الكاتب و المفكر ريبوار سيوه يلي هو احد المثقفين الكورد الذي يملك قدرة انتقادية و بنظرة واقعية خارقة في قراءته لكل المسائل و الأحداث وبنجاح متميز،وهذا ما جعله شخصية تجمع بثقافتها وفي آن واحد بين( مع و ضد)لهايدكر في اراءه وتوجهاته،و هو يجمع كذلك بين الجانبين الأيجابي و السلبي في كتاباته،و التقته كولان ووجهت له عدة اسئلة تتعلق بعملية انتخابات برلمان كوردستان و تقييم اداء الأحزاب السياسية و مستوى مشاركة الجماهير فيها:
ترجمة/ بهاءالدين جلال
الكاتب و المفكر ريبوار سيوه يلي هو احد المثقفين الكورد الذي يملك قدرة انتقادية و بنظرة واقعية خارقة في قراءته لكل المسائل و الأحداث وبنجاح متميز،وهذا ما جعله شخصية تجمع بثقافتها وفي آن واحد بين( مع و ضد)لهايدكر في اراءه وتوجهاته،و هو يجمع كذلك بين الجانبين الأيجابي و السلبي في كتاباته،و التقته كولان ووجهت له عدة اسئلة تتعلق بعملية انتخابات برلمان كوردستان و تقييم اداء الأحزاب السياسية و مستوى مشاركة الجماهير فيها:
كولان: اعتبرت كل الأطراف السياسية العملية الأنتخابية لبرلمان كوردستان و التي جرت في الأسبوع المنصرم بأنها عملية مصيرية ،هل ان هذا يخص تلك الأحزاب فقط أم اقليم كوردستان عموماً؟
ريبوار سيوه يلي : من المفروض ان تعلموا ان موقفي حول ادارة الدعايات الأنتخابية كان انتقادياً وقد اكدتُ ذلك من خلال الكتابات التي نشرتها خلال تلك الفترة و بأطلاع جميع الأطراف،ولكن موقفي عن الأنتخابات و موعدها كان موفقاً بالرغم من انَ توجه معظم الأحزاب في مراسيم الأنتخابات كان متشابهاً ايضاً ،من انْ يقوم كل طرف بالأشادة الى رموزه و تأريخه و شهدائه و نضاله،ولكن ما يؤسف اليه هو وقوع بعض الحوادث المؤسفة خلال تلك الفترة.
ان هذه العملية كانت مصيرية بالنسبة لأقليم كوردستان على ثلاثة اصعدة،و التي من الممكن الأستفادة منها باتجاه الوحدة الوطنية و (المشروع الكبيبر)و في مقدمته من منطلق تغيير نظرة الدول العظمى في دعمها لأقامة دولتنا المستقلة الى الثقة بالنفس و الوحدة الوطنية، و الأصعدة الثلاثة التي تبرز مصيرية العملية هي المحلي و الأقليمي و الدولي.
فعلى الصعيد الأول نرى أن تلك الجهات التي كانت لها الدور في اندلاع الحرب الداخلية في السابق إنها تدخل لأول مرة في منافسة ديمقراطية وقد ازالت بذلك شيئاَ من تداعيات و تأثير الحرب الداخلية و وقعت في منافسات شديدة،وعلى هذا السياق فإن الأنتخابات بدلاَ من تشتيت شمل الأطراف و تجعلها تفكر في منطق القوة نجدها تفكر بجدية في مستقبل البلاد بمنطق السلام و التسامح،كما ان تأثير ذلك و تشبث و ضبط النفس لدى الأطراف عند كل توتر محتمل سوف تكون له نتائج على صعيد المجتمع و النضال القومي،وعلى هذا الأساس فإن هذه العملية هي بمثابة دافع واضح للكورد في اجزاء كوردستان الأخرى و المقيمين في المنفى،من اجل الأستمرار في النضال السلمي و الديمقراطي والحصول على حقوقهم القومية.
