غايانا غازاريان
يصادف 27 من شهر تشرين الثاني ذكرى ميلاد الباحث الكوردي الإيزيدي الأرمني، جليلي جليل عام 1936 في العاصمة الأرمنية يريفان . هذه العائلة صندوق للتاريخ والثقافة والفلكلور الكوردي في فترة كانت فيها الإبادة التركية الثقافية، بعد السياسية، في ذروتها . قصة هذه العائلة تبدأ مع الأب جاسم جليل، صاحب الدور الأبرز في تأسيس القسم الكوردي لإذاعة يريفان عام 1955.
في العام 1965 ، كتب نور الدين زازا رسالة لصديقه المقيم في الاتحاد السوفييتي، همرش رشو، جاء فيها: هناك فتاة كوردية اسمها جميلة جليل، هي ابنة جاسم جليل وشقيقة أورديخان جليل. تقوم بجمع الأغاني الكوردية ، وكتبت النوتة الموسيقية لكل أغنية وأصدرت هذا العمل في كتاب. حاول ان تحصل على الكتاب. لقد أهدت جميلة كتابها لشهداء كوردستان . عائلة جليل عائلة مثقفة ووطنية . أرسلتُ رسالة طويلة أيضاً لشقيق جميلة، جليلي جليل، سمعت عبر الراديو أنه نال شهادة الدكتوراه عن التاريخ الكوردي.
احتراماً لجهود هذه العائلة ، ينشر المركز الكوردي أحدث مادة كتبت عن هذه العائلة، ومن حسن الحظ كانت عن راديو يريفان.. الراديو الذي أزعج ألب أرسلان توركيش والجوقة الطورانية الحاكمة في أنقرة على مدى عقود. و من الطرافة أن الطغمة الحاكمة حين عمّقت التتريك في كوردستان وقفت عاجزة امام دخول اللغة التركية إلى داخل المنزل الكوردي منذ الخمسينيات،فكان من الاقتراحات التي قدمتها لجنة الثقافة (الأداة التنفيذية للإبادة الثقافية) توزيع أجهزة راديو مجانية للكورد. الهدف أن يستمع الكورد إلى اللغة التركية داخل منازلهم. كانت معضلة التتريك هو إزالة دور الأم في نقل اللغة. كانت الأم الكوردية الأمية أكبر حاجز امام التتريك في زمن كان الكورد قد فقدوا قوتهم واستنزفوها في ثورات متتالية لم تتكلل بالنجاح ولم تكتفي الدولة بالانتصار فقط، فأكملت حربها من طرف واحد.
بالفعل، تم توزيع أجهزة الراديو منتصف الخمسينيات، وكان الكورد يتجمعون في المنازل التي حصلت على أجهزة الراديو. وبدلاً من الاستماع إلى البرامج التركية، كانت كل كوردستان تدير مؤشر البث على إذاعة يريفان.
هنا القصة الكاملة لهذه الإذاعة .. وهي سيرة إذاعة و عائلة. عائلة جاسم جليل وأبنائه.
كانت الكلمات الكوردية الأولى التي تم بثها من إذاعة أرمينيا الحكومية في عام 1955 والتي تُعرف خارج أرمينيا باسم راديو يريفان هي (Yêrêvan xeberdide)، و هي إشارة بدء البث في القسم الكوردي من الإذاعة.
ساهمت هذه المحطة الإذاعية في ربط آلاف الكورد بثقافتهم في النصف الثاني من القرن العشرين، عندما كانت الهوية الكوردية مرفوضة والتعبير الثقافي الكوردي محظوراً في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي حين أن قرار تقديم البرامج الكوردية تم اتخاذه من قبل الإدارة المركزية للاتحاد السوفيتي السابق ، استمرت إذاعة يريفان في التحدث والغناء باللغة الكوردية بفضل جاسم جليل وعائلته وتعاونهم مع الكورد والأرمن المحليين . يتشابك تاريخ البث الكوردي في راديو يريفان مع قصة عائلة جليل.
