فريد حسن
في حديث إستذكاري مع الصحفي والإعلامي عمر فرهادي .. قال :
توفيق منير محام معروف ويعد من الوجوه الوطنية العراقية فهو احد مؤسسي حزب الشعب الى جانب المرحوم عزيز شريف عام 1946.و المحامي توفيق منير كان عضوا في لجنة معاونة العدالة التي انبثقت عن نقابة المحامين للدفاع عن المعتقلين السياسيين أمام المحاكم العراقية كمتبرعين وكمهمة وطنية وعليه فقد كان هؤلاء المحامون يتحملون نفقات السفر لغرض حضور المرافعات للدفاع عن السياسيين المعتقلين.
وفي هذا المجال ،وكان ضمن اللجنة عينها محامون من الكرد ومنهم السيد أبراهيم أحمد وكذلك كان المرحومان (عمر مصطفى دبابة) و (عوني يوسف) وكانوا اعضاء قياديين في #الحزب الديمقراطي الكردستاني# كما كان ايضا في اللجنة الشهيد (معروف البرزنجي) والسيد (عبدالصمد خانقاه) وأخرين.
وبسبب النشاط المعارض للمحامي توفيق منير للنظام الملكي فقد قامت السلطة انذاك وفي ظل وزارة نوري السعيد الثانية عشر والتي كان سعيد قزاز وزير داخليتها بأسقاط الجنسية العراقية عن المحامي توفيق بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء اواخر عام 1955مع عشرة أخرين من السياسيين المعروفين المعارضين ومنهم المرحوم المحامي كامل قزانجي وبهاءالدين نوري بابا علي وهو من اهالي السليمانية.تم ممارسة الابعاد القسري للعديد من المعارضين وتم طردهم الى تركيا والتي كانت عضوة في حلف بغداد أما السجناء فبعد انتهاء محكومياتهم قد تم نفيهم خارج الوطن وكان المحامي توفيق منير احدهم لكنه عاد بعد سقوط النظام الملكي بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 بعد صدور قرار العفو واعادة الجنسية العراقية اليه.
في صيف من عام 1959 زار المحامي توفيق منير مدينة اربيل ممثلا لمجلس السلم العالمي والعراقي وعقد ندوة لاهالي المدينة في موقع سينما صلاح الدين الصيفي والموقع تحول الان الى عمارة عصرية ويضيف لقد كنت احد الحضور وبعد أن تحدث المحامي توفيق عن اهداف حركة السلم العالمي قال ( انني زرت الكثير من بلدان العالم شرقيها وغربيها وشاهدت فيها الكثير من النصب والتماثيل لملوك واباطرة وقادة وعلماء وشعراء وفنانين وللشهداء لكني لم اشاهد نصبا يمثل ويرمز للسلام كالذي شاهدته في مدينة اربيل التاريخية العريقة الباسلة المسالمة هذه المدينة الكردية الموغلة في القدم) وخاطب الحاضرين بقوله (ولكم ان تفخروا انتم يا اهل اربيل الكرام بهذا النصب والرمز الفريد من نوعه في العالم كله )واضاف (احفظوه وحافظوا عليه وان دل هذا على شيء فانه يدل على اصالتكم وميلكم للسلم وجنوحكم اليه).
وفي نيسان 1962 تولى (بدرالدين علي) منصب متصرف لواء اربيل وكان ضابطا برتبة عقيد وعين خلفا للرجل الطيب الذكر اللواء الركن المتقاعد (علاء الدين محمود )الذي عين متصرفا للواء اربيل للفترة من (16 تموز 1958 – نيسان 1962) والذي يكن له اهالي اربيل كل الاحترام لدماثة خلقه وحسن ادارته وتواضعه وميله للخير وما زال العديد من الموظفين يحتفظون عنه الذكريات الجميلة.
اما بدرالدين علي فقد كان على خلاف سابقه كان يمثل نذير شؤم وداعية حرب وقارع طبولها وقد كان باكورة منجزاته انه قرر ازالة نصب الحمامة التي تمثل السلام وترمز الى الاستقرار وقد حضر شخصيا عملية هدم قاعدة النصب وسقوط الحمامة وكأن (الصقر) قد اشفى غليله حين رأى الصرح يتهاوى أمام نظراته الحاقدة وهناك في موقع حمامة السلام وامام الجموع الغفيرة من ابناء اربيل الحاضرة قال (لو لم يكن الموقع ساحة عامة لبنيت عليها مرافق صحية) وكانت تلك الكلمات تنذر بحرب على الكرد وكيف لا فالحاقد على نصب جامد لابد ان يكون داعية للحرب والقتال وكانت في الافق هواجس حرب على الكرد حتى قبل انطلاقة ثورة ايلول 1961.
في عام 1964نقل بدرالدين علي الى منصب متصرف لواء العمارة ثم احيل على التقاعد فعاد الى بغداد وفي اواخر شهر رمضان اواسط الستينات قتل على ايدي مجهولين في داره بحي الضباط وحين وصول خبر مقتله الى مدينة اربيل عمت الفرحة قلوب الاهالي لانهم عاشوا فترة حكمه متصرفا (فترة مظلمة) وقاسية.
أما المحامي وداعية السلام للعالم (توفيق منير) فقد اقتحمت منزله مجموعة الانقلابيين الذين اطاحوا بنظام الحكم الوطني بزعامة المرحوم عبدالكريم قاسم في الثامن من شباط عام 1963لاعتقاله وان توفيق منير بحدسه الثوري عرف بأن مصيره الموت اذا ما وقع بين ايديهم عليه فقد قاومهم بسلاحه الشخصي لبضع ساعات ثم استشهد على ايدي المهاجمين هو وافراد عائلته جميعا.
(وطوبى لمن يصنعون السلام كما قال السيد المسيح عليه السلام).[1]