وعلى المستوى الأقليمي استطاع الكورد ان يبينوا عبر هذه العملية لمعظم الدول الدكتاتورية في المنطقة انه من الممكن حدوث ثورات دون اي عنف سياسي او ايديولوجي،كما استطاعوا جذب انتباه الدول المتنفذة و ازيحت بذلك الصورة المشوهة التي رسمتها تلك الدول حول التعصب القومي للشعب الكوردي،والتي كانت تعتبر الكورد خطراً على السلام في المنطقة ، ان هذه الأنتخابات اظهرت صورة الكورد كشعب يستفيد من الفرص و لايستغلها لمآرب اخرى،وعلى هذا الأساس اخذ الرأي العام في المنطقة يثير مشاعرالشعوب المجاورة تجاه مصداقية الكورد و حسن نواياهم،ان هذه العملية تمنح المجتمع المدني و المواطنين الأحرار في الدول المجاورة للأقليم من الفرس و الأتراك و العرب فرصة جيدة تجعلها تغيّر اراءها حول افكارها التسلطية بشأن نضال الكورد الذين يعيشون في ظلها و جعلها اكثر انسانية في التعامل مع قضايا الكورد بروح ديمقراطية و سلمية وعن طريق الحوار و المباحثات وانْ لاتنسى تلك الدول الكورد عند أي خطوة تخطوها نحو دمقرطة انظمتها و مجتمعاتها.
وعلى الصعيد الدولي و القومي،رفعت العملية قيمة السلع و الشارات و الرمزية الكوردية و تمت ملاحظة ذلك في التعامل الدولي وفي المحافل السياسية و الثقافية،و من اجل الحصول على الأحترام و الدعم الدوليين للقضية الكوردية،وهنا أود القول بأن نجاح هذه العملية لايقتصر فقط على فوز الأطراف السياسية بل هي نجاح لكل الكورد في أي بقعة من العالم، لأن العملية الأنتخابية جرت في بلدانها وقد ترك الكورد بصماتهم على ساحة النضال الديمقراطي لأثبات حقهم في فرض الأرادة الداعية الى تأمين مستقبلهم،ولقد أثبت هذا النضال للاوساط السياسية و حتى للدول الأوروبية بأنّ اقليم كوردستان الذي يضم الكورد و جميع القوميات و الديانات تعيش في سلام دائم على ارض آمنة،والأمر يتطلب ترجمة هذا النموذج من النضال على المحافل الدولية و التعريف بأرادة الكورد القوية والتي تصب في مساعي الديمقراطية و التسامح و العيش الكريم.
كولان:العملية الأنتخابية الأخيرة شهدت حماساً منقطع النظير و قد انتهت بنجاح،ماهي قراءتك لأدارة الحملات الأنتخابية؟
ريبوار سيوه يلي : في الحقيقة كانت لدي ملاحظات منذ البداية عن اختيار بعض المرشحين و المعايير التي تمت بموجبها عملية الأختيار، لقد ثبت في العملية المبدأ الرجولي لم تتم فيها مراعاة الجوانب التربوية، كان من الممكن تحويل مثل هذه المناسبة الى مهرجان ثقافي متنوع، كنت اشاهد القليل من المرشحين وهم يرتدون الزي الكوردي،ومن الناحية التربوية فإن كل الأطراف كانت توجه رسالاتها فقط الى الناضجين فكرياً من ابناء الشعب وهم تناسوا الأطفال الذين لم يكن لهم حق الأدلاء باصواتهم،لقد تجمعت نفايات كثيرة جراء الوسائل التي استخدمها المرشحون متجاهلين بذلك تعليمات مفوضية الأنتخابات في عدم استخدام الأماكن العامة ، لم تسود الحملة أي علاقة ودية اضفى عليها طابع الحزبية الضيقة بعيداً عن الشعور القومي، لم يتناول المرشحون في دعاياتهم قضايا الكورد في الأجزاء الأخرى أو حقوق الأنسان أو الأجانب و ذكروا قليلاً الرموز القومية و التأريخية،لم يقم أي مرشح في تلك الفترة بزيارة مجمع اللاجئين الكورد، كان المرشحون يتحدثون قليلاً عن حقوق المرأة و رفع الظلم عنها أو التسامح و العطاء و التعاون و المحبة و الصداقة و التعددية و اللاعنف و مفاهيم مماثلة اخرى.
