ترجمة: دارا صديق نورجان
رالف بيترز هو كاتب وخبير ستراتيجي أمريكي وهو صاحب 33 كتابا وأكثر من 600 عمود و مقال في الصحف المجلات وخدم كضابط في القوات المسلحة الأمريكية لما يزيد عن(22) عاماً وزار معظم مناطق العالم الأسلامي والشرق الأوسط وزار العراق لعدة مرات وألف(5) كتب عن هذا البلد.. وهو أحد الأصدقاء المقربين من الكورد ورسم خريطة الشرق الأوسط التي تظهر فيها كوردستان دولة مستقلة ويأمل، كما أكد في هذا اللقاء أن يراها مستقلة في يوم ما والعقيد رالف هو الآن عاكف على أعداد دراسات ستراتيجية عن أفغانستان والعراق، وقد أجرينا معه هذا اللقاء حول الزيارة الراهنة للرئيس البارزاني الى الولايات المتحدة ولقاءاته مع الرئيس اوباما والمسؤولين الأخرين في البيت الأبيض.
* هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها السيد مسعود بارزاني بشكل رسمي الولايات المتحدة عقب أنسحاب قواتها من العراق الذي يمر بوضع دقيق ومتذبذب ترى ما هي قراءتكم لأهمية هذه الزيارة؟
- هي في الواقع عمل جيد ومهم غير أنها تأخرت كثيرا وكان الواجب أجراؤها منذ مدة، إلا أن المشكلة تكمن في أن الرئيس أوباما، كما الرؤساء الديمقراطيون الآخرون، يولي أهتماماً أقل بالشؤون أو الستراتيجيات الخارجية، أي أن همه الرئيسي يتركز على المسائل الداخلية لبلاده، ما جعله يمتلك معلومات محدودة عن العراق ويوليه أهتماما قليلا فهو ينظر اليها كمشكلة سياسية لا غير، ولم يرغب وجماعته في عمل الكثير في العراق لأنهم أعتبروا أنها كانت حرب الرئيس بوش بالدرجة الأولى والذي لم يكن موضوع أنتمائهم أي أن المسألة برمتها قد أصبحت قضية سياسية وعندما تولى الرئيس اوباما مقاليد الحكم فقد غدا همه الاول الأنسحاب من العراق وأنهاء المسألة السياسية تلك. وكان يعتقد أنه هو و مستشاريه يعرفون مسار الأحداث وحلولها غير أنهم كانوا يجهلون ذلك المسار وعندما حان موعد تمديد بقاء القوات الأمريكية فأن أوباما كان يجهل المعلومات اللازمة لعقد صفقة سلمية وكان من نتائجها أن تمكن مقتدى الصدر، وبدعم من ايران، من التلاعب بالأوضاع في بغداد وعملوا على إفشال أي أتفاق على بقاء القوات الأمريكية لذا فأن من رأيي أن أدارة أوباما قد عجزت عن التعامل مع العراق، بصورة جيدة ومناسبة أو فهم حقائق وأهمية قضايا الكورد و مشكلاتهم وأوضاعهم.. وأنهم صديق حميم للولايات المتحدة وراغبون في بقاء القوات الأمريكية وهو الآن على وشك أن يفهم تلك التفاصيل وأقامة علاقات قريبة مع البارزاني والذي كان من المفروض أن يقيمها منذ أمد وكان ذلك سيكون من المهام الرئيسة في الشرق الأوسط.
* رغم كون أقليم كوردستان جزءا من العراق إلا أنه لم يكن جزءا من العراق الذي أحتلته الولايات المتحدة بل أصبح الكورد حلفاء لها في أسقاط نظام صدام والسؤال هو : الى أي مدى يمكن أن تستمر هذه العلاقة؟
- أملي وطيد بأن تكون الولايات المتحدة الآن قد فهمت جيدا أهمية الكورد ومشكلات و قضايا كوردستان وأقامة علاقات طويلة الأمد معها.. غير أن موطد الأمل هو أن أوباما سيلتقي البارزاني شخصيا فأنا على قناعة بأن أوباما عندما تولى مقاليد السلطة فأنه لم يفهم العلاقات المعقدة لتلك البلاد التي تسمى العراق ولا عن العلاقات العميقة والمعقدة بين القوات الأمريكية وبين الكورد إلا أنه الآن عاكف على فهم ذلك ولو بشكل بطئ وأعتقد أنه عندما تتصاعد المخاوف أو المخاطر في الخليج وبالأخص المخاطر العسكرية فأن الرئيس أوباما يدرك عندها أن سحب القوات الأمريكية من العراق بهذا الشكل السريع كان خطأ فادحاً جدا .
* كان الرئيس البارزاني قد أعلن ، قبل زيارته الى الولايات المتحدة هذه، أن لا مجال لقبول الدكتاتورية وعلى جميع الأطراف السياسية أن تنفذ الدستور، وسيتخذ الكورد قرارهم، في حال اهمال الدستور وعدم تنفيذه من قبل الحكومة المركزية، ترى هل تساند الولايات المتحدة والمجتمع الدولي هذا القرار ويحترمونه في حال أتخذ الكورد قرارهم بالأستقلال؟
- أنا ممتعض وغير مرتاح إذا لم يقدم أوباما وبشكل نشط وفعال على دعم هذه الخطوة المتخذة من أقليم كوردستان وذلك لسبب بسيط وهو الرجال والدبلوماسيون والخبراء المحيطون بالرئيس أوباما وتفكيرهم المتخلف فهم يفكرون بعقلية القرن العشرين ولا يلمسون حقيقة أن الحدود القديمة هي لم تكن ناجحة بل هدامة وتسببت في تقسيم الشعوب و(اعتقالها وحبسها). ومنها الشعب الكوردي وبرأيي أن أدارة أوباما لم تزل تجهل هذه المسألة..
