تغيير الأسماء الجغرافية والحقائق التاريخية في جبل الكرد (#عفرين#)
د. روزاد علي
مجلة الحوار- السنة 25- العدد 72- 2018م
تؤكد الأبحاث والمكتشفات الاثرية العديدة، أن وجود واستقرار الانسان لم ينقطع في منطقة جبل الكرد/ عفرين منذ فجر التاريخ. وتدل على ذلك عشرات التلال الاثرية وآثار السكن والإقامة حول ضفاف نهر عفرين وعلى ذرى المرتفعات وسفوح الجبال وبجانب الينابيع.
وخلال الفترات التاريخية الطويلة سواء قبل أو بعد الميلاد، دخلت المنطقة في إطار حكم إمارات وممالك ودول وشعوب عديدة مثل الهوريين- الميتانيين والآشوريين والآراميون والفرس-الميديين واليونان والرومان والمسلمون العرب والصليبيون والسلاجقة والكرد الايوبيون وكان آخرهم العثمانيون ثم الفرنسيون وأخيرا تشكل الدولة السورية بصيغتها الحالية.
ومن تلك الدول والحكومات ما اخضعت المنطقة لحكمها عسكريا دون استيطان، ومنها ما استقرت فيها مدنيا لفترات مختلفة المدة. ولعل أبرز الفترات التاريخية هي الفترة اليونانية -البيزنطية التي استمرت لنحو 1500 عام من الحكم والسكن المدني، وتدل علي ذلك العديد من الموقع الاثرية في أرجاء منطقة جبل الكرد، مثل مدينة (سيروس- نبي هوري)، ، وكذلك قرى وبلدات وقرى أخرى هامة مثل جنديرس وبراد على جبل ليلون وغيرهم كثير.
وقد وثقت الكثير من المصادر التاريخية بوضوح وجود الكرد في العديد من نواحي بلاد الشام والسفوح الجنوبية لنهايات جبال طوروس إبان مرحلة الحكم الايوبي وما بعده. وقد تكثف الوجود السكاني الكردي في المنطقة عبر القرون الأخيرة حتى بلغ نسبة الناطقين بالكردية في منطقة عفرين في بداية القرن الحالي، وحسب التحقيقات الميدانية نحو 95% من مجموع السكان.
وتتجلى ملامح ذلك الوجود الكردي القديم في جانب منه من خلال بعض الأبنية وحتى قبور بعض الأشخاص التي لاتزال قائمة ومؤرخة ومن التسميات جغرافية وأسماء القرى والتجمعات السكنية في المنطقة.
1- من ناحية العمران:
«منزل خليل محمود- قرية توبلي محمود- ناحية بلبل. بناء 1032 ميلادي شرقي/هجري»
هناك شواهد على استقرار الأكراد في دور سكنية في منطقة عفرين منذ ما يقارب أربعة قرون. فخلال تجوالنا في أرجاء المنطقة، عثرنا على دار سكن يعود بناؤه إلى شهر آذار لعام 1032 كما هو مدون على حجر الواجهة، ونعتقد أن التاريخ المذكور مسجل حسب التقويم الميلادي الشرقي الذي يعتمد على الأشهر الشمسية، وبذلك تكون هذه الدار قد بنيت قبل 418 سنة. والدار ما زالت موجودة في قرية Topelî Meĥmûd «محمود أوبه سي»، التابعة لناحية بلبل. وهي من النموذج الكردي المقنطر المعروف في المنطقة. ولا يزال المواطن الكردي خليل محمود يسكنها. ويوافق سنة 1431 من التقويم الميلادي الشرقي. وربما طالها الخراب حاليا بسب الأوضاع الأمنية في منطقة عفرين. كما توجد دور سكنية أخرى في قرى المنطقة. وهناك دار سكن في قرية معراته تخص آل سفونا مدون على واجهتها أنها بنيت عام 1830م. ودار أخرى للعائلة يعود بناؤها إلى عام 1274ﮪ/1857م. وهناك دور أخرى في قرية بيوك أوبهGundî mezin ، تدل التواريخ المكتوبة على واجهاتها، أنها تعود إلى أوائل القرن التاسع عشر. ودار سكن لمحمد محمد خليل في قرية «به ربه ن» Berbenê يشير تاريخ بنائها إلى عام 1173ﮪ وإلى صاحبها «على». وفي قرية قيبار تم تأسيس أول مدرسة لتعليم أطفال الكرد الإيزديين عام 1927 ولازال بناؤها قائما حتى يومنا هذا.
