#شه مال عادل سليم#
كان للشهيد #عادل سليم# مسدّس من نوع مكاريوف روسي رقمه (6795) حسب ما مدون في اجازة حيازة وحمل السلاح الناري وعتاده الصادرة باسمه في 1-1-1978 والنافذة لمدة 31- 12 -1979 , إلا ان عادل سليم استشهد مسموماً على يد عملاء وحثالات البعث في يوم الثلاثاء المصادف 12- 9- 1978 قرب بلدة (التون كوبري) وهو في طريقه من كركوك إلى اربيل بعد ان التقى بالبعثيين في محاولة لإطلاق سراح عدد من رفاقه المعتقلين في كركوك من قبل دوائر الامن والاستخبارات ,وثم اجتماعه مع أعضاء مكتب محلية كركوك للشيوعي العراقي والذين كانوا في الوقت نفسه أعضاء لجنة إقليم كوردستان وهم كل من : (محمد احمد , محمد سعيد المعروف ب گوران , منصور و عبدالخالق زنكنة), وتداول معهم امكانية سحب رفاق وكوادر الحزب إلى اربيل والقرى المجاورة لها , وانقاذهم من شراسة البعث والتحقيقات البعثية التي كانت تنتظرهم في مسالخ الامن والاستخبارات بهدف نيل الإعترافات منهم واجبارهم على تقديم البراءة من الحزب و التعاون معهم كثمن لحريتهم .
الا ان أعضاء مكتب محلية كركوك رفضوا بالأجماع اقتراح الشهيد عادل سليم باستثناء الرفيق المناضل والكادرالشيوعي المعروف (ملا شكور لطيف روژبياني المعروف بمام فتاح) والذي استطاع ان ينفذ بجلده من سطوة البعثيين ويلتحق بمفارز انصار حزبه .
وهكذا تمكن حزب البعث من توجيه ضربات قاتلة للشيوعي العراقي ابان الهجوم المتوقع عليه في 1977- 1978 واستطاع ان ينهي ويُسقط بضرباته منظمات بأكملها على سبيل المثل لا الحصر مكتب محلية كركوك . ومن الجدير بالذكر ان عادل سليم ترك لعائلته بعد استشهادة (مسدّسه الروسي و 5 دنانير) فقط .
وبعد مرور وقت قصير على استشهاد عادل سليم , طلب الرفاق في مكتب إقليم كوردستان , طلبوا من زوجة عادل سليم المناضلة فتحية محمد (ام شوان) إعادة المسدّس اليهم لتسليمه مع الاسلحة الاخرى إلى حزب البعث بموجب الاتفاق الجبهوي بين الطرفين .
المناضلة ام شوان ترفض تسليم مسدّس عادل سليم إلى البعث :
اظهرت المناضلة ام شوان دهشتها من طلب رفاق مكتب إقليم كوردستان ورفضت بشدة إعادة المسدّس ومعة كيس ابيض مليء بالطلقات للبعث وقالت : (قطعاً , لا انفذ قرار قيادة الحزب ولا اُسلم مسدّس زوجي إلى البعث , انا اتحمل المسؤولية) .
على الرغم من محاولات الرفاق في قيادة الإقليم وتحذيرهم لها بان كل من يلقى القبض عليه او يجدون في حوزته او في بيته حتى الطلقات يتحمل هو المسؤولية ولا يدافع عنه الحزب ,رغم الالحاح والتحذير رفضت ام شوان ولم تسلم مسدّس الشهيد وقالت لهم : (نحن عائلة عادل سليم لا يشملنا قرار اعطاء البراءة والتعهد ولا تسليم السلاح , نبقى على خطى الشهيد عادل , لا استسلام ولا مساومة , لم يبقى شيء نخاف عليه) واستطردت قائلة : (اذا طلبوا منكم سلاح الشهيد قولوا لهم نحن لا نعرف اين هو السلاح , ليأتوا الينا ويسألوا ,فهم يعرفون اين نسكن وانذاك افتح لهم غرفة الشهيد ليبحثوا عن المسدّس !) .
ومن الجدير بالذكر ان كل من كان يعتقل في تلك الفترة وهو يحمل السلاح او يجدون في بيته السلاح كان يعاقب بالاعدام .
