كوباني ..انهارت الدولة .. ولم تنهار الذهنية
أبناء خربكوس (خربو) ووليمة الاسيتانا؟
إنَّ المتابع لحيثيات الوقائع التي جرت على أرض #كوباني# ، نتيجة الهجوم القذر الذي شنه همج العصر على مقاطعة كوباني، وما تمخض عنه من هجرة السكان عن بكرة أبيهم، إلا المناضلون والأبطال والنذير اليسير من المدنيين، وما نتج عنه من الانتصار التاريخي الذي دخلت نتيجته الكرد عموماً وكوباني خصوصاً إلى دفة التاريخ من أوسع أبوابه، ونضال الكرد على مدى أربعون عاماً للتعريف بهويتهم التاريخية والجغرافية والثقافية والإنسانية والإيديولوجية، توجهُ انتصار كوباني في إيصال اسم الكرد و#القضية الكردية# إلى أصقاع المعمورة، ولا أدل على ذلك من تخصيص الأول من نوفمبر اليوم العالمي للتضامن مع كوباني، إنه ليس بالأمر اليسير أن تتضامن الشعوب القاطنة على الكرة الأرضية برمتها مع قضية شعب ذو تاريخ عميق في جذوره لكنه تاه بين حيلة الماضي ومكر الحاضر .
ومن جملة النتائج التي تمخضت عن انتصار كوباني، أن انهارت كافة المؤسسات والدوائر التي كانت تمثل البقية الباقية من أُطر النظام الدولتي المعروف باللون والثقافة والوجود والتاريخ والجغرافية الواحدة والتي كانت هي النظام البعثي، وكان المفهوم هو العربي الشوفيني العنصري المحض، بانهيار البيوت والمنازل والشوارع والمدارس وساحات اللعب واللهو والطفولة والذكريات انهارت الدولة أيضاً، ولكن التساؤل يكمن هل بعودة الأهالي والشعب والكبار والصغار إلى المدينة المنتصرة الكئيبة التي قدمت النفيس الغالي من بناتها وأبنائها، وتوسعت مقبرة الشهيدة دجلة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، الانتصار المدمى والقلوب الثكلى والعيون الظمآنة والنشوة الممزوجة بالغصة، هل انهارت معها الذهنية المتراكمة والمتجذرة على امتداد أربعون عاماً في كنف نظام الدولة؟؟؟ هل بعد ما شهده الناس بين ليلة وضحاها من الحياة الساكنة في بيوتهم والتمتع بقدر من الحرية والاستقلالية إلى لاجئين في جوار أردوغان بلا مأوى أو مسكّن بلا حرية ولا روح التي تناغموها لسويعات ولكنها سلبت في لمح النظر، هل لهذه العودة الكريمة المطعونة بالألام والآمال استطاعت قتل ما ينبض في أعماقنا من تربية البعث الغاشمة، هل إعادة إعمار كوباني وإحيائها ستكون قادرة على إعادة إحياء ذهنية ثورية أصيلة مجتمعية تسعى للنهوض بالمجتمع على قيم وأفكار الحرية والديمقراطية والإنسانية التي ينادي بها المفكر عبدالله أوجلان في أغوار ايمراليته، أرى أن الدولة بمؤسساتها وأشخاصها ووجودها انتهت في كوباني مع بدء تاريخها الأسطوري، لكن الذي لم ينهار ولم ينته هي هذه الذهنية التي هي لها نصيب وافر من الأرث الماضي ولم تستوعب بما فيه الكفاية الحاضر القائم وبزوغ انتشار الفكر الحر والديمقراطية، لذلك يكون من الأفضل لنا عندما ننظر إلى كوباني ونقيمها على أساس انهيار الدولة جذرياً فيها، يجب ألا نغفل أبداً عن تقيمها أيضاً أن ذهنية الدولة لم تندثر كفاية، عندها سيكون تحليلنا للوقائع وتطلعنا للنتائج أكثر ديناميكية واحترافية.[1]