رغم أنني عشت معظم حياتي في يريفان ، إلا أنني لم أكن أعرف أبداً عن وجود بث إذاعي باللغة الكوردية حتى عام 2017 عندما شاركني صديق مقرّب من اسطنبول أغنية كوردية باسم Leylo Xanê ، تم تسجيلها في يريفان منذ عقود.
بالنسبة لي، كانت هذه الأغنية بمثابة نافذة اكتشفت من خلالها لاحقاً العمل الثقافي الواسع الذي قام به الكورد في أرمينيا. كما كانت أحد القصص النادرة عن العلاقات الأرمينية-الكوردية التي لم يشوبها العنف الطائفي أو العرقي بل قصة تعاون وصداقة. تروي هذه المقالة، المستندة إلى مقابلات شفوية ومحادثات مع جميلة جليل، ابنة جاسم جليل، جهد عائلتها للحفاظ على الفولكلور الكوردي وتطويره في أرمينيا وخارجها.
من كارس إلى يريفان
كان جاسم جليل، والد جميلة ( ووالد الكاتب الكوردي جليلي جليل)، أول من انتقل إلى أرمينيا الحديثة (الحالية). شاعر ومترجم ومعلّم ، ولد عام 1908 لعائلة من الكورد الإيزيديين في قرية غزل-غولا (بالتركية: كيزيلكولي) في إقليم كارس (الذي كان جزءاً من الامبراطورية الروسية آنذاك)، وكان أحد أبناء الجيل اليتيم. كان عمره حوالي 10 سنوات، عندما قررت عائلته الهروب من اضطهاد الإمبراطورية العثمانية الذي تعرّض له الأرمن والإيزيديون والآشوريون واليونانيون . وقد أودت الجريمة المعروفة باسم الإبادة الجماعية للأرمن ، بحياة أكثر من 1.5 مليون شخص بمن فيهم أبناء العديد من الجماعات العرقية والدينية المختلفة ، بما في ذلك الإيزيديون مثل جاسم جليل.
مع وصول جاسم جليل إلى الحدود العثمانية-الروسية بالقرب من دولة أرمينيا الحالية، قُتلت عائلة جاسم بأكملها، باستثناء عمته التي ساعدته في عبور النهر. وجد جاسم ملاذاً في دار أيتام غيومري (التي كانت تسمى آنذاك ألكسندروبول)، والتي كانت أيضاً موطناً لآلاف الأطفال الأيتام الذين نجوا من الإبادة الجماعية الأرمنية. بعد أن أمضى سنوات مراهقته في دور الأيتام في غيومري وستيبانافان، كما العديد من أقرانه، انتقل جاسم إلى يريفان للعمل والدراسة. في ذلك الوقت، نجحت الثورة البلشفية في تحويل الإمبراطورية الروسية إلى الاتحاد السوفيتي، وأصبحت يريفان عاصمة دولة أرمينيا السوفيتية المنشأة حديثاً.
أبدى جاسم اهتماماً دائماً بالتعليم، وخاصة الأدب. لم ينس أبداً اللغة الكوردية، لكنه سرعان ما تعلم اللغتين الأرمينية والروسية خلال فترة وجوده في دار الأيتام ، ثم واصل تعليمه في تبليسي وباكو بين عامي 1927 و 1931. بعد عودته إلى يريفان ، التحق بكلية التربية في الجامعة الحكومية الأرمينية ، وفي الوقت ذاته بدأ بكتابة الشعر. نُشرت قصائده وترجماته الأولى في صحيفة ريا تازى الكوردية المحلية (مسار جديد باللغة الكوردية).
تمتاز أعمال جاسم الأدبية المكتوبة باللهجة الكرمانجية (الكوردية) والأرمينية والروسية، بالدفء والصدق والوزن الغنائي مع العديد من القصائد المكرّسة للحب والطبيعة. بعد تخرّجه من الكلية كان قد انتسب لاتحاد الكتاب، وكما تؤكد ابنته، كانت لديه علاقات ممتازة مع المثقفين الأرمن في ذلك الوقت.
