيدة كل البعد عن مبادئ حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون ، إلا أن هذه التصرفات الممنهجة تعكس ترسخ ثقافة القمع والإضهطاد الموروثة عن النظام المقبور وأدت إلى التكلوء والتأخير والتعطيل المتعمد في إستعاد الحقوق الفيلية الدستورية والقانونية المشروعة تحت ذرائع وحجج وأعذار مختلفة لم تعد مقبولة ومبررة في الوقت الحالي نظراً لمرور أكثر من (13) سنة على سقوط الصنم في 09-04-2003 ، وبدورنا نحن نتسأل ... هل إن قضية المكون الفيلي ورد الإعتبار إليه تشكل معضلة إلى هذه الدرجة لا يمكن لحلها وحسمها بأسلوب قانوني وإنساني وحضاري أسوةً بالدول الديمقراطية التي خرجت من حقبة الأنظمة الدكتاتورية .
واليوم الجميع يطالب بالإصلاح الحقيقي والجذري ونحن في مقدمة المتضررين من الإقصاء والتمهيش ونسعى من أجل تحقيق العدالة المنشودة وتكثيف وتركيز الجهود لحث الرئاسات الثلاث والكتل السياسية على تعديل القوانين النافذة وإلغاء الجائرة منها وإصدار التشريعات الجديدة التي تنصف المكون الفيلي المضطهد بما يكفل إستحقاقاته الوطنية الدستورية والقانونية المشروعة وتمثيله العادل في مؤسسات الدولة والتوازن الوطني الحقيقي وضمان إستعادة حقوقه المغتصبة ورفع الظلم المُتجذر منذ عقود طويلة والضرر المُتراكم عن أبنائه وتخفيف معاناتهم والإسراع في تعويضهم مادياً ومعنوياً وتفعيل قرار مجلس الوزراء رقم (426) لسنة 2010 وقرار مجلس النواب رقم (18) لسنة 2012 المصادق عليه من قبل رئيس الجمهورية بموجب القرار الجمهوري رقم (6) لسنة 2012 بشأن إعتبار جريمة تهجيرهم من جرائم الإبادة الجماعية والحسم السريع والعاجل لقضاياهم وتحسين الأوضاع المعيشية والصحية والإجتماعية لمناطقهم التي عانت من الحرمان والتخريب والكوارث والمحن ، وهذه القضية مسؤولية الجميع .
المجد والخلود لشهداء الكرد الفيليين ولكل شهداء العراق الأبرار
والسلام عليكم ورحمة الله
ماهر الفيلي / الأمين العام للجبهة الفيلية