=KTML_Bold=النظريّة بين الشعاراتيّة ومرونةِ التطبيقِ=KTML_End=
عبد العزيز حمدوش
من نافلة القول إن أيَّ عملٍ يسبقه تصورٌ له في الفكر والخيال، ومن ثم يجترحُ العقلُ برنامج عملٍ لإيجاده واقعاً ملموساً، والحقيقة هي أنّ كثيراً من الأعمال يُنفذُ تحت عناوين عريضة هي كلّ المجتمع، ولكنها بالنسبة للبعض سرعان ما تتكشف عن ضيق أفق، واستغراق في الفرديّة والشخصيّة، فلا يبقى منها إلا الشعارات، تُردد على نحو مستمرٍ، وتتضاءل المسافة بين النظرية والتطبيق لدرجة التطابق والمراوحة في المكان.
يتميز العمل الإنسانيّ بأنه مسبوق بفكرةٍ أي بتصوّرٍ مسبقٍ، وهذه قاعدة عامة تنطبق على الأفراد والمجتمع، والفرق هو في المساحة، فالعمل الفرديّ يتميز بخصوصيّة الجهدِ والنتيجةِ رغم أنه لا ينفي دور العامل الاجتماعيّ. ذلك لأنّ افتراض وجود عملٍ فرديّ خالص وآخر جماعيّ مجازيّ، إذ يصعب وجود عملٍ فرديّ خالص، فهو يفترض وجوداً استثنائيّاً للإنسان منقطعاً عن الآخرين كليّاً، ولطالما كان انتقال العمل من حيّز الفكرةِ والتصوّر إلى حيّز الفعل والوجود محطَّ اهتمام كثيرٍ من العلوم ومحلَّ الدراسة، وتوصيف النجاح يتناسب مع مدى المطابقة بين التصور والإنجاز.
عوامل سلامة تطبيق العمل
يشترط العمل المجتمعيّ عموم الفائدة، ويجب عند اتخاذ القرار بالانتقال إلى حيز تنفيذ الفكرة وترجمتها عملياً أن تؤخذ بالاعتبار جملة من العوامل، وترتيبها في صيغة البرنامج، ومن أهم العوامل:
الحاجة والضرورة: أو الفائدة المرجوة، فكلما اتسعت مساحة الفائدة كانت الضرورة أكثر، ويصبح الأمر أكثر إلحاحاً عندما يتصل العمل بأولوية حياتيّة ومحل توافق مجتمعيّ، ويصل مدى الفائدة حدّاً يغطي مساحة المجتمع كله، ويسدُّ نقصاً وظيفيّاَ فيه.
الإمكانات المتاحة: يفترض كلُّ عمل توفرَ إمكانات أوليّة تشكّل المنطلق، فيما العملُ المنجزُ هو المستقرُ، وبالتالي فالعملُ هو استثمارٌ وترجمةٌ للإمكانات في حالتها الأوليّة الخام ونقلها من حالة إلى أخرى، فالإمكاناتُ في صورتها الأوليّة البدائيّة قد لا تكونُ ذات قيمة وظيفيّة، وأهميّة معنويّة، وبالتالي فالعملُ هو انتقال من البطالة والكمون إلى الانتفاع والفعل.
الوقت: يشكّل الزمن عاملاً حاسماً في تقييم نجاح أيّ عمل، وقد يُعتبر العملُ فاشلاً بتجاوز ظرفيّته الزمنيّة، فالحاجاتُ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالظرفيّة الزمانيّة، وقد تفقد أهميتها بتأخرها، إذ تتبدى آفاقٌ جديدةٌ وتتغير الحاجات.
التنسيق: عندما تشترك مجموعة أفراد بعمل واحد فمن الأهمية بمكان إيجاد صيغة من التوافق والتنسيق بينهم، وأن تُوزع المهام على نحوٍ من التخصص والتكامل، بحيث تغطي كلَّ مراحله.
العوامل النفسيّة: الإنسان هو الحلقة الأكثر أهمية في العمل فهو منطلقه ومستقره، ولا يمكن إنجاز أيّ عملٍ بالصورة الصحيحة ما لم تتوفر الإرادة والرغبة في العمل والإيمان بضرورته، ويأتي الالتزام بالمعايير الأخلاقيّة على قدم المساواة مع المعايير المهنيّة والخبرة. ولعله من المهم القول إنّ المشاعر والعوامل النفسيّة تنتقل بالعدوى بين الأفراد، ومن أمثلة ذلك الجرأة والإقدام مقابل الخوف والجبن، والنشاط والحيوية مقابل الكسل والوهن، عدا مظاهر التنافس والحماسة، والغيرة والحسد، وتشجيع المبادرات الإيجابيّة أو إهمالها.
