$الحرب الكوردية العراقية الثانية$
لحرب الكوردية العراقية الثانية هي هجوم بقيادة القوات العراقية ضد قوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني #مصطفى البارزاني# من خلال 1974-1975. وجاءت الحرب في أعقاب الحرب الكوردية العراقية الأولى (1961-1970)، وخطة السلام عام 1970 من أجل الحكم الذاتي الكوردية قد فشلت.
$محاولة الاتحاد السوفيتي لمنع الحرب$
بذل الاتحاد السوفيتي جهودا مضنية في بداية عام 1974 لمنع نشوب الحرب من جديد في كوردستان العراق وكان ذلك عبر وسيطه في المنطقة يفكيني بريماكوف الذي كان يقيم في العاصمة اللبنانية بيروت .ولكن جهود بريماكوف لم تثمر عن أية نتيجة لمنع وقوف الحرب مابين الطرفين . وفي يوم 12 أذار من نفس العام وجه الاتحاد السوفيتي دعوة رسمية لنائب مجلس قيادة الثورة آنذاك صدام حسين لزيارة موسكو وبعد أيام سافر صدام حسين إلى موسكو و اجتمع هناك بالمسؤولين السوفييت للتباحث حول مسألة النزاع مابين الحكومة المركزية والحركة الكوردية التي كان يتزعمها البارزاني . لم تسفر المحادثات مابين القيادة السوفيتية و نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي صدام حسين عن أية نتيجة حول حل النزاع القائم مابين الحركة الكوردية و حكومة بغداد
$أسباب تجدد الحرب$
تهديد نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام حسين الجانب الكوردي المفاوض لعدة مرات في أثناء الإجتماعات مابين الطرفين خلال عام 1973 م بأن الحكومة العراقية قد تضطر إلى التنازل عن نصف نهر شط العرب لصالح إيران لقاء سد الحدود الإيرانية بوجه الأكراد في العراق
تغير الموقف العربي و الأقليمي فبعد وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في أيلول من سنة 1970 وما تلاه من تقارب مابين خليفته الرئيس أنور السادات و شاه إيران في سنة 1972 وضع القيادة العراقية في موقف باتوا يعتقدون فيه بأن الوضع العربي يسمح لهم بالتنازل عن نصف مياه شط العرب إلى إيران و التعاون مع نظام الشاه لغرض القضاء على الحركة الكوردية .
لقد تسربت المعلومات حينها إلى كل من القيادة الكوردية و إلى القيادة العراقية بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف لن تتدخل لدعم الحركة الكوردية في حالة نشوب أي حرب مع الحكومة العراقية . وقد شجعت هذه التسريبات الواردة الحكومة العراقية بأن أيحرب مقبلة سوف لن تكون في صالح الأكراد دوليا و لأن الأتحاد السوفيتي و المعسكر الأشتراكي سوف يقفان بجانب الحكومة العراقية في القضاء عل الحركة الكوردية .
من خلال القنوات السرية و الاتصالات التي جرت مابين الرئيس المصري أنورالسادات و شاه إيران في شهر نيسان من سنة 1973 . فأن الرئيس المصري أكد للقيادة العراقية بأن تنازل العراق عن نصف مياه نهر شط العرب لصالح إيران سوف يؤدي إلى تسوية الخلافات و إنهاء النزاع بين العراق و إيران وغلق إيرن لحدودها بوجه الحركة الكوردية في العراق.
إنضمام الحزب الشيوعي العراقي إلى الجبهة الوطنية التقديمة ألتي كانت بقيادة حزب البعث العربي الإشتراكي العراقي في شهر تموز من سنة 1973 م , في شهر أيلول من نفس العام قرر الحزب الشيوعي سحب كوادره و مقاتليه و مقراته من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الحركة الكوردية وفي شهر تشرين الأول أصدر الحزب الشيوعي صحيفته المركزية طريق الشعب بصورة رسمية وعلنية من العاصمة بغداد . . وفي مطلع عام 1974 م التجأ عدد كبير من مسلحي الحزب الشيوعي إلى معسكرات الجيش العراقي وقد جرى إنشاء مقر لهم في معسكردربندخان وتحولوا إلى قوة معادية للحركة الكوردية
معرفة القيادة العراقية في بغداد من عدم إمتلاك الحركة الكوردية لأية أسلحة أو معدات ثقيلة .
علم القيادة العراقية بوجود ممثلين عن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) في مقر البارزاني . وكانت للعلاقة السرية التي كانت تربط مابين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام حسين وبين عبيدالله الابن الأكبر للبارزاني والذي بدأ في ذلك الوقت بتزويد القيادة العراقية بالمعلومات الحساسة عن هذا الموضوع . وحتى بعد هروب عبيدالله من أبيه الملا مصطفى البارزاني و إلتجاءه إلى الحكومة المركزية في بغداد في صيف عام 1971 م فقد بقيت خلية في بيت البارزاني خلية تعمل في بيت البارزاني لإمداد عبيدالله بالمعلومات حول التواجد الإسرائيلي .
