تاريخ حركة الحرية الكردستانية الحلقة 18
جميل بايك
انتهت تحضيرات المؤتمر وبدأنا بالتجمع لعقد المؤتمر في ساحة الوطن. ولعقد هذا المؤتمر اقترح القائد تشكيل لجنة تحضيرية، وذكر أسماء بعض الرفاق للانضمام إلى هذه اللجنة وكان من بين الأسماء التي اقترح القائد انضمامها كل من شمدين صاكك ومحمد شنر. بالتأكيد ابديت موقفي من أن انضمام هذين الشخصين لأنهما لا يصلحان للقيام بهذه المهمة، فوضع كلا الشخصين كان بادياً للعيان. عندما شكلت اللجنة التحضيرية للمؤتمر وانضم كل من شنر وشمدين صاكك إليها، اعترضت على ذلك لأن محمد شنر كان يتلاعب بالمؤتمر وكان من رجال الدولة. فإن كانت الدولة تقوم بالتحضيرات من أجل المؤتمر فأنها تستخدم في ذلك محمد شنر فكيف يمكن وضعه ضمن اللجنة التحضيرية، وبالنسبة إلى وضع شمدين صاكك فكانت له ممارسات عملية يجب محاسبته عليها لهذا السبب لم أقبل ورفضت أن يكون ضمن اللجنة التحضيرية. انتقد القائد تقربي بهذا الصدد، وقال: «بتقربك هذا لا يمكن الكشف عن تقربهم ومواقفهم بشكل سليم وواضح. وقال: «يجب أن تنكشف حقيقتهم وأن كانت الدولة تقوم ببعض التحضيرات عن طريق محمد شنر فمن الواجب علينا أن نفسح له المجال كي نكشف عن تلك التحضيرات وهذا هو التقرب الصائب والصحيح. أي إن لم نقم بإتاحة الفرصة له ربما لن نتمكن من كشف تلك التحضيرات والمساعي التي يسعون إلى تحقيقها». بعدها قبلت باقتراح القائد في انضمام محمد شنر إلى اللجنة التحضيرية. ولكن يجب أن لا نقع في الخطأ وهو الاعتقاد بأن كل الذين دخلوا أو أصبحوا أعضاء ضمن إدارة هذه الحركة هم أشخاص جيدون ومثاليون وأن الذين لم ينضموا إلى الإدارة ليسوا كذلك. بالطبع يتم اختيار الرفاق المثاليين لإدارة هذه الحركة إلى جانب انضمام آخرين ربما لا يليقون بالانضمام إلى الإدارة، فتظهر تحليلات خاطئة وكذلك تقربات مبنية على أسس الصداقة. فكان للقائد أسلوب وأمور يتبعها على الدوام فإن كان يشك بوضع شخص ما ومن أجل أن تتضح شكوكه وتظهر حقيقة هذا الشخص كان يعطيه مكاناً ضمن الإدارة كي تظهر حقيقته. هذه كانت أحدى الطرق والأساليب لإظهار حقيقة الشخص، وبالمقابل أيضاً لو لاحظ وجود إمكانية التطور لدى أحد الرفاق ومن أجل أن يتقدم هذا الرفيق ويتطور كان يضمه إلى الإدارة مثلاً، كان هناك بعض الرفاق لم تتضح ماهية خبراتهم فكان يقوم بضمهم إلى الإدارة كي تظهر حقيقتهم، وما هي خبراتهم وسوية اكتسابه. كان القائد يقوم بإتباع هذه الطرق والأساليب على الدوام تقريباً. بالطبع كانت للقائد الخبرة في هذا المجال وكان متحكماً من الناحية الايديولوجية وقدرة الحركة، كان يقوم بتوحيد القوة الايديولوجية مع قوة الحركة وبهذا الشكل لم يكن بمقدور أحد خلق العراقيل والوقوف ضده. عندما زار يالجين كوجوك القائد قال له: «الآن أدرك أين تكمن قوتك. إنك تقوم باستخدام القوة الايديولوجية وقوة الحركة بإحكام وتقوم بتوحيدهما مع بعضهما البعض». رد عليه القائد بأنه: «محق».