وضوحُ التصوّر النظريّ وإمكانية التعديلِ: وهو شرطٌ مهم للعمل، إذ من غير الممكن تنفيذُ عملٍ غير واضحِ المعالمِ، ويبدأ العمل وفق تصوّرٍ أوليّ مسبق ينطوي على شيءٍ من المثاليّة، ولكن قد تطرأ متغيرات أو ظروف غير محسوبة في سياق التنفيذ، ولذلك من المهم توفر قدرٍ كافٍ من المرونة لتلافي العوائق التي لم يلحظها التصور الأوليّ وتجاوزها بيسرٍ وسهولةٍ.
عوائق تعترض برامج العمل
إنّ أيّ نظريّة هي برنامج عملٍ على اختلاف الميادين، والغاية الأسمى هي خدمة المجتمع وتنظيمه، ولكن النظريات لا تطبق بشكلٍ مثاليّ، فذلك تصوّر رومانسيّ لا يؤيده الواقع التاريخيّ للمجتمعات، بل هناك جملة من الآفات التي قد تعترض برامجَ العملِ على مستوى المجتمعِ، ما تسبّب بتعطلها وانهيارها وحتى إخراجها عن مقاصدها وأهدافها المرسومة في إطار النظريّة والتخطيط.
تختلف الآفات التي تصيب العمل من حيث مسبباتِها وآليّة نشوئها، فبعضها يعود إلى عوامل ذاتيّة تتعلق بصُلبِ النظريّة من حيث عدم نضج الفكرة وعموميّتها، ولكنها في الغالب الأعم تعود إلى عدم تفهم الأفراد لمضمون النظرية والاجتهاد الاعتباطيّ في تفسيرها، ومن أمثلة ذلك اعتبار الوظيفة أو المنصب مكتسباً شخصيّاً، وهذا ما يؤدّي إلى سقوط العمل أخلاقيّاً، من خلال استغلال استحقاقات الوظيفةِ وصلاحياتها من أجل مصالح فرديّة، أو الالتزام الحرفيّ بظاهر النظرية وتضييق مدى التطبيق، ما يحوّل الأفراد إلى أشباه الآلة تكرّرُ العملَ على نحوٍ مقيت، في عوزٍ كاملٍ لروحِ الإبداع التي يتم قتلها لدى الأفراد. كما أنّ البعض يمارس العمل على شفا حرفٍ من الفهم فإذا ما واجهوا وضعاً مستجداً غير مألوف، توقفوا كلياً عن الاستمرار واحتجَّوا بتفسيرٍ باهتٍ للنظرية وتنصلوا من المسؤوليّة.
بعضُ الحاجاتِ الضروريّة تتحوّل إلى شعاراتٍ تعنونُ مرحلةً معينةً، ومع مرور الوقت تتغيّر هذه الحاجات نتيجة أحداث طارئة لاحقة، ولكن البعض لا يسعهم فهم سيرورة الزمن، وأنّه تجاوز تلك الحاجات، فيواصلون ترديدَ شعاراتِ المرحلة السابقة بصورةٍ آليّةٍ، بسببِ العجز عن قراءة معطيات الواقع الذي يعيشونه، ومعرفة حاجات المرحلة الحالية ومتطلباتها.
تثبيت التاريخ عبر التلقين والتكرار
تتعددُ المستويات في ميدان العمل السياسيّ، والذي يتداخل مع كلّ مجالات الحياة، اعتباراً من عملية التربية والتعليم وصولاً إلى الطعام المؤدلج، ذلك لأَّنَّ كلَّ تفاصيلِ الحياة متخمة بالشعارات والعناوين العريضة والأيقونات المقدّسة، وقوام العملية التلقينُ المستمر والتكرارُ المبالغ فيه، فالأطفالُ يتلقون جرعاتٍ مركّزةً من الشعاراتِ، وتُصاغ الأدبيات والأفكار على نحو قصائد للاستظهار تمجّد التاريخ والحاضر وتُقحمُ في عقول الناشئة وتصوّر مستقبلاً وفق نمط التاريخ المُمجَّد، ويتمُّ تدريسُه بأسلوب الحكاية والسردِ القصصيّ الذي يخلو من العبرة الحقيقيّة والموضوعيّة للحادثة التاريخيّة، ولعلنا لا نستغرب حضورَ التاريخ في الحياة اليوميّة مجيداً مثالياً خالياً من النقص والعيب بعد التجميلِ والقفز على مواطن الضعف والوهن وقُدّم بصورةٍ نظريّةٍ لائقةٍ، مع تحذيراتٍ لا تجيزُ مراجعته أو انتقاده، لتترسّخ بذلك حالة دوغمائيّة التفكير، وتستمرُّ هذه العملية خلال مجملِ سنواتِ التعليم وحتى الانخراط في ساحات العمل، فيما يؤدّي الإعلامُ دوراً مسانداً في هذا المنحى عبر حضورٍ دائمٍ في البيوت وأماكن العمل.
