بعد مقتل السياسيات الكورد الثلاثة في باريس ، وضعت اشارات استفهام عديدة امام من المستفيد من قتلهم في هذه الظروف المهمة والتي فتحت فيها ابواب جديدة امام الحل السلمي #للقضية الكوردية# في تركيا ،
ترى من يكون وراء مقتلهم ؟ وماذا يهدف من وراء ذلك ، فمنذ الساعات الاولى لاعلان مقتلهم وهم ساكينه جانسيز إحدى مؤسسات حزب العمال الكوردستاني وفيدان دوغان ممثلة المؤتمر الوطني الكوردستاني في بروكسيل، بالإضافة إلى الناشطة السياسية الشابة ليلى سويلمز، في وسائل الاعلام الكوردية و الفرنسية، بعد إن عثر عليهم جثثاً هامدة وقد أصبن بطلقات نارية في رؤوسهن الاربعاء #09-01-2013# في المركز الإعلامي لكوردستان، صدرت تصريحات واتهامات عديدة .
فقد تعالت اصوات المنددين بالاغتيال الوحشي التي تعرضن لها تلك الناشاطات الكورديات ، وعلى رأسهم السيد الرئيس مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان العراق ، حيث ادان بشدة تلك العملية الإرهابية التي استهدفت الناشطات الكورديات الثلاث، وطالب الجهات المعنية الفرنسية بكشف ملابسات تلك العملية والقبض على الجناة ، كما صدر بيان من رئاسة برلمان كوردستان العراق وطالبت الحكومة الفرنسية بتكثيف المساعي للتحقيق في الحادثة، والكشف عن الجهات التي كانت وراء عملية الإغتيال تلك ، وقد صدر بيان مندد من الدكتور برهم صالح نائب رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني ، كما صدرت بيانات عدة منددة بالاغتيال من مختلف الاحزاب والمنظمات الكوردية .
اما على الصعيد الدولي فقد صرح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، وندد بشدة بتلك العملية ، وقال نعمل بكل الامكانات لاجل كشف الجناة ، واضاف كنت قد اجتمعت بأحداهم وكنت اعرفهم وتأسف لذلك ، كما صدرت تصريحات منددة من رؤساء ومسؤولين وبرلمانيين من مختلف الدول الاوربية .
ومن جانبه توجه صلاح الدين دميرتاش ، رئيس حزب السلام والديمقراطية الى فرنسا على الفور مع مجموعة من برلمانيي الحزب لمتابعة مجريات الحادث والتنسيق مع السلطات التركية عبر سفارتهم في باريس لاجراءات نقل جثامينهم الى كوردستان تركيا لدفنهم ، وفي اولى تصريحاته قال ان هذه العملية تهدف الى ضرب عملية السلام الجارية اليوم في تركيا ، وضربة لمساعي الحل السلمي .
هذا على الجانب الكوردي اما على الجانب التركي ، فقد توالت التصريحات وتعددت كل حسب رأيه وهواه ، منهم من ربطها بحسابات داخلية وتصفيات حزبية حسب حسين جليك نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ، كما صرح رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة التركية قائلاً ، هناك اناس لا يريدون ان التطور لمساعي السلام، كما قال بولند آرنج مساعد اردوغان نحن نتأسف لمقتل السياسيات الكورد واعزي اهلهم ، ونتمنى باقرب وقت كشف الجناة ومحاكمتهم .
ومن ناحية اخرى خرجت مظاهرات ومسيرات منددة بحادث الاغتيال ، وكان ابرزها في العاصمة الفرنسية باريس حيث تجمهر عشرات الآلاف من الكوردستانيين والذي جاؤوا من مختلف الدول الاوربية ، واحتشدوا في باريس وقاموا بمظاهرات واحتجاجات عديدة وتليت العديد من الكلمات التي طالبت الحكومة الفرنسية بضرورة كشف الجناة على وجه السرعة ، وقد تعالت اصوات المتظاهرين والمنادين بالشعارات الوطنية الكوردية ، كما حدثت تظاهرات مماثلة في مختلف العواصم الاوربية ، وقد نظمت تظاهرات مماثلة في المدن الكوردية في شمال كوردستان ، واتسعت مداها لتشمل عاصمة اقليم كوردستان هه ولير، جميعها تندد بالعملية وتطالب بكشف الجناة.
بالطبع سنأتي الى السؤال الذي طرحناه في بدايه هذا المقال من وراء مقتلهم ؟ صدرت اتهامات عدة وجهت الى تركيا كمستفيد اول واخير من مقتل تلك الناشطات ، كون تركيا على عداء مع الحزب تجاوز عقود من الزمن ، ومن الطبيعي صدور اتهامات توجه اليهم ، وهناك آراء أخرى تتهم بقوى مخفية او ( الغلاديو) كما يسمى أي قوة مخفية داخل الدول لاتريد السلام وتريد بقاء اجواء الحروب والمعارك مخيمة على تركيا ، وتستفيد من ذلك ، وكما قلنا صدرت اتهامات تركية ايضاً الى الحزب نفسه بقيامه بهذه التصفية لحسابات داخلية وهذه بالطبع حسب رأيي امر مستبعد ومجرد اتهام لتشتيت الشبهات ، وهناك فرضية اخرى ايضاً ظهر في موقع ويكيلكس العام الفائت اثناء كشفه لوثائق سرية صدرت من وزارة الخارجية الامريكية ، ان سفير امريكا في تركيا بعث برسالة الى الوزارة وجاء بذكر اسم ساكينة جانسيس واحد قيادي الحزب الاخرين ، بضرورة توخي الحزر منهم وكونهم يشكلون مصدر مادي قوي لحزب العمال الكوردستاني ، كل تلك تبقى فرضيات وربما نجد لها براهين ، ولكن الجواب الاقوى سيكون من قبل السلطات الفرنسية بعد كشفهم وتحليلهم ملابسات الحادث واعلان الجناة والى ذلك الوقت نتمنى ان تظهر الحقيقة في أقرب وقت و ومعرفة الجهة التي قامت بهذه العملية ، وان لا يؤثر تلك العملية الى فقدان الثقة بين الاطراف المتحاورة والاستمرار في مفاوضات السلام الجارية اليوم بين زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله اوجلان والحكومة التركية وايجاد حل سياسي عادل وشامل للقضية الكوردية في تركيا يتخذ من الحوار اساساً له .
ومن الجدير بالذكر ان ساكينة جانسيس صاحبة 40 عاماً من الكفاح الثوري والنضال ، فقد كانت احدى المشاركين في المؤتمر التأسيسي الاول عام 1978 ، واعتقلت على يد السلطات التركية بعد الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980 ، وبقيت اكثر من عشرة سنوات في السجون ولاقت الكثير من انواع العذاب الجسدي والنفسي ، ثم خرجت لتنضم مجدداً لحزب العمال الكوردستاني ، وشاركت الحياة الى جانب الكيريلا على قمم جبال كوردستان ، ثم توجهت الى اوربا لمتابعة عملها السياسي والنضالي الى ان اغتالتها ايادي الغدر في باريس .[1]