الشاعر والعالم الكوردي (ملا عمر بك بن ملا خالد بك) الملقب ب(رنجوري) ولد عام 1750 في قرية زيويه عند الضاحية الشمالية لمدينة كركوك، اشتهر باطلاعه على مختلف علوم زمانه الدينية والدنيوية. تحتفظ دار المخطوطات العراقية بالعديد من مؤلفاته المخطوطة في الفقه واللغة والمنطق والشريعة وعلم الفلك...
كتبه : طارق كاريزي
تعد كركوك اعرق مدينة ثقافية في كوردستان الجنوبية، ورد في مصادر الديانة اليارسانية خصوصا في كتاب (سرنجام) المقدس، اشعارا لشعراء من كركوك نظموا الشعر بالكوردية في بداية القرن الميلادي العاشر. مع هذا فان تأريخ الادب الكوردي المدوّن في كركوك يواجه معضلة ضياع القسم الاعظم من منجزه. لذلك نرى نماذج متعددة ومتفرقة لنتاجات سلسلة من الشعراء الكورد الذين كتبوا بالكوردية (لهجة كوران) بشكل واسع منذ القرن السابع عشر، ومن ثم نجد شعراء كتبوا بالكوردية (اللهجة الكرمانجية الوسطى) منذ القرن الثامن عشر، واخيرا باتت السيادة للكرمانجية الوسطى باعتبارها اللغة القياسية للادب الكوردي المدوّن، خصوصا بعد تأسيس مدينة السليمانية عام 1784 كعاصمة لدولة بابان.
الشاعر والعالم الكوردي (ملا عمر بك بن ملا خالد بك) الملقب ب(رنجوري) ولد عام 1750 في قرية زيويه عند الضاحية الشمالية لمدينة كركوك، اشتهر باطلاعه على مختلف علوم زمانه الدينية والدنيوية. تحتفظ دار المخطوطات العراقية بالعديد من مؤلفاته المخطوطة في الفقه واللغة والمنطق والشريعة وعلم الفلك. كان عالم زمانه والتف حوله المريدون والدارويش، ومن ابرز مأثوراته ديوانه الشعري الذي رأى النور في ثمانينيات القرن الماضي.
دفن رنجوري بعد وفاته عام 1810 في مقبرة شيخ محي الدين في مركز كركوك الحالية، وبات مريدوه يزورن مثواه حتى النصف الاول من القرن الماضي. وبعد توسع المدينة وفتح الطرقات الحديثة فيها، ازيل الجزء الشمالي من المقبرة المذكورة وباتت مكان قبر رنجوري جزء من حديقة عامة، ثم تحولت بعد عام 2003 الى ثانوية باسم ثانوية هوزان للبنات. وهكذا فقد اضمحل قبر رنجوري ولم يبق له اي اثر شاخص.
تبنى المتخصص في شؤون كركوك خالد علي مراد جاف مشروع اعادة بناء قبر هذا الشاعر الشهير، وقد دعمت (مشكورة) مديرية اوقاف كركوك المشروع ليتحول من مجرد قبر الى دار ثقافية متعددة الاغراض. وقال خالد جاف المتخصص في شؤون كركوك استنادا الى معلومات نشرها الآثاري الكبير الاستاذ عبدالرقيب يوسف والمتخصص في التراث الثقافي الكوردي د. محمد علي قرداغي، تم الاهتداء الى المكان الذي دفن فيه الشاعر والعالم الكبير رنجوري. وتابع ايضا ونظرا لكون هذه الشخصية علم من اعلام كركوك وكوردستان عموما، فقد ارتأينا بناء مؤسسة ثقافية تحمل اسمه وفي نفس الوقت يتم اعادة بناء مثواه بشكل يليق بمنزلة هذه الشخصية.
وحول حيثيات المشروع والغاية منه، اوضح المتخصص في شؤون كركوك الاجيال الجديدة ومنذ عقود خلت باتت بمعزل عن التراث الثقافي لكوردستان، ونظرا للدور الكبير الذي لعبته كركوك في الثقافة الكوردستانية، وجدنا من المهم السعي للتعريف برموز من ثقافة كركوك الماضية. واكد خالد جاف ولعل العالم والشاعر الكوردي الكبير رنجوري احد الاعلام البارزة في ثقافة كركوك اثناء القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، لذا وقع اختيارنا عليه، خصوصا وان كتاباته وموروثه الثقافي يعد داعما قويّا لمشروعنا. ومن هنا اؤكد جزيل شكري لمديرية اوقاف كركوك لدعمها وترخيصها المشروع وايضا نشكر مديرية تربية كركوك لعدم ممانعتها انجاز هذا المشروع في احدى زوايا ثانوية هوزان للبنات.
يذكر ان دار رنجوري مؤسسة ثقافية تتألف من طابقين، الطابق السفلي منه يتألف من مكتب الشاعر رنجوري حيث تعرض فيه ادوات الكتابة وعدة عمله كعالم مع نماذج من اشعاره تعرض على شكل لوحات خطية. وبجانبه يكون هناك مخرن لحفظ الكتب والوثائق، اما الطابق العلوي من الدار فتتألف من قاعة محاطة بمكتبة عامرة بذخائر الادب الكوردي، خصوصا دوايين وكتب الشعراء الكلاسيكيين الكورد. هذه القاعة ستخصص للمطالعة وعقد الندوات الثقافية والفكرية وايضا مناقشة رسائل واطاريح الدراسات العليا، مزودة بتقنيات العرض الحديثة. ويضم الطابق العلوي ايضا مرافق خدمية.[1]