وفي مقبرة قرية Sêwiya ثلاثة قبور تعود لأشخاص كنيتهم حج عمر ومدون على شواهدها أسماؤهم وتواريخ وفاتهم، وهم: محمد بن قاسم آغا حج عمر زاده وفاته في /6/ش1223 ﮪ/1808م. أحمد ابن عمر آغا حج عمر زاده ج.خ /جمادي آخره 1225ﮪ/1810م. و»زيزة» والدة أحمد آغا توفيت في نفس العام 1225 هجرية. وتقول رواية آل عميكي، بأنهم قتلوا في نزاعات عشائرية، ويوافق تاريخ وفاتهم الى زمن تمرد «ولي آغا حج أومر» على السلطة العثمانية. أما القبر المدون على شاهدته /إبراهيم آغا فوفاته سنة 1234ﮪ/1818م. ويعتبر أحد أجداد آل عميكي. وفي مقبرة « البئر» في قرية « شوربه «، تؤرخ شاهدة قبر المرحوم بلال شوربه لأكثر من 250 عاما. أما قبر ناصربن يوسف آغا بن أحمد بك في قرية جويق فيؤرخ لعام 1213 ﮪ/ 1798م.
والملفت أن أكراد «شيروان» على جبل « ليلون» لايزالون يَتَسَمَونَ باسم « نَبو»، ونبو كما هو معروف إله رافدي كان يعبد في هذا الجبل حتى القرون الأولى للميلاد. وهذا يدل على أن الأكراد الحاليين كانوا موجودين على جبل ليلون منذ ذلك الزمان، ويمجدون الإله «نبو» القريب من العقائد الزردشتية. الإيزيدية حالياً، فعظموا اسمه، وتسموا به.
كما يحتفظ الأكراد الحاليون القاطنون في سهل جومه وحدهم دون غيرهم بمعتقد من القرن الخامس ق.م، وهو تحريم أكل لحم الأسماك التي تعيش في ينابيع حوض عفرين في سهل جومه، / راجع كزينفون – كتاب رحلة العشرة آلاف/. وهذا دليل على قدم وجود الأكراد في المنطقة، واستمرار تواصلهم الديني والعرقي فيها منذ تلك العهود.
«حجر الواجهة لمدرسة الطائفة الايزيدية في قرية ((تأسست هذه المكتبة بفضل كرم الله للطائفة اليزيدية في قضاء كردداغ بهمة دوريش آغا بن شمو سنة 1926غربي/ 1344هجري)).»
2- التسميات الجغرافية:
في اعتمادنا على التحقيقات الميدانية والمصادر الكتابية في مسألة التسميات الجغرافية، تبين أن أكثر من 80% من الأسماء الجغرافية وأسماء القرى في جبل الأكراد/عفرين هي إما أسماء كردية من حيث اللغة والمعنى، أو من تسمياتهم المحلية. وذلك على النحو التالي:
1- أسماء الجبال والوديان والسهول والصخور والأشجار المميزة والكهوف أي التسميات الجغرافية عموما وجميع تكويناتها التضاريسية تقريباً، تكاد تكون جميعها أسماء كردية لفظاً ومعنى، سوى قلة قليلة منها هي أسماء أعلام إسلامية معروفة يستخدمها الأكراد، وقد أطلقوها بشكل خاص على المزارات والأماكن المباركة. ولأن أسماء المعالم الجغرافية والتضاريس لاتدون عادة في السجلات الرسمية، لذلك بقيت دون تبديل، ويتداولها السكان كما هي في الأصل.