أصبح جاسم رئيس القسم الكوردي لراديو يريفان في عام 1954، قبل سنة من البث الرسمي الأول في 1 كانون الثاني (يناير) 1955. في البداية، تم جدولة البرامج بوتيرة ثلاث مرات أسبوعياً، لمدة 15 دقيقة فقط، وكان الهدف أن تكون أداة دعائية للحزب الشيوعي، لنشر أجندة سياسية للمجتمعات الكوردية عبر الحدود.
رغم ذلك، رأى جاسم في الراديو فرصة لإحياء الموسيقى الكوردية وجعلها في متناول جمهور أوسع في وقت كانت فيه الثقافة الكوردية محظورة بشكل كبير في بلدان المنطقة المختلفة التي يعيش فيها الكورد. بعد تعرضهم لمحاولات صهرهم بالقوة في الثقافات التركية أو العربية أو الفارسية المكوّنة للدول القومية ، أصبحت إذاعة يريفان أحد المنافذ القليلة للثقافة الكوردية. بحسب ابنته جميلة: لم تكن نواياه (جاسم) مثيرة للجدل في ذلك الوقت فحسب، بل تطلبت (خطته) أيضاً موارد إضافية لا تستطيع إدارة الراديو تحمّلها.
في الحقبة السوفيتية، في الثلاثينيات، كان يمكن أن يتعرض الناس للمحاكمة نتيجة كلمة واحدة. في ذلك الوقت، كان ستالين قد وافته المنية، لكن الخوف لا يزال قائماً حسب ما ترويه السيدة جليل. ومع ذلك، نجح جاسم في إقناع مدير الإذاعة بنهاية المطاف ببث الأغاني الكوردية في نهاية كل برنامج لمدة دقيقتين، بعد أن تم رفض محاولته الأولى لتوسيع البث الثقافي الإذاعي: كل ما احتاجه والدي هو ذلك الإذن، وبعض الأشرطة ومهندس صوت. لقد وعد بتكفّل كل ما عدا ذلك.
بمجرد حصول جاسم على الموافقة ، توجّه إلى بلدة تالين في منطقة أراغاتسوتن الغربية في أرمينيا ، والتي كانت موطناً للعديد من اللاجئين خلال سنوات الإبادة الجماعية للأرمن . هناك طلب من شميل باكو، وهو مواطن إيزيدي من كارس، أن يأتي معه إلى يريفان لتسجيل القطعة الموسيقية الأولى. كان باكو سعيداً بعرض جاسم. لم يكتف بقبول عزف لحن كوردي على آلة الدودوك فقط، بل أطلق عليها أيضاً اسم جاسكو، وهو اسم الدلال من جاسم.
ترك جاسم، الذي عمل كرئيس للبث الكوردي من عام 1954 حتى 1964، إرثًا تضمن أكثر من 700 تسجيل أصلي، ووضع الأساس للأرشيف الصوتي الكوردي في الإذاعة ، تصفها السيدة جميلة بالخطوة غير المسبوقة. لم يحدث شيء من هذا القبيل في أي جمهورية سوفيتية أخرى. بفضل جهود جاسم، تم إنشاء أرشيف صوتي كوردي ضخم ، وهو الأول في تاريخ الاتحاد السوفيتي. على الرغم من أنهم أنجزوا الكثير، إلا أنهم واجهوا قيوداً دائماً. تشير السيدة جميلة إلى أنّه كان عليهم في كثير من الأحيان ترجمة الأغاني إلى الروسية أو الأرمنية للحصول على الموافقة على محتواها. كما أن الأغاني ذات المحتوى الديني كانت ممنوعة. تقول السيدة جميلة لكنني دائماً ما كنت أجد طريقة لبثّ الأغاني ذات الألحان الجميلة، مشيرة إلى أنه لم يكن استمرار البرامج ممكناً بدون دعم زملاء والدها من الأرمن، وكانت ممتنة من أجل ذلك للغاية.
