الحرية ليست رحلة إنما المضي قدماً في حقول من الألغام
الدار خليل
في ظل تعقد الأزمة السورية وفشل كافة المباحثات في إيجاد حل للأزمة والمتمثلة بجنيف 1/ 2/ 3 وغيرها من المباحثات والإعلان عن مشروع الفدرالية لروج آفا- شمال سوريا قامت مجلتنا «صوت كردستان » بإجراء حوار مع السيد آلدار خليل عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي حول آخر المستجدات والتطورات التي تشهدها المنطقة بشكل عام ورج آفا وسوريا بشكل خاص. وإليكم نص الحوار آملين أن يساهم هذا الحوار في توضيح بعض النقاط التي يتم تعتيمها من قبل العديد م ن الأطراف المعادية لثورة الحرية في روج افا كردستان في ظل تعقد الأزمة السورية كيف ترون مشروع إعلان الفدرالية لروج آفا- شمال سوريا كحل لهذه الأزمة وعموم شعوب منطقة الشرق الأوسط؟
في ظل تعقد الأزمة السورية كيف ترون مشروع إعلان الفدرالية لروج آفا- شمال سوريا كحل لهذه الأزمة وعموم شعوب منطقة الشرق الأوسط؟
في البداية نشكركم على هذا اللقاء ونشكر القائمين على مجلتكم الكريمة ..
فيما يتعلق بمشروع الفيدرالية لا بد أولاً من أن ندرك تماماً أن النظام المركزي السائد في سوريا وغيرها من الدول الأخرى لم يعد يلبي حاجة وطموح الشعوب في الشرق الأوسط خاصة بعد حالة الفوضى العارمة وعمليات الجينوسايد التي أصبحت تتم اليوم على مرأى العالم على يد مغول العصر ومن يدعمهم، وقد أصبح هؤلاء معروفين من قبل الجميع، والنظام الاتحادي الفيدرالي في سورية يأتي ضمن مشروع الحل السوري دون أن يكون مفروضاً من قبل أي طرف آخر كما هو حال ممثلي المعارضة محامي بعض الدول الإقليمية في سوريا .. إننا نرى مشروع الاتحاد الفيدرالي ضرورياً ونابعاً من حاجة الشعب السوري وهو يقوم على أسس الديمقراطية والمساواة دون المساس بوحدة الجغرافيا السورية بل على العكس فهو يساهم في تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية، ويعمل هذا المشروع على الانتقال بسوريا إلى مرحلة جديدة تكون فيها متعددة ولا مركزية، ويساهم في وضع حد لحالة الفوضى العارمة في سوريا ويكون ذا تأثير مباشر في خلق حالة من الأمن والاستقرار وإحداث عملية التنمية المجتمعية، ويعمل على توفير المناخ الملائم لبناء سوريا قادرة على التصدي لجميع التيارات المضادّة للنموذج الديمقراطي في الشرق الأوسط. لأن سوريا نموذج مهم للشرق الأوسط؛ أي حينما تم رسم خارطة الشرق الأوسط قبل مئة عام وتحويلها إلى عشرات الخرائط التي تشبه سوريا وبأنظمة مركزية لم تحقق تطلعات شعوب الشرق الأوسط لذلك يمكننا القول إن نموذج الفيدرالية الديمقراطية يصلح لتلك الشعوب أيضاً ويحقق إرادة الشعوب نحو الاستقرار والأمن والعيش المشترك أولاً والنمو المجتمعي ثانياً.