عند التحرك من أجل الذهاب الى المؤتمر جاء محمد شنر وقال أن هناك رفاق آخرين وانقضت فترة وهم ضمن الفعاليات وهم رفاق جيدون، ومن الصواب أن ينضموا إلى المؤتمر. فهؤلاء الأشخاص الذين حددهم محمد شنر كانوا جميعاً على علاقة مع المخابرات السورية التي تسعى إلى تطوير مخطط ضد القائد آبو. كنا ننوي أن نقوم بسحب كل هؤلاء الأشخاص إلى الوطن، لهذا السبب قبلت وطلبت منه أن يأتوا للذهاب. عند وصولنا إلى حفتانين ووصول هؤلاء الأشخاص إلى تلك المنطقة قمت بتوزيعهم مباشرة أي قمت بإرسال كل واحد منهم إلى منطقة. لأن أحدى مخططات محمد شنر كانت انضمام هؤلاء الأشخاص إلى المؤتمر كي يتمكن من التأثير على المؤتمر عن طريقهم ويصل إلى هدفه. عند قيامي بتوزيعهم على الساحات اعترض محمد شنر على ذلك بشدة. فأجبته من الضروري على هؤلاء الرفاق الاختلاط بالرفاق لأن هذا سيكون مفيداً لهم كونهم قادمين للتو من ساحة القيادة، وثانياً أنت لا تملك تلك الصلاحية التي تجعلك تحدد أعضاء المؤتمر لأن أعضاء المؤتمر تم تحديدهم. بعد هذا لم يتفوه بكلمة واحدة. انتقد القائد الإدارة التي كانت مسؤولة من الناحية العملية والتطبيق أي الإدارة العملية. وعند مجيئنا تم فتح تحقيق معهم حول ممارساتهم وهم كل من بوطان أبو بكر سرحد. كنا نود البدء بالمؤتمر بعد الانتهاء من التحقيق الجاري مع هؤلاء. لأنه أن تم البدء بالمؤتمر من دون التوصل إلى نتيجة من تلك التحقيقات لا يمكن أن يكون لهذا المؤتمر أي معنى. كان يجب ايضاح ممارساتهم العملية بشكل كامل كي نتمكن من الوصول إلى النتيجة في المؤتمر. ففي الفترة التي كانت فيها التحقيقات جارية يقوم محمد شنر بتحريض هؤلاء الأشخاص الذين تم فتح تحقيق بحقهم من خلال مخاطبتهم ببعض الجمل ك «أن كافة تحليلات القائد التي أجراها بحقكم وكل الانتقادات التي وجهها لكم ليست صحيحة وأن فتح هذا التحقيق بحقكم ليس بالشيء الصائب والصحيح بل أنها تعتبر إهانة لكم بعد قيامكم بهذا القدر من العمل، فهذه الأعمال كان سيقوم بها أي شخص آخر في مكانكم، ولم يكن بمقدورهم انجازه أفضل من هذا الذي انجزتموه. فأنتم لا تستحقون هذا التحقيق». بالطبع كان ذو تأثير على الرفاق وأراد تحريضهم لأنه أن نجح في كسب هؤلاء الأشخاص إلى جانبه بإمكانه الوصول بسهولة إلى النتيجة التي يسعى إلى تحقيقها في هذا المؤتمر. كان له أخ آخر أسميته (فينو) كان قد وضعه في طاقم الحماية لدي وكلفه بمراقبتي كي يقوم بإعطاء كافة المعلومات عني وكي يعرف هل لاحظتُ الأعمال وأفهم ما يقوم بها من أمور كي يتمكن من اتخاذ التدابير اللازمة حيال ذلك ويتجنب الوقوع في وضع خطر. فقد كان يعمل بكل قوته لتحقيق الوصول إلى النتيجة في المؤتمر. وصل الوضع إلى مرحلة لا يمكن تحملها طلبت من محمد شنر أن يقوم بنقل هذا الشخص. عندما كان محمد شنر يأتي إلي يقول عن الرفاق الذين فتح تحقيق بحقهم أنهم قتلة ولا يمكن لهم أن يكونوا ملكاً للحركة ويجب علينا أن نقوم بمحاكمتهم وحتى تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وإلغاء كافة التحضيرات التي قام بها هؤلاء الرفاق. فبهذا الشكل كان يريد تحريضي أيضاً.
