من هم (الاشوريين) البائدين و (المتأشورين) الحاليين؟
الباحث كاردوخ شم كي
الآشوريون شعب مزيج من الأموريين (البابليين الذين كانوا ايضاً عبارة عن شعب خليط تحت الحكم الاموري) ذوي الثقافة الصحراوية، ومن السُّوباريين (أسلاف الكُرد) ذوي الثقافة الجبلية، ويقول هاري ساغَز Hary Sags: “لا نَعلم إلّا القليل بالضبط عن آشور قبل نهاية الألف الثالث قبل الميلاد”، أي قبل 2000 ق.م وقد احتلّ بعض الأموريين إقليم سوبارتو في عهد الملك شَمْشي أَدَد الأوّل Shamshi- Adad 1 (1813 – 1781 ق.م)، وكان الملك أشور أُوبالّيت الأول Ashur Uballit I (1365 – 1330 ق.م) أولَ من استعمل كلمة (أشور) اسماً لدولته، وكان الاسم القديم هو (سوبارتو). ويقول أيضاً: في كتابه عظمة آشور: ” كان الآشوريون شعباً هجيناً، وهم يعرفون ذلك،… ومنذ أقدم الأزمنة كان لديهم تاريخ عنصري [= إثني] خليط، … وهذا مذكور مراراً في النقوش الملكية”. وهذا دليل دامغ بأن (الاشوريون) ليسوا شعباً نقياً واحداً ومن الخطأ الفادح إطلاق أسم (شعب) على أؤلئك المنقرضين، بل انهم خليط غير متجانس تم جمعهم تحت سلطة كيان لقيط قاموا بتسميته (آشور) تحت سيادة فئة حاكمة (أمورية/صحراوية_سامية) فرضت لغتها وثقافتها وايديولوجيتها الغزواتية الصحراوية على الخليط الغير متجانس في كيانهم الشاذ الذي قاموا بتأسيسه بالقوة على الجغرافيا الكوردستانية.
يقول الدكتور عبد الحميد زايد أن اسم (سوبارتو) كان يُطلَق على المنطقة الممتدة من دجلة إلى جبال زاغروس، وأن السوبارتيين شعب جبلي غير ساميّ، كوّن مملكةً في الشمال، كانت تشتمل على المنطقة التي عُرفت بعدئذ باسم (بلاد آشور). دققوا في جملة (بعد ذلك) أي بعد غزوهم لكوردستان واحتلالها، ثم بدأ (الآشوريون) أنفسهم بتأسيس مملكة قوية هناك. وبعد أحتلالهم لكوردستان واختلاطهم بشعبها أخذ (الاشوريون) ملامحهم من اسلاف الكورد الميتان/هوريين_سوبارتيين. تلك الملامحَ التي كانت تميّزهم عن الساميين في الجنوب. حيث أن القوم الذين عُرفوا باسم (سوبارتي) هم أنفسهم الذين عُرفوا بعدئذ باسم (حوري= هوري)، بل كان اسم (سوبارتي) يشمل أحياناً جميع أسلاف الكُورد الزاغروسيين (گوتي، لوللوبي، هوري)، وقد غزا الآشوريون مركز بلاد سوبارتو (مثلث دجلة والزاب الأعلى والزاب الأسفل) واستوطنوها، وأقاموا فيها مملكتهم، بعد أن اندمجوا مع شعب سوبارتي الأصلي، ولذلك كان د. جمال رشيد أحمد محقّاً حينما ذكر أن الآشوريين انحدروا عِرقياً من الحوريين أو الگوتيين أو اللولوبيين.
يقول العالم جرنوت فيلهلم في كتابة:Hurrian(الحوريون): أن منطقة (شمالي سوريا) التي احتلّها الآشوريون بدءاً من حوال منتصف القرن (13 ق.م)؛ لم تكن سوى المملكة الكوردية ال “ميتان هورية”. ويتفق المؤرخون الذي بحثوا في تاريخ سوريا على أن اسم (سوريا) ورد لأول مرة في كتابات المؤرخ الإغريقي هيرودوت، حيث يقول: “كان الإغريق يسمّون الكبادوكيين بالسوريين، وقد عرفنا من أمرهم أنهم كانوا يخضعون للميديين قبل اتّساع إمبراطورية الفرس”.