كانت منطقة الشرق الأوسط مهد الحضارة في كل الأوقات. هل بإمكانها هذه المرة أيضاً أن تكون مهداً لمشروع الفدرالية وخاصة بعد فقدان الدولة القومية تأثيرها كحل. أي هل يمكن أن تشكل منطقة الشرق الأوسط مهد الحضارة الديمقراطية؟ هنالك نظرية تقول إن جميع الأشياء تنمو على جذورها، والحالة التي تواجدت فيها منطقة الشرق الأوسط منذ آلاف السنين والظواهر الطبيعية التي عاشتها مجتمعاتها على مدار التاريخ، وكذلك النماذج الإدارية التي تواجدت في الشرق الأوسط والتي كانت قائمة على أساس الكلان وما تمخض عنها من وسائل أدت إلى ديمومة المجتمع الشرق أوسطي بحالة الذاتانية كل ذلك يجعلنا نقول إن الشرق الأوسط ليس مهداً للحضارة فقط وإنما هو مهد لحالة العيش المشترك، وتاريخ الشرق الأوسط يبسط هذه الشراكة قبل أن تعبث أيادي السلطة فيه وتحوله لاحقاً إلى مجتمع تتم فيه خدمة الأسياد. المشروع الاتحادي الفيدرالي في روج آفا- شمال سوريا يأتي من خصائص البنية الأركولوجية لمجتمعات الشرق الأوسط، وطالما أن هذا المشروع نابع من اتفاق أصحاب الحضارات الأوغاريتية والميدية والآشورية والكلدانية وغيرها من الحضارات التي تمثلها اليوم مكونات روج آفا فحتماً سيكون هذه المشروع بمثابة الضربة القاصمة لظهر الدول القوموية والنظام المركزي وهيمنة السلطة .. أي أن نموذج الدولة القوموية تم استيراده أو فرضه على ثقافات الشرق الأوسط؛ ونعتقد بأنه قد حان الوقت اليوم كي نعلن الاستغناء الكلي عن مثل هكذا نماذج.
ماهي الآلية الواجب على هذه الإدارة الاجتماعية تحديدها لتتفادى الانزلاق إلى هاوية السلطة والتسلط؟
اتضح لجميع الأطراف أن السبب الرئيس لكل ما حدث في سورية وما يزال يحدث هو النظام الذي كان معتمداً بتفاصيله
الموضوعة منذ عقود والتي تمجّد الدولة وهرمها وتعمل على الولاء للأفراد دون الطاعة للوطن. تعتبر السلطة من
أهم المعضلات وخاصة في الشرق الأوسط وحالة الفوضى الموجودة فيه ناتجة عن تلك المسامات التي أوجدتها السلطة والتي تصدر الأفكار المفككة للمجتمع. وخلاف ذلك فإن اتفاق المكونات على إدارة ذاتها والالتفاف حول مشروعها الوطني والدفاع عن هويتها بمعنى التاريخ والحاضر والمستقبل، يساهم في تبديد السلطة وتفكيك عناصرها الحيوية إلى مفردات تصبح منبوذة مع مرور الزمن. فالإدارة الذاتية هي الجوهر الأساسي للحفاظ على المجتمع الحر، المتماسك، المتين أمام كل من يحاول اختراقه بالوسائل السلطوية، فنظرية الإدارة الذاتية حالة نوعية يمكن من خلالها الانتقال بالمجتمع إلى ضفة النجاة من السلطة وأجهزتها
في الفترة الراهنة تعقد الدولة التركية صفقات مصيرية
هدفها القضاء على الكرد واستهداف أي إنجاز لهم. إلى أي
درجة أو مستوى تستطيع الدولة التركية تحريض الرأي العام
ضد مشروع الكرد المتعلق بفدرالية روج آفا- شمال سوريا؟
في الحقيقة ما تفعله تركيا ضد روج آفا ليس هدفه القضاء على الكرد فقط، فالدولة التركية على مدار عقود لم تستطع التخلص من شيء اسمه الكردو فوبيا، إنما الهدف هو ضرب مشروع جميع المكونات في روج آفا، فتركيا تخشى أن يكون هناك نموذج ديمقراطي قائم على مشاركة جميع الأطياف والمكونات التي اجتمعت على وحدة الهوية، والمستقبل المشترك. وما فعلته هذه المكونات من دحر للإرهاب في سوريا يشكل خطراً حقيقياً على الذهنية الدولتية في تركيا، فسعي تركيا إلى تحريض الرأي العام ضد هذا المشروع هو برهان حقيقي للمجتمع الدولي على مدى استخفاف تركيا بعقولهم؛ إذ كيف يمكن لتركيا أن تنادي بالديمقراطية وترفض قصف النظام السوري للمدنيين وبالمقابل تحشد كامل عتادها وقوتها وتعمل على قصف الأبرياء في أغلب مدنها اليوم؟ كيف يمكن لتركيا أن تنادي بمحاربة الإرهاب ويمر عبر حدودها يومياً مقاتلون راديكاليون يلتحقون بداعش ومن مختلف الدول؟ كيف يمكن لتركيا أن تنادي بإثارة الرأي العام حول مشروعنا وبالمقابل تؤيد تسليح بعض الفصائل المتعصبة التي تعمل على تفكيك المجتمع السوري في مناطق حلب وغيرها؟ تركيا تريد مشروعاً على مقاسها حتى ولو كان كردياً، وهذا ما تخدمها فيه بعض الأطراف الكردية التي تتخذ من العاصمة التركية مصدر القرار التركي لإفشال المشروع الديمقراطي ومسح الهوية الكردية مكاناً لحل قضية الكرد في سوريا.
