كيفية التعامل مع العادات و التقاليد و الاعراف المضيقة للحريات العامة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2766 - #11-09-2009# - 23:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما تبرز من متطلبات طقوس الدين و العادات والتقاليد و الاعراف المتوارثة المثبتة في مجتمعاتنا و على اختلاف ما موجود في الغرب و ما وصل اليه ، اصبحت من العوائق و الضغوطات الكبيرة على الحريات العامة، و تمنع ممارسة الحريات الشخصية ايضا في العديد من المجالات و محددة لمساحة العمل اليومي للانسان الشرقي و تؤطر تحركاته وتمنعه من الابداع و خلق الجديد، و به تمنع التطور و التقدم في مسيرة الحياة العامة في المنطقة قاطبة. و ما يتصف به مجتمعاتنا بانه يمزج او يخلط بين الدين و العادات و الطقوس المثبتة تاريخيا و يضفى على مضمونها و ما يتمسك بها صفات مقدسة يٌحرم الخروج عنها، و على عكس الغرب الذي فصل بمرور التاريخ الدين عن الدولة و العادات الاجتماعية عن الطقوس الدينية، و توارثت المجتمعات الشرقية ما التصقت بها من الصفات و الثقافات العامة، و هذه عملية تاريخية تحتاج للزمن و الجهد من الجهات المتعددة و بخطط و استراتيجيات واقعية غير مفرزة للسلبيات لتجاوزها و انقاذ المجتمع من اضرارها و ابعادها عن طريق التقدم و البناء و تحتاج الى اصلاحات مختلفة لتنتج التغيير المنشود .
اهم العوامل الاساسية المساعدة في احداث الاصلاح و التغيير التدريجي هي المؤسساتية في الحكم و الاهتمام بالثقافة العامة و تحسين المستوى المعيشي للمواطن لابعاده عن الخرافات و الغيبيات و اهتمامه بالعلمانية و ما موجود في الدنيا في ظل احترام القانون و سيادته و سيطرته على كافة الاعراف و العادات الاجتماعية و التقاليد من دون اي خلل، و في جو تسود فيه الحرية و مضمون سعة مساحتها و سيطرتها على العملية السياسية تحت خيمة فلسفة واقعية تقدمية دافعة لتقدم الانسان. و يجب ان تتوجه الدولة نحو عملية الاصلاح في كافة المجالات و منها تحسين الوضع الاجتماعي و التربية و التعليم و الصحة و الثقافة العامة و الوضع الاقتصادي العام منتجا للدولة الصحية .
حينئذ يمكن توعية المجتمع و تحذيره من الصفات المتوارثة الملتصقة به بطرق و وسائل علمية، و التخطيط الصحيح لاعادته الى السكة الطبيعية السليمة للمعيشة الانسانية التي من الواجب ان يتعلمها، و اتباع و تنفيذ مشاريع و تطبيق دراسات و بحوث و ازدياد الاهتمام بالثقافة و فروعها و القراءة و المطالعة بشكل عام التي هي من النقاط الضعف و السلبية في كيان المجتمعات الشرقية، و التي يصعب فيها تجاوز و تهميش العادات و الصفات الاجتماعية المضرة المتوارثة تاريخيا واكثرها مستوردة خلال الغزوات و الحروب المتعددة و موجات الهجرة المستمرة و الاحتلالات للمناطق المختلفة في العالم الشرق الاوسطي في مراحل التاريخ .
اما الاراء و المواقف العلمية الصحيحة و ثمار البحوث العلمية و ترويجها فانها تقع على عاتق الدولة و المثقفين و المؤسسات المدنية على حد سواء ، و لحد اليوم ضعيف جدا و لا يصل الى حد نقول بانه يؤثر على الاتجاه العام لمسيرة الحياة الاجتماعية العامة .
من اهم النقاط الضعف هذه المنطقة هو عدم الاهتمام بالمثقفين و الثقافة و اهمال نتاجاتهم و ثمرات فكرهم و تفاعل عقليتهم، بينما تهتم بالمؤسسات و المواقع التقليدية التي تنمو فيها و تتوارث العادات و التقاليد التي مرت عليها قرون دون ان يستفيد منها الانسان و الانسانية .
اذن بالاهتمام بالتربية في العائلة والمجتمع و المؤسسات التربوية و التعليمية وبدعم من الدولة و بوجود الامكانيات و الوسائل، يمكن تكثيف الجهود في اتجاه ازاحة العوائق الاجتماعية امام التطور، و ستمحو هذه العادات من جراء العملية المستمرة بمرور الزمن، و ستتفتح الابواب و تتوسع مساحة الحريات للمواطن و المجتمع بشكل عام.[1]