الحرب الخاصة وتأثيرها على المجتمع في الشرق الأوسط
ديدم علي
لعلنا عندما نتحدث عن الحروب التي تُشن على شعوب الشرق الأوسط يجب أن نتناول أخطر هذه الحروب بعد حرب الإبادة، وهي (الحرب الخاصة) التي تسعى لتحويل مكون ما من كيان إلى كيان، وصهرت اللغات والثقافات، وجعلت من الانسان كائناً مستهلكاً بدلاً من أن يكون فرداً فعالاً في المجتمع.
نعلم أنه منطقة الشرق الأوسط هي مهد الحضارات وانبثاق الأديان وولادة الفلسفة، وتسعى القوى المهيمنة في حربها الخاصة على المجتمعات إلى خلق مجتمع واهن بلا معنى، وذلك بما تؤديه الأجهزة والوسائل الإعلامية في الترويج لثالوث الجنس والرياضة وعبر الأفلام والمسلسلات وعرضها على المجتمع لإفراغه من محتواه، وبالتالي يتم تنشئة نموذج مواطن مرتكز على المنفعة المحدودة جداً وخالي المضمون.
فأساليب الحرب الخاصة كثيرة، منها ابتعاد الإنسان عن تاريخه، أي لا يعرف من أين أتى وإلى أين يذهب، والابتعاد عن قيَمِهِ، والضياع والافتخار بالتقليد، وعدم التفكير بشكل مستقل، وتحطيم إرادة الشعوب وجعلهم مشاهدين لا مشاركين في إدارة أوطانهم خصوصاً.
فالرياضة مثلاً هي ممارسة صحية للحفاظ على سلامة البدن والذهن ويمارسها الانسان بذاته، ولكن الحداثة الرأسمالية جعلت منها وسيلة لتخدير المجتمع وميداناً لكسب الأموال بحيث أصبحت نسبة كبيرة من المجتمع يجلسون أمام التلفاز لمتابعة مباريات كرة القدم مشجعاً لفريق لا يعلم عنه إلا اسمه بل عرفه من خلال الدعاية الإعلامية التي تبثها وسائل الحداثة دون أن يقوم بأي نوع من الرياضة…
كما يتم استخدام أساليب الحرب الخاصة في الحروب باستخدام مثيرات العنف بشكل مستمر وممنهج؛ فمثلاً، #داعش# سَخَّرَ شبكات التواصل الاجتماعي لنشر الرعب بين الناس بطريقة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، واستخدم توثيق أعماله الميدانية عبر الصور والفيديوهات بغية إبراز قوة التنظيم وشراسته وذلك من أجل نزوح الأهالي إلى أماكن بعيدة خشية أن يلقوا نفس المصير.
كما تلعب الحرب الخاصة دورها بشكل كبير على المرأة، فجميعنا نرى كيف يتم استغلال جسد المرأة بمستوى التبضع والسلعية ووضع صورة جسدها كإعلان للمواد التي يريدون بيعها من أجل لفت الأنظار على تلك المادة، وهذه حرب خاصة بشكل ممنهج بهدف بقاء المرأة ضمن قالب وتفكير محدود.
فالحرب الخاصة موجودة في كل لحظة نعيشها، ولهذا فهي تحتاج وتتطلب منا المقاومة والنضال وأن نمتلك قوة فكرية ذهنية للوقوف ضد هذه الآفة الخطيرة؛ لأن الحداثة الرأسمالية تستخدم جميع أساليب الحرب الخاصة، وعلينا تكثيف النضال الأيديولوجي الذي يقع على عاتقنا ومعرفة السلطة بشكل جيد والحصول على توعية ثقافية مرتبطة بإرث المجتمعات التاريخية وتطوير الفكر بعيداً عن المفاهيم السلطوية الفردية والتخلص من جميع المفاهيم التعصبية الدينية والقومية الجنسوية العلموية، لأن هذه الركائز الأساسية التي تستند عليها الحرب الخاصة، وإعطاء المعنى للحياة بدءاً من الذرة وانتهاء بالكون الذي نعيش فيه والمعرفة التامة بجميع القضايا التي تواجه المجتمع، فكما يقول القائد آبو (يجب تطوير علم المعنى وأن نستخدم المعنى كعلم في المجتمعات الشرق الأوسط) لأن المجتمع الفاقد للمعنى هو مجتمع جاهل، والجهالة هي الأساس التي يتبنى عليها الحرب الخاصة.[1]