=KTML_Bold=محوران.. ومشروعان لحل المسألة الكوردية.=KTML_End=
#بير رستم#
الدولة القومية أو الأمة الديمقراطية وفيدرالياتها.؟!!
توطئة ومقدمة: ربما يجد بعض الإخوة والزملاء الأعزاء بأننا نعيد ونكرر مقولات فلسفية وسياسية وفي عدد من المقالات والبوستات حول الدولة القومية الكوردية المرتقبة وذاك صحيح وواقع عملي وهي بالتأكيد لها مبرراتها السياسية والوجدانية الأخلاقية حيث أن المسألة (إعلان الدولة الكوردية) مصيرية بالنسبة لشعبنا _على الأقل في إقليم كوردستان (العراق)_ وكذلك لعموم شعوب ودول المنطقة ومن الجهة الأخرى يرتبط بالجانب الوجداني والأخلاقي وذلك بحكم الانتماء الثقافي والحضاري لهذه الأمة ومشاريعها وبالتالي فإن مصائرنا وضمائرنا متعلقة بمصيرها وصيرورتها التاريخية ولذلك يكون الاهتمام “الغير اعتيادي” بالموضوع والقضية؛ قضية إعلان الدولة الكوردية.
وإنني سوف أحاول في مقالتي هذه أن أقف عند رؤية كل من المحورين السياسيين الكورديين؛ قنديل وأربيل وبأكبر قدر ممكن من الحيادية والموضوعية ودون تخوين مشروع لحساب مشروع سياسي آخر، بل لتبيان الحقائق والوقائع.. وقبل البدء بالبحث لا بد أن نقر ببديهية حياتية وواقعية وبأن “لا خير مطلق ولا شر مطلق“. وهكذا فليس هناك خير كلي وكامل في الكون “الله” كتعبير يجسد ذاك ولا “إبليس” بالمطلق، بل هناك الفلسفة والدائرة التاوية في الحياة.. ولمن لا يعرف التاوية وفلسفتها نقول وبإيجاز شديد بأن التاوية هي: “مجموعة مبادئ، تنقسم لفلسفة وعقيدة دينية، مشتقة من المعتقدات الصينية الراسخة في القدم” وإن فلسفتها تقوم على ثنائية الطبيعة وهي تقول في ذلك: “الأشياء الحية المتطورة لها أصلان، ذكري وأنثوي، متضادان، متحدان (الين YIN الأنثوي واليانغ Yang الذكري)، منبعهما شيء له صفتان، غموض أنثوي ونشاط ذكري“. (نقلاً عن ويكيبيديا).
وبالتالي فإن الكون عموماً نشأ من تمازج “الخير والشر“؛ (الله وأبليس) وقد عبر عنها ماركس بنظرية “وحدة الأضداد” وهكذا علينا قراءة الواقع السياسي الكوردي حيث المحوران السياسيان لا يعني بأن أحدهما يحمل كل الخير للقضية الكوردية بينما الآخر يحمل كل الشر .. لكن ممكن أن نرى ونفضل أحد المحورين على الآخر وذلك بحسب الضفة التي نقف عليها ورؤيتنا للمواضيع وتدخلات البيئة والتربية والمناخ الفكري والأيديولوجي والنفسي العام لكلٍ منا في موقعه ذاك.. وبالتالي فإن كلٍ من المحورين يحملان الخير والشر، النبل والخسة، الصح والخطأ في جينات مشروعها السياسي وكما في دائرة تاو الفلسفية حين ترسم الدائرة وبداخلها سمكتان بلوني الأبيض والأسود ولكن السمكة البيضاء تحمل عيناً سوداء بينما السوداء تحمل عيناً بيضاء.. وهكذا هي الحياة عموماً وضمناً محوري قنديل وأربيل في الحركة الكوردية؛ فلكل من المحورين ما يحسب له وما يحسب عليه.
