أيها العنصريون؛ لا تنسفوا ما تبقى من جسور بيننا!
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 8204
المحور: القضية الكردية
كتبت لمى الأتاسي يوم امس بوستاً على صفحتها في الفيسبوك تقول فيه؛ بأنها “قرأت عن كوردي من جماعة قسد يطالب بجيش عربي يقف معه ضد تركيا ..”، وتمضي قائلةً؛ “و هل تظن حقا ان هناك عربي شريف يقبل بأن يطعن بسوريا و يقسمها لكي تقيم انت دولتك اللا عربية على أرض سوريا ؟..”. وتمضي في سرد بعض المقولات المغلوطة والتي تم فبركتها في دوائر أجهزة استخبارات هذه الدول عن الكرد وتاريخهم وفيما يتعلق بموطنهم كردستان بحيث يمكنك القول؛ إنه ترداد لخطاب عنصري نمطي تكرر على مسامعنا كثيراً خلال كل المراحل الماضية. سأضع رابط البوست في التعليقات لمن يريد المزيد من الاطلاع على ما كتبته الأتاسي بحق شعبنا وباقي مكونات سوريا من العلويين والعلمانيين، بل حتى أدونيس الشاعر، لم يفلت من شرها وتفكيرها العنصري القاصر وهي تشد ضهرها وتستقوي بتركيا والإسلاميين.
إن تكويعة الأتاسي الكبيرة، بخصوص تركيا والجماعات الإسلامية الراديكالية وذلك من موقف الرافض لها إلى الدفاع عنها، وخاصةً كتابتها المستفزة عن “الأقليات” والمكونات السورية الأخرى وهي التي تدعي؛ بأنها تدافع عن تعدد الثقافات، وتقيم في إحدى الدول الأوروبية التي عرّفت العالم معنى الثورات وقيم الحرية؛ فرنسا، جعلتني أكتب لها تعليقاً قلت فيه التالي: مبروك عليكم هذا الخطاب الشعبوي العنصري والذي سيودي بالبلد لحرب أهلية.. وهل تعتقدين فعلاً بأن؛ العالم سيترك سوريا تحكمها جماعات سلفية، بؤس وبئس أمة وشعب يكون هذا مستوى تفكير “نخبتها”.. شعبنا وبلدنا بحاجة لخطاب عقلاني وطني يدعو للمشاركة وليس للتحريض على باقي المكونات، بربك شو بيختلف هذا الخطاب عن خطاب شبيحة وأبواق النظام السابق، فقط في لون الأيديولوجيا من بعثية عنصرية لإسلامية سلفية
وأضفت كذلك وقلت: ثم عن أي دولة حديثة تتكلمين وأنت تحملين هذا الفكر حيث العنصرية بأسوأ تجلياتها؛ يعني كيف تقسيم سوريا وفصل جزء من أرض الوطن وهو نفس تهمة النظام السابق لنا نحن الكرد.. هل قرأت شيء من التاريخ وجغرافيات المنطقة، طيب كيف شعب مغلوب على أمره بين ثلاث شعوب كل واحد منه ينكر أن يكون الكرد يقيمون في مناطقهم التاريخية حيث المنطق والعقل يقول؛ بان الشعوب الغالبة هي من تطرد الشعوب المغلوبة على أمرها من مناطقها، كما تفعل تركيا حالياً في مناطقنا، وتسكن فيها شعبها وليس العكس بأن المغلوب متل الكرد يطرد الغالبين العرب والفرس والترك ليسكنوا في مناطقهم.. فعلاً صدق من قال؛ بأن العقل زينة.