يقول الباحث و المؤرخ د. أحمد محمود الخليل مستنتجاً بعد بحث عميق جداً في تاريخ و ميثولوجيا المتطقة: يمكننا أعتبار (الآشوريون) مزيج إثني ساميّ زاغروسي آري، غلبت عليهم الثقافة الأكّادية البابلية السامية، باعتبارها كانت الثقافة السائدة في بلاد النهرين، ولم يكن الإله آشور (آسور) غريباً عن إله الشمس الآري (سورياش= سوريا= سورا= آسور= آهورا)، إنه جسّد بعض خصائص هذا الإله الآري، ودُمجت في منظومته الميثولوجية بُنًى من ميثولوجيا الإله السومري (إنليل)، وميثولوجيا الإله البابلي (مَرْدُوخ = مَرْدُوك).
لقد تحوّل ذلك الكيان الغير المتجانس واللقيط (آشور) الى امبراطورية ذات سجل حافل بالفتوحات العسكرية التي كثيراً ما اقترنت بالمعاملة السادية للاسرى. ومن ابرز العوامل المؤثرة في حياة (الاشوريين) هو العامل الغزواتي/الديني، التي جلبها معهم حكام الصحراء(الاموريون) وجعلوها ايديولوجيا خطيرة هددت واستعبدت العالم لقرون طويلة، حيث اعتبروا الحرب طريقة اساسية للتعبير عن دينهم. ويذكر المؤرخ و. ب. رايت: «كان خوض الحروب الشغل الشاغل للأمة، وكان الكهنة محرضين دائمين على الحرب. وجرت اعالتهم في الغالب من غنائم الفتوحات، بحيث خُصصت لهم بشكل ثابت نسبة محددة من هذه الغنائم قبل ان يتقاسمها الآخرون، ذلك لأن هذه السلالة من الناهبين كانت متدينة بإفراط». ويتحدث تاريخ الكتاب المقدس والتاريخ الدنيوي على السواء عن صدامات متكررة بين اسرائيل و(أشور). وبمرور الوقت أُجبرت اسرائيل على دفع الجزية لملك (اشور). ثم في سنة 740 قم، جرى الاستيلاء على السامرة عاصمة المملكة الشمالية وأُرسل الآلاف الى السبي. برر اليهود هزيمتهم بغضب عليهم من قبل الههم القومي (يهوه) بسبب الذل والويلات التي لاقوها على أيدي (الاشوريين) المتوحشين ولكن عندما حاول سنحاريب ان يضيف اورشليم الى قائمة فتوحاته، اهلك ملاك يهوه 000،185 جندي (اشوري) في ليلة واحدة. (اش 36:1–37:38) وكما اخبر انبياء يهوه، اصبحت اشور في النهاية خرابا وخلفتها بابل على المسرح العالمي. — اش 23:13؛ صف 2:13.
وهذا ما أكده الباحث والدكتور مهدي كاكه يي في هذا الخصوص في مقاله بعنوان أسباب وحشية ملوك آشور وقسوتهم كانت معتقداتهم الدينية من أسباب قسوة ووحشية ملوك آشور هي إقتران الحروب الآشورية بالمعتقدات الدينية التي تُعظّم الإِله الوطني (آشور) وحماية أرضه وتوسيع مملكته والحفاظ على مكانته وتعظيمها. لذلك، بعد قوة الجيش، كانت قوة الدين والإخلاص لِلإله (آشور)، ولهذا أستخدموا القوة القسوة المفرطة حيث كانوا يبرّرون القتل والتعذيب والتمثيل بِجثث قتلاهم، مرضاةً للإله آشور. كان الإله القومي للآشوريين (آشور)، يملك روحاً عسكرية، لا يرحم أعداءه وكان الذين يؤمنون به، يعتقدون أنّ إلههم يفرح عند رؤيته الأسرى وهم يُقتلون أمام مزاره.
لقد حاول حكام الكيان (الاشوري) اللقيط على غرار الكيانات اللقيطة التي تحتل كوردستان اليوم استيعاب الشعوب الرازخة تحت سلطتهم بيد حديدية وبطريقة استبدادية. جعل عدم المساواة والقسوة والوحشية التي عومل بها الشعوب الأصلية التي اعتبروها من الدرجة الثانية (درجة العبيد). امبراطوريتهم اللقيطة الوقوع في دوامة الضعف وعدم السيطرة ، والتي بلغت ذروتها مع استعادة البابليين في عام 609 قبل الميلاد.