لكن ما يميّز المشروعين؛ قنديل و“الأمة الديمقراطية” عن محور أربيل والدولة القومية هي عدد من النقاط والقضايا وأبرزها؛ هي واقعية وموضوعية أحد المشروعين _مرحلياً على الأقل_ ألا وهو مشروع الدولة القومية وقد بيّنا ذلك في عدد من المقالات والبوستات السابقة، بينما مشروع “الأمة الديمقراطية” هو مشروع أقرب إلى الطوباوية والمثالية السياسية كون البيئة والمناخ الحضاري الاجتماعي والاقتصادي غير مهيأ بعد لاستقبال هذا المشروع السياسي _وللعلم فإنني أفضل العيش في دولة ديمقراطية منها على الدولة القومية وعصبياتها العنصرية، لكن الطموح شيء والواقع شيء آخر تماماً_ وهكذا فإن مسألة ولادة الدولة القومية الكوردية هي أقرب إلى الواقع الراهن وتحقيقه وذلك لعدد من الشروط الذاتية والموضوعية ومصالح الدول العظمى في إعادة توزيع خارطة المنطقة والجغرافية الشرق أوسطية وذلك لخلق بؤر توتر جديدة بالمنطقة. وبالتالي ضخ المزيد من الترسانة الحربية لها وهذا يعني شيء واحد _فقط_ تدفق البترول ورأس المال لتلك الدول الصناعية والمنتجة للعتاد الحربي والعسكري وتسويقه في صراعاتنا الداخلية.
وهكذا فإن مشروع “الأمة الديمقراطية” مؤجل حضارياً ثقافياً كون ثقافة المنطقة ما زالت تعاني من انقسامات مجتمعية حادة بين الولاءات القبلية العشائرية والحزبية السياسية وكذلك القومية والدينية المذهبية وناهيك عن عامل التخلف والاقتصاد البدائي والذي يدفع إلى المزيد من الانكفاء على الذات والخصوصية وكذلك العامل النفسي والوجداني لدى الشعب الكوردي _خاصةً_ وما تُحقق له حلم الدولة القومية من أحلامٍ وردية لا تقل عن فكرة “المؤمن المجاهد” عن “جنات عدن” وتحقيق الحلم النهائي له.. وبالتالي فإن وقوف حزب العمال الكوردستاني (سابقاً) بمنظوماته السياسية والأيديولوجية في وجه الطموح الكوردي لدولته القومية سيعود بآثار سلبية عليه _برأينا_ وما موقف بعض الإخوة والزملاء، والمحسوبين على محور قنديل، في تبرير وترقيع مواقف قياداته السياسية والعسكرية _مؤخراً_ إلا تعبيراً عن الحالة وذلك ناهيك عن الشارع الشعبي والمؤيد لفكرة الدولة الفكرية.
بقي أن نقول بأن كل مشروع من المشروعين السالفين الذكر؛ “الأمة الديمقراطية” والدولة القومية خاضع لشروط وظروف خارجية إقليمية دولية _ربما تكون أكثر مما هو خاضع للإرادة والقرار الكوردي نفسه_ حيث حزب العمال الكوردستاني كان يطالب بقيام كوردستان الكبرى _ما عدا غربي كوردستان_ وذلك عندما كانت القيادة في سوريا وتخضع لواقع سياسي معين ولكن وعندما أصبح زعيم التيار والحزب السيد عبد الله أوجلان في قبضة الدولة التركية فإن المشروع تم إخضاعه لعملية “فرمتة سياسية” _إن صح التعبير_ وتم تحويل الهدف الاستراتيجي من دولة كوردستان الكبرى _والقومية بكل تأكيد_ إلى “الأمة الديمقراطية” وتدريجياً وبالتالي التضحية بالقومي لحساب الديمقراطي؛ حيث نرى اليوم خلو كل المنظومات السياسية لهذا التيار والمدرسة الفكرية _وفي أجزاء كوردستان الأربعة_ من أي إشارة لما هو كوردي أو كوردستاني؛ حزب الاتحاد أو الحل الديمقراطي ومن دون الكوردستاني.