ما هو تأثير ثورة روج آفا التي تستند وتتخذ من براديغما
القائد آبو أساساً لها على الأجزاء الأخرى من كردستان؟
في روج آفا يسعى الشعب إلى إعادة تنظيم مسار حياته بنهج ديمقراطي، وهي تعتبر حالة فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، ومن الطبيعي أن يكون لهذا المسار تأثير على جميع من يسعى للتحرر ليس فقط في أجزاء كردستان وإنما في الفلك الإقليمي على حد سواء.. فالنموذج والفلسفة التي يتم انتهاجها في روج آفا هي حالة تساهم في سد رمق جميع الشعوب التواقة إلى البناء الحر.. وحينما يكون المجتمع بحالته هذه فإنه يكون بمثابة منارة تبدد جميع بقع الظلام التي تحاول الأنظمة القمعية وضعها على أعين الأحرار.. نذكر هنا تحليلاً للقائد أوجلان حيث يقول: كلنا نبحث عن كردستان، لكن، أبحث عن كردستان التي تلد من صلب ذاتها وبإرادتها الحرة ولا تلد باغتصاب وبإرادة الآخرين. ووفق ذلك فإن الكرد في الأجزاء الأخرى يتأثرون اليوم بنموذج الإدارة في روج آفا فهي الأنسب لهم أيضاً؛ هكذا قالت التجربة وهكذا قالت المقارنات.
مع إعلان مشروع الفدرالية سقطت أقنعة القومويين والشوفينيين. ولوحظ ذلك بشكل واضح من خلال توحد العديد من المجاميع المسلحة الإرهابية واستهدافها لحي الشيخ مقصود وارتكاب المجازر المشتركة بحق المواطنين القاطنين بهذا الحي. برأيكم ما هي المخاطر التي ستجلبها مثل هذه المقاربات؟ وما هو سبب تطرقهم إلى مثل هذه المقاربات؟
ما يحصل في الشيخ مقصود هو امتداد لمخططات وهجمات أخرى حصلت في كري سبي، تل حاصل ، تل عران، تل حميس وبمجملها هدفها واحد متمحور حول ضرب نقطة الارتكاز في معادلة الحل للوضع القائم في سوريا، هم بهذه العقلية يعتقدون بأن العمليات العسكرية سوف تحقق لهم نوعاً من التبعثر بهذا المسار. وعلى عكس ما يعتقدون تماماً فما هذا سوى رسالة حقيقية على أننا دعاة الحرية، ودعاة الديمقراطية ويمكن أن يكون هناك مناطق أخرى تصبح شيخ مقصود، كما حصل سابقاً وقد أسلفت ولكن دائماً فرص واحتمالات نجاح مشاريعهم الهمجية تصبح ضئيلة إلى أن تصل إلى درجة العدم، وما مقاومة شعبنا في الشيخ مقصود سوى رد واضح على هكذا مشاريع .
بدأت مقاومة الشعب الكردي في روج آفا بالمقاومة التي أبداها حي الشيخ مقصود في بدايات الثورة. من خلال انخراطكم ضمن هذه الثورة، ثورة روج آفا، ما هي سوية المقاومة التي تظهرها مقاومة الشيخ مقصود بعد المقاومة الباسلة التي أبدتها كوباني؟ أي إلى أي مرحلة وصلت ثورة روج آفا بمقاومة حي الشيخ مقصود الأخيرة؟
حينما بدأنا مشروعنا الثوري اعتمدنا على آلية التنظيم وفق الحماية الذاتية، ليكون جوهر ثورتنا الحماية، ففي كل منطقة من مناطق روج آفا التي شهدت جموعاً من المغول والتتار المتمثلين بداعش وغيرهم توجد قصة وملحمة من أروع ملاحم البطولة التي أبداها شعبنا، وكأن حالة الانتقال الطبيعي لهذه الثقافة بين مدننا تتعمق لأنها بالأصل كان موجودة لدى شعبنا في روج آفا، وما يحصل في الشيخ مقصود يرتقي اليوم إلى مستوى تلك الملاحم التي سطرها شعبنا، فروج آفا كلها ترتقي إلى مصاف المدن التي قاومت ضد قاتليها، مثل ستالين غراد وغيرها.. وهذا يعني بأن ثورة روج في موقع متقدم ويستحيل الرجوع سنتيمتراً واحداً بسبب حالة التنظيم المتقدمة للشعب والمجتمع والمؤسسات المستحدثة – على الرغم من الأخطاء التي تحصل- وحالة التنظيم المجتمعية هذه كانت وراء الانتصارات الدبلوماسية والعسكرية لثورتنا.
يسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى فرض هيمنته على روج آفا بالقوة من خلال مساندة الدولة التركية وبقايا المجلس الوطني الكردي السوري. برأيكم ممارساته ومقارباته «فرض الحصار، الاعتقال، الهجمات السياسية، مهاجمة مكاسب روج آفا…. » تخدم أحلام وآمال ومصالح من؟
نحن كنا دوماً من دعاة المؤتمر الوطني الكردستاني، لنلتقي كأخوة ونتباحث مستقبلنا ونرسم مع بعضنا البعض كيفية صد من يريد تشويه حقيقتنا الثورية، وهويتنا الكردية ولكن للأسف انجرت بعض القوى الكردية لبعض الأطراف التي لها أجندات خاصة ليس من شأنها تلبية طموح الشعب الكردي صراحة.. ونحن نرى بأن هذه الأمور ستكون نقطة سوداء في التاريخ الكردي، فصراحة ألدّ الأعداء من الذين حاربونا ومازالوا بمجمل الأسلحة والمدافع، لم ينتهجوا نهج بعض الأطراف الكردية، ربما لم يكن بمقدورهم ذلك ولكنهم لم يفعلوها كأعداء، أما بعض الأطراف الكردية فقد فعلت بشعبنا ما هو أسوأ مما فعله دعاة الإرهاب، إذ كيف يمكن لهم سد معبر حيوي بمثابة نقطة تنفس لشعب هم أخوتك، أهكذا هي حقوق الجيرة ؟؟ هل هكذا يتم التعامل ؟؟ تركيا ببشاعتها لم تغلق بعض المنافذ في مناطقنا أمام اللاجئين العائدين إلى روج آفا .. إلى أي درجة يمكن تصنيف هذا العمل ؟؟ ولكن مع ذلك نحن نأمل أن تعيد هذه الأطراف حساباتها وسياساتها، فهذه الممارسات لن تخدم سوى أطراف تعادي حقيقة وجودنا، ونحن مع هذا ورغم حصارنا مستعدون لمساندة شعبنا حين الحاجة وحينما تسوء الأمور في أي مكان من منطلق وحدة الدم والإنسانية التي نتحلى بها ..
تعرف ثورة روج آفا أيضاً بثورة المرأة. كيف تقيمون الدور الطليعي والريادي للمرأة الكردية التي اكتسبت مكانة خاصة ضمن الأوساط العالمية ولقي نضالها صدى واسعاً؟
لا يمكن اليوم لثورة في الشرق الأوسط أن تتم دون أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية دور المرأة فيها من منطلق الأساس، لأن المرأة هي جوهر الثورة الحقيقي فالنضال من أجل التحرر سمة من سمات تحرر المرأة، وما كسبته المرأة في ثورة روجآفا يعود لحقيقة المرأة ذاتها، فهي بجوهرها ثورة، وحينما كسرت المرأة تلك القيود التي كُبلت بها حريتها أعادت الثورة إلى مسارها الحقيقي فبالمرأة يمكن تحرير المجتمع دون تردد، وما لعبته المرأة في روج آفا سيكون بمثابة إلهام لجميع نساء العالم، على المرأة التصدي لجميع القوى والأفكار التي تريد النيل من دورها، وتشويه حقيقتها كمناضلة من أجل الحرية ومن أجل جميع نساء العالم .
