الجنرال إحسان نوري باشا
ترجمها عن التركية: أحمد حسن
ولد الجنرال إحسان نوري باشا في بدليس 1893وتوفي في طهران 1976، وهو قائد ثورة آغري ورئيس أول جمهورية كردية في التاريخ، ولقبه “نسر جبل آغري” والجنرال ليست صفة أطلقت عليه بل كان جنرالاً في الجيش التركي وانشق عنه ليقود ثورة ضد الدولة الفاشية التركية، ولذلك فهو أول زعيم كردي لقبه ورتبته “الجنرال” .
ولأهمية الرسالة التي وجهها الجنرال من قلب الثورة إلى رفاقه في حزب “خويبون” وإلى الأمير جلادات بدرخان ننشرها باللغة العربية بعد ترجمتها عن التركية:
“إلى أعضاء اللجنة المركزية في”خويبون”:
رفاقي الأعزاء
منذ أعوام 1926-1930 والثورة الوطنية في “آغري” مستمرة، والدولة التركية من أجل إخماد هذه الثورة فإنها تستعمل كل وسائلها الوحشية، من قتل للمدنيين وتدمير للقرى وقصف عشوائي للمناطق، ومع كل هذا لا زالت عاجزة عن تحقيق أهدافها.
بالرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت عام 1929 فإن الدولة التركية تعاني – هي الأخرى – من أزمة اقتصادية، ومع النفقات العسكرية الزائدة من أجل قمع وإخماد ثورتنا، فإنها دخلت في أزمة عميقة وقد لا تخرج منها.
تعمل الدولة التركية ما بوسعها من أجل صنع شبكة من العملاء ونشر الخيانة بين الشعب، فتقوم بالاتصال مع رؤساء العشائر التي انضم منها الكثير من الثوار والمقاتلين لثورتنا، من أجل جعلهم عملاء لها، وذلك عبر المغريات المادية وعرض المناصب عليهم، كما تتصل بعوائل المقاتلين الكرد فتارة تريد إغراءهم بالأموال، وتارة تعتقلهم وتعذبهم وتهددهم لكي يؤثرون على أولادهم فيتركون الثورة، ولكن دون جدوى.
في عام 1928 اتصلت الدولة التركية بالعديد من رؤساء العشائر الكرد الذي انضموا لثورتنا، وطلبت منهم الابتعاد عن ثورتنا مقابل أنها ستحلّ “القضية الكردية” ووعدتهم بالكثير من المناصب في الدولة، لكن الجميع يعلم أنها فقط إحدى خدع الدولة التركية لا أكثر.
وفي عام 1926 أبرمت الدولة التركية اتفاقية حدود مع إيران باسم “اتفاقية الأمن والصداقة”، وجددت هذه الاتفاقية باتفاقية أخرى في 15 حزيران عام 1928وبموجبها تتعهد تركيا بطرد كل الأذربيجانيين المتواجدين في تركيا الذين يطالبون بالاستقلال عن إيران وتمتنع عن دعمهم.
في 14- 27 أيلول قام الجيش التركي بقيادة الجنرال “صالح اومورتاك” ومدعوماً بأحدث الأسلحة والمعدات القتالية وعشرات آلاف الجنود بحملة عسكرية تحت اسم “عمليات تاندورك” ضد ثورتنا في “آغري” ونشرت جنودها على الحدود مع إيران أعاقت بذلك مجيء قوات “الشيخ عبد القادر” من جهة إيران لمؤازرة مقاومتنا، ومع كل ذلك لم ينجح هذا الجنرال بكسر مقاومتنا بل كبّدته قواتنا الكثير من الخسائر.
في 26 أيار بدأ الجيش التركي بعمليات عسكرية في مناطق “بوطان” سمّاها “عمليات مديات والجزيرة” وذلك لكي يعيق انضمام المقاتلين الكرد من تلك المناطق لثورتنا.
أستطيع القول أن جميع مناطق “سرحد” وحدودها تشهد اشتباكات كبيرة بين مقاتلينا والجيش التركي، والعدو يحشد الكثير من قواته، وقد جاء بآلاف الجنود والكثير من العتاد الحربي إلى المنطقة تحضيراً لعملياته في الربيع.
دولة “بريطانيا” تدعم تركيا بكل ما تحتاجه من أجل القضاء على ثورتنا، وأغلب قصف الطائرات على مناطقنا وقرانا، تقوم به الطائرات البريطانية، وفي الفترة الأخيرة فإن الطائرات البريطانية قصفت الكثير من قرى منطقة “قره كوسه” أي آغري، وقد تم تدمير هذه القرى كلياً، وتم قتل آلاف المدنيين الكرد وقتل كل حيواناتهم ومواشيهم.
