كوردستان .. وغزوات العرب والمسلمين.
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 5154 – 2016-05-06
المحور: القضية الكردية
إننا سنذكر أولئك العنصريين الذين يقولون بأن ((لا أراضي كوردية في سوريا والعراق، بل وحتى تركيا وإن كان لهم قضية فهي في إيران)) ويتهمون الكورد بأنهم “بدو الفرس” وهاجروا منها بإتجاه (الجغرافية العربية) وإن العرب وكرماً في الأخلاق (أستضافوهم في أراضيهم) وبالتالي وبحسب مقولاتهم السابقة، فإنه (لا يحق) لشعبنا أي مطالبة بأقاليم ودول في هذه الدول والجغرافية، بأن كل إدعاءاتهم هي زائفة وباطلة وإن الكورد كانوا وما زالوا من السكان الأصليين لهذه الجغرافية التي نعرفها اليوم بكوردستان وبان الآخرين _ومنهم العرب المسلمين_ هم من لجأوا وغزوا هذه الجغرافية والبلاد الكوردية.
حيث وبالعودة إلى بطون التاريخ والكتب _الكتب الإسلامية نفسها_ فإننا سوف نجد العديد من الشواهد والحقائق التي تؤكد كوردية هذه الجغرافيات التي نتواجد عليها، بل سنتعرف أيضاً على تلك الغزوات والحروب التي شنتها تلك المجاميع الإسلامية العربية البدوية على المنطقة حيث يذكر لنا المؤرخ المعروف أبو حسن علي بن محمد بن عبد الكريم الشهير ب(ابن الأثير) والذي عاش بين أعوام (1160- 1233م) في مسألة ما يعرف ب(فتح) الموصل، حيث يقول: “إن عمر بن الخطاب استعمل عتبة بن فرقد على قصد الموصل، وفتحها سنة عشرين، فأتاها فقاتله أهل نينوى، فأخذ حصنها، وهو الشرقي، عنوة، وعبر دجلة، فصالحه أهل الحصن الغربي، وهو الموصل، على الجزية، ثم فتح المرج وبانهذرا، وباعذرا وداسن وجميع معاقل الأكراد وقردى وبازبدى وجميع أعمال الموصل فصارت للمسلمين”.
ويضيف كذلك “وقيل: إن عياض بن غنم لما فتح بلدا، على ما نذكره، أتى الموصل ففتح أحد الحصنين وبعث عتبة بن فرقد إلى الحصن الآخر ففتحه على الجزية والخراج”. وكذلك فإن (أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري) الذي ولد في بداية القرن الثالث الهجري وتوفى عام (297) للهجرة، وهو مؤرخ كبير وأيضاً راوية وشاعر له العديد من الكتب وأكثرها شهرةً هو كتابه المعروف ب(فتوح البلدان) حيث يقول فيه؛ “حدثني إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الشهرزوري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عن مُحَمَّد بْن مروان عَنِ الكلبي عن بعض آل عزرة البجلي أن عزرة بْن قيس حاول فتح شهرزور وهو وال عَلَى حلوان في خلافة عمر فلم يقدر عليها فغزاها عتبة بْن فرقد ففتحها بعد قتال عَلَى مثل صلح حلوان، وكانت العقارب تصيب الرجل منَ المسلمين فيموت”.
ويقول أيضاً “وحدثني إِسْحَاق عن أبيه عن مشايخهم، قَالَ: صالح أهل الصامغان ودراباذ عتبة عَلَى الجزية والخراج عَلَى أن لا يقتلوا ولا يسبوا ولا يمنعوا طريقا يسلكونه”. ويضيف أيضاً؛ “حدثني أبو رجاء الحلواني عن أبيه عن مشايخ شهرزور، قَالُوا: شهرزور والصامغان ودراباذ من فتوح عتبة بْن فرقد السلمي فتحها وقاتل الأكراد فقتل منهم خلقا، وكتب إِلَى عُمَر: أني قَدْ بلغت بفتوحي أذربيجان فولاه إياه وولى هرثمة بْن عرفجة الموصل”. كما يضيف “قَالُوا: ولم تزل شهرزور. وأعمالها مضمومة إِلَى الموصل حَتَّى فرقت في آخر خلافة الرشيد فولى شهرزور والصامغان ودراباذ رجل مفرد وكان رزق عامل كل كورة من كور الموصل مائتي درهم فخط لهذه الكور ستمائة درهم”.