تم الانتهاء من تلك التحقيقات وعلى إثرها تم البدء بعقد المؤتمر الرابع في منطقة حفتانين. تزامنت مرحلة عقد المؤتمر مع مرحلة حرب الخليج ولم يكن واضحاً متى ستقوم الولايات المتحدة الامريكية بالتدخل في المنطقة فهذه المداخلة كانت متوقعة خلال أيام قصيرة، في وضع كهذا عقدنا المؤتمر. بالطبع ذكر القائد في تحليلاته وكذلك شفهيا عند مجيئنا بأنه يتوجب عقد المؤتمر لأن الولايات المتحدة الامريكية ربما تقوم بالمداخلة والتي على إثرها سيخلق وضع جديد في المنطقة وأنه من الواجب علينا اتخاذ التدابير اللازمة في حال تطور وضع بهذا الشكل كي نتمكن من خطو بعض الخطوات في الجنوب أيضاً. إن تلك المداخلة سوف تخلق فرصة كبيرة يجب الاستفادة منها من أجل خدمة الحركة في كلا الجزئين في الشمال وفي الجنوب، يمكننا أن نكثف النضال في الشمال أكثر ونطور نضالنا في الجنوب. ففي تلك الفترة لم تبقى أية حركة على جغرافية كردستان سوى حركتنا. في عام 1988 كان كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني قد تركا جنوب كردستان إثر الاتفاق الحاصل بين كل من العراق وايران، عندما تم عقد هذا الاتفاق قامت الحكومة العراقية بالضغط على هذين الحزبين لأنهم كانوا قد استغلوا هذا الفراغ أي أنهم كانوا يبقون في الجنوب بمساعدة من الجمهورية الايرانية ولكن عندما أبرم الاتفاق بين العراق والجمهورية الايرانية قامت هذه الاحزاب مباشرة بترك أراضي الجنوب، يمكن القول أنه وفي تلك الفترة لم يبقَ لديهم أي شخص في الجنوب فحتى نهاية عام التسعين لم يكن هناك حركة تناضل على أرض كردستان غير حركتنا. كذلك الأمر بالنسبة للأحزاب التي كانت موجودة في شرق كردستان فهي الأخرى كانت قد أتت إلى العراق وتخلت عن الحرب. فالحركة الابوجية كانت الحركة الوحيدة التي بقيت صامدة وتناضل من كافة النواحي بما فيها الناحية السياسية والعسكرية أيضاً من أجل الأجزاء الأربعة من كردستان والكرد خارج الوطن أيضاً. لهذا السبب كسبت الحركة الابوجية مكانة كبيرة لدى الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان، فالجميع كانوا يرون فقط هذه الحركة ويؤمنون بها. كان القائد يقول عندما تقوم الولايات المتحدة الامريكية بمداخلة على العراق ستساهم في خلق فراغ في جنوب كردستان وتخلق في نفس الوقت فرصة كبيرة وتاريخية فمن الواجب الاستفادة من هذا الفراغ وهذه الفرصة بشكل يخدم الجزأين الشمالي والجنوبي من كردستان. فلم يكن هناك أحد في الساحة غير حركتنا، لهذا السبب كان يجب عقد المؤتمر واتخاذ كل هذه القرارات وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة.
كنا مشغولين بوضع محمد شنر من ناحية، ومن الناحية الأخرى كانت الإدارة التي فتح بحقها التحقيق تخلق بعض العوائق والعراقيل أمامنا. إلى جانب عدم الانتهاء من تحضيرات المؤتمر التي سعينا إلى تحضيرها من المكان الذي كنا ننوي عقد المؤتمر فيه إلى تأمين المؤن اللازمة وهذه التحضيرات استغرقت فترة من الزمن بالتأكيد. وعندما بدأ الاجتماع من أجل عقد المؤتمر سعينا لإنهائه قبل أن تبدأ الحرب لندخل الحرب بتحضيرات جيدة. إذا بدأت الحرب ولم ننهِ المؤتمر بعد عندها لا يمكننا اكمال المؤتمر أيضاً. وهذا سيشكل خطراً علينا، فلم نكن نعلم بماهية المداخلة التي ستقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية. فقد كنا نعلم أنها ستقوم بالتدخل في المنطقة وستساهم في ظهور بعض النتائج وسنتمكن من الاستفادة منها فقط إذا كنا مستعدين. لهذا السبب كان من الواجب علينا عقد المؤتمر في وقته واتخاذ القرارات الواجبة اتخاذها كي نقوم بتنظيم أنفسنا استناداً إلى تلك القرارات المأخوذة، لنتمكن من إلقاء الخطوات المناسبة في الممارسة العملية في وضع كهذا.