على الرغم من عدم وجود بيانات دقيقة لأعداد المستمعين، إلا أن الرسائل العديدة التي كانت تتلقاها السيدة جميلة أسبوعياً، تشير إلى شعبية البث الكوردي لراديو يريفان عبر أرمينيا وخارج حدودها الغربية. تتذكر السيدة جميلة كان العديد من كبار السن يطلبون من أحفادهم كتابة رسائل إلى موظفي الراديو للتعبير عن امتنانهم وطلب أغنية معينة لبثها في البرامج القادمة.
عندما تجاوز البث الحدود الأرمنية في أوائل الستينيات، حملت إذاعة يريفان الألحان الكوردية لأولئك الذين حُرموا من حق دراسة لغتهم الأم.
قال أحمد كايا، الطبيب وأحد مؤسسي كوما آمد ، الذي ترعرع على الاستماع إلى البث كان الناس يتركون كل شيء في مواعيد البث ويستمعون إلى الراديو. في ذلك الوقت كانت أجهزة الراديو نادرة حيث لم يكن بمقدور الجميع تحمل تكلفتها. يتذكر كايا كيف كانوا يجتمعون في منزل شخص لديه راديو في المنزل ويستمعون إلى البرامج بشكل جماعي.
الوطن: ذكرى حية من الماضي
لم يكن العثور على موسيقيين كورد و dengbêjs (مغنيين ورواة قصص كوردية) لأداء العروض صعباً بالنسبة لجاسم، وهو الذي نشأ مع العديد منهم في دار الأيتام وظل دائماً على تواصل مع الجالية الكوردية في جميع أنحاء أرمينيا، الذين كانوا في الغالب من اللاجئين بمنطقتي أرمافير وأراغاتسوتن في أرمينيا. كانت المهمة الصعبة هي إيجاد أماكن إقامة لهم، وهي مهمة تُركت بالكامل على كاهل جاسم وعائلته، في ظل عدم وجود إسهام مالي من إدارة الإذاعة.
عندما دخلتُ لأول مرة غرفة جلوس السيدة جميلة في شقتها المتواضعة بوسط مدينة يريفان ، كان أول ما لفت انتباهي هو الصورة الكبيرة لمجموعة من النساء اللواتي يرتدين الملابس الكوردية التقليدية ، معلقة فوق الأريكة. صور صغيرة في خزانة كتبها، وصورة كبيرة لوالديها جانب مشغل اسطوانات أسود من الطراز القديم بجوار أريكتها، جعلتني أشعر وكأنني في متحف، في غرفة أرشيفية بدلاً من غرفة جلوس. وبالفعل، على مدى عقود، استوعبت تلك الجدران قصص وأصوات وألحان الأشخاص الذين جعلوا من برامج راديو يريفان الكوردية واقعاً.
لقد تحولت شقتنا إلى منزل قروي، تتذكر السيدة جميلة والشوق يرن في صوتها. كان معظم الموسيقيين والمغنين من القرى ولتبديد قلقهم بشأن إقامتهم أثناء تواجدهم في يريفان، كان جاسم يستضيفهم دائماً في شقته. كانوا يأتون إلى منزلنا حاملين معهم رائحة السماد والتنور، رائحة القرية.
في استوديو الراديو، بذل جاسم كل ما في وسعه لجعل القرويين يشعرون بالراحة. بالنسبة للكثير منهم، كان للاستوديو رهبته في البداية. كانت المعدّات والتسجيل جديداً بالنسبة لهم. معظمهم كانوا من الكورد الإيزيديين والمسلمين ، الذين لا يتحدثون أي كلمة باللغة الأرمنية. لتهدئتهم، كان جاسم يردد قول أرجوكم، تصرّفوا وكأنكم في بيتكم هنا. تخيلوا أنكم تعزفون في منزلكم. سأكون على الجانب الآخر من النافذة في حال احتجتم لأي شيء.
