#شه مال عادل سليم#
اطلعت على مقالة السيد مؤيد راعي البلة بعنوان (الجبهة القومية التقدمية .. البعث والشيوعيين وجه لوجه ؟ ) (1) والمنشورة في بعض المواقع الإكترونية ,فرأيت فيها مواضع للتأمل والنقاش والرد و إلقاء الضوء على بعض الحقائق وإيضاح النقاط الملتبسة فيها وبيَان التناقضات التي وقع فيهَا الكاتب ، وعليه قررت ان ادون بعض الملاحظات السريعة على المقالة المذكورة للتاريخ , واتمنى ان يسع صدر الاستاذ (البلة) إلى هذه المداخلة المتواضعة .
1 يقول السيد الكاتب في مقالته : ( ان جبهة عام 1973 كانت اول عملية مصالحه وطنيه بين الحزبين (البعث والشيوعي العراقي) , ويرى الكاتب بان المتابع المحياد لا يرى هناك خطأ في هذه الخطوة الوطنية إذ ان (الطرفان المتحالفان والمتصالحان جاءوا بحسن نيه واخلاص من اجل خدمة وطنهم العراق)....؟!
وهنا اقول للسيد الكاتب بكل صراحة :
بان الواقع يقول لنا شيء اخر , وهو عكس ما تفضلت به تماما وهو : لقد تبين من (الوثائق الأمنية اوالمخابراتية البعثية الفاشية التي حصل عليها (الحزب الشيوعي العراقي) بعد انتفاضة اذار 1991 المجيدة , ان (الخطط والأجراءات الأمنية البعثية للقضاء على الحزب الشيوعي العراقي ( وضعت قبل توقيع على ميثاق الجبهة المشؤومة والتي سميت زورا وبهتانأ ب(الجبهة الوطنية والقومية التقدمية) وان قيادة البعث اتخذت قرارا بتصفية تنظيمات وكوادر الحزب الشيوعي العراقي ، وباشرت عبر أجهزتها الارهابية المختلفة بجمع المعلومات عن الشيوعيين واصدقائهم قبل واثناء وبعد انعقاد الجبهة مع( البعث القائد ) .
وعليه اقول : بان حزب البعث لم يخدم العرق يومأ وان تاريخه الدموي شاهد على ما اقول , فعن اي (تصالح وعن اي حسن نية بعثية شوفينية وعن اي خدمة الوطن تتحدث) ؟
2 يستطرد الكاتب بعد ذالك ويقول : (لو درسنا تلك المرحله السياسيه بكل جوانبها لايدنا الجبهه فالكارثه التي حلت تتحملها القياده البعثيه التي تمسك بالسلطه وجزء منها تتحملها قيادة الحزب الشيوعي. فالسلطه البعثيه كانت شعبيتها محدوده على الصعيدين الداخلي والخارجي ولم تكن تمسك بالسلطه بشكل مطلق بسبب حداثتها وسبب اخر هو وجود تيار يساري عبد الخالق السامرائي في صفوف البعث يرغب بضم قوى يساريه اخرى كالحزب الشيوعي لها نفوذ داخلي بين صفوف المثقفين والكادحين وخارجي المنظومه الاشتراكيه لتقوية السلطه. وقامت السلطه البعثيه بخطوات جريئه ووطنيه مثل بيان 11 اذار 1970 للسلام والاعتراف بالمانيا الشرقيه ومعاهدة الصداقه مع الاتحاد السوفيتي وتأميم النفط وعودة المفصولين السياسيين .
وهنا اضع السيد الكاتب امام حقيقة مفادها:
ان السلطة البعثية كانت فعلا شعبيتها محدودة جدا على الصعيد الداخلي والخارجي اضافة الى صراعاتها الداخلية كما تفضل السيد (البلة) , وعليه استطاع البعث الفاشي و بمكره ان يستخدم الحزب الشيوعي العراقي كورقة رابحة لتقوية سلطته وفرض هيمنته على البلد , و ان نهج حزب البعث الفاشي ظل خلال فترة تحالفه الهش , بالضد من محتوى (ميثاق العمل الوطني), و اتسم في الواقع بالارهاب البشع , تماما كما قبلها ولكن بطرق واساليب ماكرة اخرى , وعليه شهدت البلاد من جنوبها الى شمالها حملات الاغتيالات والاعتقالات و هدم القرى والتشريد وإبادة للمزارع والبساتين (خاصة في كوردستان) , اضافة الى تصفيات واعتقالات عشوائية واسعة النطاق داخل (الحزب الحاكم) والتي شملت العديد من اعضاء قيادته القطرية والقومية منها (عبد الخالق السامرائي لكونه لعب دورا ايجابيا في تحقيق اتفاق 11 اذار) ,وبسبب ازدياد شعبيته يوما بعد يوم ادخل السجن (بقرار من مجلس قيادة الثورة)وتعرض خلال 6 سنوات الى ابشع انواع التعذيب (النفسي والجسدي) وتم تصفيته عام 1979بحجة صلته بالمؤامرة المضادة لحكم (البكر صدام) التي قادها ( ناظم كزار المعروف ب(ابو حرب) ومحمد فاضل حسب ما اعلن في وقتها ....... !!