وفق هذا المنهج يصبح أيُّ تطلعٍ لإيجادِ تغييرٍ في الواقع خروجاً عن سياق التاريخ الحاضر عبر الشعارات، وليبدو تحدّياً للقدر أو تمرداً عليه، ولنكونَ أمام إحدى حالتين كلتاهما سلبيّة فإمّا أن تتمَّ محاكمة الحاضرِ بمعايير الماضي ويُلاحقُ بتهم الخروج عن الأصالة ويُجرّد عنه الانتماء، فتُفرضُ عليه الرقابة ويُحكمُ بالقيود، أو تتم محاكمة الماضي بمعايير الحاضر، وهو ردُّ فعل محتملٌ نتيجة الحضور المكثّف للتاريخ، ولعله يتحول إلى شكلٍ من التطرّف والتبرؤ من كلّ التاريخ على أنّه عبءٌ ثقيلٌ يعرقلُ التطوّرَ المجتمعيّ، وهنا يسقط معنى الأصالة، فيما الصحيحُ مقاربة موضوعيّةٌ للحادثة التاريخيّة تأخذِ بعين الاعتبارِ الضرورة والظرفيّةِ الزمانيّةِ والمكانيّة، ومن ثم التزود بالعبرة منها لاستشراف آفاق المستقبل.
التسليمُ بمنطقِ أنّ التاريخ يعيدُ نفسه ليس صائباً، إذ ينطوي على تجاهلٍ كاملٍ لخصوصيات المجتمعات والأفراد وتنكرٍ لمراحل التطوّر التي مرّوا بها، ذلك لأنّ الإنسان هو نفسه في مستوى الدوافع والرغبات بصرفِ النظر عن الزمن، وإنّما الاختلاف بالنسبيّة زيادة أو نقصاناً وفق الظرف، وبالتالي هناك تشابهٌ في القصة التاريخيّة وليس تطابقاً. وليتضح أنّ ثمّة محاولة جادّة لتثبيت التاريخ والإيحاء بإعادته من حيث النتيجة واستثمار ذلك خدمة لأهداف سياسيّة لا تصبُّ في مصلحة الناس.
الشعاراتيّة في العمل السياسيّ
تدأبُ الدولُ والحكومات على اختلافها على ترويج شعاراتٍ معينةٍ بصورة أقرب للتسويق والإعلانات التجاريّة، ولا تتجاوز تلكم الشعارات إطار الإعلام ومنابر الخطاب السياسيّ وحملات الانتخاب، من قبيل السلم الاجتماعيّ والديمقراطية وحقوق الإنسان والوحدة والتضامن إلى ما هنالك من شعارات فضفاضة، ورغم يقين العامّة بعدم إمكانية تحقق هذه الشعارات واقعاً إلا أنّها لا تنفك عن ترديدها في النشاطات والفعّاليّات الاجتماعيّة والمسيرات وتملأ بها الجدران وتُسمّى المنشآت والمرافق بها، ولتبقى الشعاراتُ أسيرة التنظير.
ففي التجربة العربيّة لا تخلو الاجتماعات ومؤتمرات القمة والفعاليات الحزبيّة من شعاراتِ الوحدة والتضامن إلا أنّ الممارسة الفعليّة تثبتُ موسميّة هذه الطروحات، واقتصارها على مستوى البيانات والإعلان الرسميّ، فيما يستمرُّ العمل على عرقلة جهود التعاون والتضامن، من خلال تضييق المجال أمام العلاقات الشعبيّة، والانغلاق عن الجماهير، إذ لا يمكن لأيّ صيغة تضامنيّة أن تنجح ما لم تكن الشعوب منطلقاً ومستقراً لها، وخلال تجربة الأزمة السوريّة تبين مدى استهتار الحكومات العربيّة بمصير شعوبها وعدم استقلاليّة قرارها الوطنيّ وتبعيتها للخارج، وبالتالي فالشعارات لا تتجاوز مجرّد الاجترار.
