ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3200 - #29-12-2010#- 16:53
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
تعتبر العلاقات العامة بين الجهات كانت ام الافراد من الامور الهامة و الحديثة نوعا ما على البحث بشكل علمي، و موضع الاهتمام من قبل المراكز المختصة مقارنة مع المواضيع الانسانية و الاجتماعية الاخرى. على الصعيد الفردي، تعتمد العلاقات الاجتماعية كانت ام السياسية ام ايديولوجية على مجموعة من المقومات الاساسية التي من الواجب توفرها لنجاح المراد بحثه في شان موضوع عند ابنثاق اي نوع من العلاقات المطلوبة ،و في مقدمة المتطلبات و الاركان الهامة التي تستند عليها هي ثقافة الفرد و فلسفته و عقليته التي تحدد التعامل مع الاحداث و المواضيع التي يمكن ان لا تكتمل الا بوجود علاقات مختلفة بين الاطراف، و يقف ذلك ايضا على الامكانيات الفكرية و اللغوية المعبرة عن النوايا و الاراء و المواقف و الافكار تجاه ما يبحث ،مع توفرالطرق المتبعة للبحث سوى كانت البحث بسيط وربما يكون بشكل صريح وهذا ما تتخلله المجاملة، او الاستناد على الاتكيت او الدبلوماسية المطلوبة في العمل و هي التي تعبر عن الشخصية و القدرة الذاتية للمحاور في تفهم المطروح بشكل غير مباشر ، و من جانب اخر مستوى اقناع او اقتناع الفرد المعني و قدرته على بناء خط التواصل الى النهاية.
و هذا يختلف حسب درجة القرابة ان كان اجتماعيا بين الاهل و الاقرباء و الاصدقاء او رسميا بين زملاء العمل وفق درجاتهم و مراتبهم او سياسية رسمية بين جهة و اخرى.
بداية لابد ان نذكر بان الحياة و التفاعلات الموجودة فيه و التطورات التي حصلت على المجتمعات جعلت العلاقات موضوعا انسانيا و اجتماعيا علميا فارضة نفسها على اي باحث في الغور فيها ابضا، هناك اختلاف كبير بين الشرق و الغرب و حتى بين منطقة و اخرى في هذا المشوار ، و هناك فرض للعديد من الالتزامات و الشروط المختلفة على العلاقات من حيث التعامل مع القريبين او مع الاخر البعيد على المستويات المختلفة الخاصة منها او العامة وفق نوعية العلاقة و الهدف منها.
المجتمع الشرقي و خاصة منطقتنا معلوم السمات و الثقافات و ما يمتلك من الخصائص و ما يرتبط به و يؤمن بما فرضه عليه التاريخ و التراكمات من العادات و التقاليد و الالتزامات الاجتماعية التي تفرض على الفرد العديد من الشروط في تحديد المسار ، و ان لم يؤمن هو بذاته به و مجبر على اتباعه في علاقاته المختلفة، و هذا ما يعكس سلبا ايضا على العلاقات العامة بين الجهات و المؤسسات العديدة.
لو دققنا فيما يخص الفرد بالتمعن وهو ما يهمنا هنا اننا نلاحظ ان العلاقات التي تربط مكونات المجتمع مع بعضها تستند على الاخلاقيات و القيم و المباديء و العقائد الثابتة المتوارثة دون ان يكون للمكون الحالي اي راي صريح في بناءه ، و مدى نجاحه يقاس على درجة التزامه بما يفرضه عليه ما موجود في المجتمع و ما يرفضه بالمعايير المتوارثة، و هكذا ايضا يصح على بين الجهات و المؤسسات .
عندما يتكلم اي منا عما يؤمن و يعبر عنه يحسب لما يمنعه من التصريح به كي لا يخل بما يهدف و يوضح للاخر ماهو عليه من المستوى الثقافي و الوعي العام في الحياة و يتكلم بحذر قبل ان يكشف ما يحب المقابل او يؤمن، و ان كان كلامه عاما الا انه يعبر عما يملكه من المعلومات و الخبرة، و هذا ما يفرض على المقابل المتقبل وتقييمه وفق المعلن ، اما على الصعيد الجماعة او الجهة فيكون الخطاب الصادر عنها معبرا عن خلفيتها الفكرية او العقيدية او الايديولوجية او الفلسفية و من جوانبها المتفرقة، و هذا واضح للعيان من قبل الاكثرية الموجودة على الساحة العامة من الافراد في منطقتنا، و ربما يحاول البعض اخفاء ما يريده في الحقيقة الا انه لا يستطيع نفي ما يريد بشكل مباشر و هنا تزداد احتمالات الاخفاقات في الاقناع، و تعتمد تلك العملية على طبيعة الشخصية التي تلعب الدور الرئيسي في بناء تلك العلاقات و بتلك العملية المعقدة، و كثيرا ما يُوظف لغة معينة لكل غرض و مقصد لتحقيق المرام و الاهداف المعلنة و غير المعلنة.