ومع كل هذه الأمور ان هذه بداية للممارسة الديمقراطية ،والديمقراطية هي ثقافة شخصية و اسلوب ضبط النفس في مساحة عامة قبل انْ تكون اسلوباً سياسياً،ان الديمقراطية كثقافة عبارة عن تحرير (الذات) الشخصي من (نحن) العام،انها صوت الفرد خارج ضجيج الحشود و هذا بحاجة الى وقت في اقليمنا الكوردستاني ليأخذ فهم الديمقراطية مكاناً مناسباَ كتجسيد لأرادة الفرد في الوصول الى الحرية،مع انّ ثقافة الديمقراطية قديمة جداَ و بدايتها تعود الى الهند و اليونان ولكن هناك انتهاكات للمبادىء الديمقراطية في معظم دول العالم،وهذه تتعلق بمستوى وعي الأنسان،اكبر مخالفة شاهدناها في حملاتنا الأنتخابية كانت عبارة عن استخدام وسيلة للوصول الى الهدف و عكسها صحيح،علينا وضع الحد لمثل هذه المخالفات مستقبلاً حتى لاتكون الحملة عكس الهدف و المظاهر الديمقراطية.
كولان:ما بعث على الأرتياح في هذه العملية وجود المستوى العالي من مشاركة الجماهير في التصويت،والذي بلغ اكثر من 70% السؤال هو الى أي حد تعتبر تلك المشاركة مهمة بالنسبة للعملية الديمقراطية؟
ريبوار سيوه يلي : صحيح كانت نسبة المشاركة عالية ولكن في الوقت ذاته كانت نسبة عدم المشاركة و الأمتناع عن التصويت عالية ايضاً،وكلتا الحالتين في الديمقراطية اعتيادية بل انهما ضروريتان،ان النسبة العالية من المشاركة تشكّل في احد جوانبها خطراً من حيث رفع عدد الأصوات بالنسبة الى جهة معينة التي قد تعطي هوية المطلقية الأغلبية طرف معيّن ومن ثم يرى نفسه اعلى من غيره في عدم ايلاء اهتمام بأشراك الأطراف الأخرى التي تختلف عنه في الفكر،ان عدم الأدلاء بالأصوات حق ديمقراطي و لايدخل في اطار أي طابع للطعن الأخلاقي،أو خارج القانون و الحقوق،و في التقييم النهائي فأن المستوى العالي للمشاركة أو عدم المشاركة يعطي القيمة ذاتها للعملية الديمقراطية،لأن أية واحدة منهما سوف يكون لها موقع خاص في تعريف العملية و التي تمنع وصول البعد الفردي السياسي مستوى المطلقية.
كولان: الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالرغم من كونه من الأحزاب الرئيسة الحاكمة الاّ انه بدأ حملته الأنتخابية بعد خمسة ايام من موعد اطلاق الحملة، و كانت حملة البارتي مكثفاً و شاملاً، كيف تنظر الى هذه الحملة؟
ريبوار سيوه يلي : انني لم افهم ابداً اسباب تأخير البارتي في اعلان حملته الأنتخابية ولم اتابعها ، قد يكون السبب هو قراءة البارتي للأطراف الأخرى أو الثقة الزائدة بالنفس أو كان هناك خلاف في هذا الموضوع لاادري!ولكن عندما بدأ حملته فقد ارتكب هو الآخر مثل الأطراف الأخرى مخالفات من الناحية الجمالية و التربوية، واستخدم الأماكن العامة و أوقف برامجه الترفيهية و الصحية و التربوية في وسائل اعلامه. ولكن لو نظرنا من الناحية الأجتماعية الى اساليب حملة البارتي الأنتخابية فأنها كانت اكثر مهنية،ومع أن الأصوات التي حصل عليها البارتي هي معظمها من القائمة و من بعض شخصيات الحزب،وليست من المرشحين و يمكن القول بأن البارتي لم يجر حساباً دقيقاً في مسألة الأصوات التي يحصل عليها. ولكن قادة هذا الحزب قاموا بتقسيم الاقليم من الناحية الجغرافية كفريق موحد، واوصى مرشحيه بعدم اطلاق وعود كبيرة للجماهيرو دعاهم الى احترام المؤيدين و المرشحين من الأطراف الأخرى،وعدم اثارة الفوضى أو استفزاز الآخرين،وقد ادى المرشحون دوراً ايجابياً في مواصلة حملاتهم الأنتخابية و نجحوا فيها.
