ماوراء موقف من يرفض اجراء الاحصاء العام للسكان في العراق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3136 - #26-09-2010# - 15:24
المحور: المجتمع المدني
لم نستغرب كثيرا عند سماعنا مواقف متباينة، و منها الرافضة لاجراء التعداد العام لسكان العراق من قبل جهات معينة دون غيرها، و التي من المؤمل ان تجري في الشهر القادم . و من الواضح ان هناك دوافع مختلفة وراء اعلانهم لتلك المواقف و التوجهات الانانية النابعة من ايمانهم بالمصلحة الذالتية دون اي اعتبار لمتطلبات العصر من توفير الوسائل العلمية لتطور البلاد، و هم يصرون على ارائهم و مواقفهم دون ان يسمعوا من الطرف الاخر ما-لديه من الاسباب الموجبة لما ينوي القيام به، و عليه يجاهرون بما يقدموا عليه بما لديهم من السلطات المحدودة لديهم لحد اليوم لو سنحت لهم الفرصة، و الجميع على الدراية الكافية بما يهدفون و ما تتضمن تصريحاتهم المتكررة و دلالات ما يفسروا على هواهم و يخلقوا من الحجج و يجيدوا التضليل دائما . و وحدة مواقف مجموعة او اطراف او جهات معينة دون غيرها في جميع القضايا المطروحة و كافة الاحداث دليل بيٌن على ما يعتنقونه من الافكار المسبقة و ما يكنونه من النواياو ما يعملون عليه من تحقيق للاهداف الخاصة، و ما يضمرون من الحقد و الكراهية التي مر عليها الزمن في العلاقات الاجتماعية و السياسية، و هذا ما يوضح لنا مدى و نسبة ايمانهم بالعملية السياسية الجارية في العراق اليوم و ما يحملون هؤلاء من المخططات المتعددة لو تمكنوا من تنفيذها باي شكل كان ، و مكشوف امرهم لدى الجميع بما يعملون عليه بشكل دؤوب من تركيزهم على كيفية تكثيف جهودهم الرامية لتسييس كافة المجالات و تعصبهم و الحاحهم على اعادة التاريخ القريب من جديد، لو قدروا على ذلك . و هذا دليل على عدم رضاهم طوعيا بما يعلنون من مسايرة العملية السياسية و ما فيه العراق الجديد و بالتغيرات الايجابية التي حدثت في كافة مجالات الحياة في العراق، و كلما وجدوا حجة و عذرا يحاولون ان يستغلوا و يستخدموا ما يمكن ان يختلقوا به امرا لوضع العصي في عجلة المسيرة الصحيحة لكافة مسارات السياسة و الاقتصاد و الوضع الاجتماع و الثقافي الحالي ، و لم يملٌوا من تعنتعهم و لم يياسوا من فشل محاولاتهم المتكررة خلال الفترة الماضية لمابعد سقوط الدكتاتورية لحد اليوم عبر الثغرات الموجودة في الوضع الراهن محاولين بشتى السبل عرقلة التطورات من كافة النواحي بدون استثناء.
لو تذكرنا مواقف هذه الجهات بنفسها من سائر العملية السياسية و تسلسل الاحداث و حللنا نظراتهم الى التغييرات و ما يرتبطون به من العلاقات الداخلية و الخارجية و كيف يبذلون الجهود الاستثنائية في تحقيق ما يصبوا اليه ، يصبح ما يعلنونه من قراءاتهم للحاضر و دورهم فيما يجري كما هو عليه الان مكشوفا و متوقعا لدى الجميع، و من منا لم يعلم منذ سقوط الدكتاتورية بتصميمهم و معاداتهم لكل جديد الذي لا يكون في مصلحتهم الخاصة و ان خُدم به كافة الفئات و المكونات في العراق.
لم يشاركوا في العملية السياسية برمتها في البداية ، على امل الفوضى و توقفها عن جريانها و قاطعوا الانتخابات و افتعلوا المشاكل في كل لحظة و اختلقوا الاعذار و وقفوا وراء العديد من الحوادث المؤسفة او استمالوا الي ما كان من الممكن ان ينحدر به العملية السياسية.
لم يؤمنوا بالدستور الجديد و حاولوا اعاقة امرارها بكل السبل و حثوا على عدم المشاركة في الاستفتاء عنه . المصيبة في امرهم انهم يعتبرون انفسهم هم اصحاب الامر و يجب ان يكونوا هم الآمر الناهي و الاخرين طارئين ، و هذا الموقف نابع من استعلائهم من كافة الجوانب على الاخرين ، و كانهم فقدوا ما كان حقهم من السلطة و التي استاثروا بها وتمتعوا بملذاتها طيل عقود مضت على حساب الاخرين ، و كيف كانوا يتعاملون مع الاخرين معلوم لدى الجميع ،و هم جاثمون على صدور الشعب و حكموا بالحديد و النارو اشعلوا الحروب، فلم ينظروا الى اي حدث او مفهوم جديد على العراق الا من زاوية سياسية بحتة منطلقين من المصالح الفئوية القحة فقط دون اي ايمان منهم بالحرية و الديموقراطية المنشودة و المنجزات القليلة الي حصلت عليها كافة الفئات و منهم هم بنفسهم مع غيرهم، و لكنهم يريدوا ان يغيروا الواقع حسب هواهم و ما يعيد لهم الامجاد و ما يحلمون به.
