الشباب بين الامس القريب و اليوم
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4628 - #09-11-2014# - 16:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الشباب بين الامس القريب و اليوم
عماد علي
المعروف عن الشباب، انهم المحرك الرئيسي لمسيرة حياة اي شعب، بما يمتلكون من الطاقة الضرورية للتجدد الذاتي واستمرارية مقومات حياة الناس و امكانية التغيير و التقدم نحو الامام، قبل غيرهم .
لا يمكن ان نقف عند مفهوم او مصطلح اجتماعي او سياسي او علمي الا يجب ان نلتفت اليهم و نتخيل بعلاقة الشباب به و ما يحملون منه، انهم حقا العامل الذاتي الرئيسي و داينموكسر العادات و التقاليد البالية و التغيير المتواصل و الانتقال الى واقع جديد متغير اجتماعيا . مدى الالتزام بثقافات و افكار و توجهات و عقائد مختلفة عن اسلافهم يتوقف على النقلة او التغيير الحاصل في حية الشباب على ارض الواقع . انهم كانوا دوما المحرك الاساسي في الحركة السياسية و الفكرية و كما قيل انهم كانوا وقود الثورات دائما و لهم القدرة في الانتقال الى مرحلة جديدة متغيرة من الناحية السياسية ايضا .
كلما تكلمنا عن ذخيرة البلد و رصيده و امكانياته البشرية ننبش عن نسبة الشباب و مستواهم فيها، و كلما اقتربنا من المفاهيم السيادة و القوة و الحق و الثورة و العنف و السلم و استخدام الوسائل و الغايات ننظر الى مستوى الشباب الثقافي العلمي و عقليتهم بما تتطلبه المرحلة و تغييرها او الانتقال الى الاخرى .
عندما نريد ان نقارن بين شباب الامس القريب بما اتسمت به المرحلة السابقة من مميزات لم نجدها الان، فكان للشباب دورهم الحاسم في نجاح اية عملية حدثت في اية منطقة و في الشرق الاوسط بالذات . ان المباديء التي التزم بها الشباب بالامس القريب كانت بشكل اكثر جدية من حيث الايمان بها او العمل وفقها او البناء عليها، فلم نجد من اليساريين الا قليلين من لم يتواصلوا مع افكارهم و ما تربوا عليها و ضحوا بحياتهم من اجلها، و في المقابل اننا نحس بان السطحية هي التي سيطرت اليوم و التطور العلمي اثر بشكل قوي و مباشر على عقلية الشباب من الناحية السياسية الاجتماعية . لو اعتمدنا على ان نفرض اننا امنٌا باننا على حق كجيل اقدم من الجيل الحالي، و لكن يجب ان نفكر بان يجب علينا ان نفتش على حق اخر موازي و مساوي لما نعتقد بانه حق لدى شباب اليوم . فربما حقهم احق من حقنا، اوقل ربما! فمن منا له الحق ان يقيم و يقارن و يفضل و يقيس .
كما اتذكر ان القيم كانت اكثر المفاهيم التي التصق و امن و التزم بها الشباب دون اي تراخي كما نرى اليوم، كانت الجدية في كل ما يمت بالحياة اكثر، و التضحية من اجل الافكار و العقائد و القيم المقدسة اختلفت و تختلف بين الامس و اليوم ايضا، نرى اليوم ان حب الحياة و التمتع بها و عدم الافراط بدقيقة من العمر و الترفيه اكثر و اقوى، رغم الويلات التي مرت بهذا الجيل و ذاقوا الامرين اكثر من الاجيال السابقة .
ان القيم لدى شباب الامس كانت محصورة بالسياسة اكثر من الاخرى، و على العكس من اليوم الذي تقدمت قيم اخرى و بالاخص الاقتصادية على القيم السياسية و هنا برزت الفروقات في سلوك و انتماءات شباب اليوم عند مقارنتها مع الجيل الامس. اما الفن و القيم الاجتماعية ربما نجد اختلاطا واسعا في التميز بينهما و قياسهما بين الامس و اليوم و يتحملان اراءا مختلفة بشانهما .
لابد ان نذكر هنا ان الشباب في كوردستان لم يكونوا يوما كما كانوا ابناء جيلهم من المناطق الاخرى من العراق، لكونهم احسوا بالاغتراب و احتسبوا على المواطن من الدرجة الثانية، و الاستعلاء من قبل الاخر في المعاملة التي واجهوها من القومية المتسلطة و المذاهب الاخرى . و عليه يمكن ان نقارن بين الاجيال الكوردستانية انفسهم افضل و اكثر علميا على انه لو تعاملنا معهم و كانهم احد افراد العراق، لانهم اعتنقوا مبادي و افكارا اخرى وامنوا بقيم مختلفة جذريا عما كان عليه شباب العراق الاخرين، و لا يمكن قياس الفروقات بمقياس واحد عراقي التركيب و البنية .
اليوم تعقدت الامور اكثر امام الشباب و لم يذقوا طعم البساطة و التسامح و التساهل و العلاقات الطبيعية بين ابناء الجيل الواحد كما كانت من قبل، فامتزجت عقلياتهم بالالة و التطور العلمي الذي وصلهم و هم في حال لا يحسدون عليه من الناحية المادية و النفسية الذاتية و الاجتماعية.[1]