يقول أحد ملوكهم (شلمناصر الثالث) مفتخراً بوحشيته ضد اعداءه: “لقد حاربتهم جميعًا بمعونة قوات آشُّور الجبابرة التي أعطانيها سيدي آشُّور، وبالأسلحة القوية التي قدمها قائد جيشي، وقد استطعت أن أنتصر عليهم بين مدينتي ” قرقرة ” و” جلزاد ” وذبحت منهم 14 ألف جندي بحد السيف، ونزلت عليهم كسيول الإله ” أدادْ ” حينما يزأر في العاصفة المطيرة، وبعثرت جثثهم في كل مكان ” وغمرت الوادي بفلول جيشهم، وفي خلال المعركة جعلت بحار دمائهم تسيل في المكان”.
ويفتخر احدى ملوكهم المجرمين تيجلات فلاسر الثالث (746 – 727) بغزواته التوسعية الوحشية على كوردستان: “أنا هو الملك الذي هزمتُ أعدائي من مشرق الشمس إلى مغربها، ودوَّختُ البلاد، ودانت لي القبائل، وحكمتُ في رجال الجبال والسهول، وخلعتُ الملوك، وأقمتُ نوابي مكانهم”.
لقد بلغت وحشية ملوك الكيان اللقيط (آشور) واطماعهم التوسعية حتى ضد حكم ابنائهم و اخوتهم. حيث نشبت حرب عنيفة جداً بين حاكم بابل “ساماس – سوم يوكين” وبين أخيه آشور بانيبال، أسفر عن حرب أهلية سنة 652 ق.م.، وفي سنة 648 ق.م. استولى آشور بانيبال على بابل، فما كان من أخيه إلاَّ أنه أحرق نفسه في وسط خرائب قصره، وكانت الإمبراطورية الأشورية قد أنهكت من كثرة الحروب، وقُتل عدد كبير من شبابها وصارت خزائنها خاوية، وبموت آشور بانيبال بدأ اضمحلال الإمبراطورية الأشورية اللقيطة. حتى سقطت نهائياً على الأيدي الميديين بعد أن دوخت المنطقة وبثت الرعب والخراب والدمار ، واهلكت الحرث ، والنسل ، وتحققت نبؤة ناحوم احد أنبياء بني إسرائيل حيث قال أيام مجد الدولة الآشورية بان تلك الدولة التي تتوجه نحوها الشعوب ، والدول بالخضوع ستزول ، وان عورتها ستنكشف ، وان كل من يسمع خبرها سيصفق فرحاً (( فمن ذا الذي لم يلحقه شرك المستطير على الدوام ..؟ )). وكانت نهايتها في معركة نينوى التي تجلت فيها عظمة الروح المعنوية التي غرسها الملك الميدي “كيخسرو العظيم” في نفوس جيشه الميدي المقاوم، ناهيك عن التفوق بالقيادات ، والمعنويات الذي كان ، وما يزال من العوامل المهمة التي تتوقف عليها نتيجة الحروب ، فبعد أن فرغ جيش الحلفاء من نهب المدينة ، وتدميرها أخذ الجيش البابلي يطارد قسماً من الاشوريين الهاربين، ويتعقب آثارهم حتى لجأت جماعة منهم بقيادة ( آشور وباليت ) حليف الفرعون المصري ( بسامتيخ ) الى حران ( أورفة ) حيث وضعوا هناك أساس حكومة جديدة لكن الملك الميدي “كي خوسرو” أبى عليهم الاستقرار في اي مكان ، وآل على نفسه إلا أن يشتت شملهم ، ويقض مضاجعهم ، وقد واتته الفرصة عندما استنجد به ملك بابل ( نابولاصر) ليلحق به ، ويمد اليه يد العون ، والنجدة في منطقة حران لأنضمام الجيش المصري الى الجيش الآشوري فخف اليه على عجل ، وانضم اليه الجيش البابلي فاستطاع ، وبمهارته الفائقة ، وخططه الحربية السديدة الاستيلاء على حران آخر حصون الآشوريين ، فأنسحبوا منها الى منطقة كركميش ، حيث وقعت معركة كبرى بين الطرفين فكان الأنتصار الحاسم فيها للميديين ، والبابليين ، وبذلك تم انهاء اسطورة الأمبراطورية الآشورية العظيمة ، وأختفت الامبراطورية الاشورية سنة ( 612 ق. م ) الى الابد.