3 بالرغم من توجه حزب البعث لتحسين علاقته مع الحزب الشيوعي العراقي والديمقراطي الكوردستاني الا ان هذه التوجهات لم يدم طويلا , فمنذ الايام الاولى للتوقيع على بيان (11 اذار عام 1970) وعلى الرغم من عدم موافقة حزب البعث من مشاركة الحزب الشيوعي في المباحثات وفي عقد الاتفاقية باعتبار الاتفاقية تخص الشعب الكوردي وحركته التحررية المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكردستاني) , شن البعث حملة اعتقالات بين جماهير شعبنا الكوردي و العراقي عموماً والتي خرجت لتاييد بيان (11)اذار في عيده القومي 21 اذار (نه وروز) , كما اعتقل عددا من قادة وكوادر واعضاء الحزب الشيوعي العراقي بحجج واهية , وكان (الحزب القائد) يهدد باستمرار وبشكل علني بمعاقبة اي شخص او حزب او منظمة تخرق النظام العام في عراق البعث (كما جاء في نص بيان 11 اذار)...!! وهنا اسأل الكاتب العزيز ما قيمة بيان 11 اذار والدستور العراقي المؤقت وقانون الحكم الذاتي بدون التطبيق على الارض الواقع ؟ ما قيمة اتفاقية 11 اذار وقانون الحكم الذاتي في ظل نظام حزب البعث العربي الاشتراكي ؟
4 لقد استغل النظام البعثي بيان 11 اذار لتصفية الخصوم من داخل حزبه وتحديدا (جماعة السامرائي) ومن القوى السياسية الاخرى وثم بدأ بحملة سرية ارهابية ماكرة لتصفية (ملا مصطفى البارزاني شخصيأ) في مقره الصيفي في (حاج عمران) والذي نجى باعجوبة من محاولة الاغتيال , كما تعرض ادريس البارزاني لمحاولة اغتيال في السابع من كانون الاول عام 1970 عندما كان يقوم بزيارة رسمية الى بغداد لنقل رسالة من والده الى رئيس الجمهورية احمد حسن البكر تتعلق بتنفيذ اتفاقية اذار , اضافة الى شن النظام البعثي حملة واسعة في المناطق الكوردية الحدودية بهدف تجريدها من السكان تنفيذا لنص (اتفاقية الجزائر , وبموجبها قرر العراق وايران اجراء تخطيط نهائي للحدود البرية بناء على (بروتوكول القسطنطينية لسنة 1913 ومحاضر لجنة تحديد الحدود لسنة 1914 ),وذالك تطبيقأ لمباديء سلامة التراب وحرمة الحدود وعدم التدخل في الشؤون الداخلية , وعليه اوقف شاه ايران دعمه للحركة الكوردية , فانهارت الحركة واستولت الحكومة العراقية على المدن الكوردية مرة اخرى وطبقت حكما ذاتيا مثلما ارادت فقط على المدن الكوردية الثلاث (اربيل، السليمانية ودهوك) .
ومن هنا بدأت أولى حملات التهجير القسري والجماعي وإزالة مئات القرى الكوردية عن الوجود واسكان اهالي القرى المهجرة في مجمعات سكنية شبيهه بمعسكرات الاعتقالات النازية , عكس ما جاء في بيان 11 اذار حيث اكد البيان على : (اعادة سكان القرى العربية والكوردية الى اماكنهم السابقة , اما سكان القرى الواقعة في المناطق التي يتعذر اتخاذها مناطق سكنية وتستملكها الحكومة لاغراض النفع العام وفق القانون قيجري اسكانهم في مناطق مجاورة ويجري تعويضهم عما لحقهم من ضرر بسبب ذلك) .
