حوار/ إعداد / ترجمة : #شه مال عادل سليم#
نستذكر اليوم بمزيد من الخشوع والاجلال شهداء معركة جبل كوسرت الابرار,الذين روّوا ارض الوطن بفيض دمائهم الزكية الغالية،وضحوا بحياتهم في سبيل وطن حر وشعب سعيد ,فكانوا نماذج نادرة وعظيمة للتضحية والفداء من اجل سعادة الشعب وحرية الوطن .
يصادف اليوم ذكرى معركة جبل كوسرت, تلك المعركة التي وقعت بين قوات النظام البعثي الفاشي ومفرزة من انصار الحزب الشيوعي العراقي الابطال في 5 أذار عام 1989 .
في عام الأنفال ( 1988 ) انتكست الحركة المسلحة في كوردستان العراق وانسحبت الوحدات الانصارية مع سائر قوات البيشمركة من جميع مناطق كوردستان . ورغم الانتكاسة التي اصابت الحركة المسلحة بعد جريمة الانفال وتوقف الحرب العراقية الإيرانية واضظرار فصائل الانصار الشيوعيين و بيشمركة الاحزاب الكوردستانية الاخرى إلى الانسحاب نحو الشريط الحدودي مع إيران وتركيا , فان النشاط الانصاري لم يتوقف . اذ استطاعت مفارز انصارية شيوعية بطلة اختراق خطوط قوات النظام البعثي الفاشي ونزلت إلى العمق في مناطق اربيل ورانية ومناطق اخرى وقامت بنشاطات انصارية .
ولمعرفة تفاصيل تلك الايام الصعبة , التقيت بالقائد الانصاري ( مام جوامير ) (1) للحديث عن احداث معركة جبل كوسرت ونشاط وجولات المفارز البارتيزانية اثناء وبعد عام الانفال .
يستطرد القائد الانصاري مام جوامير ، واصفاً المشهد: ( وانا انظر إلى قمة جبل كوسرت ( مكان اختفاء انصارنا هناك ) فجأة انفلقت قذيفة ( ار بي جي ) بالقرب من موقعنا , وبعد فترة قصيرة انفلقت قذيفة ثانية وثالثة , قلت في نفسي لقد وقع ما كنت أخشاه!
وهكذا بدأت المعركة بين انصارنا والجيش والجحوش بقيادة المجرم قاسم اغا .
من الضروري هنا ان اؤكد مرة اخرى بان المجرم ( قاسم اغا ) وامثاله انغمست اياديهم بدماء الكورد ولم يفرقوا بين بيشمركة الاحزاب المعارضة , هؤلاء المرتزقة من امثال المجرم قاسم اغا كانوا يقومون بملاحقة عوائل البيشمركه واعتقالهم ومتابعة المعارضين للنظام والقصاص منهم دون وازع من رحمة أو رجفة من ضمير.
وللتاريخ اقول , عندما التجأت مجاميع من شباب سهل كويسنجاق في عام 1988 إلى بيت قاسم اغا خوفا من اعتقالهم وانفلتهم من قبل الجيش , قام المجرم قاسم اغا باعتقالهم جميعاً وتسليمهم إلى السلطة .
وهنا اود ان اشيرايضاً إلى معلومة مهمة وهي : عندما انسحبت قيادة تنظيماتنا نحو الشريط الحدودي مع إيران وتركيا ابان جرائم الانفال ( الإبادة الجماعية ), ابلغوني باسماء رؤوساء الجحوش وامراء السرايا الذين كانوا على صلة سرية مع حزبنا الشيوعي , على سبيل المثال لا الحصر, قبل انسحاب قيادة الحزب ورفاق التنظيمات المدن ,اخبروني شخصياً بان هناك ( مستشار فوج تابع للنظام في منظقة السليمانية واسمه ( سعيد ملا ), قالوا لي نصاً : اذا احتجت لاي مساعدة اتصل به ولا يقصر معكم وهناك اخرين ايضاً كانوا يساعدوننا عند الحاجة .
اكرر واقول , ان دم شهدائنا خط أحمر, يجب ان لا نخونهم , انا مسؤول عن كلامي ومسؤول امام الشهداء).
قاطعت مام جوامير وقلت له: هناك من يؤكد أن المجرم قاسم اغا ساعد الحزب الشيوعي العراقي ..وقبل الهجوم أرسل لكم تحذيراً بترك موقعكم في جبل كوسرت ؟
- مام جوامير : (هذا ادّعاءً ملفق لا أساس له من الصحة اطلاقاً. وحتى اكون صادقاً معكم , اُبلغنا وارسل لنا ( احمد حاجي نادر ) تحذيراً من خلال تنظيمات جوارقورنا وتحديداً من قبل الرفيق ( خدركوماني والرفيق عارف ) بترك الموقع قبل الهجوم بيوم واحد, اما المجرم ( قاسم اغا ) لم يساعدنا يوماً ولم يعطينا حتى كسرة خبز محروقة !