في شقتهم، كانت عائلة جميلة تتبادل الأدوار. كان دور الخانم (زوجة جاسم) الإشراف على راحة الضيوف. الخانم، التي نشأت يتيمة أيضاً، كانت مضيافة ورحيمة دائماً تجاه الآخرين . كانت ترتّب أسرة القرويين وتطبخ لهم . تتذكر ابنتها جميلة عندما كانت الشقة مزدحمة بالضيوف وكان هناك نقص في الطعام في عدة مناسبات. كانت الخانم تقول لأطفالها، لا بأس. يمكننا أن نأكل الخبز والجبن اليوم. هم ضيوف. يجب أن نعاملهم بلطف.
تقول السيدة جميلة عن تلك السنوات بفخر لقد علّمنا والدي قيمة الأغاني والموسيقى الوطنية، وعلمتنا والدتي كيف نتعامل مع الناس. كانت الشقة تعني الكثير للسيدة جميلة لدرجة أنها استمرت في زيارتها كل يوم تقريباً حتى بعد زواجها. بعد وفاة زوجها، عادت إلى منزل عائلتها وحتى يومنا هذا تقضي معظم أيامها في العمل في غرفة الجلوس تلك.
الحفاظ على الإرث
مع تحول منزل العائلة إلى مركز ثقافي، نشأت السيدة جميلة وإخوتها -جليلي وأورديخان وزيني- على البث الكوردي لبرامج راديو يريفان. كان من الطبيعي أن يستمروا على إرث والدهم. أورديخان، الذي كان أول مذيع في إذاعة يريفان الكوردية، درس فقه اللغة وأصبح أستاذ الدراسات الكوردية في جامعة لينينغراد، واحدة من أبرز الجامعات المرموقة في الاتحاد السوفياتي.
في عام 1931 أسس فريمان ندوة حول اللغويات الكوردية في جامعة لينينغراد. وفي عام 1959، تم تأسيس القسم الكوردي (كوردسكي كابينت باللغة الروسية) في معهد أكاديمية العلوم التابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في لينينغراد من قبل هوفسيب أوربيلي، وهو شخصية سوفيتية عامة وأكاديمي من أصل أرمني.
سافر أورديخان كثيراً إلى أرمينيا وزار المجتمعات الكوردية في جورجيا وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان بالإضافة إلى إجراء البحوث الإثنوغرافية. تشكلّت العديد من هذه المجتمعات نتيجة لموجات مختلفة من عمليات الترحيل من إيران في القرن السابع عشر بينما فر آخرون من الاضطهاد الديني في الإمبراطورية العثمانية. في ربيع عام 1958، ذهب إلى العراق بمساعدة من ملا مصطفى بارزاني ، لجمع فلكلور البيشمركة الكوردية.
قام أورديخان وشقيقه الأصغر جليلي، وهو مؤرخ وعضو حالي في أكاديمية العلوم في فيينا، بتأليف عشرات الكتب ومئات المقالات عن الفلكلور والتاريخ الكورديين، والتي ترجمت بعد ذلك إلى الروسية والليتوانية من قبل أختهم زيني خليل. ساهمت أعمالهم ، مثل Stranên Lîrîkên Gelêrîyên Kurd (أغاني فولكلورية كوردية ، 1964) ، زارغوتينا كوردا (الفولكلور الكوردي ، 1978) و Zargotina Kurdên Sûriyê (فولكلور الكورد في سوريا ، 1989) ، في تطوير الدراسات الكوردية في الاتحاد السوفيتي.
