الكرد في إصلاح النظام السياسي للعراق وسوريا – لطيف دلو
العراق وسوريا تتشابهان من حيث تشكيل الدولة والجغرافية والتعددية القومية والدينية والطائفية بأكثرية عربية وكانتا تحت السلطة العثمانية قرابة خمسة قرون وانسحبت منها في نهاية الحرب العالمة الاولى 1914- 1918وكانت سوريا كاملة وولاية الموصل من حصة فرنسا ووسط وجنوب العراق من حصة بريطانيا بموجب معاهدة سايكس بيكو 1916 ولتاخر فرنسا من احتلال كامل المناطق المخصصة لها ، استغلت بريطانيا الفرصة واحتلت كركوك والموصل وقطعتها من فرنسا لثرواتها المعدنية الهائلة ومواقعهما الجغرافية وبعد الاحتلال شكلت دولة العراق عام 1921من ثلاث ولايات عثمانية وتوج فيصل الحسين من الحجاز مرورا بسوريا ملكا عليها بتولي الاقلية السنية السلطة ، وشكلت فرنسا دولة سوريا بدمج خمس ولايات تراسها فيصل الحسين عام 1918 ثم اصبح ملكا عليها بعد الاستقلال 08-03-1920 بنظام ملكي فيدرالي لا مركزي الادارة ، ولكون الملك مواليا لبريطانيا وهزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون نفي الى بريطانيا وحلت الملكية في 28-07-1920 ومن ثم بدا النظام الجمهوري وتولت الاكثرية السنية السلطة .
منذ تشكيل الدولتين لم تراع الحكومتين فيهما نهجا لتحقيق هوية وطنية لكافة مكونات الدولتبن على حد سواء وتطويرهما على ارض أغناها الله بكل مصادر العيش والتقدم بل كانت طموح جميع الحكام صناعة امبراطوريات قومية طائفية باسماءهم وفي بداية عام 1949 كانت هناك فكرة ورغبة في اندماج الدولتين ولم تكلل بالنجاح كمثيلاتها في الاتحادات الاخرى التي لم يجنوا منها إلاُ التباعد والانشقاق لانها لم تكن لمصالح مجتمعية ولذلك وإدَت جميعها في حينها لطموحات شخصية ، وتحصيل الحاصل للتغييرات السياسية في الدولتين التوأمتين المضي من سيء الى أسوأ وجروا الدولتين الى كوارث تقشعر منها الجلود في سفك الدماء وانهيار الاقتصاد والتشريد والترحيل وانفلات الامن والاستقرار وفيما يلي بإختصار صور التشابه بينهما –
في عام 1936 قام الجنرال بكر صدقي وهو من اصول كوردية باول إنقلاب عسكري بإسقاط حكومة ياسين الهاشمي وتنصيب حكمت سليمان رئيسا للوزراء وكانت رغبة قائد الانقلاب بناء دولة على اسس قوية وليس فقط للسياسات القومية العربية كما في الحكومات السابقة ، وتبني مبدا العراق اولا لتكون الاولوية للمجتمع العراقي المتعدد القوميات والاديان واللغات وسحب الاراضي من الاقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين واغتيل الجنرال في 1937من قبل القوميين وسقطت حكومة سليمان وعادت السلطة الى سياستها السابقة .
انقلاب أبيض
أما في سوريا حدثت سلسلة متسارعة من الانقلابات عام 1949 والانقلاب الابيض الاول بزعامة الجنرال حسني الزعيم وعين الدكتور محسن البرازي رئيسا للوزراء وهما من اصول كوردية بتاريخ 30-03-1949 لتصحيح مسار السلطة ورغبة قائد الانقلاب في الاصلاح والمساوات وانهى حكم العائلات الغنية وقضى على الفساد والتخلي عن فكرة الاندماج مع العراق ونجح الزعيم في كثير من خطوات الاصلاح الاداري واقرار قانون الاحوال الشخصية وتقليص عدد النواب وتحديث نظام الجامعة السورية وانشاء محكمة دستورية عليا لمراقبة اعمال مجلسي النواب والوزراء وانشاء نظام المحافظين يجمعون بين السلطات المدنية والعسكرية واول من منح حق المراة في التصويت وكسر الحظر المفروض على توريد الاسلحة بسبب حرب 1948 مع اسرائيل وارسال العسكرين الى فرنسا للتدريب عليها وكان يؤمن بالعدالة الاجتماعية ويسعى لتحقيقها وفي 14-08-1949 حدث انقلاب عسكري ضدهما ونفذ الانقلابيين حكم الاعدام بهما بكل وحشية امام افراد اسرتيهما .
وجهت الى كل من قائدي الانقلابين في الدولتين تهمة السعي وراء تاسيس دولة كردية عسكرية في البلدين جزافا لانهما كانا بعيدين عن الفكرة القومية ومن المعلوم كانوا الكرد ملهمين في التوحيد انذاك دون مشاعر قومية بل تولدت لديهم من الظلم والاضطهاد من الحكام في الدولتين وغيرهما ، ولربما احد اسباب اتهامهما هو اهتمامهما في جمع المؤيدين لفكرتيهما حولهما كما يحصل لكل من يحمل فكرة تغيير او اصلاح .
جميع الدول المتقدمة تطورت بسياسة التعددية وليست القومية وبعيدا كل البعد عن الإنحياز القومي والطائفي ومن مبدأ المواطنة لصناعة دولة الامن والاستقرار والتآخي للشعبين والنهضة والتقدم والسيادة للبلدين ، لوحظيا الانقلابين النجاح لأديا إلى بلورة فكرة الوطنية مع وحدة الصف لدى المكونات بدلا من التحسس التعنصر القومي في السلطة يخلق النرفزة لدى الاخرين ، لكانتا اليوم دولتين متآخيتين بهوية وطنية لا فضل لاحد على الاخر والشخص المناسب في المكان المناسب كما في الدول الاوروبية وتتمتعان بالامن والاستقرار وارقى دولتين في المنطقة بشهادة الاوضاع السياسية الدموية مرت بالدولتين وانطقها بمرارة الالم تحت سلطتي الطائفتين العربيتين السنية والشيعية معا ، وعلى كل لا تزال الدولتين بخير بفضل من الله ولا منة من احد ويمكن النهوض بهما الى ركب الدول المتقدمة اذا تغيرت النفوس او اختار الشعبين لكل منهما الشخص المناسب ليقود بلادهما نحو التآخي والامان والاستقرار و يسعى لتحقيق الهوية الوطنية لمواطني دولته وتجنب التمييز بين مكوناتها.[1]