تحديات المجلس الوطني الكوردي في سوريا: بين النقد البناء والعداوة الشخصية..!
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 8044
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تًقولُ الحكمة الشهيرة انّ من يحاول الجلوس على مقعدين في آن واحد ، ينتهي بالوقوع في الفراغ هذه الحكمة تجسّد الكثير من كتاباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث يبذل بعض الأفراد محاولات متكررة لتقديم انتقاداتهم بين الخطأ والصواب ، ممن يحاولون ، الطًرّقْ ، مرة على المسمار وأخرى على النعل ..! وخاصة من يقود حملة منظمة ضد المجلس الوطني الكوردي ، وتشويه سمعته ، بغية زرع اليأس والإحباط ، وإضعاف إرادة المناضلين الصلبة ، الذين لازالوا يدافعون - بإخلاص -كآخر القلاع - عن الكردايتي في سوريا بعيداً عن الانتهازية والكولسه ، والاجندات الشخصية ، رغم كل ما جرى خلال السنوات الماضية من قتل وتدمير وتهجير وانتهاكات تصل إلى حد جرائم حرب وتغيير ديمغرافي ، وأزمات اقتصادية وانعدام الخدمات ، على يد سلطات الأمر الواقع التي ناصبت الكرد العداء بشكل يماثل على الأقل بعدائها قوة العداء الذي مارسته الأنظمة المتعاقبة في سوريا بحق كردها ...!
ان الخلط المتعمد بين النقد الموضوعي الذي يوجّه للمجلس الوطني الكوردي -وهو صحيح - وبين العداء الشخصي ضده ، هدفه واضح , يعكس نوايا المنتقدين التي باستطاعة المرء أن يدركها بوضوح ، ويعرف اين ينتهي هذا الخلط في نهاية المطاف ...! ، هذا الخلط يمثل الاغواء الذي يتحدث عنه البعض عن موت المجلس وفشله -عبر بعض النواقص والأخطاء- التي من الطبيعي أن تترافق مع صيرورته في واقع الاستبداد والعسكراتية ، والتضييق على الحريات ، والاعتقالات التي تجري بحق نشطاء ومنتسبي المجلس ، وعدم إفساح المجال لتسيير نشاطاته كما حصل في احتجاج 172024 في قامشلو او في عفرين...!
والسؤال الذي يحرق اللسان ، اذا كان المجلس الوطني الكوردي حقاً كما يزعم البعض من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي ضعيفاً، بلا قوة أو ميتاً واذا كان وزنه النوعي معدوماً كما يكتب آخرون ، فلماذا استهدافه ، والهجوم عليه بشكل متواصل ؟ اليس الضرب بالميت حرام ؟ لماذا هدّر الوقت واضاعته في الحديث والكتابة عنه ...!
هل بوسع المرء أن يتخيل طريقة أكثر حضوراً وفعاليةً من هذا الكم من الهجوم والتكالب على المجلس الوطني الكوردي ومحاولات انهائه ...؟
يُدْرِكُ هؤلاء تمام الإدراك أن كل ما يفعلونه ضد المجلس لن ينجح ، ولن يدفعه إلى ترك مشروعه السياسي السلمي والديمقراطي الذي تأسس من أجله، بغض النظر عما رافقه من صعود وهبوط ، ولن ترى كردستان سوريا النور بذاتها بدون قوة عالمية لديها القوة والقدرة على فرض ذلك ، ومن الان ، وحتى إشعار آخر لا توجد مثل هذه القوة التي تسعى إلى تكريس حلم الكرد في كيان مستقل أما دون ذلك يمكن للكرد أن يتقدموا ويعملوا على انتزاع حقوقهم القومية والإنسانية وفق خصوصية الأجزاء التي يعيشون فيها ومستوى تقدم حكامها وشعوبها ...!
التحديات الكبرى التي يواجهها ابناء الشعب الكردي في سوريا تتطلب منهم الان -على الأقل- إعادة عالية لتنظيم صفوفهم ، وانجاز وحدتهم التي تتحطم عليها كل مؤامرات الأعداء ، إضافة إلى تعزيز علاقاتهم مع الشعوب المحلية التي يتعايشون معها ويتقاسمون الحلوة والمرة ..!
ورغم أن إنجاز هذه الوحدة غير ممكن في المدى المنظور بسبب طبيعة القوى التي تستأثر بالقوة والسلطة ، وهي ليست في وارد التقدم في هذا المسار التاريخي ، إلا أنه لا بد من الاصرار والتمسك بهذا الخيار واستمرار المحاولات ..!
ستستمر الحياة بكل تأكيد في المناطق الكردية في سوريا ، وستزداد الأوضاع سوءاً وصعوبة بسبب واقع الفوضى وغياب الانتظام ، وانفلات السلاح وانعدام القانون والحوكمة الرشيدة إلى أن تأتي لحظة التغيير والحل السياسي ، وهذا مرهون بالشروط الموضوعية والصراعات الإقليمية والدولية ، وطبيعة الحل السياسي في سوريا .
في النهاية ينبغي العمل - من حيث نحن - دون اوهام أو ترّهات ، وان لا نتردد في مواجهة التحديّات ، والعمل على تجاوزها مدركين حجم المخاطر والصعوبات التي تنتظرنا ، وطبيعة المرحلة ، والظروف التي تحكمنا ، والمحيطة بنا ، والتكيف معها ، فعليها يتوقف مستقبل القضية الكردية في سوريا ...![1]