وفي عام 1971 قامت القيادة البعثية بعملية عنصرية وطائفية مقيتة بترحيل الآلاف من الكورد الفيلية من مدن بغداد وديالى والكوت وغيرها الى ايران بعد الاستيلاء على اموالهم المنقولة وغير المنقولة بذريعة التبعية الايرانية.....!!
وعليه نقول للاستاذ الكاتب : نعم ...لقد شملت اتفاقية 11 اذار نقاطاً مهمة وجوهرية ، و(لكن) وهنا اضع خط احمر تحت كلمة (لكن) لم يتم تنفيذها،والنقطة الوحيدة التي تم تطبيقها في الاتفاقية هي :
(تحويل جومان إلى قضاء) وإنشاء نصب في الموقع الذي جرت فيه المحادثات بين البارزاني والحكومة العراقية....!!
و لو درسنا حقأ تلك المرحلة السياسية بكل جوانبها ليس فقط لا نؤيدها ,وإنما ندينها ونستنكرها بشدة ونقول بصوت واضح وصريح :
الجبهة المشؤومة هي التي قضت على حلم الملايين (حلم بحجم الوطن حلم بوطن حر وشعب سعيد) عندما (وافق الحزب الشيوعي العراقي على شروط البعث وبدوره القيادي في الحكم , والتزامه الصارم بتجميد تنظيماته داخل القوات المسلحة واعلانه او (ايمانه) بالتحول الاشتراكي للعراق في ظل الحزب القائد) .
الجبهة الهشة هي التي دمرت الحزب الشيوعي العراقي, بعد ان نجح البعث من خلالها ان يدفع (الحزب الشيوعي و الديمقراطي الكوردستاني الذي كان يحضى بثقة اكثرية الشعب الكوردي انذاك الى الاقتتال المدمر بعد ان كان الحزب الشيوعي العراقي من اقرب حلفاء للحركة التحررية الكوردية و اول حزب سياسي في العراق حمل شعار (حق تقرير المصير للشعب الكوردي في اواخر تموز عام 1935) , واول حزب عراقي انضم الى الثورة الكوردية بعد مجازر شباط الاسود عام 1963 , واحرز انتصارات عظيمة في معارك بطولية ومصيرية منها ( معركة سري حسن بك وسري بردي وملحمة جبل هندرين) , حيث الحق بيشمركة الحزب الشيوعي خلال ساعات قليلة هزيمة نكراء باللواء الرابع وتعقبوا فلوله المنهزمة الى داخل معسكر رواندوز , وجاءت اتفاقية 29 حزيران سنة 1966 كنتيجة لهذه الملحمة الشهيرة .
5 يقول الكاتب : (قبل قيام الجبهه كان الشيوعيون منحسرين ومطاردين والكثير منهم كان معرّضا للموت في السجون والمعتقلات. فكان على الحزب الشيوعي اما القبول بالدخول او الرفض ,وقتها يكون مطاردا ومقموعا من قبل السلطه وكانت هناك تجارب جبهويه عالميه اثبتت نجاحها. وصوتت قيادة الحزب (اللجنة المركزية) بطريقه ديمقراطيه بفارق صوت واحد(6 7) لصالح الدخول في الجبهه وكانت هذه الجبهه عملية مصالحه بين حزبين عدوّين استمر عداءهما الدموي من 1958 – 1973 . ويسأل الكاتب ويقول : هل كانت الجبهه خطأ تأريخيا وكارثيا ارتكبته قيادة الحزب كما يصوره البعض ويكررونه بمناسبه وغير مناسبه ام على العكس من ذلك ؟) .
وهنا نقول : بان قبول الحزب الشيوعي العراقي بشروط البعث ودخوله في (قفص الموت مع جلاديه) لم ينقذه من الموت والسجون والمعتقلات كما يقول الكاتب بل على العكس (الطين زاد بلة) وخاصة بعد ان نجح البعث في توطيد مواقع اقدامه في السلطة وفرض هيمنته وسلخ الحزب الشيوعي العراقي عن حلفائه منذ قيام الجبهة حتى انفراط عقدها .....!!
وعليه نقول نعم كانت الجبهة خطأ تاريخيأ وكارثيأ ارتكبته قيادة الحزب الشيوعي العراقي في تاريخ نضاله..!!