وبالمناسبة هذا ليس تخويناً للعمال الكوردستاني وإنما قراءةً لواقع سياسي مأساوي لشعبنا وحركتنا الكوردية وإن العمالي الكوردستاني لم يكن الأول في خطو هذه الخطوة في سياسة الاعتماد _جبراً وليس إرادةً_ على الأنظمة الغاصبة لكوردستان فقد سبقتها القيادة الكوردستانية في جنوب كوردستان وتحديداً الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكوردستانيين؛ حيث لم يكن من مفر وإلا فإن مصير حزب العمال الكوردستاني _من دون ذاك الاعتماد_ ما كان يمكن أن يكون أفضل من مصير باقي الأحزاب الكوردستانية في الشمال كالحزب الاشتراكي الكوردستاني مثلاً وذلك على الرغم من تقديرنا لكل الدماء والتضحيات التي قدمها العمال الكوردستاني والتي جاءت نتيجةً لتلك السياسة وليست مقدمة لها.. وهكذا فإن سياسة الاعتماد على الأنظمة الغاصبة كانت لها جوانبها الايجابية كما لها أثمانها وفواتيرها السياسية؛ “تغييب” جغرافية كوردستان سوريا في خطاب أوجلان مع نبيل ملحم في كتابه (سبعة أيام مع آبو). أما بعد دخول السيد أوجلان إيمرالي وبأيام كان هناك توجه في القيادة بأن يكون قرارات وتوصيات السيد عبد الله أوجلان غير ملزمة للحزب، كونه رهن الاعتقال والسجن، وباعتقادي الشخصي كان من الأفضل إتباع تلك السياسة حتى لا تخضع الإرادة السياسية لما يمكن أن نسميه بإرادة الدولة المركزية التركية.
وهكذا فإن كلٍ من قنديل وأربيل؛ هما في منافسة على تسويق مشروعهما السياسي وإني أرى بأن فوز الإقليم وأربيل العاصمة هو أقرب إلى الواقع وبالتالي على المحور الآخر (العمال الكوردستاني) تدارك هذه الحقيقة وإلا فإن قاعدته الشعبية ستتعرض لهزة قوية كون الشارع الكوردي عموماً مأخوذ بحلم الدولة القومية وذلك مهما حاولت قيادات الإدارة الذاتية من القول بأن عصر “الدولة القومية مضى وقتها” و“برر” له بعض الإخوة بتبريرات واهية كقول الزميل إبراهيم إبراهيم بأن تلك “حقيقة علمية” و“الكل يقولها” وبنفس الوقت “تبقى وجهة نظر” فذاك التبرير أوهن من بيت العنكبوت؛ حيث ينسى العزيز إبراهيم _وهو الناطق باسم الاتحاد الديمقراطي في أوربا_ بأن الحقائق العلمية غير قابلة “لوجهات النظر المختلفة” كونها حقائق علمية وذلك إن كانت “حقيقة علمية” بالأساس وفعلاً، ناهيك عن أن “مضي” زمانها وعصرها.. وهي “الأمة الديمقراطية” في هذه تشبه الدولة الدينية (الإسلامية) حيث هذه الأخيرة هو نوع من الهروب إلى الماضي و“زمن الرسالة” بينما “الأمة الديمقراطية” هو هروب إلى المستقبل وبالتأكيد تبقى هذه الأخيرة أفضل من الهروب إلى الماضي ولكن وبالتأكيد نحن محكومون بالعيش في الحاضر وهي الدولة القومية كحالة حاضرة وراهنة في واقعنا السياسي.
ملاحظة أخيرة: إن أكبر الخوف على مشروع الدولة الكوردية يأتي من العامل الذاتي والداخل؛ حيث الانقسام في موقف كورد (العراق) أنفسهم ونحن نعلم ولاء السليمانية عموماً والاتحاد الوطني الكوردستاني للسياسة والمحور الإيراني الرافض لفكرة الدولة القومية في إقليم كوردستان (العراق) لكن ما يدعوني للتفاؤل هو العامل الموضوعي الخارجي؛ حيث هناك نية ومصلحة للغرب عموماً وأمريكا على وجه الخصوص لخلق توازن جديد في المنطقة وجعل الكورد أحد اللاعبين السياسيين الأساسيين.. وهنا نأمل أن لا يخذلوا الكورد _مرة أخرى_ ويتركوهم في منتصف الطريق إلى حلمهم المنشود في الدولة الكوردية.
[1]