2- أسماء التجمعات السكنية والتي تبلغ نحو 360 اسماً، فإن أكثر من 80% منها كردية الأصل أو من تسمياتهم، وهي إما أسماء علم، أو أسماء عشائر كردية، أو صفة للموقع الجغرافي للقرية.
أما النسبة الباقية أي حوالي 20% من تلك الأسماء فتتوزع على النحو التالي: حوالي 33 اسماً سريانيا، ونحو 18 اسماً تركيا، وقرابة 12 اسماً عربيا. وتتوزع الأسماء السريانية والعربية على ناحيتي عفرين – المركز وجنديرس. وتوجد الأسماء التركية في ناحيتي شران وجنديرس. ويشير توزع الأسماء إلى أن نواحي شيخ الحديد وراجو ومعبطلي وبلبل تكاد تخلو من الأسماء غير الكردية تماماً، وهذه تعكس واقع الحالة الاثنية الكردية الصرفة في تلك النواحي منذ زمن بعيد.
وقد أمكن تصنيف أسماء التجمعات السكنية في منطقة عفرين بصورة عامة إلى أربع فئات، وهي:
الأسماء القديمة المتداولة شعبياً:
تعرف القرى والتجمعات السكنية للمنطقة شعبيا بأسمائها القديمة، وهي الأسماء المتداولة بألفاظها الأصلية الحقيقية. ويمكن تصنيف تلك الأسماء على ضوء اللفظ وشكل الكتابة على النحو التالي:
1– أسماء تنتهي بالحرف الصوتي a : وهي تشكل معظم الأسماء، والحرف a هو الحرف الأول من المقطع «آن ، -an»، وهي علامة الإمالة في جمع الأسماء في اللغة الكردية، وقد سقط منها في العامية المحكية الحرف «ن ، n»، فبقي حرف a وحيداً في آخر الاسم. أمثلة: زركان Zerkan أصبح زركا Zerka و Xilalkan خلالكان أصبح Xilalka خلالكا… وهكذا.
2 – أسماء تنتهي ب «ند nd « و» اف If «: مثل كلمة Gund القرية، وترنده Turnd، وتللف Tilif. والمقطعان nd، if هما لاحقتان من اللغة الحثية القديمة تستخدمان في التسميات الجغرافية.
3 – أسماء تبدأ بالمقطع « با، Ba « وعددها سبعة. ولهذا المقطع مصدران واستعمالان:
الأول: بشكل (بي، ب، با)، وهو من الأسماء الطبوغرافية الشائعة، ويعود استعمالها لأوقات مبكرة، إذ تظهر في الكتابات الأكادية والكنعانية والآرامية، وتعني بيت أو دار، فيكون اسم قرية بابليت مثلاً هو بمعنى دار بليت … وهكذا.
الثاني: Ba وتعني في الكردية «عند أو هواء». وبموجب هذا المعنى يكون اسم قرية باسوطه مؤلف من مقطعين، الأول: Ba ويعني هواء، وسوت Sot بمعنى الحاد أو الحارق، فيكون اسم باسوطه بمعنى «الريح الحادة والحارقة»، وموقع باسوطه الجغرافي المفتوح من الشمال يناسب هذه التسمية.
4- أسماء تحوي لفظة «قسطل»: عددها خمسة، ويلحق بها عادة اسم شخص أو صفة للموقع أو ما شابه، مثل قسطل علي جندو وقسطل كيشك… إلخ. وحول معنى كلمة قسطل:
يقول عبد الله الحلو /ص448/، بأن لفظة قسطل دخلت البلاد السورية عبر الآرامية، وهي في اليونانية واللاتينية كاستيلون Castellum، وتعني الأنانبيب المستعملة في جر المياه.
