الشدادي/ حسام دخيل
على بعد عشرين كيلو مترا إلى الجنوب من مدينة الحسكة، يتربع تل طابان الأثري، متوسِّداً كتف بحيرة سد الحسكة الجنوبي، فيبقى شاهداً على مئات الحضارات المتعاقبة، التي مرت على حوض الخابور.
تعرض التل للغمر بنسبة تتخطى ال 60% من جسمه، على أعقاب إنشاء سد جنوب الحسكة، وارتفاع منسوب المياه بداخلة، ليعاود الظهور مرة أخرى على أعقاب انحسار مياه بحيرة السد؛ بسبب انقطاع جريان نهر الخابور المغذي للبحيرة، والجفاف، الذي ضرب المنطقة.
وتسبب انحسار المياه بظهور مقابر بجانب التل، وعلى الجهة الغربية من السد، حسب شهادات سكان محليين، وتمتد المقبرة، التي ظهرت بعد انحسار المياه لأكثر من كيلو متر تتموضع على الضفة اليسرى للتل.
ويُعتقد أن أصول تسمية تل طابان إلى الكلمة الأشورية “تاباتوم”، حسب النصوص الأشورية، التي تم العثور عليها، ويعود تاريخ التل إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وتعاقبت عليه عدة حضارات أهمها “الميتانية، والأشورية، والإسلامية”.
وتسببت المياه بنحت قسم كبير من التل، الذي كان مغموراً؛ ما تسبب بظهور آثار بناء، فضلاً عن تناثر مئات القطع الفخارية حول التل، وتناثر الطوب الطيني الداخل في عملية البناء، بالإضافة إلى ظهور أحواض كبيرة تشبه أحواض المياه، كما تتركز فوق التل مقبرة حديثة، يتوسطها قبر لأحد الشيوخ المباركين، حسب أبناء القرية.
بدأ العمل بالموقع من خلال البعثة اليابانية بين العامين 1997-1999، ثم بين 2005-2006 كشفت في هذه المواسم عن العديد من الاكتشافات الأثرية الهامة، والتي تلقى الضوء على التنوع الحضاري، والتاريخي لمنطقة الحسكة، والفترات التاريخية المختلفة، والثقافات المتتالية، التي مرت على المنطقة، حيث تم العثور على سويات أثرية هامة، تعود لفترة عصر أوروك، وسيط وسويات تعود للفترة البابلية القديمة في القرن السابع عشر قبل الميلاد، فضلا عن مبانٍ تعود للفترة الآشورية الوسيطة بالقرن الثاني عشر قبل الميلاد، وبعض الرقم المسمارية.
فيما قال مسؤول قسم الآثار في الحسكة عدنان بري لصحيفتنا “روناهي”: “هناك الكثير من المواقع الأثرية في السد الجنوبي للحسكة، وأغلبها مواقع مغمورة في مياه السد، وتمت فيها تنقيبات طارئة، وإن ظهور المقابر الأثرية في سد الحسكة الجنوبي، لا يثير الاستغراب، لأن قبل إنشاء السد كانت هذه المواقع الأثرية على ضفاف نهر الخابور، وعند إنشاء السد حدث تنقيبات إنقاذيه لها، لأن المواقع الأثرية كثيرة جداً في تلك المنطقة، لذلك كلما انخفض منسوب مياه السد ستظهر مواقع أثرية جديدة، وستظهر أيضاً مكتشفات جديدة في تل طابان؛ لأن المياه أكلت من جسم التل، لذلك قد تبرز مقابر وتبرز أبنية، وهذا ما تبين لنا بعد كشفنا على الموقع”.
وأكد بري أن هناك 59 موقعاً أثرياً آخر، مغمورة بمياه بحيرة السد الجنوبي، حسب تقارير البعثات، وتعود معظمها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وفيها حضارات ميتانية، وأشورية، وإسلامية.[1]