وبينما ركز إخوتها على الجوانب اللغوية والأدبية والتاريخية للثقافة الكوردية، كرست جميلة جليل نفسها لاستكشاف الموسيقى الشعبية الكوردية. انضمت رسميًا إلى الإذاعة عام 1967 لتهتم بالأرشيف الموسيقي وتدير البث. بصفتها عالمة موسيقى، ابتكرت السيدة جميلة ترتيبات جديدة للأغاني القديمة بالإضافة إلى تصميم وتنسيق برامجها الخاصة. كان صندوق بريد البرنامج (المعروف باسم صندوق الموسيقى) هو الأكثر شعبية. أخبرتني بابتسامة دافئة في عينيها كان الناس يطلبون من أحفادهم أن يكتبوا رسائل إلينا (العديد من كبار السن كانوا أميين)، ويطلبون بث أغانيهم المفضلة. لم يكن صندوق بريد الموسيقى مجرد وسيلة للترفيه، ولكنه كان يخدم غرضاً تعليمياً أيضاً. كنت أتحدث عن الملحنين الكلاسيكيين، والملحنين الأرمن، وخاصة أولئك الذين لديهم صلة بالموسيقى الكوردية، على سبيل المثال ، كوميتاس، وآرام خاتشادوريان، وسبريدون ميليكيان، وسربوهي ليسيتسيان.
بالإضافة إلى عملها الرئيسي في الإذاعة، قامت السيدة جميلة بعمل ميداني أيضاً. أثناء سفرها إلى مناطق مختلفة من أرمينيا، قامت بتدوين وتسجيل الأغاني الشعبية الكوردية على جهاز التسجيل المحمول الخاص بها. في التسعينيات، مع انهيار الاتحاد السوفيتي، عانت أرمينيا من صعوبات اقتصادية هائلة انعكست في جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية والثقافية للبلاد. أجبر الفقر المتزايد الآلاف من الناس على الهجرة. كما غادر البلاد أيضاً جميع العاملين في القسم الكوردي تقريباً، والبالغ عددهم 13 شخصاً.
من بين الذين بقوا في أرمينيا السيدة جميلة وكريم سيّد، أحد المذيعين الذين شاركوا بنشاط في إنتاج البرامج. عن تلك السنوات، قالت السيدة جميلة، كانت تلك أوقاتاً صعبة. كان القرويون يرغبون في القدوم إلى يريفان لتسجيل أغانيهم الجديدة، لكن لم يكن لدينا حتى شريط نسجل عليه. لم أكن أريد أن أخذلهم وكان أمامي إما اعادة استخدام بعض الأشرطة القديمة أو تسجيلها على مشغل الكاسيت. عملت السيدة جميلة في الإذاعة لمدة 35 عاماً، حتى عام 2002، حيث قامت بإثراء الأرشيف بآلاف التسجيلات الجديدة، في انتظار رقمنتها قريباً. لديها أيضاً مئات التسجيلات في أرشيفها الشخصي والتي تقوم بتحديثها بانتظام حتى يومنا هذا.
تم رقمنة العديد من الأغاني وتحويلها إلى أقراص مدمجة كجزء من Stran û Awazên Kurdî (أغاني وألحان كوردية)، وهو كتاب من خمسة مجلدات للسيدة جميلة وابنتها نازى جليل. نُشرت المجلدات الثلاثة الأولى بين أعوام 2002 2006 في يريفان، بينما نُشر المجلدان الرابع والخامس في فيينا بدعم من جليلي جليل. يعرض كل مجلد من الكتاب الأغاني التي تم بثّها عبر راديو يريفان، وكلماتها وملاحظاتها، التي تم نسخها وترتيبها من قبل جميلة كجزء من عملها الميداني. في سن ال81، تعمل جميلة جليل حالياً على المجلد السادس من الكتاب دون أن يكون لديها نية للتقاعد من العمل الثقافي الذي اعتادت القيام به منذ عقود. قالت لي عدة مرات أفعل هذا من أجل شعبي، وللأجيال القادمة، لكي لا تضيع المعرفة والثقافة التي بين يدي بعد رحيلي.[1]