التعددية السياسية بديلاً وسبيلاً لحل كل قضايا المنطقة
محمد خلو
جميع الأطراف تدرك أن المنطقة وشعوبها لن تتحمل ولن تقبل استمرار هيكلية الدولة القومية شكلاً ومضموناً، ومع انتهاء مئوية لوزان المشؤومة بحق الشعوب ودخولنا مراحل تحضيرية للمئوية الجديدة والتي باتت خيوطها معقدة وبعيدة عن الحل، حيث يبحث فيها جميع القوى والأطراف عن مصالحها وخصوصاً للحفاظ على وجودها وتأمين استمرارها قدر الإمكان مع المحافظة على نظامها المرفوض شعبياً، لذلك نرى بأن ساحات الصراع تتوسع يوماً بعد يوم بهدف تحقيق مئوية أكثر بشاعة من لوزان المشؤومة ذاتها،
فإن كان لدى قوى الهيمنة (كالعادة من دون تخطيط) أيَّ مشروع، على حساب استغلال شعوب المنطقة وقضاياها وخصوصا القضية الكردية والقضية الفلسطينية ولا يحتوي ضمنه أساساً تعتمد التعددية السياسية سيكون نهايته الفشل، لأن العيش في كنف الدولة القومية والرأسمالية من خلال مفهومها الليبرالي سيكون القتل والإنكار والتهميش والدمار الاجتماعي والإنساني أمراً محتوماً لا مهرب منه.
لذلك ستكون التعددية الديمقراطية هي الأرضية المناسبة للتنوع السياسي والثقافي والاجتماعي لدى شعوب المنطقة وسبيلا للعيش الكريم وطريقا لحل كل قضاياها العالقة، بالإضافة إلى تجديد الفكر الحر على حساب الفكر السلطوي المهيمن على حرية الشعوب، وبذلك سنحافظ على الغنى والتنوع الثقافي والاجتماعي والديني لكل شعوب المنطقة، لأن الانظمة الحاكمة في المنطقة هي أنظمة عشائرية سلالاتية مشبعة بالأيديولوجيات الليبرالية همها الوحيد الاستغلال والسلب والنهب وإبادة الغير ضمن إطار نسيج مجتمعاتها وحدودها الجغرافي، كما الحال في الدول التي تحكم كردستان بسبب غناها بالثروات الباطنية الاقتصادية والطبيعية، فالأنظمة المحتلة والمتحكمة بالمنطقة وخاصةً التي تُدعى الإسلامية هي مادة عجينية في أيدي الدول الرأسمالية والاستعمارية تغير من شكلها عندما تحتاج ذلك، لكن مع المحافظة على مفهومها الليبرالي.
طرح القائد الأممي عبدالله أوجلان مشروع الأمة الديمقراطية، والتي تتبنى التعددية، لتكون الشكل والنموذج الجديد ومثالا يحتذى بها، كونها جاءت بعد دراسة وتحليل واقع المنطقة والمجتمع تاريخيا وجغرافيا ومن كافة المجالات، وتبنى حزب الاتحاد الديمقراطي هذا المشروع لأنه رأى فيه سبيلا لخلاص المنطقة من أزماتها ومشكلاتها وبديلا ناجحا لمفهوم الدولة القومية، وبعد إعلان ثورة 19 تموز والإدارة الذاتية الديمقراطية حسب مفهوم الأمة الديمقراطية والتي أعطت نتائج جيدة على أرض الواقع لكافة المكونات المشارِكة فيها، بات ذلك إثباتا للجميع بأن المنطقة لن تقبل إلا التعددية السياسية والفكرية، وسوف تحاول بكل قوتها أن تتخلص من آثار وتبعية الدولة القومية التي كانت وَبالاً على أكتاف شعوبها، وكانت سببا للكثير من الازمات والإبادات بحق الشعوب والتي ما تزال مستمرة إلى الآن في شخصية الدولة التركية وحكومتها.
ويأتي نجاح مشروع الأمة الديمقراطية نتيجة تلامسه الحقيقي للجذور التاريخية لكافة الشعوب من خلال إعطائهم زمام إدارة شعوبهم وممارسة معتقداتهم بحرية وتعليم لغتهم الأم وإظهار ثقافتهم الخاصة واعتبارها ضمن الغنى والتنوع الثقافي الذي يفتخر به شعوبنا تحت راية الإدارة الذاتية الديمقراطية وهو تعبير عن التعددية الناجحة، لذلك نرى التفاعل والمشاركة الكبيرة من قبل جميع الشعوب الديمقراطية والإنسانية بتبني فكر ومشروع القائد الأممي “عبد الله أوجلان” بمثابة كسب إرادة حرة وقوية أمام سياسات السلطة القومية، وسبيلا لحل كل الأزمات والقضايا العالقة، وسيكون العام الجديد هو عام التعددية للشعوب الباحثة عن الحرية والعدالة والمساواة.[1]