وها إنني هنا أستشهد بما كتبه؛ جمال الدين الأتاسي، عن الكرد والقضية الكردية، رداً على رفض لمى لوجود جغرافية كردية في سوريا حيث يقول الأتاسي الأب في كتابته لمقدمة كتاب منذر الموصللي المعنون ب»عربٌ وأكرادٌ – رؤية عربية للقضية الكردية» – 1985، ما يلي: “عندما قام اتفاق السلام بين الأكراد والبعث في 11 آذار عام 1970/ #11-03-1970# على أساس الاعتراف بمبدأ وجود قومية كردية وحقها في أن يكون لها حكمُها الذاتي أو استقلالها الإداري في كردستان العراق، وقف عبد الناصر دافعاً إليه ومؤيداً. وكذلك كتبت أنا يومها مؤيداً، ولو أن بعض «القوميين» الغفل أو التابعين للأنظمة، وقفوا ينددون بالإجراء العراقي ووصفوه بالتفريط في حق القضية العربية. لقد وجدتُني بحاجةٍ لمثل هذا الاسترجاع للذكريات ومجريات ما مضى حول المسألة الكردية التي نحنُ بصددها لنتعلمَ من دروس الماضي، ولنستطيعَ استيعابَ معطيات الواقع الحاضر الذي نتخبط فيه حول هذه المسألة وغيرِها لعلَّ هناك من يتلمسُ من خلالها مخرجاً وطريقاً نحو المستقبل، يخرجنا من دوامة الصراعات التي تستنزف قوانا الوطنية، ويخرجنا من الضياع واللاجدوى”.
ويضيف الأتاسي الأب وهو يبدي موقفاً أخلاقياً وعقلانياً من القضية الكردية حيث يوضح موقفه من الكرد وحقهم الحرية والاستقلال فيقول؛ “ويبقى أمامنا الواقعُ الراهن بوزنه الثقيل، ولا نملك في تعاطفنا مع قضايا تحرر الشعوب، ومع قضية تحرر شعبنا العربي ذاته وما يفرَضُ عليه من تجزئةٍ وانقسامٍ وتابعيةٍ، وفي تعاطفنا مع المسألة الكردية كقضية من قضايا تحرر الشعوب، إلا أن نحاول فهمَ هذه المسألة والتعرفَ إلى حدودها، وإعطاء وضوح لتطلعاتها وإمكاناتها”. والحقُّ أنَّ المسألة القومية الكردية هي واحدة من المسائل المعقدة في العالم، فهي تتناولُ من ناحيةٍ الحقوق القومية لشعبٍ متواجدٍ كأقلياتٍ قوميةٍ موزعةٍ في خمس دولٍ متاخمةٍ لبعضها وبينها حدودٌ دولية فاصلة، وهي في الوقت ذاته تحملُ تطلعاتِ شعبٍ يطمحُ إلى أن يكون أمةً بين الأمم وأن يكونَ له كيانُه القومي المستقل بين الكيانات القومية في العالم”.
وهكذا نلاحظ بأن الرجل؛ يملك رؤية سياسية موضوعية واضحة بخصوص المسألة الكردية حيث الإقرار بتعرض شعبنا لسياسات الغبن والتقسيم بين عدد من الدول وبالتالي حقنا تشكيل “الكيان القومي المستقل بين الكيانات القومية في العالم” وجزء من ذاك الكيان يقع في جغرافية سوريا الحالية وبإعتراف الأتاسي الأب.. وسؤالنا بالأخير لجيل الأبناء؛ أين أنتم مما طرحه من سبقكم للسياسة وتناول القضية الكردية، للأسف أنتم تتأخرون عنهم بأشواط ومراحل وذلك بدل أن تتقدموا عليهم وذلك كما يفترض واقعاً ضمن حركة السياق التاريخي لعملية التطور والارتقاء بالفكر الإنساني الحضاري، لكن ما يلاحظ بأن حركتكم السياسية والفكرية هي بحالة تقهقر للخلف ويشبه المثل الكردي الذي يشبه هذه الحالة بتبول الجمل والذي يكون للخلف؛ “تبول الجمل نحو الوراء Mîza hêştire bi şûnda ye”.. نأمل أن تصلك الرسالة وتصل كل أصحاب الفكر العنصري، قومياً أو دينياً، وأنتم تحاولون نسف كل الجسور التي يمكن أن تبقي على التواصل بيننا وللأسف.[1]