وكلمة القسطل بمدلولها الكردي المحلي، تشير إلى ينبوع ماء جار عليه بركة ماء وتصل تلك المياه إلى ذلك الموقع عبر بواري (قساطل) من مكان آخر… وهي بهذه الصفات تشبه المعنى اللاتيني للكلمة.
5 – أسماء تبدأ بكلمة « تل» العربية: عددها ستة… ويستخدمها بعض الأكراد بدلاً عن مرادفتها الكردية Gir، مثل: تل حمو، تليلاق…
6- أسماء تحوي كلمة « دير»: عددها ستة … مثل حسن ديرا ودوديري… وهي من تسميات الأكراد، فهم عادة ما يسمون الخرائب الأثرية القديمة بالقلعة أو الدير. أما كلمة دير فيعتقد أنه سرياني ويطلق على مكان سكن الرهبان.
7 – كلمة «كفر»: جاء في كتاب [الأصول السريانية- ص6]: أنها تعني قرية، ضيعة، دسكرة، وهو جذر لغوي سرياني يُفيد أصلا في التغطية والاختفاء، وسميت القرية «كفر» لأنها حصن وملاذ ومخبأ. وعددها في المنطقة ثمانية، مثل: كفر سفرة، كفردلي، كفربطرة…
8- برج Birc: عددها خمسة… وهي كلمة يونانية من «بورجوس» Burgus، انتقلت إلى السريانية والعربية والكردية بمعنى قلعة عالية، أو تحصينا للمراقبة والدفاع.
9- خراب، أو خربة: كلمة موجودة في اللغة الكردية أيضاً، وهناك سبعة قرى تسمى بها، وهي بمعنى البناء القديم المهدم.
10- أسماء القرى والتجمعات السكنية هي أسماء مؤنثة في اللغة الكردية، ويعرب الاسم المفرد المؤنث بإضافة علامة إمالة الاسم المفرد المؤنث إلى نهايته، وهي الحرف ê، مثل Bilbilê Kîmarê,، وهذه الصفة من خصائص لغة الشعب الخالدي (من أسلاف الأكراد)[1].
التسميات العثمانية
خلال حكمهم الطويل للمنطقة، أضاف العثمانيون لواحق إلى الأسماء لتتوافق مع لغتهم، كما قاموا بترجمة بعض الأسماء الأصلية القديمة للقرى إلى اللغة التركية، وبدلوا أخرى بأسماء تركية خالصة.
– التتريك:
ترجمت بعض الأسماء من الكردية إلى التركية مباشرة، مثلGundî Mezin أصبح «بيوك أوبه» أي الجماعة الكبيرة. وSêwiya أصبح «اوكسوزلي» اليتيمة. وعدد القرى التي ترجمت أسماؤها هي خمسة عشرة قرية، إضافة إلى اسم جبل الأكراد Çiyayê Kurmênc ذاته، الذي أصبح « كرد داغ «، و» داغ « تعني الجبل بالتركية.
– اللواحق التركية:
أضيفت لواحق لغوية تركية إلى نهاية الأسماء لكي تتوافق مع اللفظ والكتابة العثمانية، وتلك اللواحق هي:
– Lî : تفيد في تعريف الانتماء، مثل هوبكا – هوبكان Hopka، صارت هوبكانلي Hopkanlî … وهكذا.
– كوى -Koy : بمعنى قرية، مثل: «قوده كوى» أي قرية قوده Qude.
– أوشاغي -ûşaĝî: بمعنى «أولاد أو أبناء أو فروع في النسب»، وتضاف عادة إلى اسم مؤسس القرية، أو أحد سكان االقرية الأوائل، مثل «ناز أوشاغي» أي «أولاد نازي»، و (ناز) هو اسم علم مؤنث بمعنى «دلال»، وهو اسم مؤسس القرية.
– أوبه -obe: وتعني جماعة، مثل « ديك أوبه سي»، أي جماعة « ديك «.
– لر -ler : علامة الجمع في اللغة التركية، كما في قرية Gundî Şêx، «شيخ لر أوبه سى» أي جماعة الشيوخ.