الكفاح المسلح :
بعد الحملة الشرسة التي قامت بها السلطة الدكتاتورية واجهزتها الاخطبوطية القمعية عام 1978- 1979 لتصفية الحزب الشيوعي العراقي اضطر المئات من خيرة بنات و ابناء شعبنا العراقي بعربه وكورده وتركمانه ومسيحييه وصابئته من اعضاء الحزب اللجوء الى مناطق امنة والانتقال إلى العمل السري والانصاري بعد استحالة بقائهم في المدن والنواحي والاقضية دون التعرض لخطر الإبادة والتصفية الجسدية .
و استطاع قسم من رفيقات ورفاق الحزب ان يهربوا إلى بقاع الدنيا حسب ما استطاعوا كخطوة اولى ومن ثم التحقوا بصفوف انصار حزبهم في جبال كوردستان الشماء وخاصة بعد ان لبوا نداء الحزب ثم طلبه في العودة إلى كوردستان والمشاركة في حرب الانصار بجانب القوى التحررية الكوردستانية الأخرى بعد ان تقرر رسمياً تبني الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي في النضال من اجل الاطاحة بالنظام الدكتاتوري في عام 1981 , رغم ان تاريخ تشكيل اول مفرزة شيوعية انصارية يعود إلى عام 1979.
تحول بيت المناضلة ام شوان في بداية الثمانينات إلى بيت حزبي :
بعد استشهاد عادل سليم في 12 أيلول الاسود 1978 قررت المناضلة ام شوان ان تستأنف نشاطها للدفاع عن سمعة الحزب بقوة اكبر ,وقد نذرت حياتها ومستقبلها للنضال , كما قابلت بصلابة رصينة محاولات البعث لكسبها وكسب اطفالها إلى جانبهم وقاومت اساليب البعث المتناوبة بين الشدة واللين وحتى التهديد بالاعتقال والقتل .
رغم كل التهديدات والضغوطات البعثية عليها , الا انها حولت بيتها رغم المخاطر في بداية الثمانينات إلى بيت حزبي , فهي التي كانت تخطط وتوفر مستلزمات استقبال و ترحيل عشرات المناضلين و المناضلات الى اماكن اخرى, وانقذتهم بذلك من الوقوع بيد العدو , وعبرها تم ايصال عدد ليس قليل من الرفاق الملتحقين إلى القواعد الانصارية . فعلى سبيل المثال لا الحصر , في عام 1980 اختفت المناضلة الشيوعية المعروفة (خديجة مصطفى الحويزي خوشكة فريشتة) في بيت ام شوان لمدة سنة كاملة وثم الرفيقات والرفاق من بغداد ومناطق العراق الاخرى منهم (الرفيقة بثينة شريف المعروفة بام سعد , الرفيقة سلمى زوجة الشهيد ازاد , و الشهيدة ام ذكرى وفاتن والرفيقة مژدة والرفيق ابو لهيب استشهد لاحقا وعائلة الرفيق ابو جنان وعائلة الرفيق نجم الدين مامو , والرفيقة الشهيدة عائشة كروركة) وعوائل كثيرة اخرى , وحتى الرفيق (حسن كاكه) التحق بمقرات الانصار عن طريق الرفيقة ام شوان وبطلب من قاطع اربيل) .
تقول المناضلة غزالة حنا توما (ام جنان) : (بعد ان كُلفت من قبل الرفاق في قاطع اربيل في اواسط الثمانينات بمهام نقل البريد الحزبي من القاطع إلى تنظيماتنا في اربيل , كنتُ أمكث في عدة بيوت حزبية في اربيل , ومنها بيت الرفيق والمناضل (عادل سليم) وقد لاقيت منهم منتهى التقدير والاحترام والاخلاص خلال فترة اختفائي عندهم).
كانت تعمل ام شوان في التنظيمات السرية مع رفاقها ورفيقاتها (في منظمة اربيل / عنكاوا) وتحيداً مع الرفيق حنا توما (المعروف ب(مام إبراهيم) احد مسؤولي التنظيم الشيوعي في عنكاوا والرفيقة بيخال وجنار بنات الرفيق طه نبي والرفيقة منى بنت القائد الانصاري توما توماس و الشهيد يوسف عزيز والشهيدة عائشة كروركة ورفاق ورفيقات اخريات), وكانت تؤدي مهمات خطيرة جداً وبتكليف من قيادة الحزب من خلال الرفيق سليم اسماعيل المعروف ب (ابو يوسف) .