تزامن الإعلان عن مشروع الفدرالية لروج آفا- شمال سوريا مع موعد انعقاد مؤتمر جنيف 3؛ اعتبر البعض أن الإعلان عن هذا المشروع في هذه الفترة رد على عدم دعوة الكرد إلى هذه المباحثات. إلا أن التحضير لهذا المشروع كان
يتم منذ فترة؟ ما هو تعليقكم على هذا؟
نحن في الأساس نجد أنفسنا ضمن فريق الحل في سوريا وتهمنا تفاصيله على الرغم من استبعادنا الظاهري عنه؛ يعنينا مثل هذا الأمر لأننا بصريح العبارة مؤسسون له وبجميع أساسياته وخاصة ما يتعلق بمحاربة الإرهاب وبالتغيير الديمقراطي والانتقال السياسي، وانتقدنا كثيراً رضوخ بعض القوى لتركيا التي عملت على منعنا من المشاركة في الجولات التفاوضية، وما زلنا نرى بأننا سنكون جزءاً مهماً جداً في معادلة الحل في سورية، لذا إعلان الفيدرالية ليس رداً على مؤتمر جنيف فنحن نسعى إلى الآن إلى المشاركة لأننا نحمل مشروع حل، وما الفيدرالية سوى أحد المشاريع التي ستساهم في تحويل مسار الحل في سورية. الفرق بيننا وبين الغير أننا نحمل مشروعاً ونطالب بإشراكنا على أساس التفاوض وبالمقابل نحن نحاول تغيير مسار الأمور إلى خدمة الشعب السوري عموماً ولدينا القدرة على التحكم بالجغرافيا التي نديرها على أساس الحل العام في سوريا.
كما هو معلوم لم تتوصل الأطراف المشاركة في هذه المباحثات إلى أي اتفاق خلال الجولة الأولى ولا الثانية إلا أن النظام أراد الاستفادة من الفترة الفاصلة بين الجولة الأولى والجولة الثانية من المباحثات حيث زادت من استهدافها لمواقع عدة لمن تسمي نفسها بالمعارضة، ودفعت بالأطراف الأخرى المشاركة بالمباحثات إلى الانسحاب منها. كيف تحللون هذا ؟
نحن ندرك أن أي استبعاد لنا هو حكم مسبق على عدم نجاح أطراف التفاوض والعديد من الدول الراعية تعي هذا
الأمر، والمعارضة التي تذهب إلى التفاوض تعمل على تقديم خدمة مجانية للنظام من خلال إكسابه الوقت وتبرهن على أنها هشة وضعيفة وغير قادرة على وضع حد لحالة الفوضى في سوريا، فلا بد للمعارضة من إدراك هذه الحقيقة خاصة أنها غير قادرة على إلزام أي من أطراف الصراع من الفصائل المقاتلة على الالتزام بالحل الصادر عن جنيف مثلا؛ وهذه النقطة لها أهمية بالغة، والنظام يحاول أن يقدم نفسه على أنه حريص على الحل من خلال المشاركة في المفاوضات ويريد القول بأن المعارضة غير شرعية وغير قادرة على التعاون مثلا.. ومع كل هذا يستمر النظام بمخططه ويحاول تقويض الحل لصالحه بأي حال من الأحوال.
بالتزامن مع انسحاب الائتلاف من هذه المباحثات قام النظام بعملية استفزازية في مدينة قامشلو أسفرت عن حدوث اشتباكات استمرت لمدة يومين. وبعدها قامت بقصف حي الشيخ مقصود أيضاً. ما هو هدف النظام من هذه المقاربات؟
كلما قامت المعارضة بالبرهان عن ضعفها دولياً سيزيد النظام من التصعيد، هذا بالنسبة لنظرة النظام للمعارضات الأخرى، وما حصل في قامشلو كان نوعاً من جس النبض لشارعنا من خلال بعض الفصائل الموالية له، ولكنه في الحقيقة صُعق بحقيقة الشارع مع أنه كان يحس بها تماماً، وما مقاومة قامشلو على مدار الأيام الثلاثة سوى برهان قاطع على أنه ليس بمقدور النظام العبث بأي شكل من الأشكال بآليات تنظيم مجتمعنا، أما فيما يتعلق بقصف حي الشيخ مقصود فهو حالة طبيعية لنظام برهن بالأساس عن إفلاسه الحقيقي في خدمة الشعب السوري، ولم يساهم حتى الآن سوى في القتل والتدمير والقصف.