لقد كان مستوى التزام مؤيديهم بتوجيهات قادتهم عالياً جداً و الذي أظهر مرجعية البارتي في قراراته و نبذ الخلافات الداخلية،كما بيّن البارتي بانه يستطيع السيطرة و اقناع قاعدته الجماهيرية بضبط النفس عبر المبادىء الفكرية و الحزبية،وانعكس ذلك على المجتمع ايضاً الذي توصل الى معرفة اهمية التزام جماهير البارتي بتعليمات قادتها و توجهاتهم،وقد تكون هذه الخطوة مهمة بالنسبة الى جوانب حياتية اخرى يستفيد منهم الحزب و لنفرض انها استخدمت في حملة للتبرع بالدم لمرضى التالاسيميا و للمستشفيات،أو في تشكيل فريق للدفاع المدني لأنقاذ الناس من الحرائق و الفيضانات و الزلازل و مساعدة الفقراء و المحتاجين،ولكن السؤال هو: كيف استطاع البارتي تحقيق هذه المهمة؟ هل عبر الأموال أم تحت التهديد؟ لايهمني ذلك! المهم هنا أن هناك ثقافة لدى اعضاء و مؤيدي هذا الحزب و مستوى من الصراعات السياسية التي تقنع مؤيدي الحزب من اجل التوافق الأجتماعي و زيادة نسبة المؤيدين.
من جهة اخرى فإن البارتي و خصوصاً عائلة البارزاني تمكن من اسكات بعض الأفواه التي كانت تصفها بأن افرادها مختلفون بينهم،صحيح انهم كانوا قليلاً يظهرون بشكل جماعي اثناء الحملة الأنتخابية ولكن هدفهم واحد و سبب ذلك هو اتفاقهم و قرارهم المسبق،و الى جانب هذا فأنهم لم يكونوا من مطلقي الشتائم و الأقوال النابية و التخوين التي لم ينجو منها الكبار و الصغار في السنوات الماضية،ولكن مع هذا نجد أنّ الحزبيين من العائلة اصبحوا عرضة لمهاجمة ثقافة الأنسان و كرامته في منطقتي بهدينان و بارزان بصورة عامة،و يتوجب علينا رفضه و عدم جعل الحقد على البارتي و العائلة منفذاً لتوجيه الكلام الى المواطنين و ثقافة المنطقة،اضافة الى ذلك رأينا هذه المرة أنّ كبار قادة البارتي بدءاً من رئيسه و نائبه وحتى المناصب الأخرى لم يستسلموا الى وسائل الأعلام،بل استطاعوا وضع حد للأعلام و شاركوا الجماهير حملتها الأنتخابية،ولذا فقد اثار فوز الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحصوله على الأولوية انتباهي اكثر من فوزه النسبي و العددي لأن الفوز العددي و النسبي شىء مؤقت يمكن الحصول عليه بشتى الأساليب،وعلى سبيل المثال عبر الرشاوى و الأموال أو الوعود المختلفة أو التزوير( ولنفترض أن بعضاً من هذه الأساليب قد تم استخدامه من قبل البارتي)ولكن توافق الرأي و الطاعة و الثقة و احترام المرجعية السياسية و القادة و ضبط النفس قد لاتأتي بسهولة ولايمكن المحافظة عليها بأستمرار،وهذا يجعلني ان أقول بأنه على البارتي الأنفتاح على المجتمع بقدرمستوى فوزه الأخلاقي ويتحمل المسؤولية التي تقع عليه من الآن فصاعداً وأن يفي بالوعود التي اطلقها لجماهيره،وهذا يتعلق بكيفية تعامل البارتيين مع المعادلات السياسية و المعارضة و خصوصاً جماعة التغير.
