ثلاث أحزاب تجمد عضويتها في هيئة التنسيق
قصي شيخو
تواجه تركيا منذُ بدء الأحداث السورية، الاتهامات فيما يخص علاقاتها مع المجموعات المتطرفة، وتنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف محلياً باسم “داعش”. في البداية كانت الاتهامات والحديث عن العلاقات التركية مع تنظيم “داعش” على نطاق ضيق وغير رسمي، لكن مع تطور العلاقة وبعد أن بدأت تُهدد الأمن الإقليمي والدولي بدأت هذه الاتهامات توجه لها من قبل قوى عالمية وعلى نطاق واسع. حيثُ سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الضغط على تركيا عام 2014 بهدف اتخاذ إجراءات صارمة ضد التنظيم، أما بكين فقد اتهمت أنقرة عن طريق أحد المسؤولين الأمنيين قيامها بتجنيد أبناء الأقلية التركية في منطقة الأويغور الصينية وتسهيل دخولهم إلى سوريا. وبعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل القوات الجوية التركية، قامت موسكو بعرض أدلة وإثباتات حول العلاقة بين أنقرة و”داعش”، والتي لا تنحصر فقط في الأمور الاستخباراتية والعسكرية بل تتعداها إلى أمور التجارة وخاصة النفط. من جانبها ترفض أنقرة هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً، وتصنفها في خانة “حملات التشويه ضد تركيا”، ونفى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان هذه الاتهامات وقال بأن “تركيا أصبحت مادة لوسائل إعلام غير مهنية وظالمة”، ومن جانبه نفى رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً.
تركيا تجند مقاتلين ل “داعش” وتدعمهم لوجستياً وبالأسلحة
قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، في تصريح له خلال 10-2014، بأن تنظيم “داعش” يملك مكاتب خاصة بتجنيد المقاتلين في كلٍ من مدينتي إسطنبول وغازي عنتاب. وتحدث بحث أمريكي نُشر قبل عام، من إعداد، ديفيد ل فيليبس، مدير برنامج السلام في جامعة كولومبيا وكبير المستشارين السابقين لوزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارات الرؤساء (بيل كلينتون – جورج دبليو بوش – باراك أوباما)، عن تقارير تركية حول وجود مؤسسات ومواقع إعلامية تقوم بخدمة التجنيد لصالح تنظيم “داعش”، من خلال نشر البروباغاندا الخاصة بالتنظيم لجذب الشباب المتحدثين بالتركية في كل من تركيا وألمانيا، بالإضافة إلى إنشاء أعضاء من حزب العدالة والتنمية الحاكم AKP مؤسسات ومدارس دينية تعمل في هذا المجال أيضاً.
وتحدث ديفيد ل فيليبس في بحثه الخاص والذي ترجمه المركز الكردي للدراسات تحت اسم “العلاقات بين تركيا وتنظيم داعش”، حيثُ أشار إلى تقرير نُشِرَ في صحيفة “جمهورية” كتبهُ الصحفي “فؤاد أفني”، بتاريخ #17-01-2014# ، والذي يكشف عن تحقيق فساد مرفق معه أشرطة صوتية بتاريخ 12 تشرين الأول 2013، يؤكد بأن تركيا قدمت المساعدة المالية والعسكرية للمجموعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة. كما تحتوي التسجيلات على مقاطع يقوم فيها أردوغان بالضغط على الجيش التركي للمشاركة في الحرب داخل سورية، حيث طلب أردوغان من حقان فيدان، رئيس الاستخبارات التركية (MIT)، أن يُقَدِمَ تبريراً لمهاجمة سورية، حيثُ قال حقان فيدان، ل رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، وياسر جولر، أحد كبار مسؤولي الدفاع، وفريدون سينير أوغلو، أحد كبار مسؤولي الشؤون الخارجية، بأنه “إذا ما دعّت الحاجة سأقوم بإرسال أربعة رجال إلى سورية، وسأشكل تبريراً للدخول إليها عن طريق إطلاق ثمانية صواريخ إلى الداخل التركي، بعدها سأقوم بمهاجمة ضريح سليمان شاه”.