اسمح لي ان اكرر في ختام اللقاء وحتى لايتم خلط الامور والاسماء اقول للتاريخ : ( ان مام قاسم هو ابن مام مصطفى ,كان امر سرية عند المجرم قاسم اغا ) وكان له علاقة جيدة معنا وساندنا بكل قوته وقدم لنا كل المساعدات اسوة ب( احمد حاجي نادر) وكان لهما دوركبير في استمرار بقائنا في عمق الاراضي العراقية لمواصلة نشاطنا السياسي والتنظيمي بالرغم من صعوبة الظروف الموضوعية والذاتية.
6 أذار 2021
إقليم كوردستان
شهادة للتاريخ معركة جبل كوسرت (1)
حوار/ إعداد / ترجمة : شه مال عادل سليم
(موقع الناس)
نستذكر اليوم بمزيد من الخشوع والاجلال شهداء معركة جبل كوسرت الابرار,الذين روّوا ارض الوطن بفيض دمائهم الزكية الغالية،وضحوا بحياتهم في سبيل وطن حر وشعب سعيد ,فكانوا نماذج نادرة وعظيمة للتضحية والفداء من اجل سعادة الشعب وحرية الوطن .
يصادف اليوم ذكرى معركة جبل كوسرت, تلك المعركة التي وقعت بين قوات النظام البعثي الفاشي ومفرزة من انصار الحزب الشيوعي العراقي الابطال في 5 أذار عام 1989 .
في عام الأنفال ( 1988 ) انتكست الحركة المسلحة في كوردستان العراق وانسحبت الوحدات الانصارية مع سائر قوات البيشمركة من جميع مناطق كوردستان . ورغم الانتكاسة التي اصابت الحركة المسلحة بعد جريمة الانفال وتوقف الحرب العراقية الإيرانية واضظرار فصائل الانصار الشيوعيين و بيشمركة الاحزاب الكوردستانية الاخرى إلى الانسحاب نحو الشريط الحدودي مع إيران وتركيا , فان النشاط الانصاري لم يتوقف . اذ استطاعت مفارز انصارية شيوعية بطلة اختراق خطوط قوات النظام البعثي الفاشي ونزلت إلى العمق في مناطق اربيل ورانية ومناطق اخرى وقامت بنشاطات انصارية .
ولمعرفة تفاصيل تلك الايام الصعبة , التقيت بالقائد الانصاري ( مام جوامير ) (1) للحديث عن احداث معركة جبل كوسرت ونشاط وجولات المفارز البارتيزانية اثناء وبعد عام الانفال .
في بداية اللقاء سألته : مام جوامير , بعد جرائم الانفال اصرّيتمْ على البقاء في عمق الاراضي العراقية رغم خطورة وصعوبة الوضع , هل لكم ان تتحدثون عن معركة جبل كوسرت وكيفية مداهمة موقعكم من قبل الجيش العراقي والجحوش بقيادة مستشار فوج 85 الصدامي المجرم قاسم اغا كويي, الذي يعيش اليوم في ظل السلطة الكوردية حياة الملوك وله امتيازات اكثر من السابق وكأن شيئا لم يكن ؟
اجاب القائد الانصاري مام جوامير بصوت يعلوه الحزن والأسى وعيناه تترقرقان بالدموع:
(شعاري هو : وطن حروشعب سعيد , قسماً بروح الشهداء الذين استشهدوا في جبل كوسره ت بيد المجرم قاسم اغا , اتحدث هنا بصدق وبكل امانة وبدون زيادة ولا نقصان .
بعد جريمة الانفال والتي شملت جميع أجزاء كوردستان تقريباً, قررالحزب الشيوعي العراقي الانسحاب باتجاه الحدود اسوة بالاحزاب الكوردية الاخرى , وفي نفس الوقت قرر قاطع اربيل بتشكل مفارزانصارية (بارتيزانية) متكونة من : مجموعة من انصار البتاليون الخامس بقيادة (ملازم شوان بكر امر البتاليون) . ومجموعة من انصار البتاليون 31 بقيادة محمد الحلاق ومام جوامير مساعد امر البتاليون ومام خضر روسي المسؤول السياسي للبتاليون .
قبل الانسحاب عقدنا اجتماع في مقر جبل اوكَرد وشكلنا ثلاث مفارز من انصار البتاليون 31 : مفرزة بتوين , مفرزة كويي , ومفرزة من فصيل الشهيد بكر تلاني , طبعاً بعد ان درسنا تلك الامكانية وتقرير ماهية الهدف من بقائنا والحاجات الضرورية لتنفيذه .