استبدال الشعارات بالعمل ضرورة لتجاوز الكرد المرحلة
يتوزع الكرد على عدة كيانات سياسيّة تتبنّى نظماً شموليّة، ولكن الحالة التي يعيشونها تتشابه لحدّ ما مع اختلاف نوع التأثير الثقافيّ، ومع ذلك لا يمكن ردُّ كلّ أسباب واقعهم المزري إلى سياسات الحكومات وتوافقاتهم على حسابهم، إذ لا ينبغي تجاهلُ الأسبابِ الذاتيّة والموضوعيّة، والخلافات الحزبيّة البينيّة، وعدم الاستجابة للدعواتِ لعقدِ المؤتمرِ الوطنيّ، وربما تُبدي بعضُ الأحزاب تحفظاً على إنجاز صيغة التوافق والتنسيق لتوحيد الجهود، وفقاً لاختلاف علاقاتها وتحالفاتها، فلا تميّز بين الريادة والقيادة، فريادةُ المسار التوافقيّ هو دعوةُ للحوار وإغناء الحالة الفكريّة، ولا تعني مطلقاً إلغاء حزب أو انضواءه تحت راية حزب آخر ينفرد بقيادةِ المسار الوطنيّ، كما أنَّ التوافقَ أضحى واجباً تمليه ضرورة مواجهة استحقاقات المرحلة الحالية، ومن أجل ضمان حضور القضية الكرديّة بقوة على الساحة الدوليّة، لتتجاوزَ إطار كونها مسألة أمنيّة ويُنظر إليها كقضية حقوقٍ مشروعةٍ لشعب لطالما مُورست بحقه مختلف أنواع الإبادات الجسديّة والثقافيّة، وخاصة بعد سقوط كركوك وخانقين وسنجار والاحتلال التركيّ لعفرين وإجراءات التغيير الديمغرافيّ فيها وارتكاب جرائم بحقِّ الإنسانيّة فيها من مجازر وقتل وتهجير.
المفارقة أن تستغل أطراف كرديّة فرصة سيطرة الإرهابيين على عفرين وتتسلق الشعارات لكيلِ التهم غير المبررة لطرفٍ كرديّ آخر، فيما يتماهى آخرون في خطاب أنقرة ليكونوا صدىً مباشراً له، وتصبح كلّ دعوات الوحدة مجرّد شعارات الحد الأقصى لتجسيدها أن تكون يافطة تجوبُ الشوارع في المسيرات. وهنا لا بدَ من التأكيد أن لا سببَ يُوجبُ عرقلة التوافق من حيث توفر الإمكاناتِ والتوقيتِ إلا أن يكونَ السببُ عدمَ توفر الإرادة الجادة لإنجازه. والحلُّ الأوحدُ هو استبدال الشعارات بالعمل الجاد لمواجهة استحقاقات المرحلة الحالية البالغة التعقيد والحساسيّة، وهي مسؤوليّة تتجاوز الحاضر، ليكون السؤال ما هو الميراث الذي سيُترك للأجيال القادمة، هي مسؤوليّة أمام التاريخ بامتياز.
الحَرفيّة في النشاط الحزبيّ
يبدأ النشاط الحزبيّ من صياغة تعريف الحزب وأهدافه الأساسيّة ووضع نظامه الداخليّ وأدبياته ونظرياته، وتحديد سويات العلاقات الداخليّة داخل التنظيم الحزبيّ في المستويين الأفقي بين الأعضاء والعموديّ بين القيادة والقاعدة، وكذلك أسلوب صياغة برامج العمل ومدى استجابته لتطلعات أبناء المجتمع وتلبية حاجاتهم.
المصطلح العام المتعارف عليه لأدبيات أيّ حزب هو الإيديولوجيا، وإذ تحرص كلّ الأحزاب السياسيّة على صياغتها بصورة مثاليّة وتُضمّنه كلّ تطلعات أبناء المجتمع وطموحاتهم بحياة أفضل، إلا أنّها لا تضمن تحقيق كلّ الأهداف بنفس المثاليّة إلا بالتزام الأعضاء بالمسار الذي حدّدته النظريات وضمان الواقع ضمن التصورات النظريّة من غير تغيير، ما يفترض أن يتسلّح كلّ الأعضاء بسويّةٍ ثقافيّةٍ ومعرفيّةٍ مشتركةٍ، أما في الواقع فإنَّ كثيراً من الأعضاء يراوحون في مستوى الشعارات العريضة ويستظهرون أدبيات الحزب من غير تعمقٍ فيها، ويكرّرون على نحو ببغائيّ منطلقاته النظريّة ويحاكمون كلّ أبناء المجتمع على أساسها، ما يعمّق الشرخ بين الأفراد، نتيجة الحلقة المعرفيّة المفقودة.
وإذ لا يسعِ الأفراد الفهمُ العميق لتلك الأدبيات والتعبير عنها بمرونة وترجمتها فعلاً عمليّاً في ساحة المجتمع والتسامي بها وطنيّاً لتكون سبيلَ وحدة المجتمع واختراق الأطر الضيقة، وتجاوز الخلافات، فإنَّ هؤلاء الأعضاء يصبحون عبئاً على الحزب وعاملَ تعطيلٍ لمساره، فهم يروّجون لشكلٍ من سطحيّة الفكر والتطبيق، ويملؤون الأجواء بمزيد من الضجيج من غير طائل، ويخوضون في نقاشات شكليّة تتسم بكثير من الجدلِ والعناد والضحالة، وهم يعتقدون أنّهم ينتصرون لانتمائهم الحزبيّ والوطنيّ ويؤكدون أفكاره، فيما هم واقعاً يشوّهونها بالسطحيّة والتكرار والدوران في حلقة مغلقة، ويجسّد هذا النموذج من الأعضاء حالة الانتماء العاطفيّ دون الإيديولوجيّ والفكريّ.