وقد أضيفت هذه اللواحق إلى الكثير من أسماء التجمعات السكنية في جبل الكرد في العهد العثماني، فأضفت عليها مَسحة لغوية تركية.
الأسماء في فترة الانتداب الفرنسي .
اعتمد الفرنسيون غالباً الشكل العثماني في كتابة أسماء القرى في المنطقة.
الأسماء بعد استقلال سوريا:
بقيت معظم الأسماء المدونة في السجلات الرسمية للانتداب في التداول الرسمي إلى حين قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958. بعدها قررت سلطة الوحدة السورية المصرية تعريب الأسماء «الأعجمية» لقرى منطقة عفرين، وباشرت لجنة خاصة بعملها، وقطعت شوطا كبيرا في ذلك، إلا أن حدوث الانفصال حال دون إكمال مشروع التعريب حينها. ولكن استخدمت في تلك الفترة حالات فردية من الأسماء المعربة. فاسم قرية خالتان Xalta مثلاً كتبت « الخالدية «، وعمرا ‹Umera أصبحت العمرية، وتليلاقTilîlaq الصنوبرية…
وفي عام 1976، تقرر مجدداً تنفيذ قرار تعريب الأسماء غير العربية في شمالي سوريا ومن ضمنها منطقة عفرين، وتشكلت لتنفيذ ذلك، لجنة رسمية كان كرد وسريان ومندوب عن مديرية الآثار في حلب. وباشرت اللجنة عملها في تعريب الأسماء مستندة على التوجيهات التالية:
1- الإبقاء على الأسماء القديمة ذات الأصل العربي والسرياني والروماني- اليوناني، بما فيها أسماء المواقع الأثرية.
2 – تعريب كافة الأسماء الكردية والتركية.
3- وفي حال تعذر ترجمة الاسم القديم إلى العربية، يستبدل باسم عربي سهل الكتابة واللفظ ضمن إطار التوجهات الفكرية للدولة.
وبعد انتهاء اللجنة من عملها، صدرت لوائح بالأسماء الجديدة وأخذت الصفة الرسمية بموجب القرار 580 لعام 1977 الصادر عن وزير الداخلية في الجمهورية العربية السورية. وشمل التغيير أسماء 190 تجمعا سكنيا في منطقة عفرين، ثم دونت الأسماء الجديدة في السجلات الرسمية وعلى بطاقات الهوية الشخصية وشاخصات الطرق أيضاً.
ويبدو أن حكام المنطقة ومنذ العهد العثماني تنبهوا للأهمية السياسية لمسألة التسميات الكردية للقرى والمعالم الجغرافية لمنطقة جبل الكرد- عفرين، ولذلك أقدمت أكثر من مرة على إزالة وإخفاء التسميات الكردية في المنطقة واستبدالها مرة بتسميات عثمانية-تركية وأخرى بأسماء عربية حديثة. وكان آخرها بعد احتلال الجيش التركي لمنطقة جبل الكرد/عفرين في 18 آذار 2018، إذ أقدم الجنود الاتراك وبعض مسلحيهم السوريون على تعريب وتتريك أسماء بعض القرى والمواقع الجغرافية في منطقة عفرين. إلا أنه رغم ذلك، صمدت الأسماء الشعبية القديمة وبقيت في التداول الشعبي حتى أيامنا هذه ولاريب أنا ستصمد ثانية وربما ثالثة..!!.