وقع الاختيارعليّ لقيادة المفارز البارتيزانية , طبعاً وافقت على القرار بدون تردد .
بقينا نحن انصار البتاليون 31 ,وكان عددنا بحدود ( 27 او 28 ) نصيرشيوعي في عمق الاراضي المحروقة .
شكلنا لجنة لقيادة المفارز : اصبحت انا المسؤول الاول , وملازم كريم اصبح المسؤول السياسي وملازم شيرزاد اصبح امر مفرزة لمجموعة من رفاق سرية كوي , وايضا كان معنا النصير هه لكه وت من فصيل الشهيد بكر تلاني .
كان ملازم كريم (مسؤول سياسي ) وفي نفس الوقت مسؤول فصيل (بتوين )المتكون من ( بختيار ره ش , هه ريم , الشهيد جالاك ومجموعة اخرى من انصارنا الابطال ) .
بقينا في جبل كوسره ت إلى اذار عام 1989 , وكان لتنظيمات مدينة ( رانيا و جوارقورنا ) دور كبيرجداً في مساعدتنا من جميع النواحي , وايضاً كانت مدينة كويسنجاق سنداً كبيرا لنا في تلك الفترة الصعبة .
من الجدير بالذكر ان بقائنا في هذه المناطق الخطرة وخاصة بعد الانفال , لم يكن من اجل القيام بعمليات عسكرية وضرب العدو واقتحام الربايا ,وانما من اجل زيادة عملنا السياسي والعلاقاتي والتنظيمي وترتيب تواجدنا في المناطق القريبة من المدن , لأننا كنا نعرف بان النظام لا يسقط باقتحام الربايا .
وخلال تلك الفترة استطعنا ان نقوم بأدوارهامة عديدة , من الرصد وجمع الاخبار والاتصال بالجماهيروباهالي المناطق من (بيره مكَرون إلى بنسلاوه مروراً ب( تكية وكركوك وداره توو وقوشته به).
ومن اجل عدم خلط الاوراق وكشف الحقيقة يجب ان يعرف الجميع ,بأن كان هناك امرسرية اسمه (قاسم مام مصطفى حاجي قه لا المعروف ب مام قاسم والذي كان يعمل في فوج المجرم قاسم اغا , وكان يساعدنا ويزودنا بالمعلومات الاستخبارية اللازمة , وهو الذي اخبر تنظيماتنا في جوارقورنا بموعد الهجوم على جبل كوسرت ) وليس ( المجرم قاسم اغا كما يدعي البعض ) للاسف .
وكان هناك ايضاً امر سرية (الجاش ) وهو ( احمد حاجي نادر شقيق الشهيد علي حاجي نادر ومحمود حاجي نادر ) هولاء كانوا يساعدوننا باستمرار, على سبيل المثال لا الحصر ,ان مساعدة احمد حاجي نادر( والذي كان امر سرية الجاش ) لانصار وكوادر حزبنا منهم ( ابو احلام وملازم هه زار ) عندما كانوا في الداخل خير دليل وبرهان على صحة كلامي .
في اذار 1989 وقبل وقوع معركة كوسرت توجهنا ( انا ..مام جوامير وملازم كريم وشاخه وان سور وبختيار ره ش ) الى منطقة كويسنجاق لانجاز بعض المهمات ,وقبل ان نتحرك اكدت على الرفاق ومنهم ( هلكوت ) عدم نسيان قواعد اليقضة والحذر وطلبت منهم ترك الموقع في النهار والتوجه الى اماكن اخرى للاختفاء .
توجهنا بختيار ره ش وانا إلى قرية ( قزلو وكومه شين ) لجلب بعض الاسلحة التي كانت مخبأة هناك .
اما الرفيق ( شاخه وان سور و ملازم كريم ) كان لهم موعد بالقرب من ربايا ( سيوسن ) مع (قاسم مام مصطفى حاجي قه لا المعروف ب مام قاسم الذي كان أمر سرية في فوج قاسم اغا كما اسلفت. واثناء توجهم إلى مكان الموعد واقترابهم من الربيئة ,وكانت كلمة السر بينهم هي ( مام صوفي ) و التي أستلمناها من تنظيماتنا في (جوارقورنا) وتحديداً من الرفيق ( خضر احمد كَوماني والرفيق عارف ), عند اقتراب ( شاخه وان وملازم كريم) من الربيئة العسكرية ( مكان اللقاء ) , حس بهم الحرس وسألهم بصوت عال وبصياح من انتم ؟ وعندما أعطاه (شاخه وان سور) كلمة السر المتفق عليها, انهمر عليهما الرصاص من كل جانب و لحسن الحظ لم يصيبوا باي اذى وانسحبوا سالمين ( تبين لاحقا بان كان هناك خطأ في كلمة السر) .