وإذا كان التنسيق أحد عوامل نجاح العمل الحزبيّ، فإنّه يتراجع مع اجترار العبارات والكلمات إلى حدّه الأدنى، بسبب الانغلاق على عناوين عامة، والمبالغة في التحامل على الآخرين لدرجة إيلامهم. وكلُّ هذا من شأنه أن يسيء إلى سمعة التنظيم الحزبيّ ليس في مستوى الدعاية والسمعة بل في صميم أدائه وفكره، لأنّ سلوكيات الأعضاء تحتسب على كامل التنظيم بصفتهم الاعتباريّة وليس الشخصيّة.
ولعله ليس مستغرباً أن يصل الخلاف درجة من العدائيّة غير المبررة بين أفراد ينتمون لتنظيماتٍ حزبيّةٍ مختلفةٍ، وتظهر بوضوح في المفاصل المهمة ومواسم الانتخاب ولدى التعيينات الوظيفيّة.
التجربة العمليّة سبيل تجاوز طوباويّة التنظير
التطبيق العمليّ هو المحكُّ الحقيقيّ لصحّة التنظيرِ الحزبيّ في السياسة والعلاقات، ويُعوّل عليه في إغناء التجربة السياسيّة فكراً ومنهجاً. فالأدبيات الحزبيّة ليست كتباً مقدّسة لا يأتيها الباطل أبداً أو لا يعتريها الخطأ، والصحيح أنّها قراءات للواقع والإمكانات المتاحة وتصوّرات للمستقبل، قد تثبت الظروف والحوادث عدم اكتمالها والحاجة إلى تطويرها، ولا سبيل لتحرير الفكر من طوباويّة التنظير إلا بالتجربة العمليّة. فبعد كلّ مرحلة نضاليّة من الضروريّ إجراء مراجعة للمسار وتقييمه موضوعيّاً وفق أهدافه وظروفه، وتصحيح ما اعوجَّ فيه، وتحليل كلّ الظواهر السلبيّة المصادفة، على أن يؤخذ بالاعتبار مستوى الوعي الجماهيريّ كأحد العوامل الحاسمة في التقييم.
على هذا النحو فإنّ المسؤوليّة الملقاة على عاتق القيادات الحزبيّة جسيمة، وتبدأ بتبني آلية مناسبة في قبول أعضاء جديرين بالانتماء إلى الجسم الحزبيّ، وتأهيل الكوادر الحزبيّة بشكلٍ لائقٍ، ومراقبة المظاهر السلبيّة في العلاقات الحزبيّة داخل التنظيم وخارجه، وضبط الشعارات التي يرفعها الأعضاء وأسلوب حضورهم في ساحة المجتمع، والتأكيد على أن يكون هذا الحضور إيجابياً غير متناقض مع التوجّهات المجتمعيّة العامّة ومتناغماً مع معايير الأصالة. ولتحقيق ذلك من الضروريّ أن يرتقي القادة الحزبيون لمستوى القدوة في الفكر والعمل، فالخطأ في مستوى القيادات له من سوء النتائج أضعاف ما لخطأ بقية الأعضاء، وحسبه أنّه يفتح الباب واسعاً لأخطاء أخرى كثيرة، وكذلك هو الحال بالنسبة للسلوكيات المثالية التي تحقّق نتائج باهرة، وهذا ما يفترض عدم انقطاع القيادات عن القواعد.
ومن الأسباب التي تقود الأعضاء إلى حالة الانكفاء وتُسبِّب الترهل والوهن في مسيرة العمل النضاليّ، الممارسة الخاطئة لعملية النقد، لتكون شعاراً ظاهراً، فيما هي واقعاً فخٌ لاصطياد أخطاء الآخرين وتحجيم شخصياتهم، وبذلك تقترب من ضفة التشهير والنيل من سمعة الأعضاء عبر تضخيم الأخطاء المرتكبة من قبلهم، ما يؤدّي بهم إلى الاقتصار على الحد الأدنى من العمل الذي يكفل تجاوز عتبة النقد، دون محاولة تطوير سوية عملهم، ما يؤثر على كامل مسيرة النضال.