بعد أن تنتهي الطائرات التركية والبريطانية من قصف القرى وقصف مواقع الثوار، تبدأ المدافع بالقصف لتحرق الأخضر واليابس في هذه القرى ولا تبقي على شيء، وقد منعوا القرويين من الذهاب إلى المراعي، وكل شخص يرونه هناك يقتلونه مع المواشي التي معه، وهاهم قد ضربوا حصاراً خانقاً على الشعب في هذه المناطق ويمنعون دخول الطعام والدواء، وكل هذا من أجل إرضاخ الشعب ليترك المقاومة ومع ذلك لا زال الشعب صامداً.
أستطيع القول أنه حتى الآن قد تم قتل عشرات الآلاف من أبناء شعبنا، لذلك فدماؤهم تسيل في كل مكان وجثثهم منتشرة في الوديان وعلى التلال، والدولة التركية وبقتلها القرويين العزل وارتكابها هذه المجازر، تصوّر نفسها وكأنها تقوم بالبطولات وتسوق هذه البطولات الوهمية لدى شعبها والرأي العام.
بريطانيا هي التي أجبرت إيران لإبرام “اتفاقية الحدود” مع تركيا، ونتيجة لهذه الاتفاقية، فإن إيران أعطت تركيا قسماً من جبل “آغري الصغير” لتسطيع تركيا نشر جنودها هناك لمحاصرة الثورة، ولقطع أي إمدادات تأتي للثوار من المناطق الكردية في إيران.
ثلاثة ضباط كبار في الجيش التركي وعلى مدار أربع سنوات، لم يستطيعوا كسر شوكة ثورتنا، في البداية قاموا بإصدار “عفو” عن بعض المعتقلين بسبب ثورة “الشيخ سعيد” وعن المنفيين، والآن يريدون إصدار “عفو” لأي شخص يترك الثورة ويرجع للبيت.
ومن أجل “برويه حسكيه تيلي” و”خالص بيك” ومن أجلي أنا وأيضاً من أجل الكثير من رؤساء تلك العشائر التي انضمت لثورتنا عرضوا موضوع “الاستسلام” مقابل أن يحققوا كل مطالبنا الشخصية وقالوا بأنهم مستعدون لجلب زوجتي “ياشار خانم” من إسطنبول إليّ، ويرسلونني للبلد الذي اختاره مع جواز سفر وفيزا، ولكن بعد أن باءت جميع محاولاتهم – استسلامنا – بالفشل، لجؤوا إلى تجديد معاهدة “أمن الحدود” مع إيران. خلال هذه المعاهدة تنازلت تركيا عن بعض من مناطق “وان” التاريخية لإيران وأخذوا بدلاً منها بعض المناطق الجبلية الجرداء من جبل “آغري الصغير”، وبهذا الشكل فإن تركيا أصبحت تسيطر على كامل حدود جبال “آغري” من أجل خنق ثورتنا وحصارنا، إنهم يبيعون ويشترون ويتبادلون مناطقنا وكأنها ملك لآبائهم؟
الطائرات الحربية تقصف مناطقنا ليل نهار، وبعد هذه الاتفاقية وانتشار الجيش التركي على كل حدود جبال “آغري” أستطيع القول إننا الآن محاصرون من كل الجهات، والمشكلة الكبيرة الأخرى هي أن “الاتحاد السوفيتي” يدعم تركيا بكل شيء، ويقدم لها كل العون.
إننا نعيش اشتباكات دامية جداً، والخسائر البشرية كبيرة لدى الجانبين – نحن والجيش التركي – والخسائر الأكبر هي بين المدنيين، ومع كل هذه الظروف لا زال أعداد المنضمين إلينا في تزايد، حتى أستطيع القول لقد أصبح لدينا جيش من المقاتلين. من كل أجزاء الوطن ينضم إلينا المئات، وهم يقاومون معنا الآن وقلوبهم مليئة بحب الوطن، ولكن للأسف لدينا نقص كبير في الأسلحة والعتاد وهذا ما يجعل الوضع سيئاً.
تركيا تريد الآن حصار مقاومتنا في منطقة “آغري” وقطع اتصالنا بالعالم الخارجي وسدّ أنبوب التنفس لدينا، ومن ثم إخماد ثورتنا، لذلك على قيادة “خويبون” فتح جبهات في جنوب الوطن وإشغال العدو هناك، وهذا سيجعل قوتهم تتبدد ويخف العبء.[1]