اما النصير (هه ريم ), فارسلناه إلى (جوارقورنا ) عندما كنا في كوسرت لتامين وجلب ما نحتاجه من المواد التموينية , حيث كان هه ريم حلقة الوصل بين جبل كوسر ت والتنظيمات في رانيا وجوارقورنا .
وبعد وصول الخبرإلى تنظيماتنا في ( جوارقورنا ) مفاده : ان الجيش والجحوش سيهاجمون موقع اختفاء الانصار في جبل كوسرت في 5 اذار 1989 , تم ابلاغ الرفيق هه ريم بالامر من قبل الرفاق في تنظيمات جوارقورنا وتحديداً من قبل الرفيق ( عارف ) , وابلغوه بالعودة إلى موقع اختفاء الانصار في كوسره ت وتبليغهم بترك الموقع فوراً والتوجه الى مكان اخر .
سلموا الرسالة ل(هه ريم ) وابلغوه شفهياً ايضاً بمحتوى الرسالة وقالوا له : في حال عدم تواجد مام جوامير في الموقع , سلم الرسالة الى (هه لكه وت او ملازم شيرزاد ) .
وحتى لو كنت انا في الموقع انذاك كان (هه لكه وت او ملازم شيرزاد) يقرأون الرسائل التي كانت تصلنا من التنظيمات الداخل , لانني امي ولا اجيد القراءة .
قبل ان اترك الموقع في جبل كوسره ت وصيت الرفيق هلكوت واكدت عليه مراراً وقلت له : الجو بدأ يتحسن , عليكم ان تتركوا الموقع في النهار وان تذهبوا ألى اماكن اخرى للاختفاء إلى ان نعود من مهمتنا ,وذالك احتياطاً لكل الطوارئ ولمفاجئات غير محسوبة .
الا ان ليلة الهجوم كانت ليلة ممطرة شديدة البرودة وعليه بقوا الانصار في مخبأهم, للاسف .
اما بخصوص الرسالة آنفة الذكر , هناك من يقول بان ( هه ريم ) لم يوصل الرسالة , و(هه ريم) يؤكد على انه اوصل الرسالة واخبرالرفيق ( ملازم شيرزاد ) شفهيا بالامر ايضاً .
بعد ان فشلنا نحن ايضا في انجاز مهمتنا في منطقة كويسنجاق , قررنا العودة إلى موقعنا في جبل كوسرت ,ففي طريق العودة توقفنا للاستراحة .
ومع شقشقة الفجر كنت انظرمن خلال الناضور إلى حوض خلكان وجبل كوسر ت,كانت المنطقة والطرق المودية إلى كوسرت ساكنة لا حركة طبيعية حولها , وعندما ركزت على موقعنا في جبل كوسرت , رأيت مجموعة من المسلحين في قمة جبل كوسرت , قلت في نفسي : ما الفائدة يا رفاقي ان تتركوا الموقع الان , الم اقل لكم اتركوا الموقع قبل طلوع الشمس ؟ .. ظننت في البداية أنّهم البيشمركة الانصار وهم في طريقهم إلى مكان اخر للاختفاء ,كما طلبت منهم .
ولكن ...!
(1) القائد الانصاري عبدلله رمضان خضر المعروف ب ( مام جوامير ) , مواليد قرية بولقاميش 1955 , قضى سنوات طويلة في حياة الانصار البيشمركة , تبوأ خلالها مسؤوليات عسكرية متنوعة , شارك في معارك كثيرة مع انصار حزبه الابطال وكان له دور كبير في مقارعة النظام البعثي الفاشي . كان مام جوامير من القائدة الذين شاركوا في انتفاضة اذار عام 1991 وفي تحرير مدن ومناطق كوردستان من براثن ومخالب النظام البعثي الفاشي ومرتزقته . وهو الان عضو في جمعية المحاربين القدماء التابعة للشيوعي الكوردستاني .
لمتابعة اللقاء ( الجزء الأول )على اليوتيوب اضغطوا على الرابط أدناه:
https://www.youtube.com/watch?v=t7uu8iWt1f8
لمتابعة اللقاء ( الجزء الثاني )على اليوتيوب اضغطوا على الرابط أدناه:
https://www.youtube.com/watch?v=LiQ_OleP0-I
ملاحظة : قال لي أحد الانصار المشاركين الفعليين في معركة جبل كوسرت في لقاء مسجل معه: ( وصل هه ريم إلى طرفنا قبل الهجوم بيوم واحد أي في 4 أذار 1989 , ورأيت بأم عيني الرسالة التي سلمها إلى المسؤولين في الموقع وللامانة اقول : الرسالة كانت صغيرة ملفوفة بورق لاصق ) .[1]