الديمقراطية الشكليّة والحقيقيّة
كثيرة هي الأحزابُ التي ترفع شعارَ الديمقراطيّة هدفاً لها وتركّز عليه أسلوبَ عملٍ في أدبياتها وأنظمتها الداخليّة، كما أنّ كثيراً من الأحزاب في الساحة السياسيّة الكرديّة يُضمّن الديمقراطيّة في اسم الحزب مباشرة، والقضية ليست فقط حجم المسافة الفاصلة بين النظرية والتطبيق، بل بالنتيجة العمليّة، ولنطرح السؤال صريحاً حول تطبيق الديمقراطيّة وهل يعوّل عليها في إيصال الأفراد الأفضل إلى مواقع القيادة والقرار؟
الواقع العمليّ لا يثبت نجاح التجارب الديمقراطيّة، لا بل أنّ بعضها لا يتجاوز الشعار، رغم ظاهر الحرص، وقد تسود الديمقراطيّة عمليات الانتخاب في الترشّح والتصويت، ولكنها مع ذلك لا تكفلُ وصولَ الأكفأ إلى مراكز المسؤولية والقرار، فتتعدى الديمقراطية بذلك من حيث سوء النتيجة الديكتاتوريّة نفسها، فالمسألة منوطة بالظروف العامة بما في ذلك الحالة الأمنية والوضع المعيشيّ، وافتقار المجتمع للوعي الصحيحٍ للعملية الانتخابيّة، وسواء فتح مجالُ الترشح حراً أو مشروطاً أمام الأفراد، فالكرة تصبح في ملعب المقترعين، ولكنهم يفشلون في تحقيق الهدف، ذلك لأنَّ عوامل سلبيّة تتحكم بآلية الاقتراع كالعلاقات الشخصية والوصوليّة والمنفعيّة والطبقيّة والعشائريّة والوصاية غير المباشرة عبر الضخ الإعلاميّ وخلق أجواء التوتر والتهديد بالفوضى كما هي العادة قبيل الانتخابات التركيّة، وبالتالي لا تضمن نزاهة النتيجة وعدالتها، وقد يلعب التنافس الحزبيّ دوراً سلبيّاً في التأثير على المزاج العام، والوصاية على الناس من قبيل استهداف الأفراد والتشهير بسمعتهم والتشكيك بنزاهتهم إضافة للكيديّة الحزبيّة. وبهذا المنحى ستراوح الديمقراطيّة في إطار الشكليّة والدعاية خالية المضمون.
الديمقراطيّة الشعاراتيّة استبدادٌ مقنّعٌ
يضربُ أفلاطون في كتابه السادس مثالاً عن تطبيق الديمقراطيّة في حوار مع أديمانتوس، فيذكر سفينة في عرض البحر ركابها من الحمقى، وتتعرض لأمواج عاتية تهددها بالغرق، ومن أجل حسم الاضطراب الذي ساد بين الركاب، يلجؤون إلى التصويت، فيسقط رأي القبطان ويفوز رأي الحمقى، فكانت النتيجة غرقَ السفينة بمن فيها، وبهذا يطرحُ أفلاطون مبكراً مسألة في غاية الأهمية، وهي أنّ ديمقراطيّة التصويت هي قضية معرفيّة، وليست مسألة شكليّة تختزل بالأعداد فقط.
من التشوهات التي لحقت مفهوم الديمقراطيّة اعتبارُها سبيلاً لاعتمادِ رأي الأكثريّة عبر آلية التصويت الحرّ، ولو سلمنا بهذا الرأي سنصل إلى النتيجة ذاتها في كلِّ مرة، وهي تغييب الأقليّة بما تمثله من وجودٍ ورأي، وتأكيدُ حالةِ ابتلاع الكتلة الكبيرة للكتل الصغيرة. وهذا الشكل من الديمقراطية العدديّة لا يختلف بالنسبة للأقلية عن الاستبداد فكلاهما ينطوي على تغييبها مع اختلاف العنوان.
الصحيح أنّ الديمقراطيّة الحقّة تكفل حماية المكوّن الأقل عدداً (الأقلية) وتصون حضورها ورأيها، وتسقط الديمقراطيّة في هوة الشكلانيّة ما لم تضمن كامل حقوق المكوّنات الأقل عدداً، ولعل مصطلح الأقلية غير صائب، ويأتي في إطار تبرير تغييب حضور البعض قانونيّاً، والصحيح اعتماد مصطلحي الوطنيّة التي تقتضي تبني المصلحة العامة مفهوماً عابراً لكلّ المكوّنات والشرائح والفئات المجتمعيّة، ولم تثبت تجارب الشعوب وثوراتها الوطنيّة التحررية أنّ المكوّن الأقل عدداً كان سلبيّ الدور فيها وأخذ مقعد المتفرج وكان عبئاً على الحالة الوطنيّة، ففي حرب استقلال الوطن السوريُّ من الاحتلال الفرنسيّ كانت كلّ المكوّنات السوريّة حاضرة ولها دورها وشهدت كلّ الجغرافية الوطنية معارك ضد الأجنبي الغاصبِ والمحتلِ. فالوطنيّة كلٌّ جامعٌ لا يقبل القسمة والاجتزاء، وهي تشاركيّة حقيقيّة في الألم والأمل.