من هم النساطرة (المتأشورين) الحاليين؟
يقول الباحث السرياني موفق نيسكو مستنداً على وثائق غزيرة: إن الآشوريون والكلدان الحاليون لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريون القدماء، إنما هم من أسباط إسرائيل العشرة الذين سباهم الآشوريون والكلدان القدماء، والذين بلغ عددهم أكثر من 500 ألف شخص، وكانت لغتهم هي الآرامية (السريانية) التي أقصت العبرية منذ أيام السبي، وعند قدوم المسيحية اعتنقوها وخضعوا لكنيسة أنطاكية السريانية عاصمة سوريا والشرق ومسؤولة مسيحي الشرق (آسيا)، ولأن لغتهم كانت السريانية، فاسمهم في التاريخ هو السريان الشرقيين، أي شرق نهر الفرات، وسميت كنيستهم بالسريانية الشرقية، ومقر كنيستهم كان المدائن عاصمة الفرس، ولذلك تسمَّى كنيستهم الفارسية أيضاً، ولأن أصولهم عبرية،كانوا شديدي التذمر وانفصلوا تحت ضغط الفرس عن أنطاكية سنة 497م، واعتنقوا المذهب النسطوري، ولذلك اسمهم المشهور هو، النساطر، وحتى بعد اعتناقهم المسيحية بقيت عندهم النظرة العبرية قوية، خاصة لدى نساطرة الجبال الذين عاشوا في عزلة أكثر من نساطرة السهول، الذين انتمى أغلبهم للكثلكة سنة 1553م، لتُسمِّيهم روما لأسباب سياسية عبرية، كلداناً، أما الذين بقيوا نساطرة فسمَّاهم الإنكليز، آشوريين، لنفس الأغراض، ومع أنهم مسيحيين، لكنهم يقولون، إننا يهو-مسيحيين. ثم يتابع ويقول: إلى سنة 1912م، اهتم الكلدان بالأمور الدينية، أمَّا النساطرة (الآشوريين)، فتركوا كل شي ديني وعملوا بالسياسة فقط من أجل إقامة إقليم باسم آشور، وسنة 1912م ثارت حمية المطران الكلداني السياسي أدي شير لتقاسم الكعكة مع أخوته الآشوريين في دولة (كلدو أثور) المزعومة المقبلة، فاخترع عبارة (كلدو وأثور)، وبسبب الحرب الأولى نزح إلى العراق آلاف النساطرة من إيران تركيا، وقام الإنكليز بإسكانهم في مخيمين، الرئيس قرب بعقوبة سُمِّي (مخيم الأشوريين)، و(مندان) افتتح سنة 1920م 30 كلم قرب الموصل، وكان مخيم بعقوبة بإمرة الجنرال هنري اوستن وتحت إمرته جورج ريد آمر سرية الحماية الذي لعب دوراً بمساعدة النساطرة سياسيا وقومياً بتسميتهم، آشوريين، أمَّا عضو البعثة التبشيرية الأنكليكانية، والسياسي، الدكتور وليم ويكرام مروِّج الاسم الآشوري، فعينته الحكومة البريطانية ضابطاً سياسياً لحل مشاكلهم، وهؤلاء اللاجئين أنكروا الجميل، وتحالفوا مع الانكليز، فبعد ثلاث أشهر من وعد بلفور، أخذ الآشوريون وعداً من الكابتن كريسي في 28 كانون ثاني 1918م بإقامة إقليم آشور العبري، لكن بثوب يهو-مسيحي، ووضعت نقاط الوعد في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م.