كما نعلم و وفق ما جرى و ما تغير في هذه المرحلة و ما شهدتها الساحة العراقية من الاحداث و المواقف العديدة التي صدرت من كافة الجهات ، لو قرانا ما صدر من هذه الفئات المتعصبة بذاتها اننا نتيقن بان البعض اجبر على تقبل الوضع الجديد لاسباب شتى و ليس اقتناعا او ايمانا بصحة ما حصل، و لذلك يهدفوا و بكل الوسائل المتاحة لديهم و باي شكل كان و مهما كانت افرازات ما يريدون حصوله تحقيق اهداف ليس لاهل العراق منها اية صلة تذكر ، و لم يتاكد هؤلاء البعض بعد من ان عجلة التاريخ لن تتوقف و لا يمكن تكرار ما ذقناه من الضيم و القهر ، لسنا وحدنا فقط بل العالم اجمعه معنا و التطورات طبيعية و سارية المفعول و العراق سائر مع القافلة الدولية و سننتعش و نتقدم مهما كلف الامر.
عملية الاحصاء العام للسكان في اية دولة كانت معلوم المضامين و الاهداف و الفوائد العلمية الاقتصادية الاجتماعية التي تُقطف منها، لا غبار عليها، و لا يمكن تاويلها و التحجج برفضها باي حجة كانت ، و هي العامل المساعد و الجوهري في نجاح الخطط و البرامج الكبيرة التي تخدم كافة مجالات الحياة و كل ما يعني الشعب ، و لا يمكن ان تكون نسبة نجاح اية خطة عالية الا بوجود معلومات دقيقة و بالاسناد على الحقائق بعيدا عن التضليل او المغالطات لاهداف سياسية كما حصل في عهد الدكتاتور. فكل ما في الامر انها تعيد الامور الى نصابها الصحيح و تفضح الغش و التزوير و الغدر و اية ممارسة هادفة لما تتطلبه السياسات الشوفينية، و التي مورست من قبل و فرضت التضليل على العالم اجمع و ليس الشعب العراقي فقط ، و اجبر الجميع على كم افواههم و غيروا من جواهر الامور لمصالح ضيقة. ستنكشف و ستظهر الحجوم و الاعداد الحقيقية لكل جهة دون ان تستغل لاغراض تعصبية بحتة كما دابت عليها الدكتاتورية المقيتة في كل عملياتها و منها الاحصاء العام للسكان، و المعلومات التي ادرجت فيها و اقدمت على التضليل و التزوير و التغيير الديموغرافي على اساسه و كنتيجة طبيعية لتك التشويهات .
لم نتعجب من ان الصياح تصدر من الاتجاهات المعلومة بذات الميول و متحفظة على التغييرات و متعاطفة مع عهود و اطراف خارجية و لم تهضم لحد اليوم ما لم تعتقده( من حاصل تفكيره الذاتي) ان التغيير قد حصل و لا عودة لما كان عليه النظام الدكتاتوري .و هذا ما يوضح لنا بان هذه التوجهات تريد تشويه الامور و تسعى لخلط الامور بحجج واهية كما يجهرون عليه اليوم و ما يدعون بوجود مشاكل المناطق المتنازعة عليها محاولين تغيير الواقع و بقاء الجرائم المشينة التي ارتكبت في الحقبات الماضية بحقها و فرض استمرار الخطا، متناسين ماهو تاريخها و ما كانت عليها طوال العهود المنصرمة و لا يمكن استمرار الاعتداءات المتكررة الى الابد ، و هم يتشاورون و يجتمعون و يفعلون ما بوسعهم جاهدين توحيد مواقفهم و صفوفهم للوقوف ضد عملية الاحصاء العام للسكان الحضارية المطلوبة كدافع و داعم هام للتطورات الحاصلة منذ سقوط النظام الدكتاتوري ، و ليس بغريب ان يكونوا متعاطفين و قريبين من البعض في هكذا امور و منسقين في طرح المواقف.
ما نشاهده من المواقف اليومية تدلنا على ان ما وراءها ليس ما يتحججون من المشاكل المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها كما يزعمون بقدر ما يدفعهم اعتبارت مذهبية و مصالح عرقية ضيقة و ما تمليه عليهم افكار و سياسات مفضوحة في الوقت الحاضر لدى العراقيين. و تكرار المواقف و التصريحات و النعيق المستمر يدل على انهم مصرون على ابقاء و من ثم ارجاع الوضع الى الحال التي شوهتها الدكتاتورية ، و هذا هو الهدف المخفي وراء كل الحجج و الاعذارالواهية و المبررات التي يعلنونها بشكل دائم، و الدليل صدور مواقف لجهات لا تمت لهم صلة بالمناطق المتنازعة عليها من بعيد او قريب ، بل يستعطفون على اخوانهم في العرق و الدين و المذهب و الفكر و العقيدة و التاريخ المعلوم.[1]