المساواة تعني إعطاء فرص متكافئة بينها للتعبير عن خصوصياتها، دون تعميم خصوصيات المكون الأكثر عدداً، وهذا تماماً مضمون المشروع الفيدراليّ الذي أطلق في شمال سوريا ليكون حلاً شاملاً للأزمة ووضع حد لنزيف الدم السوريّ، والتأكيد على أنّ التنوع الثقافيّ وخصوصيات التراث واللغات تشكل روافد غنى تغذّي الحالة الثقافيّة السوريّة العامة. الأمر الذي جعل أنصار الفكر القومويّ والغلبة العدديّة يصوبون عليه سهام الاتهام بالانفصال والتقسيم، دفاعاً عن ميراث دولة القبيلة (القوميّة)، ولذلك حشدت حكومة أنقرة كل بقايا المرتزقة في العدوان على عفرين واحتلالها، مدفوعة بمخاوف حقيقيّة من إقامة النظام الديمقراطيّ وانتقال التجربة إليها، رغم أنّها ترفع ليل نهار شعار الديمقراطيّة، وتدّعي أنّها نموذج يحتذى به في المنطقة. وفي سياق ديمقراطيتها لم تكن فقط داعمة وحاضنة للإرهاب بل مارسته بنفسها، وكانتِ القائدَ والضِّرعَ المغذّيَ للإرهاب. وجاء الصمت الدوليّ إزاء العدوان والجرائم المرتكبة بحق الإنسان دليلاً على ازدواجيّة المعايير وشكليّة تطبيق القوانين والأعراف الدوليّة والتنكر لقيم الإنسانيّة والفطرة السليمة والحق الطبيعيّ في الحياة والوجود.
الببغائيّة قناة للحرب الخاصة
تُستخدم في الحرب الخاصة أسلحةٌ تتناسب وطبيعة هذه الحرب وأهدافها، في التأثير على الحالة النفسيّة وخلق حالة الإحباط من خلال التأثير على المعنويات وتحريض العوامل السلبيّة والتشكيك في جدوى المقاومة وتلفيق القصص التي تساهم في كيل تهم الخيانة بالاستناد إلى تفسيرات مشوّهة للحقيقة، فيما يتولى أصحاب النفوس الضعيفة والعملاء الترويج لها، فيما يرددها البسطاء من غير قصد، وسرعان ما تسود هذه الشعارات كل المجتمع مع التكرار المكثف لها.
خلال العدوان على عفرين عكفت آلة الإعلام التركيّة على الترويج لدعاية مضمونها تجميل العدوان وتوصيفه زوراً بالتحرير، فيما يتم تحميل المسؤوليّة لوحدات حماية الشعب وهم من أبناء عفرين الذين تولوا مهمة الدفاع عن أرضهم وأهلهم ضد قوى العدوان والإرهاب. ولعلنا لا نحتاج كثيراً من التحليل والتأويل للوصول إلى استنتاج، فكلُّ من يبرّر العدوان وينال من المقاومة يقف في صف المرتزقة والعدوان، ولا يمكن تبرير رأيهم تحت عنوان حرية الرأي والتعبير، ففي الموقف الوطنيّ لا يُقبل الاجتزاء والمساومة أو الضبابيّة، إذ هو واضح ويجب أن يكون محل توافق ومدعاة وحدة وتضامن.
بعد 18/3/2018 رفع البعض عقائرهم وتماهوا في أجندة العدوان التركيّ، وراحوا يدعون لعودة مباشرة للأهالي النازحين إلى عفرين دون ضمان لسلامتهم من تعديات المرتزقة، والغاية الترويج لقبول الأهالي للاحتلال والعيش في ظله، وهي استكمال للحرب الخاصة التي تُشنُّ ضد الأهالي عبر قناة التكرار والببغائيّة قوامها الشائعات والدعاية.
العمل الإداريّ والمؤسساتيّ وآفة الحَرفيّة
لا يختلف العمل الإداريّ والمؤسساتيّ عن النشاط الحزبيّ في آفاته وأمراضه، وأسباب نجاحه فكلاهما إطار تنظيميّ يضمّ عدداً من الأفراد، إلا أنّهما يختلفان في توجّهات العمل وآلياته.
الهدف الأساس للعمل المؤسساتيّ هو تلبية الحاجات الضروريّة والخدمة المجتمعيّة، وهنا لا تأخذ المسألة بعداً إيديولوجيّاً صرفاً، فالحياة حقٌّ لكلِّ الأفراد على قدر من التساوي، بصرف النظر عن كلّ الاعتبارات الفكريّة والعقائديّة، وهنا نحن أمام عوامل أخرى لتأدية العمل بنجاح هي الاختصاص المعرفيّ والخبرة المهنيّة والتزام الحضور على كامل مساحة المجتمع وعلى مدار الوقت، فيما النشاط الحزبيّ له ميادين محددة، وقوامه الفكر والنظرية. وتتضمن الخدمة المجتمعيّة الأمن والصحة والغذاء والتعليم وسائر الحاجات الماديّة والمعاملات الحقوقيّة والإداريّة.