كان البطريرك النسطوري بنيامين له تطلعات قومية آشورية، وكان الروس قد منحوه في نيسان 1917م وسام صليب القديسة حنة تقديراً لخدماته في الميدانين العسكري والمدني (وليس الديني)، مع كمية من الأسلحة، فشكلوا أفواجاً عديدة، ومنها جيش الليفي فيما بعد لخدمة الانكليز وضرب العراقيين. أنتهى الاقتباس
مازال الكتّاب (المتأشورين) مستغلين عواطف البسطاء قومياً ودينياً أسسوه على أوهام امبراطورية(آشور البائدة) وزرعوا في نفوسهم حقداً اسوداً على الشعب الكوردي احفاد الميديين واعتبارهم أعداء تاريخيين وانهم السبب في نهاية (امبراطوريتهم المزعومة) وضياع امجادهم الوهمية التي ليس لهم علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، فزعموا أن تاريخ شعبهم يعود إلى سنة 4750 ق.م، وجعلوه بدايةً للتاريخ الآشوري، أي أننا الآن في سنة 6765 آشورية، واقتبسوا عيد (زكموك /آكِيتُو) الزاغروسي/السومري، وزعموا أنه عيد آشوري!!
يقول المؤلف والآثاري (طه باقر) مؤكداً نهاية الاشوريين القدماء: “اندمج عدد كبير من الآشوريين بالشعوب المجاورة …” أي أنه بعد نهاية (آشور القديمة) تفرّق الناجين الذين كانوا قلة مما تبقى من شعبها الهجين والمكون من خليط غير متجانس من بعض القبائل الكوردية ومن القبائل السامية.. وعادوا من حيث أتوا إلى عشائرهم الاصلية القديمة واندمجوا وانصهروا في الشعوب المجاورة.
لقد مرّ على أعتناق النساطرة (المتأشورين) المسيحية حوالي (2000) سنة، ولكنهم فجأة ومنذ حوالي ثلاثة عقود فقط، قاموا بتأسيس الكنيسة الماتسمى ب (الآشورية)!!! فلو كانوا فعلاً (اشوريين)، فلماذا لم يقوموا بتأسيس كنيسة اشورية قبل (2000) سنة؟ الجواب: لم يبقى شيء اسمه (آشور واشوريين) بعد سقوط نينوى 612 قبل الميلاد. وهؤلاء النساطرة (المتأشورين) أخترعوا تسمية حديثة لكنيستهم الماتسمى ب(الآشورية) عام (1976). ولم يتم ذكر الآشوريين كمسيحيين في الكتب الكنسية الموثقة؟. وبعد ابتكار (الكنيسة الآشورية) بسنوات، ابتكر (المتأشورين) علماً لهم، سموه (العلم الآشوري). لو كانوا حقاً آشوريين وعندهم مقومات القومية استوجب عليهم أن يكون لهم علم، في ذات التاريخ الذي رفع فيه علم كوردستان في شمال كوردستان قبل قرن من الآن، وبعدها رفع في مدينة مهاباد جمهورية كوردستان سنة (1946)م شرق كوردستان والعلم المرفوع اليوم في جنوب كوردستان.
يؤكد جميع الباحثين و المؤرخين والاثاريين بأن (آشور البائدة) لم تكن سوى كيان لقيط تأسست بالقوة والمكر على جغرافية كوردستان و لم يكن سكانها من عرق واحد، ولم تكن هناك قومية (آشورية)، كما لم تكن هناك أيضاً قومية بابلية، وكما اليوم أيضاً، لا توجد قومية عراقية وقومية سورية ولا قومية تركية… يقول الدكتور (ويل ديورانت) (Wil Durant) الذي ينسب بلاد آشور إلى عدة أعراق و منها الكورد، يقول في كتابه الشهير (قصة الحضارة) جزء الأول صفحة (469) عن سكان نينوى: كان ثلاثمائة ألف يسكنون في نينوى أيام مجدها في عهد آشور بانيبال، وكانوا خليطاً من الساميين الذين وفدوا إليها من بلاد الجنوب المتحضر مثل (بابل و أكاد) و من قبائل غير