كما يجب ان لا ننسى بأن (هتلر) جاء إلى السلطة عن طريق الانتخابات ولكنه قاد إلى كوارث وماسي ودمار وحروب , وان تصويت قيادة الحزب (اللجنة المركزية) بطريقه (ديمقراطيه كما كتب السيد الكاتب في مقالته) وبفارق صوت واحد لصالح الدخول في الجبهه (قادت الحزب الشيوعي العراقي وللاسف الى مسالخ الإبادة البعثية) ...!!
لقد تناول المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي الذي عقد في (وادي خواركورك) عام 1985 مكامن خلل الحزب الفكري والسياسي عنما وافق بشروط البعث وعليه انتقد سياسة ونهج الحزب حول تحالفه مع البعث الذي ليس فقط لم يتحول الى (حزب وطني) ولا الى (مواقع الاشتراكية العلمية) كما كان يعتقد الحزب , بل استطاع ضمن مخطط متكامل ان يقضي على منظمات الحزب واعضائه واصدقائه وكوادره المخلصة ...
6 يذكرالكاتب (ايجابيات) الجبهة ويقول :(
1 توقف حمامات الدم بحق الشيوعيين من قتل وسجن وتعذيب والذي استمر منذ 1968 – 1973 وانتهت بالمصالحه بين الحزبين.
2 انتقل الحزب الشيوعي من الوضع السري الى الوضع العلني واصبح له مقرات و صحف ناطقه بأسمه يتداولها المواطنون بشكل علني واصبح له وزراء في الحكومه وتمتع الحزب بفتره سلام مع البعث دامت قرابة 5 سنوات.
3 نتيجه لهذا الوضع الجديد ازدهر الحزب ونمت خلاياه وجماهيره وتضاعف العدد الى اكثر من 20 ضعفا ونشط الحزب في كل مجالات العمل الجماهيري والوطني وتغلغل في النقابات والجمعيات والنوادي الاجتماعيه.
4 على الصعيد الوطني والاجتماعي كان هناك استقرار سياسي وازدهار اقتصادي عم العراق من شماله الى جنوبه
فتم القضاء على البطاله نهائيا وذلك بسبب الاستقرار السياسي وعوائد النفط مما حدا بالسلطه بجلب العماله الاجنبيه وخاصة من مصر.
5 نتيجه للوضع الجديد اصبح جهاز الامن في مديرية الامن العامه شبه معطل عدا بعض الاجهزه القليله مثل جهاز الشعبه الاقتصاديه الذي كان يطارد المخالفين والمتلاعبين بالاسعار من التجار وغيرهم.
6 على الصعيد الدولي قويت مكانة الحزب عالميا وعربيا.
هذا وغيرها من الإيجابيات. ولو استمر عمل الجبهه وبحسن نيه من قبل السلطه البعثيه لكان العراق في طليعة بلدان المنطقه ولم تكن هناك حروب وكوارث مثل الحرب العراقيه الايرانيه واحتلال الكويت وتحريرها وحرب احتلال العراق 2003 …الخ من الكوارث) ...
ثم يناقض السيد الكاتب نفسه في فقرة (سلبيات) الجبهه ويقول :(
1 إن عددا من اعضاء الحزب تركوا صفوف الحزب بسبب تاريخ البعث الدموي تجاه الحزب الشيوعي العراقي بالرغم من ان التصويت من قبل قيادة الحزب كان ديمقراطيا. ولو كان هناك حسن نيه من قبل قيادة البعث البكر- صدام باستمرارية الجبهه لغيّر هؤلاء الاعضاء رأيهم وعادوا الى صفوف الحزب
2 اخطأت قيادة الحزب بألموافقه على تجميد المنظمات الديمقراطية التابعة للحزب.
3 كانت قيادة الحزب مؤمنة، في السنوات الأولى للجبهة، ايمان لاحدود له بإستمرارية الجبهه وكشفت معظم اوراقها للسلطه البعثيه فكانت عيون البعث تراقب كل ما يخص الحزب من اعضاء واصدقاء وصحافه ومقرات..الخ
4 كان الحزب لايصغي جيدا لملاحظات وشكاوى وتحذيرات رفاق الحزب واصدقائه من التجاوزات التي يقوم بها البعثيون واجهزتهم القمعيه.
5 لم يكن للحزب اي خطه لانقاذ الحزب ورفاقه اذا ما انقلب البعثيون على الحزب وضربوه وهذا ما حدث ايضا بعد انقلاب 1963) .