كانت المهمة الأولى والأساسية لهذا المؤتمر هي القضاء على المفهوم الليبرالي والإقطاعي التآمري وتصفيته. لأن كلا المفهومين ساهما في تقوية مفهوم التصفوية التي ساهمت هي بدورها في تقوية المفهوم الليبرالي ضمن الكريلا والحركة أيضاً، فمن دون الحد من تطور هذا المفهوم الليبرالي والإقطاعي التآمري لا يمكن أن تكسب القرارات التي يتخذها هذا المؤتمر أية أهمية مهما كانت أهمية تلك القرارات. لهذا السبب كانت تحوز على أهمية بالغة. كنا قد قمنا بفتح تحقيق بحق الإدارة العملية. لأنها تضم المفهوم الليبرالي وكذلك المفهوم التصفوي، فقسم منهم كانوا يمثلون النهج الليبرالي والقسم الآخر النهج التصفوي، ويقومون بمساندة وتقوية بعضهم البعض. كما كانوا قد قاموا بتقوية التصفوية في الخارج حتى أنه وأثر هذا التقرب لم يكن بمقدورنا دخول بعض المناطق كمنطقة بوطان وغيرها.
بالطبع كان ثمة وضع سياسي جديد يتطور في المؤتمر الرابع، ومداخلة الولايات المتحدة الأمريكية ساهمت في تقوية هذا الوضع أكثر. لذلك كان يجب تطوير بعض التدابير واتخاذ القرارات الهامة والتي تمحورت حول تقوية الكريلا من حيث العدد والعتاد وتطوير السرهلدانات الحاشدة، وكي نتمكن من تقوية السرهلدانات عن طريق الكريلا والكريلا عن طريق السرهدانات، ليكملا بعضهما البعض، فالتطور الحاصل كان يتطلب ذلك. إن وصول المؤتمر إلى قرار بهذا الشأن أيضاً يعني وصول المؤتمر إلى هدفه. هذه كانت أحدى النقاط الهامة. قام القائد آبو بإجراء تحليلات سياسية وايديولوجية وتنظيمية وعسكرية ضمن المؤتمر وكان من الواجب على المؤتمر اتخاذ قرارات تتوافق مع هذه التحليلات. مثلاً، التحليلات التي طورها القائد في المؤتمر الخامس حول الاشتراكية المشيدة استندت إلى التحليلات التي طورها في المؤتمر الرابع. لهذا كانت ذو أهمية بالغة بالطبع. بالإضافة إلى هذا كان يسعى القائد آبو إلى احلال أو إجراء بعض التغييرات كي نتمكن من تطوير السرهلدانات والتجييش والاستفادة من الوضع المتطور في العراق، ونيل النتيجة.
تمت محاسبة التصفوية والليبرالية في المؤتمر وألقينا بعض الخطوات بهذا الصدد. أراد محمد شنر تحريض رفيق يدعى شيار (استشهد فيما بعد) ليخلق ردود الفعل لديه ضد الإدارة وبذلك يضعه في فوهة المدفع. قام الرفيق شيار بتوجيه بعض الانتقادات في الحقيقة لم يكن الرفيق شيار تحت تأثير محمد شنر ولكن الأعمال التي كان يقوم بها كانت وبدون ادراك منه تخدم محمد شنر بطريقة غير مباشرة. عندما رأيت هذا الوضع ولأني كنتُ عضواً في الديوان، قمت بالمداخلة وانتقدته حينها أدرك الرفيق شيار الموضوع وتراجع. بعدها أظهر محمد شنر نفسه بالطبع كان يتبع تكتيكات دقيقة حتى أن الكثير من الرفاق لم يكونوا يدركون ذلك، فلم تكن لهم تجربة في هكذا مواضيع.