سامية جاءت من الغرب و لعلهم من الحيثيين أو من القبائل تمت بصلة إلى قبائل ميتاني، ومن الكورد، و يضيف أن الآشوريين هم خليط من الشعوب و ليسوا شعباً واحداً على الإطلاق، فيهم كل الأجناس الذين سكنوا قديماً بلاد ما بين النهرين تقريباً”. وكذلك الأمر في بابل التي تعود في الأساس إلى أسلاف الكورد الكوتيين سكان زاغروس الاصليين، وبعد سيطرة الغزاة (الاموريين) على بابل كان ملوكها يخاطبون أهل بابل قائلين:” أيها الشعوب والأمم والألسنة”، كما جاء في كتاب (تاريخ بابل و آشور) المطبوع عام (1879) ص (32) لمؤلفه (جميل أفندي نخلة المدور) و يقول:” وكانت بابل فيما تقدم من تاريخها مجمعاً لأمم من الناس وأجيال شتى قد تباينت أصلاً وعادات وكان الملك يخاطبهم بقوله أيها الشعوب والأمم والألسنة …”
يقول الباحث السرياني موفق نيسكو: لعب الساسة والمبشرون الانكليز دوراً في تهيج هؤلاء النساطرة وتقديمهم للعالم زوراً على أنهم أحفاد الآشوريين والكلدان القدماء، وأن مأساةً حلَّت بأحفاد شلمنصر ونبوخذ نصر، فألفوا عدة كتب كالآشوريين في التاريخ، وألف الضابط ستافورد، كتاب مأساة الآشوريين، وويكرام، كتاب الآشوريين وجيرانهم، وكتاب”حليفنا الصغير، The smalles ally”، مقتبساً التعبير من رئيس أساقفة كانتربري Randall Tomas Davidson (1903–1928م) في خطابه أمام مجلس العموم البريطاني حيث استعمل (حلفاؤنا الآشوريون) إشارة إلى النساطرة (أُضيف كجزء 17 إلى كتاب ويكرام، مهد البشرية)، وأخذت الصحافة الإنكليزية تردد نغمة الوطن القومي للأشوريين في شمال العراق، فحول هؤلاء الغربيون، تاريخ السريان النساطرة الكنسي، إلى تاريخ الآشوريين والكلدان، فصدَّق النساطرة أنهم فعلاً، آشوريين وكلدان.
بعد أن أطلق الإنكليز اسم الآشوريين على النساطرة لأغراض سياسية عبرية، أطلق ويكرام على الآنسة سورما عمة أيشاي والوصية عليه لأنه قاصر، لقب “الخانم، السيدة ذو السيادة المطلقة”، وأيد اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناء على طلب زوجته ماري من تيك، وغَدت سورما القائد القومي للآشوريين سياسياً، تكتب ويُكتب لها، وتقود الفصائل العسكرية المقاتلة، وتستعطف الأنكليز أنها من بني إسرائيل، ووجهت رسالة إلى مدام ماركوليوث زوجة الأستاذ ديفيد صمؤئيل ماركوليث من الكنيسة الأنكليكانية سنة 1915م، تشكو وضعية شعبها مُشبَّهةً الآشوريين النساطرة بالإسرائيليين، وجنوب كوردستان الذي ينعتونه ب(شمال العراق) أرض أجدادها (التوراتي)، فتقول: نحن اليوم ومعنا البطريرك بَدو رُحَّلْ حقيقيون، تماماً كما كان وضع الإسرائيليين تحت قيادة موسى، وأُشبِّه أخي داوود بهارون العبرانيين بلحيته البيضاء، أمَّا أنا فأُشبِّه نفسي بمريم أخت موسى وهارون، وعوضاً عن مبنى الكنيسة، هناك خيمة لإقامة الصلوات الطقسية والقداديس، خيمتنا تشبه خيمة تابوت العهد، لذا أُسمِّيها خيمة تابوت العهد الآشورية، تاريخنا يتحدث عن معارك مع الأعداء كما كان للإسرائيليين معارك مع الكنعانيين، أعدائنا يمنعوننا من العودة إلى أرض آبائنا وأجدادنا!.(كيرولبيل يعقوب، سورما خانم، ص109).