تفترض القوانين وقواعد العمل الإداريّ تماثلاً ابتدائياً بين كلّ أفراد المجتمع، ووفقاً لذلك فالأفراد متساوون في فرص العمل والتعلم والحريات الفرديّة وحق التعبير، ولكن هذا الافتراض غير صحيحٍ واقعاً, مع اعتماد قاعدة الأغلبية السائدة في المجتمع، إذ لا بد من وجود حالات كثيرة مختلفة بصورة طبيعيّة وليس استثنائيّة نتيجة مخالفات أو تعديات ارتكبها هؤلاء الأفراد، وبذلك فهم ليسوا على قدم المساواة مع الأغلبيّة، ما يؤدّي إلى حرمانهم من استحقاقاتهم الفطريّة والوطنيّة، لا لشيء وإنّما لأنّ القوانين لم تلحظهم، لتمنحهم فرصة الوصول إلى حدّ المساواة مع غيرهم، والقضية هنا ليست منح استثناءٍ مجاني، بل هي التماسٌ للعدالة وتعويض نقصٍ طبيعيّ بنص قانونيّ، لأنّ المساواة قانون صارمٌ لا يأخذ الخصوصيات والاختلافات الطبيعيّة بالاعتبار، ما يسدّ الطريق لتحقيق العدالة. كأن تفترض القوانين شروطاً تتعلق بالشكل والطول واللون والعرق في وظيفة معينة. والمرونة في التشريع تكفل تجاوز معضلة كهذه.
القوانين وقواعد العمل على اختلافها تأتي على نحو من الإجمال وليس بالوسع التفصيل فيها، وهنا يُترك للأفراد هامشٌ من المرونة لاستيعاب حالات غير مشمولة بنص القانون، شريطة عدم التعارض مع المصلحة العامة وأداء الخدمة المجتمعيّة، أي لسنا بصدد اجتهاد اعتباطيّ، بل تطبيق لفهم أعمق للقانون، وتعزيز بُعده الأخلاقيّ، وينبثق الإشكال بوجود أفراد يتقيدون بالحرفيّة القانونية وسطحيّة التعامل، أي استظهار النص شكلاً وقتله مضموناً، ومرد ذلك إلى مشكلة في الذهنيّة وطريقة التفكير تتجلى على مستويين: الأول يتعلق بأفراد المؤسسة وضعف أدائهم عن قصد بعدم محاولتهم تطوير سويات عملهم وعدم الحرص أو لمحدوديّة مؤهلاتهم وتدني مستوى كفاءتهم، وهنا موضع الخلل في التعيين الوظيفيّ، أما الثاني فهو على مستوى القيادات الإداريّة لجهة حصرها كل الصلاحيات بنفسها، ما يخلق حالات من القلق والخوف من المساءلة لدى الأفراد، ليس من الاجتهاد في العمل، بل من تجاوز التعليمات والأوامر الإداريّة ونأياً بالنفس عن مواقف التوبيخ والعقوبات المسلكيّة، ما يؤدّي بالعاملين لاستظهار قواعد العمل الإداريّ وجعله محصوراً في الوثائق والأوراق وروتينية التعامل وتهرباً من تحملِ المسؤوليّةِ، ويوقعه بالنتيجةِ في فخ البيروقراطيّة وسلطة المكاتب والمراسلات الإداريّة المبالغ فيها من غير سبب موجب، فيضيع الجهد والوقت عبثاً، وكلّ ذلك عوامل لشكليّة النظام الإداريّ القائم ما يعيق الخدمة المجتمعيّة.
إنّ مسيرة العمل الإداريّ لا تنحصر بعمل أشخاصٍ أو طواقم محددة من العاملين في أنساق القيادة، ولذلك لابدَّ من تأهيل باقي الأفراد وتحميلهم القدر الكافي من المسؤوليّة، وإتاحة فرص تحسين العمل أمام الجميع على نحو متكافئ من غير غبن لأحدٍ، وبالتالي سيكون سلم الارتقاء الوظيفيّ متاحاً لكل مجتهدٍ غيور على المصلحة العامة، وليس لأصحاب الشعارات الذين يتخذون القضايا الوطنيّة سلالم يرتقونها للوصول إلى غاياتهم الشخصيّة.
العوامل النفسيّة كالحماسة والتفاؤل وحسن النية تلعب دوراً مهماً في إنجاز العمل الجماعيّ، إلا أنّها قاصرة لوحدها عن بلوغ الأهداف المرجوة، دون حالة معرفيّة والقدرة على قراءة الواقع، لتحديد أولويات العمل وسبل الإنجاز وخطوات العمل ووعي عامل الزمن، لتجاوز أطر التنظير والشعارات، وترجمة فكرة العمل واقعاً ملموساً يغيّر صورة الحياة المعاشة.[1]