نساء برائحة الربيع في سجن طرسوس
تحدثت الصحفية (زهرة دوغان) عن النساء المضربات عن الطعام في سجن (طرسوس) في مقالةٍ لها:
يعد سجن (طرسوس) الذي تم بناؤه في #11-07-2013# ، أحد أكبر السجون في تركيا, وهذا السجن معروفٌ بالمعاملة السيئة والتعذيب، حيث استمرت مقاومة الأسيرات السياسيات ضد عمليات التفتيش التعسفية وإساءة المعاملة لعدة أشهر, وزادت السجينات من مقاومتهن ضد الانتهاكات بحقهن, كالحبس في الغرف المطاطية والتعذيب البدني الشديد، وبالتالي تمكنّ من إيقاف هذه الممارسات على الرغم من عقوبات الحبس الانفرادي، والأحكام الجديدة التي صُدرت بحقهن.
هؤلاء السجينات اللواتي سمعنا عن أسمائهن في هذه المقاومة، انضممن بعد ذلك إلى الإضراب عن الطعام الذي بدأته (ليلى كوفن).
منذ 5 كانون الثاني2019، بدأت السجينات (منال تميل، نورشين تيكين, خديجة كايماك، ديلان يلدريم، ليلى تيمور، دلبرين تورغوت) إضرابهن عن الطعام، وفي 3 آذار انضمت إليهن العشرات من النساء الأخريات, حيث توسعت حملة الإضراب عن الطعام إلى أن وصلت إلى آلاف الأشخاص، وأود أن أحدثكم عن بعض النساء اللواتي دخلن في حملة الإضراب عن الطعام:
منال تيميل
ثورية مع شعرها البني المجعد, وهي رائعة وصغيرة جداً, منال من (قيزيل تابه) بمقاطعة ماردين, وهي من نفس البلدة التي قتل فيها (عمر كايماز) ذو ال12عام بواسطة 13 رصاصة من الشرطة التركية, والأطفال يكبرون بسرعة في هذه الأراضي, منال أيضاً هي واحدة من هؤلاء الأطفال, فمنذ سنوات المدرسة الابتدائية ناضلت وهربت للمشاركة في الاحتجاجات, وتوقفت في كثير من الأحيان أمام تمثال (Uğur Kaymaz) لتفكّر بعمق وتشكك في الحياة.
لم تكن الفترة التي تم فيها اعتقال منال من قبل الشرطة في (آمد) فترة عادية, عندما وضعت في السجن بمنطقتها كانت القنابل تنفجر في صور ونصيبين وجزرا ودارجيغيت وإديل ويوكسكوفا و ديريك, وبعد وقت قصير من اعتقالها حُكم على منال بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف بتهمة الانتماء إلى منظمة غير قانونية, وعند صدور الحكم بحقها ارتفع صوت منال في المحكمة احتجاجاً: (القمع لن يخيفنا!).
عانت منال من التعذيب الجسدي في سجن آمد, وبعدها تم نقلها قسراً إلى سجن طرسوس.
صوت غناء منال كان يبعث بالراحة في قلوب جميع الذين يستمعون إليها, إنها تزرع بألحانها بذور الحرية في النفوس, وفي كل مرة كانت تغني فيها منال، كان يبدأ التحقيق التأديبي بحقها.
اليوم منال في إضراب عن الطعام, ويذوب جسدها يوم بعد يوم, ولكن قلبها لا يزال يدق في جسدها الضعيف.
ديلان يلدريم
ديلان هي امرأة شابة من موش, وعندما كانت منال تبدأ في الغناء كانت ديلان تشاركها من وقت لآخر, كما كانت تشاركها معظم الوقت في المناقشات السياسية, ديلان مع وشاحها تشبه الثورية الحقيقية, وكانت تغني مبتسمة تلك الأغاني التي ألفتها أمهات المضربين عن الطعام, وخلال الإضراب عن الطعام تعلمت صناعة الأساور من الخيوط الملونة وتقدمها لأصدقائها كهدية, وهم يحتفظون بهذه الأساور كتذكار.
المحادثات العادية اليومية في السجن تدور حول الوزن, فعندما يعدن من المستوصف بعد أن يزنوا أنفسهن, يتغير لون وجوههن, ويتساءلن:
لماذا، لقد فقدت القليل جداً؟ سوف يعتقدون أننا نأكل …
هؤلاء اللواتي يحزنن على مثل هذا، (ديلان، منال، خديجة، نورشين، دلبرين وليلى)، والأخريات المضربات عن الطعام في سجن طرسوس, إذا جمعنا أوزانهن معاً الآن فلن يكون 100 كيلو غرام, فقبل الإضراب عن الطعام كانت منال تزن 45 كيلوغراماً، وهاتيجا 39 كغ، وديلبرين 43 كغ، وديلان 45كغ، ونورشين 40 كيلوغراماً …
خديجة كايماك
إنها تستيقظ كل صباح مبكراً للغاية، وتباشر بالمشي.
