قانون الإعلام و حرية الإعلام
نورالدين عمر
اقر المجلس التشريعي لمقاطعة الجزيرة قانون الإعلام الذي يؤكد في مبادئه الاساسية على حرية الإعلام و استقلاله و على حرية التعبير و الرأي و يطالب من الإعلام اخلمصداقية و الدقة و الموضوعية و الحيادية ، كما يؤكد على أن القانون هي لوضع الضوابط القانونية للعمل الإعلامي بغية حمايته و ليس تقيدا لحريته و استقلاله بل تأكيدا على حرية الإعلام واستقلاله في المقاطعة .
كما يتضمن القانون مواد تصون حرية الإعلامي و حقه في البحث عن معلومات و الحصول عليها أيا كان نوعها و نشرها بعد التحقق من دقتها ،و يحظر على أية جهة فرض قيود تعوق حرية تدفق المعلومات .
لكن القانون يحظر على الإعلامي نشر الدعوات العنصرية و كل ما يدعو الى الكراهية و التحريض على العنف و كذلك التعرض للمسلك الشخصي لشخصيات العامة ،و هذه المحظورات رغم أهميتها و ضروريتها إلا إنها قد تفتح المجال لتفسيرات و التأويلات التي تؤدي إلى الحد من حرية الإعلام ،فقد يتم اتهام إعلامي لأنه دعى إلى التظاهر بحجة إنها تحريض على العنف .او ربما يتم تفسير نقد أحد الإعلاميين لشخصية سياسية على إنها تعرض للمسلك الشخصي لتلك الشخصية .او ربما نقد شخصية من قومية أخرى يفهم على إنها دعوة إلى العنصرية و هذا ليس اتهاما للادارة الذاتية و لكن العامليين و القائميين في المؤسسات أحيانا قد يفسرون القوانيين حسب الأهواء بما انها تتضمن جملة من التفسيرات و التأويلات . و الأهم ما هي الإجراءات التي ستتخذ في حال مخالفة قانون الإعلام من قبل الاعلام المؤيد للادارة الذاتية نفسها ؟ هل سيتم محاسبتهم كم يتم محاسبة الإعلام المعارض للادارة الذاتية؟ أم ان الإعلام المؤيد لا يخضع لأي ضوابط قانونية ؟.
و معروفة أنظمة الشرق الأوسط القومية و الدكتاتورية كانت دائما تفسر القوانيين حسب مزاجها و حسب أنظمتها الدكتاتورية ، و قيدت حرية الإعلام عبر ثغرات في قوانيين هي وضعتها على اساس إنها قوانيين ديمقراطية ، و نحن كمجتمع متأثرين بتربية و ثقافة تلك الانظمة و لم نستطع التحرر منها بعد .
و هكذا فإن قانون الاعلام الجديد إيجابي بمبادئه الاساسية و بمواده المختلفة ،و لكن تطبيقه عمليا فيها من الصعوبة قد يجعل القانون مجرد اداة تعيق العمل الاعلامي و خاصة مع وجود عقلية شرقية لا تقبل النقد و تفسره على الاغلب بالتهجم و احيانا بالخيانة و العمالة ،و لكي يتم فعلا حماية حرية الإعلام لا بدأ من عدم ترك اي ثغرات في القانون لكي لا يتم استغلالها فيما بعد من قبل العامليين في المؤسسات صاحبة القرارات ،فكل مصطلح يجب توضيحه بشكل حقيقي و توضيح معانيه و عدم تركه لتفسيرات و التأويلات .
على الإدارة الذاتية المحافظة على حرية الإعلام و تطويرها و وقف كافة الانتهاكات التي تطال الإعلاميين حتى و أن كانوا من أشد المعارضيين للإدارة الذاتية .
حرية الإعلام هو دليل ديمقراطية الإدارة الذاتية و إعاقة حرية الإعلام هو دليل ضعف الإدارة الذاتية. و السلطة التي تخاف من الكلمة هي سلطة ديكتاتورية مصيرها الفشل مهما ادعت الديمقراطية .
و لذلك فإن إحدى ركائز نجاح الادارة الذاتية سيكون في حماية حرية الإعلام و تطويرها و في المصداقية و كشف الحقائق دون خوف لرأي العام، حتى و ان لم تكن في صالح الإدارة الذاتية. فالحقيقة أهم من مصلحة السلطة الآنية .و الحقيقة دائما أفضل حتى و ان كانت صعبة و تؤثر سلبا احيانا على المعنويات و لكنها على المدى الطويل تخلق الثقة لدى الرأي العام بالاعلام و الادارة الذاتية.
و في بعض التقارير الإعلامية التي تحدثت عن حجم الانتهاكات في مناطق الإدارة الذاتية من ناحية الإعلام في عام 2015 ، رغم قلتها فإنها تضمنت حالة من الضرب لأحد الإعلاميين و اعتقال سبعة اعلاميين من قبل الاسايش و إغلاق قناتيين فضائيتين و حالات طرد عديدة للإعلاميين من مؤسسات إعلامية .
و مع التأكيد على أن مناطق الإدارة الذاتية هي أفضل مناطق أمنا للإعلاميين في سوريا و تشهد تطورا ملحوظا من ناحية الإعلام، و لكن مع ذلك من واجب الإدارة الذاتية اجراء تحقيقات جدية في كل الادعاءات التي تمس حرية الإعلام و حماية الإعلاميين .[1]