ويقول الكاتب الكوردي محمد مندلاوي في رده على أحد أولئك الذين ينكرون على الكورد حقهم في أراضيهم الوطنية ما يلي: وهناك “من المدن الكوردستانية الأخرى التي غزتها جحافل العرب المسلمون مدينة (خانقين) التي ذكرها (البلاذري) في كتابه (فتوح البلدان) صفحة (109) حيث يقول: إن جرير بن عبد الله أتى إلى (خانقين)، و بها بقية من الأعاجم فقتلهم”. وكذلك تقول ويكيبيديا بخصوص الكورد وتاريخهم التالي: “لأكراد شعب قديم و عريق استقر فى كردستان من الاف السنين و لعب ادوار تاريخيه مهمه. فى سنة 1514 استولى الاتراك على كردستان بقيادة سليم الاول”.
أما المؤرخ الكوردي المعروف محمد أمين زكي (1880 – 1948) فإنه يقول في كتابه “خلاصة تاريخ الكرد وكردستان” بأن ((هناك طبقتان من الكرد، الطبقة الأولى، ويرى انها كانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ ويسميها “شعوب جبال زاكروس”، ويقول بأن شعوب لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري (أو حوري)، نايري، هي الأصل القديم جداً للشعب الكردي. والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو-أوروبية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، وهم الميديون والكاردوخيون، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معاً الأمة الكردية)).
وكذلك فقد ذكر المؤرخ اليوناني زينفون (427 – 355) قبل الميلاد في كتاباته شعبنا الكوردي حيث وصفهم “بالمحاربين الأشداء ساكني المناطق الجبلية”، وقد أطلق عليهم تسمية كاردوخ التي تتكون من كارد مع لاحقة الجمع اليونانية القديمة “وخ”، وهم الذين هاجموا الجيش اليوناني أثناء عبوره للمنطقة عام 400 قبل الميلاد، وكانت تلك المنطقة استناداً لزينفون جنوب شرق بحيرة وان الواقعة في شرق تركيا. ولكن بعض المؤرخين (مثل محمد أمين زكي) يعتبرون الكوردوخيين شعوباً هندو-أوروبية انضمت لاحقاً إلى الشعب الكردي الذي يرجع جذوره إلى شعوب جبال زاكروس التي هي ليست هندو-أوروبية. كما أن في كتاب قصص الأنبياء أن الأكراد هم من أصول (آرية) أي أبناء آري ابن نوح. أما من ناحية علم الأنثروبولوجيا التقليدية يرى العلماء أن الأكراد بغالبيتهم العظمى ينتمون إلى عنصر الأرمنويد. (وذلك بحسب الموسوعة الحرة).
وأخيراً وبعد هذه القراءة العاجلة لكتابات عدد من المؤرخين القدماء كورداً وغير كورد، بل وقسم منهم ينتمون للعرب المسلمين أنفسهم، فإننا نتساءل من هم الذين جاؤوا إلى أراضي الآخرين كضيوف مرحبين _أو غير مرحبين بهم_ بل كمحتلين لها بقوة السيف والقتل والسلب والنهب، كما نراها اليوم من الجماعات التكفيرية السلفية وعلى رأسها “داعش” وهي تحاول أن تعيد (أمجاد السلف) في غزو كوردستان ونهب وسلب المنطقة وقتل وسحل أبنائها وجعل نسائها سبايا للعرب والمسلمين، كما رأينا في كارثة شنكال مع الإخوة الآيزيديين عام 2014 ..وأخيراً نقول لكل هؤلاء الزائفون الذين ينكرون على الكورد حقوقهم؛ بأن مقولاتكم الزائفة لن تنفي وتحجب كوردستانية مناطقنا، حيث لا يمكنكم حجب الشمس بغربال أكاذيبكم الخادعة.[1]