رفض القيادة الكوردية الإنضمام إلى الجبهة الوطنية و القومية التقدمية بقيادة حزب البعث في شهر آب من سنة 1973 م .
$سير المعارك$
في يوم 11 أذار – مارس من سنة 1974 م إنقطعت العلاقات بصورة رسمية مابين الحكومة المركزية والقيادة الكردية وفي بداية شهر نيسان – ابريل إنسحب مقر لواء المشاة الثاني من الجيش العراقي مع فوج من اللواء من معسكره الدائم الذي كان يقع في بلدة راوندوز إلى موقع جبيل سبيلك . . في مدخل مضيق علي بك . وفي يوم 16 نيسان شنت الحركة الكوردية هجوما على معسكر الجيش العراقي في جبل سبيلك وذلك لغرض إحتلال المعسكر والسيطرة على المنطقة ولكن الهجوم لم ينجح بسبب قوة تحصينات الدفاعية للجيش العراقي في المعسكر. . في يوم 23 نيسان قامت الطائرات العراقية بقصف بلدة كلاله الواقعة في محافظة أربيل مما أدى إلى مقتل 27 مدنيا وفي اليوم التالي قامت الطائرات العراقية بقصف بلدة قلعة دزة وبلغ عدد القتلى من جراء هذا القصف حوالي 120 شخصا وبلغ عدد الجرحى حوالي 400 ( معظم الضحايا كانوا من طلبة جامعة السليمانية ألتي انتقلت إدارتها التي كانت تحت لواء الحركة الكوردية إلى هذه البلدة). وفي يوم 25نيسان قصفت الطائرات العراقية بلدة حلبجة وبلغت عدد الإصابات من جراء ذلك القصف أكثرمن 140 إصابة مابين قتيل أو جريح وبعدها قامت الطائرات العراقية بقصف بلدة جوارتا و من ثم بلدة بنجوين الواقعتين في محافظة السليمانية . في يوم 5 أيار – مايو تمكن لواء تابع للفرقة الرابعة من الجيش العراقي من السيطرة على مضيق زاخو بعد معركة مع المسلحين التابعين للحركة الكوردية وفي نفس اليوم تعرضت مدينة زاخو لقصف من قبل الطائرات العراقية مما جعل المسلحين التابعين للحركة الكوردية ومعهم معظم أهالي إلى الخروج من المدينة وبذلك تمكن الجيش العراقي من السيطرة على زاخو . خلال شهر حزيران – يونيو تمكنت قوات الجيش العراقي من السيطرة على سهل أربيل وعلى مرتفعات جبل سفين بدون مقاومة جدية من قبل مسلحي الحركة الكوردية . وفي يوم 8 آب فشل هجوم للجيش العراقي قاده اللواء الركن إسماعيل تايه النعيمي قائد الفرقة الثانية على بلدة راوندوز في محافظة أربيل . وفي يوم 20 آب تمكنت قوات الجيش العراقي من السيطرة على البلدة بدون مقاومة نتيجة عدم وجود أي قوة من المسلحين التابعين للحركة الكوردية في المنطقة وكذلك قيام الجيش بشق طريق جبلي ورفع الأحجار و الصخور الموجودة سهل من الجيش السيطرة على البلدة بسرعة وبعدها قامت الحكومة المركزية بنقل الإدارة المدنية إلى البلدة وقامت بتعيين قائمقام للبلدة كذلك . وفي نفس اليوم سقطت بلدة قلعة دزة الواقعة بمحافظة السليمانية بيد الجيش العراقي وخلال شهر أيلول – سبتمبر اشتدت المعارك مابين قوات الحركة الكوردية وقوات الجيش العراقي وفي يوم 23 أيلول سقطت طائرة عراقية من نوع ميغ 19 في منطقة برزيوة القريبة من بلدة راوندوز و تم أسر قائد طائرة الميغ الملازم الأول صفاء جلال . في يوم 3 أيلول وبعد تمكن قوات الجيش العراقي من السيطرة على بلدة راوندوز و على بلدة ديانا القريبة منها هاجم اللواء الثالث من الجيش بقيادة العقيد الركن حامد الدليمي على كرو عمر آغا القريبة من بلدة ديانا ولكن الهجوم لم ينجح وبلغت خسائر الجيش العراقي من جراء ذلك الهجوم أربع دبابات و مقتل 230 جنديا .