وهنا اسال الكاتب : اذا كان جهاز الامن في مديرية الامن العامه شبه معطل كما اكدت عليه في النقطة الخامسة من فقرة ايجابيات الجبهة , اسأل , من كان يقوم بمراقبة كل ما يخص الحزب من اعضاء واصدقاء وصحافه ومقرات ولماذا ؟
اذا كانت الجبهة حقأ (مصالحة وطنية بين الحزبين) كما تدعي : لماذا كانت (عيون البعث) تراقب نشاطات الحزب الشيوعي (السياسية والثقافية والجماهيرية) ليلا ونهارا , ومن كانت الجهات التي تقوم باعتقال واغتيال كوادر الحزب في الشواراع والطرقات (لا داعي لذكر الاسماء لان القائمة تطول) ؟ وهل كانت هناك ضرورة لوجود (اجهزة قمعية بعثية) كما ذكرت في النقطة الرابعة (من سلبيات الجبهة)لوكانت الجبهة حقأ (مصالحة وطنية بين الحزبين) ؟ لو كانت الجبهة (جبهة حقيقية ) لماذا استخدم الحزب البعث كل امكانياته واجهزته القمعية في العمل المضاد والسعي الى اختراق الحزب بالمندسين والعملاء وانتزاع البراءات واستخدام طرق بعثية خبيثة لاسقاط اعضاء وكوادر الحزب الشيوعي واجبارهم على التعاون معهم ؟
الم تكن تلك المقرات العلنية فخأ نصب لرفاق واصدقاء الحزب الشيوعي العراقي من قبل (الحزب القائد) ؟
هل كان للوزراء صلاحيات حقيقية ام كانوا واجهات وديكورات لايحلون ولايربطون ؟ هل حقا تمتع الحزب الشيوعي بفترة سلام دامت قرابة (5) سنوات في ظل هيمنة قرارات مجلس قيادة الثورة الجائرة ؟
اقول للسيد الكاتب وبصوت واضح وصريح :
كل الوثائق الموجودة في ارشيف الحزب الشيوعي العراقي (تنفي) بشكل كامل ما تطرقت اليه من حسنات (الجبهة الهشة) , كما تؤكد ايضأ انها (اي الجبهة) لم تكن (مصالحة بين الطرفين) بل كان (حب من طرف واحد) , اضافة الى ان (الاجهزة الامنية والمخابراتية التنصتية والتجسسية) , كانت تعمل منذ اللحظات الاولى من انعقاد (الجبهة) على جمع المعلومات حول عمل منظمات الحزب الشيوعي العراقي واصدقائهم وتحركاتهم واختراق صفوف الحزب ,وللاسف نجح البعث في مهمته القذرة وبامتياز .
7 لم تخل فترة (التحالف ) من ممارسات بعثية شوفينية بحق الشعوب الكوردستانية , وهنا اضع السيد الكاتب امام بعض الحقائق الموثوقة :
اثر تصاعد حملات البعث الشوفينية ضد الشعب الكوردي قدم الحزب الشيوعي في كوردستان مذكرة تحريرية الى اللجنة العليا للجبهة والى لجان الجبهة في مدينة (اربيل وكركوك) تناولت اوضاع ومعاناة شعب كوردستان آنذاك . وفيما تناولت المذكرة خلاصة ما طرحه الشهيد (عادل سليم والذي كان يومها يمثل الحزب في لجنة الجبهة للمنطقة الشمالية وكان ممثل اربيل ايضا) شفهياً في اجتماعات لجان الجبهة في بغداد وبحضور ( صدام حسين ) ،
اما جوهر المذكرة التي قدمت شفهيا وتحريريا من قبل الشهيد (عادل سليم) في مدينة اربيل وفي الأجتماع الموسع للجان الجبهة في 3 -06-1975 في بغداد، فهو وفق ما نقله مناضلون كانوا مشاركين في تلك الأجتماعات كالتالي :
1 ان القانون والنظام الداخلي للمجلس التشريعي مهمش ولا يعمل به اطلاقا .
2 الأمناء العامون الذين هم بدرجة (الوزير) ليست لديهم اية سلطة تذكر... وذالك لعدم ربطهم بالوزارة الداخلية المختصة مباشرة كالمحافظ .....
3 يعاق تنفيذ كل القرارات التي تصدر من المجلس التشريعي والتنفيذي لصالح شعب كوردستان في بغداد .
4 ليس فقط لم يرجع قضاء اكري (عقرة) الى حدوده الطبيعية , بل هناك محاولات لسلخ اجزاء اخرى من مناطق الحكم الذاتي .