ومن الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تغيير الأسماء في شمالي سوريا. فحول موضوع الأسماء الجغرافية وتبديلها في العهود المختلفة في سوريا وشمالها خاصة، يقول الباحث عبد الله الحلو، بأنه: توجد الأسماء ما قبل السامية في شمال سوريا أكثر من المناطق الأخرى. وقد تنوعت بتنوع الشعوب التي سكنتها والحكومات التي حكمتها منذ القدم /ص36/. وربما تم تغيير اسم موقع واحد عدة مرات تبعا لسكانها وحاكميها الذين أمر بعضهم رسميا بتغيير بعض الأسماء لتناسب اللغة الدارجة حينها، وأحياناً لأسباب سياسية. وأول من أمر بتعريب جميع الأسماء في سوريا، وتثبيتها في السجل العقاري، هو الخليفة الأموي عبدالملك (685 – 705)م، /كتاب الأصول السريانية…، ص4/. ونحن نقول لو أن الخليفة عدل عن رأيه حينها، وأبقى على الأسماء القديمة، لكانت تلك الأسماء سجلاً حقيقيا لتاريخ المنطقة وللشعوب التي سكنتها منذ العصور القديمة.
وفي هذا الموضوع أيضا كتب العلامة الحلبي خيرالدين الأسدي في «موسوعة حلب المقارنة، المجلد 4، ص132»: ((دعيت للاشتراك في تعريب الأسماء كما فعل الاتراك في تتريك الأسماء غير التركية، فاعتذرت وقلت بأن هذا عبث بالحقيقة وعمل الأتراك جهالة، ولا تقابل جهالة بجهالة)).
ومن المفيد ذكره، أن التقسيمات الإدارية الرسمية لمنطقة عفرين لعام 1980 تتضمن أسماء /360/ موقعا وقرية وتجمعا سكنيا. أربع وعشرون منها أسماء مواقع أو قرى مهجورة. وتتوزع تلك التقسيمات على سبع نواح إدارية، هي: ناحية المركز- عفرين، جنديرس، شيخ الحديد، راجو، معبطلي، شران، بلبل. والمركز الإداري للمنطقة هي مدينة عفرين. أما عدد القرى والمزارع المأهولة في كل ناحية، فهي على الشكل التالي: المركز- عفرين: 64 قرية. جنديرس: 56 قرية. شيخ الحديد: 18 قرية. معبطلي: 42 قرية. راجو: 65 قرية. بلبل:49 قرية. شران: 44 قرية. منها 338 تجمعا سكانيا فعليا. يضاف إليها نحو خمس تجمعات سكنية حديثة التأسيس لم تدون بعدُ في جداول التقسيمات الإدارية للمنطقة وهي: قارساق Qarsaq غربي قرية إسكان. كاني دينكي Ke’nî Dînkê : بين قريتي شيح الدير وإسكان. باخاشي Baxwaşê بين قريتي حسن ديرلي ونازان. ضاحية كفرجنة بين قريتي قطمة وكفرجنة. المنصورة جنوبي قرية فريرية.
” مصور النواحي الإدارية لمنطقة عفرين ”
أما من الناحية العشائرية، فتقسم المنطقة الى ثمان نواحي رئيسية هي شكاكا، بيا، آمكا، شيخا، خاستيا، حَشْتيا، روباري وشيره وإضافة الى ناحيتين مختلطتين هما جوم وشيخ الحديد.
” مصور التقسيم العشائري”
المراجع:
خير الدين الأسدي، موسوعة حلب المقارنة، طبعة ثانية في سبع مجلدات، معهد التراث العلمي في جامعة حلب.
منذر الموصللي، عرب وأكراد، دهر القلم العربي، 1991، طبعة ثانية، دمشق.
كزينفون 401ق.م، أناباسيس أو ((رحلة العشرة آلاف))، ترجمها عن الإنكليزية يعقوب أفرام منصور، مكتبة بسام، الموصل.
د.عبدالله الحلو: تحقيقات تاريخية لغوية في الأسماء الجغرافية السورية، بيسان للنشر، بيروت – لبنان، طبعة أولى 1999.
د.خليل جندي: لمعرفة حقيقة الديانة الإيزيدية، النظام الطبقي 1994.
1- و اللاحقة-hî هورية الأصل. واللاحقة-pî كوتية الأصل. أما اللاحقة -enî فهي خالدية الأصل «اورارتو”. د.خليل جندي، ص 9-10-24. وتلك الشعوب الهوري والكوتي والخالدي من أسلاف الأكراد.[1]