والأمر هكذا فأن(الربيع العربي) يشكل تأثيرا كبيرا على الكثير من مناطق الشرق الأوسط، وقد يكون الوقت ملائما، بالنسبة للكورد ليتخذوا موقفا قويا غير أن هذا هو خطوة خطرة لأن المالكي، كما تعلمون، يسير يوما بعد آخر، نحو الدكتاتورية بالتناظر مع جهة شيعية في الأشتراكية العربية وأقولها بثقة أن الكثير من السياسيين العرب عاجزون عن متابعة والنظر الى القضية الكورد بشكل موضوعي.
* يكاد المالكي وأمثاله يسيرون بأتجاه جعل الكورد جزءا من المشكلة وليس من الحل كما هو الآن، فهل من سبيل حل، عدا العودة الى الدستور، سيما وأن المالكي يرفض تنفيذ الدستور أيضا؟
- لم ار هناك حتى الآن، أية دولة عربية تحترم دستورها و حتى ذلك الدستور الذي كان قائما إبان النظام السابق لم يكن بذلك السوء الذي كان عليه الواقع السئ آنذاك، وبرأيي أن هناك تقليدا طويلا لعدم احترام الدستور في ثقافات الدول العربية وأؤكد بثقة أن الثقافة الكوردية هي تختلف عنها كثيرا ، اي أن هناك خلافات في القيم وهي عميقة وكثيرا ما كنت، اردد في السابق بإن العداوات والتحالفات هي في تغير دائم فلو كان السنة قد قاموا في السابق بقمع الكورد إلا أن الظروف مؤاتية الآن لأقامة تحالف بناء للتعاون بين الكورد والسنة والعرب السنة ضد دكتاتورية(بعض) الشيعة في بغداد، وأعرف جيدا أن العديد من الكورد لا يتصورون التعاون مع العرب السنة، وذلك بسبب المآسي التي تعرضوا لها على ايديهم غير أن عليهم اجراء التحالف هذا متى ماكان ذلك ممكنا.
* تجرى معالجة المشكلات العالقة ومنها المناطق(المتنازع عليها) و كركوك و قانون النفط والغاز عن طريق الدستور غير أن رئيس الوزراء يمنع ويقطع الطريق على تنفيذ الدستور ترى هل هناك من بديل؟
- هذا في الواقع هو سؤال في غاية التعقيد والذي على الكورد ومندوبيهم توجيهه الى انفسهم، نعم هناك عدة طرق ولكن هل هي ذكية أو فعالة؟ وهل أن الوقت ملائم ليعلن الكورد استقلالهم؟ وهو سبيل يحمل معه الكثير من المخاطر، غير أن أشاراتكم هي صحية بصدد عدم استعداد بغداد لمعالجة قضية كركوك، مشكلة النفط والغاز وغيرها.. وهي تنويه الى أن بغداد ولا تزال تفكر في إمكانية التعامل مع كوردستان كمستعمرة لها أو شريك من الدرجة الثانية في العراق.. وهو وضع معقد أعني أن يعالج بعيدا عن العنف أي أنني ممتعض من انبثاق وضع أقليمي صعب للكورد إذا ما أعلنت كوردستان أستقلالها.. وعلى الناس بملاحظة تلك الحقائق أتخاذ موقف مقبول وناسب بحيث لا يسمح للمالكي أن يرفض شروق، فلم يكن نضال أي طرف في الشروط الأوسط من أجل الحرية أصعب وأطول من كفاح الكورد وعلى المالكي أن يتفهم أن عليه أن يساوم ويظهر نيته في عدم بقاء المناطق التي عربها صدام على حالها فكركوك من الناحية التأريخية هي مدينة كوردية وأن النفط والغاز فيها للمشاركة فيها يكون أفضل حل.
* مدى الحاق اخفاقات العراق الضرر بمصالح المنطقة وأستعداد الولايات المتحدة للتدخل لصالح حل المشكلة؟
- بقناعتي الشخصية أن أدارة أوباما لن تقدم ثانية على التدخل في العراق و بود أوباما فقط انتهاء هذه القضية وأقول صراحة أن لن يكون بأمكان الكورد الأعتماد على تعاون نشط للأدارة الأمريكية قبل تغيرات تلك الأدارة.. وأؤكد أنه راغب فقط في حسم النزاع في العراق وبرأيي أنه ممتعض من اوضاع هذا البلد و قد يكون هذا هو السبب الرئيس لأجتماعه بالرئيس البارزاني .
* هل من كلمة أخيرة لشعب كوردستان ؟
- أنا في مراقبة دائمة لأوضاع أقليم كوردستان وسعيد بالتطور التقدم الاقتصادي والأجتماعي السائد فيه ثم أن نجاح الأقليم هو نموذج و موضوع أعجاب سائر اجزاء العراق والمنطقة فالكورد يكافحون بضراوة وهم شجعان ومستوى التربية لديهم هو ارفع من مستواها لدى أطرافهم وجيرانهم ويكون هذا النجاح موضع حسد كبير لأهالي العراق والمنطقة وأنا فخور بالتطورات الكبيرة التي يشهدها أقليم كوردستان وآمل ، هي أمنيتي منذ أمد بعيد, أن أرى في يوم ما كوردستان وهي حرة مستقلة....[1]