وعندما عُيَّن الكولونيل الإنكليزي جيرارد ليجمان حاكماً للموصل سنة 1919م أوعز إلى رئيس تحرير جريدة الموصل، أن تَطلق على سورما لقب “الأميرة الأشورية”، وأن صاحبة السمو موجودة في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن إنشاء وطن قومي للأشوريين الكلدان جنوب كوردستان (شمال العراق)، فاستغرب رئيس التحرير، وكان مسيحي كلداني وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم، (آشوريين كلدان)، ولا أميرة، وهؤلاء هم نساطرة ينظر إليهم أهل الموصل كأكراد، وطرح هذه النغمة سيشكل شقاقاً بين أهل الموصل من المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصر على ذلك، وبدأ الآشوريون يخلقون مشاكل في مدينة الموصل، ويقول السياسي السويدي E.af.Versen رئيس لجنة الموصل في عصبة الأمم المتحدة التي تشكَّلت في أيلول 1924م في زيارته للموصل سنة 1925م، إنه التقى رجال دين مسيحيين، وعندها سمع لأول مرة بالآشوريين. (جرجيس فتح الله، يقظة الكرد، ص340)، وفي 5 حزيران 1926م، منحت بريطانيا سورما خانم وسام الفروسية (Order of the British Empire) المعروف اختصاراً (OBE) مع عدة ألقاب فخرية، وهي المرة الأولى يتم فيها منح هذا الوسام لامرأة، وتم تقليدها الوسام في مدينة الموصل في 3 شباط 1929م.
بعد أن قام الانكليز بتسمية قسم من السريان المشارقه آشوريين، صَدَّقَ السريان النساطرة (الأشوريون) أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، وبدؤوا منذ بداية القرن العشرين بعمل سياسي مكثف وشكَّلوا أحزاباً سياسية قوية وخاصة في أمريكا واستراليا، وشرعوا بتغير كل كلمة سرياني أو نسطوري من كتبهم التاريخية إلى آشوري، وذلك بإضافة حرفي as إلى كلمة سرياني وبالانكليزي فقط لكي تصبح آشوري مقتبسين ذلك من الانكليز الذين بدؤوا بتغير الاسم من سجلاتهم وتواريخهم منذ سنة 1870م، وفي سنة 1876م أرسل كامبل تايت رئيس أساقفة كارنتربري بعثة إلى السريان النساطرة سمَّاهم لأول مرة آشوريين، كما شرع السريان الشرقيون (الآشوريين) بتزوير أسماء القواميس واللغة السريانية الآرامية وتسميتها آشورية…الخ مثل مطران استراليا زيا ميلتس، وبدء التعصب يظهر بين صفوفهم بشعارات منها إني ولدت آشورياً قبل أن أولد مسيحياً، وآشور ربنا، لدرجة أن بعض رجال الدين منهم مثل الكاهن برخو اوشانا الذي يُفضِّل أن يُسمَّى آشوري وليس مسيحي، حيث كتبَ مقالاً (ليتهم يسمونا باسمنا القومي الآشوري، لا المسيحي).
في سنة 1968م تأسس حزب الاتحاد الآشوري العالمي (AUA) الذي شرع باستعادة بعض الرموز العراقية القديمة ومنها عيد اكيتو الذي تم الاحتفال به لأول مرة في التاريخ الحديث سنة 1970م، علماً أن ذاك العيد هو أساساً سومري ومارسه الأكديون والبابليون قبل الآشوريين القدماء .
لما كان العمل السياسي يتطلب وجود علم خاص به فقد قام السريان الشرقيون الذين سمَّاهم الانكليز آشوريين بتصميم علم خاص بهم يمثل الآمة الآشورية المفترضة المنقرضة، وبما أنَّ الآشوريين هم سريان ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء وليس لديهم معلومات كافية ووافية عن تاريخ وآثار الآشوريين القدماء سوى انتحال الاسم الآشوري، وجرياً على نفس سياق تحديد عيد اكيتو، فقد قام الآشوريون سنة 1974م بتصميم علم لهم مقتبسين التصميم من إحدى قطع الآثار القديمة ظناً منهم أنه رمز آشوري، ثم قاموا باستعمال هذا العلم بكثرة وفي كل المناسبات وبطريقة مركَّزة محاولين فرضه على بقية المسيحيين في المنطقة كالسريان والكلدان وغيرهم دون أن يعلموا انه ليس علماً آشورياً.