5 لا سلطة للقضاء والمحاكم اطلاقا ( عكس ما جاء في قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان العراق المادة الرابعة والتي نصت على (القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون و تشكيلاته في المنطقة جزء لا يتجزء من التنظيم القضائي في الجمهورية العراقية)
6 يمارس رجال الامن والمخابرات القتل والتعذيب والاعتقالات العشوائية مما ادّت هذه الاعمال الى غضب واستنكار ابناء الشعب الكوردستاني ...
7 ان الذين اطلق عليهم تسمية (حرس الحدود) يتعدون على المواطنين الابرياء ويضعون عراقيل في طريق تطبيق قانون رقم 90 للاصلاح الزراعي ,الذي نص على ( الاسراع بتطبيق قانون الاصلاح الزاعي في المنطقة الكوردية , وتعديله بشكل يضمن تصفية العلاقات الاقطاعية , وحصول جميع افلاحين على قطع مناسبة من الارض واعفائهم من الضرائب الزراعية المتراكمة عليهم خلال سنين القتال المؤسفة ) .
8 يبعد الاكراد الذين رجعوا من ايران الى كوردستان ( والذين يسمون ب العائدون ) الى مناطق الجنوب وقسم يعتقل ويعذب بدون محاكمات اصولية .
9 يتم ترحيل وتهجير القرى الكردية الحدودية .
10 يتم تغيير اسماء المدارس والنواحي والاقضية من الكوردية الى العربية قسرا اضافة الى استقطاع مناطق ومدن مثل ( خانقين و شنكال و عقرة و شيخان عن الادارة الكوردية .
11 يستقدم العرب من مناطق العراق وبشكل اجباري الى مناطق كوردستان ويهجر الاكراد الى مناطق اخرى
12 لايتم قبول الطلبة الاكراد في الجامعات والكليات ( العسكرية والبعثات والزمالات الدارسية ) وفقأ لما جاء في بيان 11 اذار ...
وللأهمية التي شكّلتها المذكرة ، وخاصة في تلك الظروف قُدّمت الى المجلس التشريعي في اربيل عام( 1975 )ثم ارسلت الى العاصمة كاحتجاج من اعضاء المجلس التشريعي، الأمر الذي ادىّ الى عقد الأجتماع موسع بحضور ( صدام حسين )، حيث اعيد طرح المذكرة من قبل ( الشهيد عادل سليم ) شفهياً وبتفاصيل ومستندات ...... واستنادا لكل هذه الانتقادات اللاذعة (اكتفى البعث بنشر كراس تحت عنوان خندق واحد ام خندقان ) حول مسائل الجبهة و تناول اساساً ردوداً على ما جاء في المذكرة في الاجتماع الذي انعقد في 21 -08- 1967 في بغداد في مبنى المجلس الوطني بحضورالمجرم ( صدام حسين) واعضاء اللجنة العليا للجبهة ,وسكرتارية الجبهة وكل لجان الجبهة في المحافظات .... !!
8 في نهاية مقاله يسأل الكاتب : (هل كان الافضل للحزب ان يكون خارج الجبهه (المصالحه الوطنية ) ويعمل تحت الارض ويتلقى الضربات يقتل ويسجن ويعذب اعضاءه وانصاره الى مالانهايه الى ان يضمحل والدليل هو ما نشاهده اليوم في الداخل هو ان معظم الاجيال الحاليه لاتعرف شيئأ عن الحزب الشيوعي بسبب القمع الدموي الذي مارسته قيادة البعث تجاه رفاق الحزب واصدقائه؟ هل كانت قيادة البعث موضع ثقة ) ؟
نقول للكاتب : نعم كان من المفروض ان لايقع الحزب الشيوعي العراقي في فخ الجبهة المشؤومة التي قضت على خيرة ابناء الشعب والوطن والتهمت كوحش كاسر خيرة كوادر الحزب واعضائه واصدقائه , وان ضربات (الحليف) القاتلة التي دمرت الحزب ووقع من جرائها ضحايا بلغت اعدادهم اضعاف ضحايا معارك الانصار ( البيشمركة ) ضد النظام البعثي الفاشي في الثمانينات من القرن الماضي , كما ترك اثارا مدمرة على الصعيد الشعبي والجماهيري بعد ان خسر الحزب الشيوعي العراقي الاف الرفاق والاصدقاء في الجيش عندما قام بتجميد نشاطه في صفوف الجيش اضافة الى تجميد منظماته ( النسائية , الشبيبة الطلبة )بامر من( الحزب الحليف ) ....
