الاعتراف بتقرير المصير للشعوب كحق من حقوق الانسان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2353 - #25-07-2008# - 10:36
المحور: حقوق الانسان
كلنا على علم بان العلمانية و الديموقراطية الحقيقية في العراق على ما هو عليه الان في حال لا يحسد عليه، من كافة النواحي و جوانبها النظرية و العملية و خاصة القانونية و الثقافية العامة و مستوى تفهم المجتمع لها .
لو دققنا في مواد و بنود الدستور ، فيه من التشريعات العديدة التي تعتبر اكبر ثغرة و خطا جوهري في تاريخ العراق الحديث و في مرحلة ما بعد الدكتاتور ، و هي الاعتماد الكلي على الشريعة الدينية و المذهبية لتفسير ما صادق عليه الشعب العراقي من خلال دستور شبه ديني بكل ما فيه من المواد المتعلقة بالشرائع العامة او ما يخص الاحوال الشخصية، و يتجلى لنا و لمن يؤمن بالعلمانية و التقدمية و بالعقل و الواقع لضمان و احترام الحقوق السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية للانسان كانسان مهما كانت ديانته او قوميته او مذهبه و وفقا للمعايير العامة للحقوق و المساواة للانسان استنادا على الاعتمادات و المعطيات الانسانية البحتة فقط، فهناك نقاط ضعف فيه و في مدلولاته و تطبيقاته . فاولى ما تتطلبه الانسانية او الخطوة البدائية لتلك الاعتمادات هو ضمان الحريات العامة للمجتمع السياسية و الحقوق الفردية و المدنية و العمل على توفير نسبة كبيرة من العدالة الاجتماعية و تعاون الجميع لتكريسها في القوانين و بالاخص في الدستور و عليه ان يُعتمد على المؤسسات الدستورية الديموقراطية في الحياة العامة، و احترام مباديء حقوق الانسان و ضمان الخدمات العامة و اكبر قدر ممكن من المساواة .
ان كان هدف كل الخيرين من الديموقراطيين و العلمانيين بشكل عام و في مقدمتهم اليساريين هو الصالح العام في جميع الميادين بما فيها الاستفادة من الثروات و تنمية الاقتصاد و توفير فرص العمل و تحسين مستوى الحياة و المعيشة للجميع على قدم المساواة، فتوفير السيولة و الثروات الكبيرة في العراق يسهل المهمة لوضع الحلول العاجلة لما فيه سعادة الشعوب و هو مطموس في المشاكل الحياتية الانسانية و في مقدمة هذه المهمات محاربة البطالة و اقرار الضمان الاجتماعي و نشر العلم و الثقافة و الوعي العام و محاربة الجهل ، و هذا ما ياتي في الاستقرار السياسي و الامني و بعد ضمان الحقوق العامة بما فيه ضمان حقوق الانسان و حق تقرير المصير في مقدمة هذه الحقوق.
ان كان الهدف الاسمى للقوى اليسارية و الديموقراطية هو خدمة الانسان و محاربة الفساد و الظلم و الغدر و السير على الطريق المؤدي الى الرفاه و السعادة العامة لكافة الشعوب ، فيتحقق ذلك بضمان كافة الحريات السياسية الاجتماعية و ما يفيد المجتمع و الفرد على حد سواء، ومن ضمن الحريات العامة هو فسح المجال و ضمان الحرية الكاملةمن الجوانب الانسانية الاخلاقية و دعم الشعب او اية جهة او تكوين و اتاحة الفرصة امامه لتقرير مصيره بذاته و من اجل التقدم و العلمانية و الديموقراطية ، فان كانت الحرية في العمل و العقيدة و الفكر يجب ان تكون متوفرة بدون اية عوائق، فلابد ان يكون ضمان الحريات متيسر بشكل متساوي ايضا لكافة الفئات ، فعليه ان كان اقرار حق تقرير المصير من المتطلبات الملحة لاية جهة كانت و ان كانت القناعة الكاملة بانه العامل لاحقاق الحق و توفير الارضية المناسبة لتحقيق الاهداف و الامنيات الانسانية و الضمان الكلي للسير نحو رفاهية المجتمع و ان كان ضامنا للحقوق الانسانية للمجتمع ككل او اية قومية او فئة او شريحة فهو الشعار العام لكافة القوى الديموقراطية و اليسارية و كمطلب انساني عصري و هوالعامل الحاسم لتوفير السعادة و سلامة المجتمع .
ما مرً العراق به من الحروب و الويلات في تاريخه، لو تمعنا في اسبابها تتوضح لدينا ان اكثرية الاسباب لحدوثها نابعة من الاعتقاد باحقية كل جهة بما يؤمن به و حصل ما يخرق كل المباديء الانسانية و ذهبت نتيجة ذلك التعنت من الجهات المتسلطة مئات الالاف من الضحايا اي من النفوس الانسانية التي لا تستتحق ان تهدر لاسباب مادية و عقيدية انانية، من منطلق هذا الاعتقاد العقلاني و العلمي التقدمي نتاكد بانه ليس ما في الكون اغلى من القيم الانسانية و حقوقه، و عند قراءة تجربة العراق خلال العقود المنصرمة نرى اخر ما اهتمت به السلطات و الحكومات المتعاقبة هو حقوق الانسان . لضمان الاستقرار و الامان ، عند التفكير في توفير الوسائل اللازمة لحل المسالة القومية بشكل انساني عادل لابد الاعتراف بحق تقرير المصير من الزاوية الانسانية و الحرية العامة و ضمان حرية اختيار الطرائق المثلى في العيش لتوفير الحد الواجب و اللازم من العدالة الاجتماعية و المساواة، و لضمان التفكير السليم من هذه الجهة يتوجب العمل الدؤوب للقوى التقدمية على ارتقاء المرحلة ما بعد الدكتاتورية الى المستوى الحضاري العصري و بعقليات منفتحة تقدمية علمانية انسانية بعيدة عن الموروثات و التراكمات الفكرية التاريخية لهذه البقعة من الارض ، و هذا ما يحتاج الى ممارسة و عمل سياسي انساني يتلائم مع العصر و العمل على كل ما مدخر من الافكار العقلانية الانسانية التقدمية لهذه العملية بما يتلائم مع ماهو عليه العالم من التقدم ،و عليه يجب رفع شان عمل القوى العلمانية اليسارية بخصوص هذا الواجب الى مستوى المهمات و التحديات الانية و لتكن في هذه المرحلة بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها لتحقيق ما يفيد الصالح العام و بمستوى فكرها و برامجها .
في هذه المرحلة للعراق الجديد علينا العمل على ابعاد كل الوسائل الخشنة و التدميرية في اقوالنا و افعالنا، و لتكن شعاراتنا انسانية قبل ان تكون فكرية عقيدية تطرفية ، و بالعلم و العمل نبني البلاد و العيش السليم مع البعض و لا للموت و الدم من اجل اي شيء كان، وليس هناك اقدس من الانسان و الانسانية في هذا الكون المديد.[1]