صناعة السينما في شمال شرق سوريا
محمود عبد الرزاق
لطالما كانت السينما بشاشاتها الكبيرة ومواضيعها المنوعة، مرآة تعكس واقع الشعوب، وكانت صوتهم في المحافل الدولية. وسمّيت بالفن السابع، لأنها تعد مكملة للأشكال الفنية الأخرى، وهي: (العمارة، الموسيقى، الرسم، النحت، الشعر، الرقص).
والتجربة السينمائية في سوريا سباقة مقارنة ببلدان المنطقة العربية، وقد تطرق بعض المخرجين السوريين في أعمالهم الى واقع منطقة شرق الفرات، ولاسيما المخرج “عمر أميرالاي”، وأهم أعماله ثلاثية حول وادي الفرات. في فيلمه الأول يعظم أحد أكبر مشاريع التطوير السورية وهو مشروع “سد الفرات”، لكنّه في فيلميه التاليين يتخذ موقفاً نقدياً واضحاً منه، كما في الحياة اليومية في قرية سورية، الذي يبيّن فيه “أميرالاي” التأثير السلبي لبناء السد على حياة مواطني القرى الواقعة على نهر الفرات.
وفي وقتنا الراهن وفي مناطق شمال شرق سوريا، يبدو واقع السينما وإنتاجها ضعيف، ويفتقر لأهم أسس هذا الفن، من دور العرض والمعاهد وورش العمل، هذا بالإضافة للوضع السياسي غير المستقر في المنطقة. لكن هذا الواقع لم يمنع البعض من خوض غمار هذه التجربة، وبدأ بإنتاج الأفلام كمؤسسة “كومين فلم روج آفا” للإنتاج السينمائي، وهي مبادرة محلية تعنى بإنتاج الأفلام السينمائية وإقامة ورش تعليمية وعرض أفلام بإمكانيات محدودة وذلك لنشر ثقافة السينما وصناعتها بشكل عام، كما شاركت في العديد من المهرجانات المحلية والعالمية، كفيلم (قصص المدن المنكوبة) وفيلم (لأجل الحرية) الذي عرض بمهرجان روتردام الدولي.
ويعاني المهتمون بصناعة السينما من صعوبات عديدة، أهمها عدم توفر تقنيات الإنتاج، وكذلك دور العرض، والوضع المتغير سياسياً، وعدم وجود جهة تتبنى الأفكار الهادفة. ففي مدينة الطبقة على سبيل المثال، كان يوجد داران لعرض الأفلام، سينما “العربي” التي كانت تعرض أفلام منوعة، أغلبها تجارية، لكنها الآن مدمرة بالكامل، مثلها مثل سينما “الكندي” بالإضافة لدار عرض الأفلام الروسية وكانت تسمى “سينما الروس”، التي تحولت لمقر استخدمه كل من سيطر على المدينة.
في النهاية لابد من التنويه إلى أنه يوجد العديد من المهتمين بالسينما في مناطق الادارة الذاتية، لكنهم بحاجة إلى من يتبنى مواهبهم، كما أنه لابد من تخطيط جاد للمؤسسات الإعلامية والمعلوماتية في شمال شرق سوريا من أجل تعبئة الامكانات والطاقات في البلاد، وتوجيهها إلى تحقيق أهدافها في صناعة سينما تعكس الواقع، وتنقل قضايانا المشروعة إلى العالم.[1]