للجميع ان يقيٌم ما يجري في الشرق الاوسط الا النظام الايراني
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3267 - #04-02-2011# - 16:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
مرة اخرى اريد ان ابعث عن قلقي من محاولات خطف ما تقوم به الشعوب و ما تضحي من اجل الحرية و الديموقراطية و الكرامة و العيش السليم، كما نرى مايحدث اليوم في المنطقة من قبل العديد من الجهات و في مقدمتها الايديولوجيات الدينية و المذاهب السياسية و المصالح الدولية و الافكار المثالية الماورائية و الخيالية. الصراعات الاقليمية تدع جميع القوى الى التخوف من سيطرة جهة مغرضة على اخرى و تذهب دماء الضحايا سدا و لم تجني اصحاب الحقوق و المنتفضون انفسهم ما اقاموا عليه من ضمان حياتهم الحرة الكريمة قبل اي شيء اخر.
من الامور البارزة في هذه المنطقة بالذات و منذ عقود طويلة هو الصراع المذهبي الديني و محاولة كل جهة كسب اكبر مساحة لنفسها من اجل السيطرة على واقع و ما يجري في المنطقة و بسط نفوذها على كافة الامور، و هذا ما توضحه تصريحات هؤلاء الذين يقمعون هم بافسهم شعوبهم و يضيقون عليهم الخناق و يضللون مجتمعاتهم و يستغلون الديموقراطية اسما و يزيفون الانتخابات و يقفزون على المباديء الاساسية العامة للديموقراطية الحقيقية التي لو طبقت ستكون بداية انهيار انظمتهم بذاتها، و هم من يقمعون شعوبهم و يكمون افواههم، و في المقابل ينعتون الاخرين المنافسين لهم بنفس الصفات و الاساليب التي يتمتعون بها و كل ذلك من اجل البقاء على السلطة على حساب الشعب وحده.
من لم يشاهد كيف قمعت الاحتجاجات التي حدثت في ايران ابان تزوير الانتخابات الرئاسية و كيف تعاملت معها السلطة، و اليوم تتشمت بمنافسها المذهبي و من اجل اهداف مذهبية و ليس من اجل سواد عيون الشعوب و ليس حبا بالحرية و الديموقراطية و حقوق الانسان التي لا يمكن للشعوب ان تصدقهم بها ، و الرياح العاتية التي تهب عليهم لا يمكنهم ان يبقوا على انعزال شعوبهم و ان يسيطر على زمام الامور حفنة من السلطة المتنفذة او حلقات سلطة مسيطرة على هذه البلدان باختلاف قومياتهم و مذاهبهم و اغلالهم بالحديد وكويهم النار. و الاهم ان يعلم المتصارعون ان المنتفضين قاموا من اجل حقوقهم و ليس حبا بمن لا يحب سلطاتهم او ينافسها في السر و العلن. لذا ان كان اي نظام يتكلم عما يجري في المنطقة المنتفضة و يقيٌمها و ياخذ موقفا منها فليس للنظام الايراني بالذات ان يرفع صوته ولو بانين في هذا الشان، لانه ليس بمكانة ان يكون محايدا و محبا لامال الشعوب و امنياتهم، وهو يفعل ذات الشيء بشعبه و لا يمكن ان يكون نظام جماهيري بل قاعدته الشعبية ليست بشكل تؤهله ان يتكلم على اوضاع الاخرين و يصف ما يشاء هذه الهبة و الانتفاضة و بيته من الزجاج و الموجة ليست مذهبية او دينية بل نابعة من الاحتقان و الاستياء اللامحدود من قبل جميع فئات الشعب و ليست بدافع سياسي او مصلحي ضيق او مذهبي بحت كي يتشدق البعض، و ليست خاص بقومية و فئة دون اخرى بل ناتج عن انعدام الحرية المنشودة و الفساد المستشري و التزييف و القمع الدائم و البون الشاسع بين الغنى و الفقر و ضد الدكتاتوريات الموجودة التي هي ليست بشكل و صورة واحدة ، فهناك دكتاتورية شخصية و مذهبية و دينية و عقيدية و لا يمكن ان تستمر هذه الانواع في هذا العصر الذي جلب معه من المقومات وما يفرض نفسه من اجل ضمان الحرية و الديموقراطية، و الجميع يتطلع الى الحرية و المساواة و العدالة الاجتماعية، بلا استثناء، و الواقع المزري لا يخص بلد دون اخر في هذه المنطقة بل العوامل المشتركة و الظروف المشابهة لجميعهم قد يطبق لعبة الدومينو و على الجميع ان يلحقوا بنفسهم و يعيدوا الحسابات و يبدئوا بالاصلاحات ، و الاسباب متشابهة اضافة الى الصراع الثقافي فان انعدام الخدمات الضرورية الانسانية قبل السياسية من اولى الاسباب التي تؤدي الى الانفجار .
من تابع قبل اشهر القمع و القتل الذي مورس بحق المحتجين من الشعب الايراني من قبل النظام الايراني، و ما يقدم عليه يوميا من الاعدامات للناشطين السياسيين و المعارضة، يجب عليه ان يستنكر ما يصدر من افواه رؤوس هذه السلطة من مواقف حول الانتفاضات الجارية و هي صادرة كرها بالسلطات هناك و ليس حبا بشعوبهم ، و الحري بهذا النظام القمعي ان يداوي جرحه العميق في هذا الشان و ان يبدا بالاصلاحات و التغيير المطلوب بدلا من يوجه انتقادات الى من يشابهه و يسبهم ، و ان كانوا دكتاتوريين فانهم متشابهون في التوجه و العمل و الفكر و ادارة البلاد و السلطة و ان اختلفت الوسائل و الاقوال و بعض الاعمال.
فان كان النظام المصري قابعا و جاثما على صدور شعبه منذ ثلاثين سنة فهو ليس اسوء من النظام اليراني الذي يقبع على السلطة منذ اثنان و ثلاثون سنة و يقمع و يقتل و ينكل بالشعب كيفما يشاء و هو اغنى من المصر و يعيش شعبه تحت خط الفقر، و لا يبرح من اتخاذ ما يلزم من وسائل القمع و الكبت من اجل بقاء نظامه ، لذا يجب ان تتعاون كافة الشعوب في هذه المنطقة بجميع مكوناتهم و تتخذ السبل ذاتها و الكفيلة باعادة هيبتهم و كرامتهم و حريتهم و من اجل نظام عصري حداثوي ملائم للتطورات و التغييرات التي تفرض الالتزام بالتقدم و اتباع ما يفيد الانسان بعيدا عن اذلاله.
و هناك من الروابط الانسانية الجميلة التي تربط شعوب المنطقة، و بها يمكن ان تتكاتف جميعها من اجل نظام اقليمي جديد و الانتقال الى مرحلة اخرى و حياة حرة لكافة الشعوب التي تنتظرها منذ امد بعيد. و به يمكن ازالة العوائق الكبيرة امام انفتاح العقول و الفكر و النظرة الى الحياة و الطبيعة و المعيشة بعيدا عن الخرافات و الاساطير و العقائد ماوراء الطبيعية التي مرت عليها الزمن ، و ينعم الجميع بفوائد التقدم العلمي من اجل السعادة و الرفاه للبشرية على هذه الارض.[1]