كولان: ان ما يبعث على الأرتياح أنّ جميع الأطراف السياسية اعلنت بعد انتهاء العملية الأنتخابية التزامها بالنتائج وهذا يعني انها انتهت بنجاج كما يشهد بذلك المراقبون و القتصليات، ما اهمية انجاز مثل هذه الأنتخابات بالنسبة الى اقليم كوردستان؟
ريبوار سيوه يلي: اعتقد ان القنصليات ليست معايير لنزاهة العملية و كذلك المراقبين الدوليين لأنهم ينظرون الى نسبة المخالفات و التزوير و بعض المسائل الفنية و التعليمات المعدة مسبقاً وهي مهمة جداً،ولكن المعيار المهم هو شعب كوردستان الذي يشعر بأنه توجه الى صناديق الأقتراح و ادلى بصوته الى كيان معين بمخض ارادته و في اجواء حرة، ولهذا نجد انّ بعض المواطنين قد احتسبوا على البارتي سلباً، ومن المحتمل ان يكونوا قد صوتوا لصالح التغير، أو الموجودون في المنطقة الأنتخابية للتغير صوتوا للبارتي،أو من الأتحاد الوطني الكوردستاني صوتوا لصالح التغيير أو للبارتي و الأسلاميين و الخ..اذاً فقد حدث تبادل فكري في المناطق ولا يمكن لأحد الأطراف الأدعاء بأن منطقة معينة من الأقليم هي تحت سيطرته، لقد سرني جداً دعوة قادة الأحزاب لأعضاء احزابهم الألتزام بالنتائج و القبول بها، ما اعطى العملية ثقة عالية و كشف عن مهنية و حضارية قادتنا التقليديين.
كولان:من ينظر الى عملية الأنتخابات الأخيرة يظن أن هناك نوعاً من اسلوب المخاطبة بين الأحزاب أي وجود استعداد للعمل المشترك و تشكيل حكومة مشتركة، كيف تقييم هذه التحولات؟
ريبوار سيوه يلي: العمل المشترك لايعني فقط التوافق و الأنسجام بل أنه اظهار لجوهر يجسّد طبيعة الحكم،الشىء المهم في التعايش و التعامل المشترك هو التفاهم و الأحترام المتبادل و العمل من اجل اهداف الحكم،وليس بوجود اساليب متشابهة في الحكم و انما بأختلاف الأراء و التأكيد على الأنماط المختلفة،قد يكون هناك اختلاف في ذلك ولكن المهم ان لايكون عكس اهداف مجمل نظام الحكم،وهذا يشير الى ضرورة نزع القناع الحزبي والتفكير في السياسة بروح تكنوقراطية و عدم نقل الامور المتعلقة بمسيرة الحزب و تأريخه و فكره الى المناصب التي يتولاها المسؤولون الجدد.
الحكومة عبارة عن وحدة كبيرة للم الأختلافات من اجل ادارة المجتمع و انظمته،وعندما تتسلم السلطة عليم بذل المزيد من المساعي لآنجاحها بصورة عامة،وانْ لا تقتصر الجهود على تجسيد الأغراض السياسية و افكار حزبك السياسية،لا اريد أنْ اشير في الوقت الحاضر الى توقعات بشأن الأطراف المشاركة في الحكومة هذه المرة،لأنها على اطلاع كبير في مسألة التوافق و الأنسجام و التعامل المتبادل التي من المفروض الألتزام بها في بناء حكومة جيدة قادرة على خدمة الشعب.
كولان: يعتقد البعض أنّ نتائج الأنتخابات سوف تغيّر معادلة التحالفات في تشكيل الحكومة المقبلة، وهل ان مثل هذا التغيرسوف يخدم الشعب في هذه المرحلة؟
ريبوار سيوه يلي:هذا امر طبيعي و التوجهات السياسية المختلفة و المتضادة لاتبقى الى الأبد، فالتحالف السياسي على عكس عقد الزواج في المجال الأجتماعي ليس عقداً مغلقاً بل هو مفتوح بوجه أي طرف آخر يرغب الدخول في تحالف وفق مبدأ الاهداف المشتركة،و مجتمعنا لم يبق مجتمعاً عشائرياً بل أنه يستطيع تحقيق تحالف قوي لأن الوعي السياسي و المصلحة العامة و حلم البناء و ضمان المستقبل هي الدوافع التي تغيّر معادلات التحالف،و للزمن و التجربة دور متميز اللذين يوفران المجال للمتغيرات المزاجية و النفسية لدى اللاعبين السياسيين بهدف اعادة النظر في سلوكهم،لقد لاحظت ذلك عند اعضاء البرلمان و الأشخاص الذين كانوا يعملون معاً و استطاعوا التعرف على نفسيات البعض،و لاننسى انّ تغيير التحالفات يجب أنْ يكون على أساس الانتماء الى اهداف الحكم وليس لفرض انماطه.
