الجوع يفتت وحدة الارض و يمزق اوصال الشعب
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2340 - #12-07-2008# - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
وكل عام يعشب الثرى...........نجوع ما مر عام و العراق ليس فيه جوع
بهذه الكلمات الجميلة و التعابير السلسة النابعة من الصميم يصف الشاعر الاصيل السياب ما شعر به ازاء الشعب العراقي و ما احس به في بلد غني بموارده و ثرواته و الجوع منتشر بين ابناءه.
بعد ان اعتاد الشعب العراقي الجوع و الجور لمدة ثلاثة عقود متواصلة الى ان سقط الصنم و تنفس الصعداء، و لكن ماذا جنوا بعد القهر و الظلم، يبدو ان مصير العراقيين هو هو، فالجوع و الالم و القهر اصبح ملازما لهم، فالشعب استمر في الاعتياد على اللون القاتم المبكي، و يبدو ان التشاؤم و الحزن لم ينفصل منه و لم يرفع عنه التعب و الهلاك. فالوحدة و المصير المشترك و السيادة التي تشدقت بها الدول العربية و اصدقاء الدكتاتور في اتخاذها كحجة لعدم التدخل في الشؤون العراق الداخلية على الرغم من كل تلك المآسي و الويلات التي مر بها العراق، لم يبق منها شيء. و كان دائما هاجس تمزيق اوصال الشعب او الارض الذي نات عن مصيره دول معينة لمصالحها الخاصة. رغم التزام شعب العراق بمختلف قومياته و طوائفه و فئاته بوحدة الارض و الوشائج التاريخية المشتركة الظاهرة حتى اليوم و في هذا الوقت الذي سيطرت مقومات العولمة على العالم و تحول العالم الى قرية صغيرة و الدنيا مشغولة بما يفيد المجتمعات ذات المصالح المشتركة المتشابكة، الا اننا في واد لا نسمع و لا نرى، ونحن نعاني من عدم نشر مفاهيم عصرية لتطهير مفاهيم قديمة بالية من فكرنا و اعتقاداتنا، و في جانب اخر ان من كان يرفع صوته من اجل وحدة الاراضي العراقية كما ادعي سكت عن المآسي و الحالة المزرية التي مرً بها الشعب و تحفظ من اجل مصالحه اثناء تحرير العراق من براثن الدكتاتورية ، و تلك المعانات هي السب الاساسي و الحاسم لتفتيت وحدة الارض و تمزيق اوصال الشعب اربا، فمن كان جائعا و ينام و هو يفترش الارض و يلتحف السماء فما باله من وحدة الارض و الشعب، فمن لم يلق لقمة لمليء جوف فلذات كبده لما يهتم بوحدة الصفوف و الاتحاد، ان سيطر الجوع و الفقر لا يفكر احد بما يفيد الجميع، و الواقع يفرض من كان ظمئانا فلا نزل القطرُ.
ان تفكيك و تحليل و استقراء تاريخ العراق الحديث و ما جرى له بعد السقوط و عدم استقرار الاوضاع و ربما سار نحو الاسوء في بعض المجالات ليس من شانه توضيح مستقبل اجياله اللاحقة ان كان يسير على ما سار عليه لحد اليوم حيث الحاضر الاسير بميراث ثقيل الوطئة و لم ير بصيص امل ربما يجعل التشاؤم اكثر سيطرة على التفاؤل، و لا يوجد هناك نقطة انطلاق مشرفة لحد الان ليمكن الارتكاز عليها و هذا ما يستوضحه الجوع المستشري و الفقر المدقع المنتشر في البلد على الرغم من الخطوة الاولى للحصول على الحرية و نشر الديموقراطية و الاهمية الحضارية و الجغرافية للعراق في هذا العصر و ما يملكه من الخيرات و الثروات، فبات المرء لا يعلم اين المخرج لعدم تنظيم ما يمكن به ابعاد آفة العصر عن كاهل الشعب العراقي و هو الجوع و الفقر، اما المفاهيم الجديدة التي يتعامل بها العراق و لو جزئيا و منها حقوق الانسان باتت لا تقدم شيئا في ظل هذا الوضع المزري في الوقت الذي وصل فيه سعر النفط الذي يملكه هذا الشعب المسكين الى الحد الخيالي من الاسعار. من هنا على الجميع و بالاخص المخلصين المضحين التفكير الصحيح في هذا الامر لتوضيح الطريق اللازم و فتح النوافذ المشرقة لابناء الشعب و اجياله اللاحقة و المستقبل الذي على الجميع تحمل مسؤوليته و ما مر به العراق من المآسي يفرض تعاون الجميع لايجاد المخرج، و على النخبة الاهتمام بالاكثرية الفقيرة بكل ما يمكنهم من العمل، و هل ينزل المطر الوفير بعد الجفاف و كما يقول السياب ايضا؛ بلا انتهاء__ كالدم المراق، كالجياع، كالحب، كالاطفال ، هو المطر................ ، و ليس هذا المطر كسابقيه.[1]