مؤتمر “مسار” خطوة جديدة على طريق الحوار من أجل سوريا الديمقراطية
روشن مسلم
بالرغم من انعقاد العديد من المؤتمرات قبل ذلك ، يُنظر إلى مؤتمر مسار باعتباره مبادرة إيجابية نحو تحقيق مستقبل لسوريا يحقق آمال كل السوريين بإختلاف مواقعهم السياسية والفكرية وانتماءاتهم القومية ،فمسار يسعى إلى إرساء حوار بين السوريين أنفسهم بعيداً عن التدخلات الخارجية. وعلى الرغم من العلاقات غير السيئة التي تجمع سوريا مع محيطها العربي وغير الجيدة مع بعض دول الاقليم ، إلا أن أهمية هذه الخطوة تكمن في التأكيد على أن القرار السوري يجب أن يصدر من السوريين أنفسهم، مما يعزز من السيادة الوطنية ويقلل من التدخلات الخارجية.
يمكن القول إن مؤتمر ( مسار ) قد وفر منصة لجمع السوريين حول طاولة واحدة، مما قد يمهد لتأسيس كيان سياسي يمكن أن يكون له تأثير على مستقبل سوريا. هذا التحالف إن لم يكن قوياً بعد، إلا أنه يمثل نواة لبنية سياسية مستقبلية قوية، خصوصاً وأن المؤتمر تناول موضوعات أساسية لم يتم نقاشها بشكل كافٍ في مؤتمرات أخرى، مثل الهوية الوطنية الجامعة ، لأن بناء هوية وطنية شاملة من شأنه أن يسهم في استقرار سوريا السياسي ويؤسس لجمهورية جديدة بمفهوم وطنيّ وديمقراطي جامع يمثل كافة أطياف المجتمع السوري.
و لعل التركيز على الأهداف الاستراتيجية التي سعى المؤتمر لتحقيقها على المدى القريب والبعيد، مثل السعي إلى إرساء نظام سياسي سوري ديمقراطي وشامل، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان حقوق جميع المكونات السورية. و مدى واقعية هذه الأهداف في ظل الأوضاع السياسية الحالية في سوريا، كان مدخلا مهما لإيجاد حلول عملية لتلك القضايا وتوحيد الرؤى حولها بين القوى المتباينة في بعض مواقفها وآرائها .
لقد تناول المؤتمر مسألة اللامركزية كنظام للحكم، والتي تبدو ضرورية في الحالة السورية. وكان مناقشة آليات الحكم اللامركزي مهما ويعكس وعياً بضرورة توزيع السلطة وتوفير مرونة أكبر في إدارة شؤون المناطق المختلفة، ما يعزز من فرص تحقيق تنمية متوازنة ويمنح للمجتمعات المحلية قدراً أكبر من التمثيل والتمكين.
ومع ذلك، وحتى يتم تحقيق الطموحات ، لا بد من استمرار النقاشات بين السوريين على اختلاف توجهاتهم، فقبول الاختلاف والاحترام المتبادل يعدّان شرطان أساسيان لنجاح أي حوار. إن رفض الآخر وعدم قبول التنوع سيؤديان إلى مزيد من الانقسام، وهو ما يسعى “مسار” لتجاوزه من خلال خلق مساحة لتبادل الآراء بصراحة وإيجابية.
إن التنوع الكبير في الحضور وتعدد الشخصيات السياسية التي شاركت في المؤتمر يعكس رغبة حقيقية في تحقيق توافق بين مختلف الأطراف، مما يمنح السوريين، سواء في الداخل أو الخارج، أملاً في أن يكون “مسار” بوابة لحل القضايا العالقة وإيجاد تسويات تلبي طموحات الشعب السوري بأطيافه المختلفة.
ولا بد من التأكيد أن تركيز مسار حول دور الشباب والمرأة في بناء سوريا المستقبل، يمثلان جزءاً مهماً من المجتمع ويملكان القدرة على إحداث التغيير الإيجابي المطلوب. وان إشراك هذه الفئات في عملية صنع القرار سيعزز من فرص بناء سوريا الديقراطيةالتي تلبي طموحات جميع السوريين.[1]