الشروط الذاتية والموضوعية للمصالحة الوطنية :
دون معرفة جذور وأسباب أية مشكلة معرفة دقيقة، فكل مشاريع وسيناريوهات حلها ستكون شطحات نظرية و مجرد أوهام كما حصل عام 1973 عندما دخل الحزب الششيوعي العراقي في (قفص الموت) مع جلاديه ,وان كل متابع لمجريات الأمور منذ انعقاد الجبهة المشؤومة الى انفراط عقدها عمليأ اواخر عام 1978 يُدرك أن الجبهة كانت فخا نصب للقضاء على الثورة الكوردية وثم الحزب الشيوعي العراقي .
وعليه نقول لوكانت الجبهة ( مصالحة وطنية ) كما يدعي السيد الكاتب , كان على الحزب الشيوعي العراقي ( كضحية مجازر البعث والحرس القومي وجلادي قصر النهاية ) في شباط الاسود 1963 والمجازر التي تلتها ان يطرح عدة شروط ( لضمان ونجاح المصالحة ) على جلادي رفاقه واصدقائه والوطنيين والديمقراطيين الاخرين في سائر ارجاء الوطن منها :
1 الاعتذار والاعتراف العلني والرسمي بالمجازر التى شكلت بحق اعضاء وكوادر وقيادة الحزب الشيوعي العراقي الميامين وفي مقدمتهم السكرتير الاول للجنة المركزية الشهيد( سلام عادل وعضوي المكتب السياسي الشهيد جمال الحيدري والشهيد محمد صالح العبلي , ونخبة من خيرة قادة الحزب والمئات من كوادره الابطال ) على اساس الاقرار بمبدأ محاسبة مرتكبي المجازر والتي تعد من اخطر انتهاك لحقوق الانسان في تاريخ العراق , وذالك فى اطار مبدأ ( المصالحة الوطنية ) الحقيقية .
2 الاقرار بمبدأ تعويض اهالى المتضررين مادياً ومعنوياً .
3 العمل على الكشف عن جميع المختفين والمفقودين من اعضاء واصدقاء الحزب الشيوعي وتحديد صور اختفائهم والعمل الجاد للعثور على رفاتهم .
5 ضمان حيادية اللجان التحقيقية والعدلية واستقلاليتها عن اروقة مخابرات وفرق الامن البعثية ، بحيث لا يكون من بين أعضائها من تولوا وظائف من شأنها القيام بممارسات سياسية او قضائية لها علاقة بالاحداث التى تجرى التحقيقات بشأنها.
6 اعادة الاعتبار لالاف المناضلين العسكريين ( من الضباط الاحرار ) الشجعان الذين تم تصفيتهم في الشوارع والمسالخ البعثية.
7 اعادة الاعتبار للزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ....
الخلاصة :
اثبت الواقع بان الحزب الشيوعي العراقي كان على وهم فكري وسياسي عنما تفائل بمستقبل الجبهة مع (حزب القائد) وامكانية انتقاله الى مواقع الاشتراكية العلمية ,كما اثبت الواقع ضعف تحليله لطبيعة ( الحزب الحليف ) الذي كان نهجه قبل واثناء دخول الحزب الشيوعي معه في( قفص الموت) بالضد من محتوى ميثاق العمل الوطني للجبهة , حيث اتسم في الواقع العملي بالارهاب تماما كما كان قبلها .... !!
استطاع حزب البعث( الحليف ) من وراء (خندق الجبهة ) ان يضلل الرأي العام المحلي والعربي والدولي ,بعد ان نجح بضرب عصفورين بحجر واحد , عندما عزل الحزب الشيوعي عن الحزب الديمقراطي الكوردستان وادخله في قفص الجبهة المشؤومة وثم وجه ضربة قاصمة للثورة الكوردستانية مما ادت الى انتكاستها وانهيارها اثر صفقة خيانية عرفت باتفاقية الجزائر ,وثم انفراده بالحزب الشيوعي العراقي وحصره في زاوية الموت ...!!
