يرجع أصل الشيخ خرتو إلى سلالة الشيخ فخر الدين بن عدي، الجد الأكبر للإيزيديين، ويعيش في منطقة شيخان التابعة لمحافظة دهوك شمالي العراق ضمن حدود إقليم كردستان، وهي الموطن الأصلي للإيزيديين منذ مئات السنين وهم يتكلمون اللغتين العربية والكردية، وكان الشيخ الراحل يشرف على معبد لالش الموجود في الإقليم وهو من أكبر المعابد وأهمها.
ولد خرتو في قرية إيسفنة في قضاء شيخان في عام 1933 من عائلة دينية لناحية الأب والجد، وأكمل دراسته في المدارس العراقية، وعُين عضواً للمجلس البلدي في عام 1964، ثم عُين أباً روحياً للطائفة الإيزيدية في عام 1995.
لعب الراحل دوراً حيوياً في الشؤون الإيزيدية، وتزوج 3 مرات في حياته، توفيت اثنتان من زوجاته، فيما لا تزال زوجته الثالثة على قيد الحياة، وله منهن 10 أبناء.
الابن الأكبر للشيخ، سمير خرتو، تحدث لالشرق عن أبرز محطات الراحل، مؤكداً أنه كان من الرجال البارزين والأب الروحي للإيزيديين في الأعياد والمناسبات الدينية في معبد لالش، كما كان يبت في قضايا الحلال والحرام لأبناء الطائفة، وكان له دور مهم في حل المشاكل والنزاعات التي حصلت في الطائفة طوال فترة حياته، إذ حلّ نحو 200 قضية في سنجار وبقية المناطق الأخرى التي يقطنها الإيزيديون.
وقال: كان أبناء الطائفة مطيعين له وينفذون أوامره، وكان لديه علاقات جيدة مع كل شرائح المجتمع سواء في الوطن العربي أو العالم، كما كان له علاقات قوية مع المسلمين والمسيحيين ولديه لقاءات كثيرة مع تلك الجهات، دارت حول التعايش السلمي واحترام أبناء الشعب العراقي كافة.
وتابع الابن الأكبر للشيخ الراحل: حصل الوالد على جائزة السلام في العراق عام 2015، وزار البابا في الفاتيكان والاتحاد الأوروبي، وتحدث عن مظلومية الإيزيديين وما حدث لهم على يد داعش.
مستشار المجلس الروحاني الأعلى للطائفة الإيزيدة، كريم سليمان، قال لالشرق، إن خرتو يعد الشخصية الثانية في الإيزيدية، بحسب التدرج، بعد أميرها، حازم تحسين سعيد بيك، مشيراً إلى أن الراحل كان يتميز بالتواضع والهدوء والحكمة ولديه مواقف معروفة خصوصاً ما بعد الإبادة.
تجدر الإشارة إلى أن الإيزيدية طائفة مغلقة من حيث الزواج، ومن يخرج منها لا يحق له الرجوع إليها، لكن الإيزيديات الناجيات واللواتي تعرضن للاعتداء والأسر وأُجبرن على تغيير ديانتهن، كان لهن بابٌ مفتوح من قبل الشيخ الراحل.
وأصدر خرتو فتوى حينها، حلل بموجبها رجوع الإيزيديين الذين أجبروا على تغيير ديانتهم أو أولئك الذين تم الاعتداء عليهم أو خطفهم، إلى الديانة مرة أخرى من دون قيد أو شرط. ولفت سليمان إلى أن ذلك الموقف كان له أثر كبير على مستوى المنظمات العالمية وتم تكريمه بسبب ذلك من قبل الأمم المتحدة.
وكشف سليمان أن مهمات الشيخ خرتو كانت كثيرة ومتشعبة، ومنها الإشراف على أغلب المراسم الدينية للطائفة، فضلاً عن كونه رجل سلام وتسامح، وعلاقته جيدة بكل الطوائف الأخرى.
وأوضح سليمان أن خليفة الشيخ الراحل سيكون من شيوخ الشمسانيين بحسب العرف الإيزيدي، وتحديداً من أسرة الأب الأكبر للطائفة الشيخ فخر الدين، وهي معروفة في المجتمع الإيزيدي، إذ تتفرع إلى 4 عوائل كبيرة وواحدة منها هي عائلة الشيخ الراحل، مشيراً إلى أن المرشحين لخلافته سيعلنون في محفل علني وسيتم اختيار أحدهم من قبل الشخصيات البارزة في الطائفة والأعيان وبحضور الأمير، بمراسم خاصة.
علماً أن الإيزيدية من الديانات غير التبشيرية، وكلمة القتل غير موجودة في قواميسها.
الصحافي الإيزيدي حسين باعذرا، قال لالشرق، إن تسمية الإيزيدية تعود إلى كلمة (إزداي) وتعني الذي خلقني، وهم يقدسون أبو الأنبياء، النبي إبراهيم الخليل، عليه السلام، مشيراً إلى أن ما يميز معتقدات الإيزيدية هو الخير والتسامح والتجاوز عن المسيء، فبعد أكثر من 74 حملة إبادة ضدهم، كان آخرها ما قام به داعش في 2014، ما زالوا متمسكين بديانتهم.
وكشف باعذرا أن الأكراد في معظمهم كانوا إيزيديين، في بادئ الأمر، وتغيرت معتقداتهم بسبب حملات الإبادة التي مورست ضدهم.
وبحسب باعذرا، فإن الإيزيديين يؤمنون بالله الواحد، ويؤمنون بالجنة والنار، ولديهم 7 ملائكة رئيسهم هو (ملك طاووس)، كما أن لديهم أولياء صالحين خدموا الإنسانية منذ آلاف السنين، بحسب قوله.
وأشار الصحافي الإيزيدي، إلى أن جذور الطائفة تعود إلى حقبة البابليين والسومريين والكلدانيين، ويوجد القسم الأكبر منهم في العراق وسوريا، وبعضهم في تركيا وجورجيا وأرمينيا وإيران.[1]