تقرير/ هايستان أحمد [1]
يعد فن النحت من الفنون القديمة قِدم الإنسان، ولا يمكن نكران إن النحت والرسم فنان معاكسان لبعضهما البعض، فالإنسان عن طريقهما يُعبّر عما يأثر في نفسه وعما يختلج في داخله من مشاعر وعواطف لا يمكن له إن يُظهرها إلا عن طريق الفن.
يمكننا أن نجد نماذج النحت في الحضارات القديمة باختلاف أشكالها ومنها في الحضارات الفرعونية والرومانية واليونانية التي نجد فيها فن النحت من أكثر الفنون انتشاراً وتعبيراً عن الجّو المحيط مع اختلاف غرض الاستخدام، والفنان يُعبّر عن أوجاع الأمة التي ينتمي إليها وظروف الحياة فيها، فهو يجسد بفنه مآسي وألم وطن كامل بلوحاته.
صمدتُ في وجه المعوقات ولم أتخلَ عن موهبتي
ومقاطعة قامشلو حاضنة للفنانين وأصحاب الأنامل المبدعة الذين أثبتوا وجودهم بفنهم، ومن هؤلاء الفنانين الفنان التشكيلي الذي يرسم وينحت على الخشب والأحجار بأقل الإمكانات اللازمة، وأردنا زيارته ومعرفته عن كثب، الفنان “زبير شيخموس” وُلد في قرية (كرديوان) عام 1968م، يهوى الرسم منذ نعومة أظفاره، واكتشف موهبته بفن الرسم في الخامس عشرة من عمره، وأكمل دراسته وحصل على شهادة الثانوية، وقصد كلية الفنون الجميلة ليحصل على شهادة الفنون وليُنمي موهبته أكثر؛ ولكن واجهته صعوبات عدة تحدث لنا عنها قائلاً:
“أثناء دراستي وفي المرحلة الإعدادية بالذات اكتشف معلم الرسم آنذاك موهبتي الجميلة وشجعني كثيراً على تنميتها وكان يزورني في منزلي يومين في الأسبوع ليتفقد رسومي وأعمالي وكان يوجّهني إلى الطريق الصحيح، ووجدت نفسي أميل نحو كلية الفنون لأنها تمثل ما أُبدعه ولكنني أخفقت بالالتحاق بها لقد اجتزت اختبار العملي للقبول في الكلية ونجحت بجدارة ولكن لم يأهلوني إلى الاختبار النظري، لا أعلم السبب ولكنني أظن لأنني كردي، ولم أتوقف عن دراستي فقد كنت على أمل بالحصول على شهادة جيدة كي أستطيع تأمين حياة جيدة لي ولأطفالي وحصلت على شهادة المعهد الزراعي المتوسط ولم أحظى بالحصول على وظيفة أيضاً، اخترت وأحببت عمل البناء وأعمل طول النهار وبعد انتهائي من العمل أعود إلى مرسمي وأمارس هوايتي”.
الوصول للعالمية على الرغم من قلة الإمكانات
وفي عام2013م كانت بدايته في فن النحت وعرض أعماله في معرض خاص بالفلكلور الكردي، ومعظم لوحاته تُعبّر عن أوجاع وألم الكرد عامة، وشارك بالكثير من المعارض في أرجاء كردستان، ومن خلال صفحته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وصل بفنه إلى العالمية فقد وجهت له عدة دعوات للمشاركة بالمعارض في دول أوروبية ولكنه لم يتمكن من السفر بسبب الظروف المادية وصعوبة السفر في ظل الأزمة السورية.
وأشار بحديثه إلى شدة أعجاب الفنانين الأجانب بفنه على الرغم من استخدامه مواد بسيطة وصعوبة تأمين المواد ذات الجودة العالية وقلة توافرها. فهدفه الأساسي من هذه اللوحات هو إظهار ما تعرّض له الكرد من ظلم وقهر وما ينعكس في داخله من هذا الظلم والإنكار على الشعب الكردي، ولفتتنا لوحة في مرسم الفنان” زبير”، لم يقم بإنهائها بعد ولكنها جداً مُعبِّرة رغم نقص الألوان لكنها كانت كاملة وحدثنا عن هذه اللوحة قائلاً: “بدأت بهذه اللوحة منذ سنتين ولم أنهيها بعد وهي لوحة تُعبّر عن مدى وحشية وبشاعة تنظيم “داعش” فهي رسم لداعشي شرير الملامح ذو قرنين يحمل أصناف الأسلحة معه، وبجانبه كرديٌ بيديه أدوات النحت ويقوم بكسر أحد قرنيه، ولكن يتبقى قرنٌ واحد ألا وهو أعداء الكرد في المستقبل أولاد داعش الذين سيظهرون يوماً ما ليحاولوا أخذ ثأرهم من الكرد، لأنهم واجهوا هذا التنظيم وألحقوا بهم خسائر فادحة وأنهوه”.
واختتم الفنان زبير شيخموس حديثه قائلاً: “أتمنى أن يصل الكرد إلى مبتغاهم من الحرية والحياة الحرة الكريمة، وأن نصل بفنوننا وإبداعنا وكلماتنا وكل أعمالنا إلى كردستان الأبيّة التي نملك ترابها وأرضها وسلبونا إياها، وأنا كفنان سأكمل طريقي الذي بدأته وسأُعلِم الأجيال القادمة أيضاً لأننا أصحاب الأرض والفكرة اللتين لا تموتان ولا يستطيع أحد أن ينكر وجودهما، وأتمنى أن يأخذ الفن مكانه من الاهتمام لأن الفن نافذة المجتمع وآلامه”.