ووفقاً ل بولينت تيزجان، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP)، الذي قال بأن “ثلاث شاحنات تم توقيفها من قبل ضباط الشرطة في مدينة أضنه، في يوم ال #19-01-2014# . الشاحنات تم تحميلها بالأسلحة في مطار يقع بأنقرة. السائقين قادوا الشاحنات إلى الحدود السورية، حيث كان ينتظر عملاء الاستخبارات التركية (MIT)، الذين استلموا الشاحنات وأدخلوها إلى سورية، لإيصال المعدات الموجودة فيها إلى تنظيم داعش ومجموعات أخرى”. ويضيف تيزجان قائلاً “هذا الشيء حصل كثيراً، فكلما تم توقيف الشاحنات من قبل الشرطة، تدخلت المخابرات التركية (MIT)، ومنعت المفتشين من النظر داخل الصناديق، والتي وجد المفتشون في إحداها صواريخ وأسلحة ومعدات حربية”.
وظهرت وثائق بتاريخ ال #19-09-2014# ، تفيد بقيام الأمير السعودي بندر بن سلطان، بتمويل عملية نقل الأسلحة إلى تنظيم “داعش”، عبر تركيا. حيث غادرت شحنة الأسلحة من ألمانيا وأنُزلتْ في مطار ” Etimesgut” التركي، حيث تم تقسيم الشحنة إلى ثلاث حاويات، اثنتان منها أُرسلتا إلى تنظيم “داعش”، والثالثة إلى غزة. وظهرت مقاطع فيديو قيام عناصر من الجندرمة التركية بتوقيف شاحنات محملة بالصواريخ وأنواع أخرى من الأسلحة متجهة إلى الحدود السوري لإدخالها إلى الأراضي السورية، والتي كانت مرسلة من المخابرات التركية MIT، حيثُ تم فيما بعد إحالة بعض الضباط والجنود الذين أوقفوا الشاحنات إلى التحقيق. وأكدّ جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي خلال تعليقه على السياسة الخارجية الأمريكية في شهر 10، العلاقة التركية مع تنظيم “داعش”، ودعم أنقرة للتنظيم.
كما ونشر موقع سياسة الحزبين، خلال شهر نيسان\أبريل 2015 من إعداد مجموعة من الخبراء والباحثين بالإضافة إلى سفراء سابقين للولايات المتحدة في تركيا والذي ترجمه المركز الكردي للدراسات إلى اللغة العربية “تزايد حالة اللاثقة في الحليف التركي”، وتحدث البحث عن وجود طريقين أساسيين للعبور من تركيا إلى سوريا أولهما يمر من محافظتي غازي عنتاب وهاتاي التركيتين قبل الدخول إلى سوريا، عبر الجبال الواقعة بين حدود البلدين وصولاً إلى مناطق سيطرة “جبهة النصرة”، فرع تنظيم القاعدة في سوريا. أما الثاني يمر عبر محافظة شانلي أورفا، بالقرب من معبر تل أبيض قبل أن تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردية في شهر 06 عام 2015.
أما بكين فقد اتهمت أنقرة بأنها تقوم بتجنيد المقاتلين من منطقة الأويغور الصينية، حيثُ كشف مسؤول كبير في وزارة الأمن الصينية، عن حصول بعض أفراد أقلية الأويغور المسلمة من أهالي إقليم شينجيانغ في الصين، على وثائق هوية تركية من دبلوماسيين أتراك في جنوب شرق آسيا، والذين يتم نقلهم فيما بعد إلى تركيا حيث يتم تجنيدهم للقتال لصالح جماعات مثل تنظيم “داعش”، ولفت المسؤول إلى أن هؤلاء يتعرضون ل”غسيل دماغ” وينقلون إلى العراق وسوريا ليستخدموا كوقود في جبهات القتال.
العلاقات التجارية بين تركيا وتنظيم “داعش”
نُشِرَ تقرير في صحيفة نيويورك تايمز خلال شهر 09 عام 2014، يحوي على معلومات تفيد بأن إدارة الرئيس باراك أوباما سعت للضغط على تركيا، من أجل اتخاذ إجراءات صارمة ضد شبكة بيع النفط المنتشرة والمرتبطة بتنظيم “داعش”. كما ويذكر الباحث، ديفيد ل فيليبس في بحثه معلومات عن تصريح لمسؤول ملفات “تمويل المجموعات الإرهابية” ويدعى ديفيد كوهين، بأنه “هنالك أفراد أتراك، يلعبون دور الوسيط بين الحكومة وتنظيم “داعش”، للمساعدة في تصريف النفط عبر تركيا” وفقاً لما قالته وسائل إعلام تركية (Diken TV and Oda TV). وفي ال #14-10-2014# ، أتهم نائب برلماني ألماني عن حزب الخضر، الحكومة التركية بسماحها واشتراكها في نقل الأسلحة إلى تنظيم “داعش” عبر أرضيها بالإضافة إلى تقديم المساعدة في بيع النفط.