بعد الانتهاء من هذا الموضوع انتقلنا إلى موضوع آخر ألا وهو كيفية تطوير الكريلا، وكيف يمكن تنظيف المفاهيم الضارة أو الفاسدة والخاطئة ضمن الكريلا، بهذا الشأن أيضاً قام ممد شنر مرة أخرى بخطو خطوة أخرى وبطريقة دقيقة جداً، وذلك من خلال حديثه الذي كان يركز على عدم الحاجة إلى الكريلا نستطيع عوضاً عن الكريلا أن نقوم بتقوية الميليشيات فالدور الذي لعبته الكريلا حتى الآن كان جيداً ولكن من الآن وصاعداً الشيء المهم هو الميليشيات وأن كنا نريد تطوير السرهلدانات فلتتكفل الميليشيات بهذه المهمة. فمن خلال هذا التقرب يتم تقليص دور الكريلا وأن أمكن تصفية الكريلا، بالطبع كشفنا عن هذه النوايا أيضاً. فجميع الحاضرين في المؤتمر طلبوا أن يقدم محمد شنر تقرير نقد ذاتي في هذا الموضوع أيضاً وإلا لا يمكن قبوله ضمن المؤتمر. أدرك محمد شنر أنه لا يستطيع فعل شيء من الذي فعله. فقد قام بكافة الخطوات في الأمور التي كان يخطط لها إلا أنها انقلبت عليه. وبهذا الشكل تم إنهاء المؤتمر أي أن المشكلة الأساسية التي واجهها المؤتمر الرابع كانت تلك القضايا التي سعى محمد شنر إلى خلقها. بعد الإنتهاء من المؤتمر تم فتح تحقيق بحق محمد شنر أيضاً. كما تم التوصل إلى قرار بفتح تحقيق بحق شمدين صاكك أيضاً. واقترح القائد أن يتوقف هو شخصياً على التحقيق المفتوح بحق شمدين صاكك، وترك لنا مهمة القيام بالأعمال الأخرى. بالطبع فيما بعد تم اعتقال صاري باران وتم فتح تحقيق بحقه أيضاً. ففي الفترة التي فتح التحقيق معهم كنا نسعى لتطبيق القرارات التي تم اتخاذها في المؤتمر ضمن الممارسة العملية. قمنا بإرسال قوتنا الأساسية إلى الشمال، كانت هناك بعض الايالات لم يدخلها رفاقنا كايالة كرزان غوني بات كاب، التي كانت خالية من الرفاق تمركز الرفاق في هذه المناطق وفقاً للقرار المتخذ بأن يقوم الرفاق بالتمركز في كل المناطق والايالات. تم ارسال قوات ذات خبرة ونوعية إلى المناطق التي سندخلها لأول مرة كي لا نتلقى الضربات. أي تم اختيار الرفاق النوعيين من ضمن قواتنا وإرسالهم إلى تلك المناطق. تحقق هذه الخطوة بنجاح ووصلت جميع مجموعاتنا إلى مناطق تمركزها بسلامة ودخلت الكريلا في كل المناطق وكل الايالات في بداية عام 1991. كانت حساباتنا وتقربنا على أن نقوم بإرسال كل القوة الموجودة هنا إلى الشمال ومن أجل الجنوب طلب قوات مساعدة من القائد، لأن القوات التي كانت بحوزتنا آنذاك بالكاد كانت تكفي لتغطية مناطق الشمال، ففي تلك الفترة لو تركنا قوة كافية من أجل الجنوب ما كان باستطاعتنا أن ننجز الهدف الذي تم اتخاذه من أجل الشمال أي أنها كانت ستساهم في اضعاف الشمال أيضاً. لقد سعينا إلى تقوية قوات الشمال ومن أجل الجنوب قلنا بأننا نستطيع طلب قوات اضافية من ساحة الاكاديمية أي ساحة القيادة. كانت لنا قوات في ساحة الاكاديمية وفي الجنوب أيضاً لأن نضالنا في الجنوب كان قد تطور بشكل ملحوظ بالإضافة إلى أنه كانت هناك عمليات انضمام كبيرة في الجنوب وبإمكاننا تقوية جبهة الجنوب بهذا الشكل. عقدنا حساباتنا على هذا الاساس. وقام القائد بدوره بارسال قوات من أجل التقوية فالقوة التي ارسلها في البداية لم تكن القوة التي كانت متواجدة في الاكاديمية بل كانت يضم الرفاق الذين كانوا يمارسون الفعاليات بين الشعب والمنضمين الجدد. في تلك