$مشاركة إيران$
في شهر أيار – مايو من سنة 1974 أي بعد شهر من إستأناف المعارك مابين الحكومة العراقية و الحركة الكوردية أرسلت إيران بطارية مدفعية لمقاومة الطائرات إلى قرية حاج عمران لحماية المنطقة من قصف طائرات القوة الجوية العراقية كما أن للمنطقة أهمية أخرى حيث يقع مقر قيادة البارزاني فيها . وفي شهر أيلول – سبتمبر طلب البارزاني من شاه إيران دعم و إسناد الجيش الإيراني للحركة الكوردية لحماية المنطقة من تقدم الجيش العراقي فيها وفي يوم 2 تشرين الأول من نفس السنة وصلت إلى منطقة بالك بكوردستان العراق كتيبتين مدفعيتين إيرانيتين (عيار 130 ملم) . وقد ساعدت هذه المدفعيات الإيرانية من التخفيف من قصف طائرات العراقية للجبهة الكوردية واستطاعت هذه البطاريات من إسقاط طائرة عراقية من نوع هنتر في منطقة راوندوز وفي يوم 14 كانون الأول تم إسقاط طائرة عراقية أخرى من نوع (بادجر TU16) في منطقة جومان وقتل طاقم الطائرة الذي كان مؤلفا منأربعة أشخاص وفي اليوم التالي تم إسقاط طائرة من نوع (سيخوي – 7) في منطقة برزيوة قرب بلدة راوندوز . . وقدساهمت هذه البطارية من إنزال الخسائر بالمواقع العسكرية في منطقة راوندوز ودمرت قسما من مخازن السلاح التي كانت في بلدتي راوندوز و ديانا .وبعد يوم 22 تشرين الأول – أكتوبر بدا قادة كلا الكتيبتين الايرانيتين بكتابة التقارير إلى قيادة عمليات الجيش الإيراني حول وضع القتال مابين الحكومة العراقية والحركة الكوردية وتمت الإشارة في التقارير من إن مقاتلي الحركة الكوردية لا يقاتلون بصورة جدية ويحاولون الإعتماد على الجيش الإيراني في الحرب .
استمرت العمليات العسكرية بشكل إيجابي لصالح الحركة الكوردية وتكبدت قوات الحكومة العراقية خسائر فادحة جراء هذه المعارك وهذا مادفع الحكومة العراقية إلى عقد اتفاقية مع إيران برعاية الرئيس الجزائري هواري بومدين وذلك لوقف الدعم الذي كانت تقدمه إيران للحركة الكوردية ضد الحكومة العراقية. وفي 6 آذار/مارس من سنة 1975 تم عقد الاتفاقية وذلك بحضور كل من صدام حسين (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في العراق) وشاه إيران محمد رضا بهلوي حيث تنازلت العراق بموجب هذه الاتفاقية عن نصف شط العرب لصالح إيران مقابل وقف دعمها للحركة الكوردية في الشمال. وبعد التوقيع على الاتفاقية توقف الدعم الإيراني للحركة الكردية المسلحة ولكن على الرغم من ذلك فقد استمر القتال بين الطرفين واحتفظت القيادة الكوردية حينها بثلاث مراكز قيادية وهي:
منطقة بالك (حاجي عمران) شرق محافظة أربيل بقيادة نجلي الملا مصطفى البارزاني إدريس ومسعود.
منطقة بنجوين والتي تقع شرق محافظة السليمانية بقيادة نوري شاويس (عضو المكتب السياسي).
مناطق بهدينان والتي كانت تشمل محافظتي دهوك ونينوى بقيادة صالح اليوسفي .
في يوم 7 أذار أي بعد يوم واحد من توقيع الإتفاقية مابين العراق و إيران استطاع الجيش العراقي من السيطرة على سلسلة جبل زوزك بكامله الذي يقع بالقرب من بلدة راوندوز وفي نفس اليوم شن الجيش العراقي هجوما على جبل هندرين إلا أن الهجوم باء بالفشل وقامت إيران بنفس اليوم بسحب جميع المضادات الجوية و المدفعية والتي سبق وأن أرسلتهم بغية دعم قوات الحركة الكوردية وتم سحب محطة الإتصال اللاسلكية الإيرانية من منطقة القيادة الكوردية و جرى وضعها في بلدة بيرانشهر الإيرانية المتاخمة للحدود مع العراق عند منفذ حاج عمران الحدودي وفي نفس اليوم كذلك بدأ إنسحاب البعثة الإسرائيلية إلى إيران . في يوم 11 أذار من سنة 1975 التقى شاه إيرانمحمدرضا بهلوي بزعيم الحركة الكردية الملامصطفى البارزاني في طهران حول تداعيات الإتفاقية التي جرت مابين العراق وإيران وفي اليوم التالي عاد البارزاني إلى كوردستان العراق . وفي يوم 19 أذار قرر زعيم البارزاني إنهاء المقاومة الكوردية بصورة مفاجئة والإلتجاء إلى إيران . وفي يوم 25 أذار غادر البارزاني كوردستان العراق متوجها إلى إيران [1]