وبعد حادثة إسقاط القوات الجوية التركية للطائرة الروسية سوخوي – 24، في الرابع والعشرين من 11 عام 2015، قامت وزارة الدفاع الروسية بنشر أشرطة فيديو وصور للأقمار الصناعية، في بداية 10- 2015، وذلك خلال مؤتمر صحفي، شرحت فيه بالتفاصيل حجم العلاقة المالية في مجال بيع النفط من الآبار الواقعة تحت سيطرة “داعش” إلى أنقرة، ووصلت قيمة عائدات النفط التي تعتبر من أهم مصادر تمويل أنشطة “داعش” الإرهابية إلى 3 ملايين دولار أمريكي يومياً قبل التدخل الروسي في سوريا، إلا أنها تراجعت إلى النصف تقريبا في الآونة الأخيرة.
تورط عائلة أردوغان في العلاقة مع تنظيم “داعش”
يتزايد الحديث عن علاقة عائلة أردوغان وتورطهم في صفقات شرا النفط من تنظيم “داعش” وتصديره عبر شركات مملوكة، بالإضافة إلى إدارة عائلته لمستشفيات متخصصة بمعالجة جرحى تنظيم “داعش”. حيث تفيد تقارير أن بلال أردوغان، يملك عدة شركات شحن بحرية وتضيف بأنه هنالك إدعاءات بتوقيعه عقود مع شركات أوربية لتصدير النفط الذي اشتراه من “داعش”. وتصف العديد من التقارير، بلال أردوغان بأنه الوزير الحقيقي للنفط في تنظيم “داعش”.
وتفيد تقارير وشهادات من ممرضة تركية تعمل في مستشفى عسكري بمدينة غازي عنتاب، قرب الحدود السورية، بأن ابنة الرئيس التركي، سمية رجب طيب أردوغان، 34 عاماً، تدير مستشفى طبي لمعالجة جرحى عناصر تنظيم “داعش”، القادمين من سوريا للعلاج على الأراضي التركية.
تركيا تدعم “داعش” ضد الكرد
بات من الأمور المسلّم بها أن أحد أهداف تركيا الأساسية من دعم تنظيم “داعش” وتدريب مقاتليه وإمدادهم بالسلاح هو ضرب مطامح الكرد السوريين في سوريا، وبرز ذلك جلياً من خلال الدعم التركي الواضح في معركة كوباني، أواخر عام 2014. فحين دخلت قوات تنظيم “داعش” إلى المدينة واشتدت المعارك فيها، وخسر الكرد حوالي نصف مساحة المدينة، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلاً “#كوباني# على وشك السقوط”. وتحدث تقرير الباحث الأمريكي ديفيد ل فيليبس عن مقطع مصور تَظْهرُ فيه قوافل عسكرية تركية تحمل أسلحة ثقيلة كالدبابات وذخيرة متنوعة تتحرك بحرية رافعة علم تنظيم “داعش” في منطقتي جرابلس وقرقميش خلال عبورهم الحدود في ال #25-09-2014# ، وكانت الدبابات تحمل كتابات باللغة التركية، بالإضافة إلى صور عديدة لمقاتلين من الجيش التركي وبجانبهم عناصر من تنظيم “داعش” قرب الحدود السورية القريبة من مدينة كوباني.
كما وظهر دعم تركيا الواضح لتنظيم “داعش”، بعد سيطرة القوات الكردية على معبر تل أبيض الحدودي مع تركيا وتوجههم للسيطرة على مدينتي جرابلس ومنبح الواقعتين غرب نهر الفرات، حيثُ صرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو بأن عبور الكرد إلى غرب الفرات هو خطر على الأمن القومي التركي ويعتبر خطاً أحمراً لدى تركيا ولن تسمح بذلك، والمناطق الواقعة غرب الفرات تقع تحت سيطرة تنظيم “داعش”.[1]