الفترة قمنا بطلب صادق عمر وتحدثنا معه وقلنا له إن قامت الولايات المتحدة الامريكية بالمداخلة سوف تتاح فرصة كبيرة وجيدة حينها يمكننا التحرك وفقها أي بشكل يتم الاستفادة منها. لهذا السبب سوف نقوم نحن ايضا بإرسال بعض الرفاق من اجل مساعدتكم في هذا العمل، حينها اكتفى صادق عمر بأن نعطيه رفيقاً ذو خبرة من الناحية السياسية وتحليل الأوضاع والمستجدات، وأشار بأنهم يستطيعون القيام بتحضيراتهم في حال قيام الولايات المتحدة الامريكية بالمداخلة حينها يمكنكم ارسال الرفاق من أجل المساعدة. عندما قام صدام بمهاجمة الكويت وبعد مضي عدة أيام بدأ صادق عمر بالتحرك في المنطقة ونحن أيضاً قمنا بإرسال المجموعات إليهم، وخلال فترة قصيرة جداً أي خلال بضعة أيام سيطروا على كل تلك المناطق وحتى سيطروا على منطقة زاخو، عند دخولنا منطقة زاخو لم يكن هناك وجود لأي بيشمركة للحزب الديمقراطي الكردستاني ولا للإتحاد الوطني الكردستاني، لأنهم كانوا خارج المنطقة، بعد مضي عدة أيام أخرى أتى خمسة جنود للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى منطقة زاخو. بدأت السرهلدانات من رانيا هذه المنطقة التي كانت تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني والذين بدأوا المظاهرات والسرهلدانات كانوا من مرتزقة الجنوب حيث أنضم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لهم. فهم بدأوا هناك وبعدها بضعة أيام نحن أيضا بدأنا بالسرهلدانات في منطقة زاخو، أي أن تلك المناطق بالكامل وقعت تحت سيطرة صادق عمر خلال ثلاثة أيام تقريباً. حينها سحب صدام كل قواته المتواجدة هناك. حيث كان قد ترك بعض من قواته ولكنه قام بسحبها هي الأخرى من منطقة زاخو بعد أن تعرضت منطقة دركان وباتوفا للضرب. أبلغنا القائد أن يرسل لنا بعض القوات، وعند وصولها قمنا بتوزيعهم وصولاً إلى دولكان، أي في كل النواحي والقرى والاحياء والمدن وكما قمنا بفتح مقرات خاصة وبهذا الشكل تم البدء ببعض الأعمال، كان كل من الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني هم الاخران بدأوا بالوصول إلى هذه المناطق، وكذلك أرسلت الولايات المتحدة الامريكية هي الأخرى قواتها إلى تلك المناطق، عندما لاحظوا ازدياد حاكميتنا على المنطقة قاموا بالتصدي لنا، حيث لم يمض وقت طويل حتى قامت الولايات المتحدة الامريكية بإعطاء الضوء الأخضر لصدام، وعند قيام صدام باستهداف تلك المناطق قام كل من الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بالهروب من تلك المناطق وانسحبوا منها، بالطبع الرفاق كانوا هم آخر من قام بترك تلك المناطق، فالقوة التي قاومت في منطقة زاخو ضد قوات صدام ودخلت الحرب ضده كانت القوة التابعة للرفاق أي مجموعة من الرفاق. كان قد هرب جلال طلباني من منقطة دهوك حينها كان بوطان في تلك المنطقة هو الآخر انسحب واتوا الى منطقة حفتانين بعد ان هرب جلال الطلباني من المنطقة. أي أن الرفاق كانوا آخر من قام بترك تلك المناطق، استعاد صدام سيطرته على تلك المناطق (زاخو باطوفا)، كمان أتوا إلى منطقة دركان دركاري بالدبابات والمدرعات وسعوا إلى إقامة معسكر أو مخفر لهم هناك. ففي تلك الفترة كان قد اجتمع الشعب كله في كل من مركا شيشى وحفتانين وسناحت. قمنا في تلك المناطق بالتصدي لصدام ومنعناه من التقدم