عند تعامل الفرد مع الاخر سوى كان بالتحاور او التفاعل و التعمق في بناء العلاقات، فانه اما يكون صريحا فيما يطرح و هذا نادر و سيكون الرد على الاغلب غير مريح و ربما سيؤدي الى التقاطع و عدم استكمال المهام او بالاحرى سيؤول الى تحفظ الاطراف فتبقى الحال على سكون دون تغيير ان لم تتردى الى الاسوء ، و هذا ما يكون بعيدا عن التقدم المنشود المطلوب من تحقيق الاهداف عن طريق بناء العلاقات. اما في المقابل هناك اتباع الطريقة القديمة المبتذلة وهي المجاملة و الاستطراد في الوصف و المدح التي تؤدي الى نجاح المهام المؤقت دون تحقيق الاهداف الحقيقية و هو خدمة الانسان، مما يؤدي الى تضيع الحقيقة بين السطحية و الشكليات بعيدا عن بحث الجوهر و دراسة الموضوع بشكل علمي، و بين هذا و ذاك هناك الدبلوماسية و الكياسة في العلاقات على مستوى الفرد ، و هذا يعني طرح المواضيع باشكال معينة و بطرق غير منتجة للخلل او ما يمكن ان نسميه بروز علامات الاستفهام عند الاخر و دون خدش اي طرف او تعقيد في الامور، و هو المطلوب باحتساب الزمان و المكان و متطلباتهما و الاهتمام بهما بقدر جوهر الموضوع، والنظر الى الوقت بعين الاعتبار . اللغة و طبيعة الطرح و الاهداف من عوامل نجاح تاسيس اية علاقة و على اي مستوى كان. و هذا ما ينعكس ايضا على العلاقات الاكثر تشعبا بين المؤسسات الحزبية و المدنية و تحتاج الى الكثير من البحث و التمحص للخروج بنسبة من النجاح.
ان كان هذا على المستوى العام للمواطن البسيط و المؤسسات و الجهات السياسية الداخلية اما لو دققنا فيما يجري على مستوى البلدان او القيادات العليا فتحتاج الى الكثير من التعمق .
اهم ما يجب طرحه من اجل التصحيح هو علاقة الفرد بالقائد و تعامل الناس بهم و ما يحدث من التملق و التزلف فحدث و لا حرج، و هذا ما سيؤدي الى الكوارث و كل ذلك من شان تغيير عملية ربط المكونات و اعادة تقييم العلاقات، فالمجاملة و المدح و الترضية و الوصف و المدح و توظيف كافة الاصطلاحات و اللغات في هذا الشان هو اساس بناء الدكتاتوريات على كافة الاصعدة، و تكون البداية هية نبت بذور الغرور في فكر و عقلية و توجهات القائد و هو ما سيجبر على تفكير القائد في احلام اكبر من قدرته و فوق مصالح الشعب. اي العلاقات و طبيعة التعامل اساس مهم لبناء شخصية و كيان اي بلد او مؤسسة، و لكن هذه المنطقة تحوي على محتلف الانواع من العلاقات و اكثرها سطحية و اكثر مجاملة في الظاهر و معاتبة و منتقدة في الباطن و هو ما تحوي في طياتها على بذور النفاق و الكراهية اكثر من الحب، و هذه ثقافة بالية و تركها المجتمعات المتقدمة وراء راسها ، فعلى الجميع المساهمة في استئصال هذه النوعية من العلاقات و التعامل مع البعض و بناء علاقات طبيعية صادقة صريحة و دبلوماسية علمية نافعة مبنية على الحب و الصدق لبناء المجتمع القويم، ليكن المجتمع واضح المعالم بعيد عن التناقضات و النفاق ، و على الجميع اعادة النظر في بناء العلاقات و تحقيق الاهداف الانسانية الصحيحة بطرق مستقيمة، اي اعادة تقييم العلاقات و تصحيحها على كافة الاصعدة هدف اني يفرض نفسه.[1]