خديجة أو (خجي) هي واحدة من الأشخاص التي تجلب الحياة إلى السجن بفضل حركيتها ومناقشاتها السياسية المتحمسة, فبمجرد أن تقابلها في المنتزه أو على السرير ذو الطابقين، تجذبك مثل المغناطيس بعيونها الكبيرة, وتبدأ على الفور الحديث عن الماضي والمستقبل.
هذه الشابة التي أضربت عن الطعام لا تعرف التعب, فكل يوم من استيقاظها في الساعة 7 صباحاً وحتى منتصف الليل تقود المناقشات السياسية.
خجي المولودة في منطقة دجلة بآمد، تبلغ من العمر 23 عاماً, ودخلت في النضال خلال دراستها الجامعية, ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف, وبالنسبة لها السجن لا يعني توقف النضال, فهي تقول إنها أكثر نشاطاً في السجن من الخارج, لقد حاكموا خجي بالسجن لمدة 9 سنوات, وغالباً ما تفتح إدارة السجن تحقيقات تأديبية ضدها, والأسباب هي نظرة عيونها الكبيرة …
نورشين تيكين
نورشين زهرة بريئة من جبل سومبول, وهي من هكاري, محكومة بالسجن لمدة 11 عاماً، قُبض عليها في سن 18 عاماً، وتم إدانتها بسرعة البرق, وهي تعتبر أن عطر الأزهار أفضل من أي شيء آخر, إنها تشعر بالحياة فهي تدرك أن الحياة التي تتدفق في كل لحظة إلى أصغر الجزيئات, قد تعرف أكثر من ملايين الأشخاص بالخارج، إنها علمتنا كيف تعاش الحياة الجيدة, هذه المرأة تحب جبل سومبول وزهوره من جميع الألوان أكثر منا جميعاً, وكنا نسمع نورشين في بعض الليالي أمام النافذة الحديدية تنشد قصيدة (كول فروش) لجكرخوين.
ليلى تيمور
ليلى هي واحدة من أوائل المضربين في السجن, مع وجهها المستدير المبتسم تمزح وتضحك, إنها الصديقة التي تحب الضحك كثيراً.
ليلى صغيرة جداً مثل كل المضربات عن الطعام, عمرها 22 سنة فقط, تم احتجازها في أورفا وسجنها, ومحاكمتها تمت بسرعة كبيرة, ثم تم ترحيلها إلى سجن طرسوس.
ليلى تجلب معها الفرح أينما ذهبت، وفي الحياة لا تؤمن بالمستحيل, إنها مقتنعة بكل إخلاص أن كل شيء يمكن تحقيقه من خلال النضال، وأن الأمل والقناعة في الكفاح هو بالفعل نصف النصر.
هذه المرأة الثورية التي تعانق الحياة بكل قوتها، تستطيع التمتع بالسعادة عند أدنى نسيم للحياة.
دلبرين تورغوت
الصحفية التي تخوض الإضراب عن الطعام, إنها امرأة جميلة, وكل من يلاحظ كلماتها وأفعالها يحبها, حساسة ونقية وعنيدة, فقد أصرت على المشاركة في الإضراب عن الطعام, لكي تبيّن أنّها أيضاً موجودة, لديها قلبٌ جميل, ومن يتعرف عليها ستخل في قلبه من اللحظة الأولى.
ولدت دلبرين في (كربوران) بمقاطعة ماردين، ورغم صغر سنها خاضت حياة طويلة من النضال, لقد تعلمت كيف تكون المعركة منذ صغرها من أولئك الذين قاوموا سياسات الإرهاب التي أعلنتها أصوات الأحذية في الشوارع, أخيراً كبرت، وكامرأة أخذت مكانها في المقاومة, وبعد وفاة والدها الذي كان مختار القرية, قدمت ترشيحها وانتُخبت مختاراً, وبمجرد توليها المنصب أصبحت هدفاً للسلطات, ففي أعقاب المصادمات التي وقعت بالقرب من قريتها تم احتجازها هي ووالدتها, وبعد بضع سنوات تم الحكم عليهما, وبقيت دلبرين مختبأة لمدة 5 سنوات، ثم تم القبض عليها واعتقالها, هي الآن بسجن طرسوس في إضراب عن الطعام.
والأنباء الأخيرة تفيد أن دلبرين تتقيأ الدم, وحالتها الصحية متدهورة.
دعونا لا ننسى أن دلبرين والآلاف من السجناء السياسيين يعلنون أن مطالب (ليلى كوفن هي مطالبهم), فدعونا نردد أصوات هؤلاء الناس الجميلين، هؤلاء النساء اللواتي يعشقن الحياة كثيراً.[1]