أكثر حيث كان ينوي الوصول إلى الحدود التركية، كان يريد أن يفرض سيطرته على تلك المنطقة أيضاً، حيث أن كل البيشمركا الذين كانوا متواجدون هناك هربوا، صدام كان قد وصل إلى مرتفع دركارى فهم لم يخطوا أية خطوة من أجل حماية الشعب. وفي المساء قام الرفاق بالهجوم والسيطرة على تلك المخافر وأسر قرابة 20 شخص أيضاً وكما قمنا باعتقال ضابط صدام وبعض الجنود على طريق باطوفا أيضاً. وقمنا بتسليم كل الأسرى للشعب في سناحت، عندها التف الشعب حول الحركة حتى أن البيشمركة المتواجدين هناك آنذاك لم يستطيعوا بالتفوه بأي كلمة. فالشعب كان يقول وبشكل صريح أن حزب العمال الكردستاني هو الذي يقوم بالدفاع عنا ولولا وجود حزب العمال الكردستاني لكان صدام قد اعتقلنا جميعاً هنا. قمنا بتنظيف تلك المنقطة بالكامل من قوات صدام، واتجهنا نحو منطقة زاخو من جديد في تلك الفترة أتت قوات الولايات المتحدة الامريكية إلى تلك المنطقة، أي أنه بعد مجيء قوات الولايات المتحدة الامريكية لم نستطع الدخول. واتضح من كل ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإضعاف حاكميتنا وتقوية حاكمية كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. كنا قد أعلنا في تلك الفترة عن تشكيل حزب PAK حزب حرية كردستان، والذين شكلوا هذا الحزب كان من رفاق جنوب كردستان. ففي عام 1988 عندما أُبرم اتفاق ايران والعراق أي في الفترة التي هربت كل أحزاب الجنوب أتى هؤلاء الشباب والذين كانوا مؤيدين للحزب الديمقراطي الكردستاني وطلبوا الانضمام إلينا، ونحن بالطبع قبلنا طلبهم هذا، كانوا برفقتنا حتى عام 1991 عندما تطور هذا الوضع قلنا لهم بإمكانكم أن تشكلوا حزباً باسم الجنوب وتبدؤوا بالنضال. هكذا تشكل حزب حرية كردستان. لاحظت كل من الولايات المتحدة الامريكية والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ولادة حزب حرية كردستان وأنه يتطور بشكل ملحوظ ويفرض سيطرته وحاكميته على المنطقة بشكل ملحوظ، وللحد من هذا التطور قامت بإعطاء الضوء الاخضر لصدام ولما قمنا بالتصدي لصدام ومحاولتنا استعادة زاخو من جديد قامت الولايات المتحدة الامريكية بالتصدي لنا وبدأوا تدريجيا بالتصدي لحزب حرية كردستان وقاموا بتقوية الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني،هكذا سارت الأمور.
بالطبع ارتكبنا بعض الاخطاء والنواقص في تلك المرحلة، فكان بمقدورنا القيام بحملة أو مداخلة بشكل أكثر استعداداً وتحضيراً. فقد كانت تحضيراتنا ضعيفة، سعينا إلى إزالة هذا الضعف ضمن المرحلة ولكن بمداخلة الولايات المتحدة الامريكية لم نستطيع القيام بذلك. بالإضافة إلى ذلك لم نقم بتدريب الرفاق الذين انضموا إلى الفعاليات في الجنوب بالشكل الجيد، ولم نقم بتوعيتهم على الاسلوب الواجب عليهم اتباعه هناك، حيث سيطرت عليهم نشوة النصر لأننا كنا الوحيدين هناك والحاكمية والسيطرة كانت بيدنا، فكانوا يقولون ما يريدونه بحق كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا التقرب كان يشكل تهديداً بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، لهذا السبب جهدوا في البحث من أجل إفشال هذه الحركة. لم ندرك هذا في الوقت المناسب وعندما رأينا ذلك وبدأ استهدافهم لنا كنا قد تأخرنا كثيراً هذا كان خطأنا الأكبر على الإطلاق حينها.