قام بتصميم هذا العلم أحد السياسيين الآشوريين من مدينة طهران الإيرانية واسمه جورج اتانوس (George Atanus) وذلك في المؤتمر السادس للحزب المذكور الذي عُقد في مدينة Yonkers الأمريكية ولاية نيويورك سنة 1974م.
إن العلم الآشوري الذي صممه جورج اتانوس ليس آشورياً، بل هو لوحة أثرية سوبارتية (سيبارية) تمثل إله الشمس اكتشفها هرمز رسام مساعد ومترجم الانكليزي هنري لايارد أثناء إجرائه حفريات سنة 1881م في مدينة زيبار/ سيبار العراقية (تل أبو حبة) شمال بابل، والنجمة التي في اللوحة هي رباعية وليست ثمانية التي اشتهرت بها الكيان(الاشوري القديم)، وهذه القطعة الأثرية موجودة في المتحف البريطاني، علماً أن الانكليزي هنري لايارد يُسمَّى أبو الآشوريين الجدد.
إن الأدلة الدامغة على ما ورد في هذا المقال لا تعد و لا تحصى ولكنني اكتفيت بهذا القدر تجنباً للإطالة قدر الامكان والغرض منه ليس الإساءة كم يفعل بعض (المتاشورين) وهم قلّة من الحاقدين من ايتام البعث الذين يشتمون الشعب الكوردي نهاراً جهاراً ويتهمونه بشتى التهم المفبركة خدمتاً لاسيادهم. ولهذا على أشقائنا من مسيحيي جنوب وغرب وشمال كوردستان في الكيانات اللقيطة (تركيا،سوريا والعراق) ان هناك اصوات غير قليلة حاقدة ومشبوهة تشكل خطراً كبيراً على العلاقة الأخوية وروابط الدم والجيرة و يجب ان يحذروا منها كثيراً. وان شعب كوردستان يعرف جيداً بأن الكثيرون من اشقائهم المسيحيين قدموا ارواحهم إلى جانب اشقائهم الكورد من اجل تحرير كوردستان وكل الاحزاب الاشورية هي مشاركة فعالة في ادارة اقليم كوردستان مثل الحركة الديمقراطية الاشورية وحزب بينت النهرين وغيرهم من المسيحيين وكذلك الأمر في روج آفاي كوردستان. وهذا دليل على التعايش والعلاقات الأخوية المتينة وعليهم التخلص من الاحقاد الغير منطقية التي يؤججها أناس مشبوهين ومعروفين للقاصي والداني و الابتعاد عن هؤلاء الثلة (البعثوداعشية المتأشورة) ونتمنى منهم ان يعودوا الى رشدهم حتى نعيش جميعنا بسلام بعد هذه المعانات الطويلة في ظل الكيانات الغاصبة ل كوردستان التي اذاقت شعبها بكافة اديانهم وطوائفهم أقسى الويلات ومازالت تمارس ارهابها الوحشي حتى هذه اللحظة و يتصدى لهم أبناء وبنات الشعب الكوردي إلى جانب اشقائهم المسيحيين والشرفاء من أبناء العشائر العربية.
الباحث: كاردوخ شم كي
ملاحظة: لقد كتبت هذا المقال توضيحاً و ردّاً على بعض الأصوات النشاذ من الحاقدين على شعبنا الكوردي، نسمعها ونقرئها بين الفينة والأخرى دون أي مبرر سوى أنها أصوات مشبوهة تحاول بث السموم و الكراهية لصالح أسيادها.
المصادر،
هاري ساغز: في كتابه عظمة آشور، ص 170_173
د. عبد الحميد زايد: الشرق الخالد، ص 81].
جرنوت فيلهلم في كتابة: Hurrian(الحوريون)، ص 79.
إبراهيم الفني: التوراة، ص 101
د. جمال رشيد أحمد: ظهور الكُرد في التاريخ، 1/31.
هاري ساغز: عظمة آشور، ص 298.
د.سوزدار ميدي/احمد خليل
محمد بَيّومي مهران: تاريخ العراق القديم، ص 344.
هيرودوت: تاريخ هيرودوت، ص 62
د. جون ألدر – ترجمة د. عزت زكي – الأحجار تتكلَّم ص 108، 109.
و. ب. رايت: مدن قديمة، 1886، ص 25.
خَزْعَل الماجدي: المعتقدات الآرامية، ص 100
[1]