بعض التحليلات تشير إلى أن الصمت أمام استهداف الشعب الكردي في كل من باكور وروج آفا يوضح بأن القوى الدولية اتفقت على فرض إبادة على الكرد وأنهم يقومون باستخدام الكرد بشكل يخدم مصالحهم فقط. ماهي استعدادات وتحضيرات الشعب الكردي لإفشال مشروع كهذا؟ أو ما هو الواجب عليهم القيام به كي يتم إفشال مشروع وخطر كهذا؟
القوى العالمية تدرك تماماً حقيقة دور الكرد في الظروف الأخيرة التي حصلت، والكرد حينما قاموا بتنظيم صفوفهم وقاموا بثورتهم التي تنادي بالحقوق الطبيعية لشعب تعرض على مدار التاريخ لقمع الأنظمة المركزية أكدوا على أن دورهم في الشرق الأوسط يتعدى دور التابع، فحقيقة التنظيم والالتفاف حول المؤسسات ساهم في تعزيز دور الكرد إقليمياً، وكان قهرهم، بالتعاون مع حلفائهم المحليين، للإرهاب الممتد من أقصى أوربا إلى مشارف الشرق تأكيداً واضحاً على أنهم باتوا الرقم الأصعب في المعادلة والسياسات الدولية والإقليمية. فجوهر الحماية الذاتية وآليات التنظيم الاجتماعي والسعي لبناء مجتمع حر هو رد واضح وصريح على الطموحات التي من شأنها تقويض دور الكرد.
في الآونة الأخيرة وبعد قيام جيش الثوار ووحدات حماية الشعب بكسر هجوم للمرتزقة في عين دقنة تداولت العديد من الأطراف سيناريو حلب ومفاده تسليم مدينة حلب للنظام وتوحيد كافة المجاميع المسلحة الإرهابية معاً لمهاجمة منطقة عفرين. ما هو تعليقكم على هذا؟
الأنظمة التي تصر على عداء أي حل ديمقراطي للقضية الكردية ستجرب ما ملكت أيمانها من أوراق وهي مستعدة
للتنازل لبعضها ولغيرها من القوى الدولية والإقليمية بهدف القضاء على أي حل أو أي شكل أو نموذج ديمقراطي للحل كما في حال النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا- شمال سوريا، ووفق ذلك فإن سؤالكم لا يمكن استبعاده ويمكن أن يكون مطروحاً بقوة على طاولة اللقاءات في الغرف المظلمة والتي يتشارك فيها بعض من )أكراد النصرة(؛ مثال ذلك الذين نُكِس علمهم وتم الدوس عليه من قبل المجموعات الإرهابية مرتين: مرة في سري كانيه/ رأس العين قبل أربع سنوات، ومرة قبل عدة أيام في تظاهرة لهم في ميونيخ. ومثال ذلك أيضاً بعض الذين ذرفوا دموع التماسيح على من هاجموا عين دقنه وعفرين ولقوا مصيرهم الحتمي. قد يكون ذلك مطروحاً لكن السؤال يكمن في؛ هل تنجح المؤامرة؟ بالتأكيد لا؛ فمن المؤكد بأنهم لم يقرؤوا ما هي المقاومة الشعبية وحقيقة الشعب الثوري الذي تم استنباته طيلة هذه الأعوام.
ماهي كلمتكم الأخيرة التي تودون توجيهها إلى شعب روج آفا من جميع المكونات بخصوص ثورة روج آفا والإعلان عن نظام الإدارة الديمقراطية والمقاومة العظيمة التي يتم إبداؤها في كل من الشيخ مقصود وقامشلو وعموم روج آفا؟
نحيي دائماً شهداءنا من جميع المكونات، كما نحيي روح المقاومة والثورة في هذا الشعب الذي صبر وصابر على محن الحياة المترافقة مع ما نعيشه ونصبو إليه، والذين يدركون بأن تحقيق الحرية ليس رحلة إنما المضي قدماً في حقول من الألغام. نحيي من يدرك ذلك ونحيي أكثر من يدرك بأن أصعب المهام هي بناء الأوطان. كما نتوجه إلى الشعب بأن يعلم حقيقة أننا نقترب يومياً من الحرية التي حلم بها كل شهيد وهو يدافع عنها، والاقتراب من الحرية متوقف على التحام الشعب واحتضانه لنهج المقاومة والكرامة؛ كما في كل التجارب التاريخية من حرية الأوطان. وأخيراً نموذج النظام الفيدرالي الديمقراطي هو الحل الأمثل وهو أساس التغيير الديمقراطي والتحول القويم. ختاماً لا يسعنا إلا أن نتمنى لكم دوام الصحة والعافية والتوفيق، على أن يستمر تواصلنا في قادم الأيام.[1]