كولان: نظراً لحصول الحزب الديمقراطي الكوردستاني على المرتبة الأولى في الأنتخابات، فإنه بأمكانه انْ يشكّل الحكومة بالتحالف مع الأطراف الأخرى ووفق بعض المصادر فأن السيد نيجيرفان بارزاني هو المرشح لرئاسة الوزراء في التشكيلة الثامنة،ماذا تنتظر من سيادته؟
ريبوارسيوه يلي: يعتبر نيجيرفان بارزاني في الوقت الحاضر شخصية نموذجية جديرة لمنصب رئيس حكومة موحدة،الى جانب كونه شاباً و قوياً من الناحية الفيزيكية و يمتلك تجربة غنية على الصعيدين الداخلي و الدبلوماسي،فضلاً عن أنّه شخصية متفتحة و هادئة لها تأثير على قراراته،انه شخصية يحترمها الجميع و حتى المعارضة ، و منذ سنوات فهو يعمل في مشاريع وطنية و لهذا السبب فأن ترشيحه مرة اخرى لايلقى أي رفض من البارتي وحتى من عموم الأطراف،واستطاع نيجيرفان بارزاني خلال السنوات الماضية تجسيد شخصيته بالرغم من المعوقات التي كانت تعترضه كوجود ادارتين و الصراعات الحزبية داخل الحكومة و الأنتقادات التي كانت توجّه اليه باستمرار،حيث أنّه يمتاز بذكاء خارق على الصعيدين الدبلوماسي و الثقافي و في قبول الأخر ، ومن الناحية الأقتصادية استطاع حفظ التوازن بين الأقليم و بغداد و اسكات افواه الدول التي كانت تعادي الأقليم،و كلي امل من الحكومة الجديدة ان تخطو نحو التخفيف من المشكلات الداخلية ومنها الفقر و اللاعدالة و كذلك اجراء اصلاحات تربوية و صحية و متابعة الشفافية في الحكم و ضمان حرية التعبير و الأعلام،مع ايلاء اهتمام اكثر بحقوق الأنسان و خصوصاً وضع حد للأضطهاد و رفع الظلم عن المرأة و الطفل،كما عليها العمل من اجل وضع حد للعنف الذي يُمارس بأسم الدين و العادات الكوردية البالية و الأهتمام باعمار القرى و التخفيف عن التركيز على المدن المركزية،الى جانب تطوير المستشفيات و الجامعات و بأختصارشديد انتظر من نيجيرفان بارزاني القيام بتغيير ملامح حكومة الأقليم من وحدة محلية للحكم الى وحدة قومية للحكم تضفي على المجتمع الطابع الكوردي الأصيل.
كولان:تستعد الأحزاب السياسية الآن لأنتخابات مصيرية ألا و هي انتخاب مجالس المحافظات، السؤال هو: هل أنّ نجاح انتخابات برلمان كوردستان يهىّء الأرضية لنجاح انتخابات مجالس المحافظات المرتقبة؟
ريبوار سيوه يلي: اعتقد أنّه من المهم انْ لاتتكرر الأخطاء التي ارتكبت في الحملة الأنتخابية السابقة،وأنْ يكون المرشحون من ذوي شخصيات معنوية و يراعون التعليمات الأنتخابية،و انْ يتم انتخاب الشخص الذي يستطيع خدمة المجتمع بكل اطيافه و شرائحه،والأبتعاد عن العنف و تحويل مسار الأنتخابات الى مهرجان ثقافي و قومي، و على الصعيد القومي فإن مصيرهما واحد،لأنه لايمكن تقسيم السياسة الى نصفين،أي وجود سياسة تحالف و تعاون برلماني و اخرى متناقضة في مجالس المحافظات،والمحافظات هي وحدة سياسية و ادارية و ثقافية و جغرافية فهي تشكّل صورة ناصعة من علاقات صميمية لأبناء المجتمع.و لهذا من الضروري أن تولي الأحزاب و الأطراف السياسية في الأقليم اهتماماً متميزاً بانتخابات مجالس المحافظات على اساس خبرة و امكانية المرشحين و ليس على اساس الأنتماء السياسي.[1]