في اواسط عام 1984 وصلت رسالة من قاطع اربيل التابع للحزب الشيوعي العراقي وبتوقيع الرفيق (ابو يوسف) إلى المناضلة ام شوان يقول فيها : (يحتاج الحزب في بغداد إلى مسدس , هل من الممكن ان نستعير مسدس الشهيد لفترة معينة ؟).
طبعاً وافقت ام شوان بدون تردد وكتبت لقاطع اربيل :(ان مسدّس عادل سليم هو ملك الحزب ولكن بشرط , ان تحافظوا عليه قدر المستطاع وان تعيدوه الينا بعد اتمام مهمتتكم , انه امانة غالية ولا تقدر بثمن , احتفظنا به كل هذه السنوات رغم المخاطرالكبيرة).
وفعلا بعد ايام وصلت النصيرة (جنان زوجة الرفيق نزار رهك المعروف ب عدَوخ) واستلمت الامانة . واثناء خروجها من البيت قالت لها ام شوان : (حافظوا على انفسكم وكونوا حذرين جداً من جواسيس و أعين السلطة , كما اطلب منكم المحافظة على هذه الامانة فهي لشخص عزيز على قلوبنا , ارجو ان تعيدوها الينا بعد اتمام مهمتكم).
مصادرة مسدّس عادل سليم من قبل أمن الكرخ في بغداد :
في 1 -8 - 1984 وحسب ما جاء في تقرير صادر من محافظة بغداد / مديرية أمن الكرخ , العدد / 8 / 85 أمن الكرخ , جاء فيه نصاً :
(إفادة المخبر او المدعي (المشتكي) ولاجراءات المتخذه من قبل الأمن :
(في الساعة العاشرة من مساء يوم 1 - 8 -1984 وزعت منشورات معادية صادرة عن الحزب الشيوعي العميل في مناطق الشالجية و حي السلام والحرية وعلى اثر ذالك تم اخراج المفارز والدوريات بالتنسيق مع المنظمات الحزبية وفي منطقة الحرية شوهد شخصان يقوم أحدهما بتوزيع القصاصات في الدور السكنية والاخر يسير على مقربة منه وتمكن اثنان من الانصار الحزبيين من القبض عليهما الا ان احدهما تمكن من الهرب وترك كيساً كان يحمله في داخله علبة مسحوق غسيل (سومر) مملؤة بالمنشورات والقصاصات وقد ارسل الثاني إلى فرع خالد للحزب القائد وطلبنا احالته الينا وفعلاً تم إستلامه من قبلنا لانه من سكنه مناطقنا وظهر انه يدعي (.... ) الذي اعترف بقيامه بتوزيع المنشورات مع شخص اخر يدعي ( ..... ) المعروف بأسم (.... ) وبدلالة المتهم (.... ) تم تشخيص الدور التي من المحتمل ان يلجأ لها الهارب وقد تم مداهمة دار خالة المتهم (....) المدعوة ( .......) الكائنة في منظقة الشعلة وقد تم القبض على شخصين كان الهارب احدهما وهو ( .......) أما الثاني فهو شقيق المتهم ( ....) الشيوعي الهارب (.........) الا ان هؤلاء تمكنا من الهرب بواسطة (مسدس) كانا يحملاه عندما وضعا في السيارة لحين اكمال التحري في الدار وقد تم القبض على المتهم الاول (........) في كراج علاوي الحلة اما المتهم الثاني فتم توقيف عائلته لعلاقتهم بالحزب الشيوعي العميل وبعد التنسيق مع اقاربه سلم نفسه وعند إجراء التحري بدار المتهم (......) ظهر انها متخذه وكراً لنشاط الحزب الشيوعي ومكانا لأختفاء عناصرهم القادمة من المنظقة الشمالية إلى بغداد ويتم فيها طبع وإستنساخ المنشورات المعادية وعثرنا فيها على ادوات رونيو يدوية متكون من علبة حليب اطفال كبيرة مع قطعة خشبية (شيبك) و اوراق ستنسل واوراق رونيو واحبار رونيو وكابسة هويات وهويات مزورة وأختام مزورة ودفتر خدمة عسكرية معد للتزوير وكتب ومجلات ونشريات شيوعية وأدوية وضمادات وكانت مخفية في فتحات التبريد , تم القبض على ذوي العلاقة وعند اجراء التحقيق معهم ظهر ما يلي) .