فهل حقأ كانت الجبهة ( مصالحة وطنية ام خدعة وفخ بعثي ) ؟ هل حقأ كان الطرفان المتحالفان والمتصالحان جاءوا بحسن نيّه واخلاص من اجل خدمة وطنهم العراق كما كتب السيد الكاتب ؟ هل حقأ كانت الجبهة اول عملية مصالحة وطنية بين الجلاد والضحية ؟ لو افترضنا جدلا بان الجبهة كانت ( مصالحة وطنية ) ,هل تتم المصالحة وتنجح بدون تنفيذ شروط الضحية ؟
الم يكن التقارب بين البعث الدموي والاتحاد السوفيتي السابق وتحديدا في 8 -04-1971 عندما وافق الاتحاد السوفيتي على تقديم قرض للعراق قيمته ( 80 مليون دينار بفائدة تبلغ 2,5 بالمئة , وفي 9 نيسان عندما وقع احمد حسن البكر ورئيس الوزراء السوفيتي معاهدة الصداقة والتعاون وتطوير القدرة الدفاعية للعراق واجراء مشاورات فورية لتنسيق مواقفهما في حال تهديد سلام اي من الطرفين المتعاقدين وعدم الدخول في اي تحالف او مشاركة في اية كتلة او السماح باستعمال اراضيها لاي نشاط قد يضر بالطرف الاخر عسكريأ حسب ما جاء في ( المادة 1 , 8 , 9 , 10 ) من المعاهدة , الم يكن هذا التقارب بين البعث الدموي والاتحاد السوفيتي هو السبب الرئيسي الذي دفع الحزب الشيوعي العراقي ( تحت ضغط الاحداث ومصالح واوامر الرفاق السوفيت )الى دخول في حوار مع جلاديه بدون قيد وشرط ؟
الم يكن اعتراف حزب البعث بجمهورية المانيا الديمقراطية وعقد اتفاقية اقتصادية مع بولونيا لاستثمار الكبريت من اجل تقوية سلطته القمعية عن طريق شراء شحنات الاسلحة والاجهزة العسكرية المتطورة من المنظومة الاشتراكية وفي مقدمتها ( الاتحاد السوفيتي ) ؟ واسئلة كثيرة اخرى اكتفي بهذا القدر ..... !!
اخيرا اقول :
اثبت لنا الواقع بان الجبهة المشؤؤمة كانت حلقة من حلقات مجازر البعث تجاه ما نجى من مخالبه وانيابه في شباط 1963والمجازر التي تلتها ...!!
الجبهة كانت انتحار سياسي خصوصأ بعد ان تنازلت قيادة الحزب الشيوعي العراقي عن قيادة السلطة السياسية في العراق وايقاف نشاطه السياسي في القوات المسلحة ( التي تم تحويلها تدريجيأ الى جيش عقائدي بعثي شرس ) وتجميد منظماته الديمقراطية وفقأ لأوامروشروط ( حزب البعث القائد ) , بعد ان اصاب الحزب الشيوعي العراقي بداء ( عفى الله عما سلف ومرض حسن الظن المزمن بالحليف القاتل ) ..............؟!
المصادر :
1 نص اتفاقية الجزائر , نص قانون الحكم الذاتي , نص اتفاقية 11 اذار , الدستور المؤقت الصادر بتاريخ 16 تموز 1970.
2 مذاكرات الرفيقة (فتحية محمد مصطفى ام شوان زوجة الرفيق الشهيد عادل سليم ) .
3 لقاء الكاتب مع الرفيق (كريم احمد ).
4 لقاء الكاتب مع الرفيق الشاعر (احمد دلزار ).
5 لقاء الكاتب مع الرفيق الراحل (احمد الجبوري ابو ازدهار ) .
6 لقاء الكاتب مع الرفيق ابو ( ملا بكر ابو هيوا ) .
7 لقاء الكاتب مع الرفيق (قادر رشيد ابو شوان ) .
8 لقاء الكاتب مع الرفيق ( نجم الدين مامو حريري ابو سلام ) .
9 محاضر المجلسين ( التشريعي والتنفيذي) .
10 لقاء الكاتب مع الرفيق ( احمد باني الخيلاني ابو سرباز ) .
11 لقاء الكاتب مع المناضلة الشيوعية والرابطية المعروفة (ساكنة سليمان الاربيللي ) .
12 لقاء الكاتب مع الرفيق ( فتاح توفيق ملاحسن ) .
13 لقاء الكاتب مع الرفيق ( احمد كريم المعروف ب (الرفيق نوري ابو تارا ) .
14 لقاء الكاتب مع الرفيق ( سليمان شيخ محمد حاجي سليمان ابو سيروان ) .
15 لقاء الكاتب مع الرفيق ( اسعد خضر اربيللي ابو جبار ) .
16 لقاء الكاتب مع الرفيق ( فاتح رسول ابو اسوس ) .[1]