في وسط كهذا كان هناك شخص يدعى فايق وكان قد خرج من السجن وقدم إلى ساحة الاكاديمية وتولى مهمة إدارة الاكاديمية، عندما أتت المجموعات قام القائد بإرساله أيضاً، لأن هذا الشخص كان يصر على المجيء وحتى أن القائد وكله ببعض المهمات. كان القائد قد طلب منه أن يراني واقترح له بالبقاء معي. فعلاً أتى وقال لي بعض الأشياء وأخبرته أن بإمكانه البقاء معي، حيث أن المكان الذي كنت أبقى فيه كان يتم التحقيق مع كل من صاري باران ومحمد شنر كنا قد أعتقلنا محمد شنر ولكن صاري باران لم يكن معتقل آنذاك ولكن تم فرض التجريد عليه. أشار فايق إلى أن القائد طلب منه أن يشارك في اللجنة التي تشرف على التحقيق مع صاري باران ومحمد شنر، لم أمنعه من ذلك وتركته على راحته لأنه كان في السجن وله علم بوضعهم أيضاً. إلا أن فايق كان قد أتى من أجل أن يساعدهم على الهرب كان يقوم بإخفاء حقيقته، كان يخدعنا فإصراره على المجيء كان لهذا الهدف. بالطبع لم يراودنا أي شك بخصوصه حتى قام بمساعدتهم على الهرب والهروب معهم. كانوا قد قامو بتحديد الوقت بشكل جيد جداً، كان هناك مقاتلين جدد في منطقة ميركا شيشى ذهبت إلى معسكرهم. وعند عودتي من المعسكر فوجئت بأنهم قد هربوا أي كل من فايق وصاري باران ومحمد شنر بالإضافة إلى أخ محمد شنر وفتاة أخرى، كانوا قد ذهبوا إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني حيث أدعى محمد شنر وهو في حضرت الحزب الديمقراطي الكردستاني أنه سوف يطور تنظيماً جديداً باسم ولادة حزب العمال الكردستاني من جديد فقد كان يدعي أن حزب العمال الكردستاني انحرف عن نهجه وأنه سوف يقوم بإحلال النهج الصحيح له. مع العلم أنه لم يكن له أي علاقة بحزب المعمال الكردستاني ليوكل نفسه بمهمة كهذه. بهذا الشكل سعوا إلى تطوير تنظيم ضد حزب العمال الكردستاني ومن ثم توجه محمد شنر إلى سوريا وكان يسعى إلى القيام ببعض الأمور. تم تطبيق قرارات المؤتمر الرابع ضمن الممارسة العملية في الجنوب والشمال، كنا قد اتخذنا قرارات أخرى في المؤتمر الرابع ألا وهي تحضير بيان اعتذار وتوزيعه على الشعب بصدد التخريبات التي أحدثتها التصفوية وهكذا تقدمنا باعتذارنا من الشعب. وكذلك من أجل مرتزقة «جتاكوب» تم توزيع منشور لهم أيضاً وقمنا بمخاطبتهم ومناداتهم وأخبرناهم أنه صحيح تلك العملية التي حصلت كانت باسم حزب العمال الكردستاني ولكنها لا تمثل نهج هذه الحركة والحزب وأن الحركة لم تتبنى هذه الحادثة وهذا المفهوم على العكس تسعى للقضاء عليهما. هذا البلاغ كان له صدى واسع وتأثير كبير على الشعب وعلى المرتزقة أيضاً كما أنها ساهمت في فتح أبواب المناطق التي كانت مغلقة أمامنا، لأننا قمنا بالتوقف على نهج التصوفوية بشكل جدي وقمنا بالحد من تطوره أكثر لهذا السبب قمنا بإلقاء بعض الخطوات من ناحية تطوير الكريلا وكذلك الشعب والسرهلدانات.[1]