(من الجدير بالذكر ان تقرير أمن الكرخ متكون من صفحات عديدة ولكن لعدم ضرورة اظهار اجراءات التحقيق بموضوعي هذا اكتفي بنشر الصفحة الاولى من التقرير بعد ان حذفت جميع الاسماء التي وردت في التقرير) .
نعم ... هكذا تم مصادرة مسدّس عادل سليم من قبل مديرية أمن الكرخ عام 1984 .
يقول الرفيق (نزار رهك) المعروف بالنصير (أيار عدَوخ) :
(بتوصية من الرفيق ابو يوسف استلمنا من (ام شوان) شخصياً مسدّس الشهيد عادل سليم , كنت احمل مسدس عادل سليم وانا مختفي في بغداد , وبعد عوتي إلى كوردستان طالبتني به ولكن مع الاسف قد تمت مصادرته من قبل الامن الذي اعتقل عائلتي حينذاك وصادروا المسدّس وكل شيء بالبيت).
ومن الجدير بالذكر تم الحكم على عائلة الرفيق (نزاررهك) بالاعدام وبعد فترة تم التراجع عن الحكم وفق المرسوم الجمهوري , الا ان شقيقه الاصغر المعتقل (علاء) تم تصفيته اثناء التحقيق .وان أثنين من المفرج عنهم في نفس القضية استشهدوا بتفجير في مدينة البياع عام 2005 .
ان الصورة المشرقة والبهية للمناضلة ام شوان ستبقى خالدة في قلوبنا جميعاً ورغم رحيلها الا انها تبقى واقفة بشموخ امامنا بزهوها وعنادها وكبريائها وبسالتها ، و ببسمتها التي لم تفارقها رغم المصاعب والمشقات التي مرت بها في نضالها المرير من اجل وطن حر وشعب سعيد نعم, فقد كانت ام شوان ينبوعاً منحنا دوماً الامل والثقة والذاكرة المتيقظة مقرونة بالدفء والمحبة والمواصلة رغم الصعاب والانكسار وانسداد الأفاق, واصبحت لرفيقاتها ورفاقها سنداً بعد استشهاد عادل سليم وبقت امينةً لحزبها ورفيقاتها ورفاقها في الداخل و في جبال ووديان كوردستان عندما التحقت بقوات الانصار واصبحت لهم اما حنونا .
في ذكرى استشهاده اقول ل (عادل سليم): أعلم علم اليقين أنّ الكلمات و بلاغة القول لن تعبّر عمّا يجيش في خاطري من مشاعر الحزن و الأسى وقسوة الفراق رغم مرور كل هذه السنوات العجاف ..
كان همّهك الوحيد خدمة الحزب والوطن وأهله البسطاء والفقراء والكادحين والعمال وشغيلة اليد والفكر وابناء وعوائل الشهداء والمضحين .
ولهذا ضجّ الجميع عند سماع نبأ استشهادك في داخل الوطن و خارجه وخرج الآلاف في تشييع جثمانك الطاهر رغم الارهاب البعثي الفاشي ، و تركت جرحاً عميقاً في قلوبنا وقلوب محبّيك فرأيت الأطفال و النساء و الشباب و الشيوخ على باب البيت من جميع أرجاء الوطن في موقف مهيب يودّعونك بالبكاء وفي مقدمتهم ابناء وعوائل الشهداء .
لقد شققت طريق حياتك السياسية بشعار اتّصف بخدمة الشعب والحزب ، فلقد كنت تصل الليل بالنهار خادماً الناسَ و ناصراً الضعفاءَ ، و تركت بصمات واضحة في هذه المواقع وكنت مدافعاً شرساً عن حزبك في المحافل و المؤتمرات المحلية والدوليّة من خلال وظيفتك وموقعك الحزبي ورئاستك للجان الجبهة واثناء لقاءك بالوفود الاجنبية , لقد دفعت دمك ثمن اخلاصك وشجاعتك وثباتك على المبدأ والعقيدة وايمانك الراسخ بخلود قضيتك ...
رحلت عنا ولكن تركت بصمات واضحة في جميع مناحي الحياة، وتبقى سيرتك العطرة و أعمالك ومواقفك وشم في تاريخ الوطن وذاكرة الشعب .
نم قرير العين وعهداً بالوفاء ...
المجد كل المجد للشهيد الخالد عادل سليم في ذكرى استشهاده ..
المجد للمناضلة فتحية محمد (ام شوان) شهيدة الغربة ..[1]