الفيدرالية جزء من الحل المرحلي
#بير رستم# (أحمد مصطفى)
باتت قضية الفيدرالية إحدى أكثر المواضيع الجدلية في واقعنا السياسي والثقافي وضمن حلقة النقاش فقد كتبت، كما الآخرين، عدداً من المقالات بخصوص الموضوع وكانت آخرها مقالتي المعنونة ب”النظام الفيدرالي جزء من ثقافة المرحلة التاريخية” وقد كتب أحد الأصدقاء تعليقاً حول الموضوع يقول فيه؛ “مقال جميل ماموستا، ولكن لدي سؤال إن اذنت لي: هل التطور الفكري سابق على الديموقراطية أم أن الديموقراطية سابقة عليه؟ وهل فكر الشعوب العربية والإسلامية ومن ضمنهم الشعب الكوردي ووصل فكرهم إلى مستوى تبني النظام الفدرالي؟ ونحن نعلم أن النظام الفدرالي قائم على التعددية الثقافية.. لك كل الود ماموستا”.
بدايةً أشكر الصديق على إشادته الطيبة وكذلك لطرحه السؤال .. وجواباً عليه يمكننا القول: بكل تأكيد لا يمكن إستيراد ديمقراطيات جاهزة من خلال فكر سياسي نخبوي لنخب ثقافية إجتماعية، كما لا يعقل أن يقدم كل مجتمع نموذجه الفريد والمتميز كلياً وبحيث يمر كل مجتمع وبالضرورة بكل المنعطفات التاريخية، كي يقدم نموذجه الديمقراطي الخاص به وبدون التأثر بغيرها من التجارب .. بمعنى أن العلاقة بين التطور الفكري والمجتمعي (الديمقراطي) هي علاقة جدلية؛ علاقة تأثر وتأثير وذلك ضمن سلسلة تطورية حضارية للمجتمعات البشرية، لكن يمكن أن تتمايز ببعض الخصوصيات الثقافية لكل بيئة إجتماعية.
أما بخصوص الشق الثاني من السؤال؛ “هل فكر الشعوب العربية والإسلامية ومن ضمنهم الشعب الكوردي وصل _فكرهم_ إلى مستوى تبني النظام الفدرالي؟”. فأعتقد ورغم الواقع الإجتماعي والثقافي المتأزم للمنطقة ولمجتمعاتنا الشرقية عموماً؛ بأن قضية الفيدرالية باتت حاجة ومطلب ضروري لحل الإشكاليات والأزمات السياسية وإن كانت ثقافة مجتمعاتنا ما زالت قاصرة عن تبني مشروع حضاري وطني تحت مفاهيمية الدولة الفيدرالية، لكن رغم ذلك فإن مجتمعاتنا بحاجة للمشروع للخروج من مجموعة الأزمات السياسية والثقافية التي تعاني منها وإنها مع التجربة سوف تطور فكرها الحضاري بخصوص موضوعات مثل الفيدرالية والديمقراطية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة؛ هل ستكون الفيدرالية هي نهاية السياسة _”نهاية التاريخ”_ إنني يمكنني (التأكيد) من منطلق قناعاتي الفكرية التي ترفض اليقينيات والنهائيات الكلية بان أقول؛ لا نهاية للتاريخ حيث الفكر الإنساني سيكون دائماً قادراً على الإبداع وإنتاج الأكثر رقياً وحضارة مدنية، لكن أعتقد بأن النموذج الفيدرالي يعتبر هو أفضل الحلول السياسية مرحلياً وذلك لأسباب عدة مجتمعية ثقافية سياسية حيث التنوع الثقافي الإثني والتداخل المجتمعي الجغرافي والتنافر العقائدي السياسي يدفعنا كمجتمعات وبلدان المنطقة _على الأخص البلدان التي تغتصب كوردستان_ إلى طرح مسألة الفيدرالية للخروج من مجموعة الإشكاليات والأزمات الحالية، كأفضل صيغة يمكن التوافق عليها وتلبية متطلبات وحقوق مختلف المكونات المجتمعية لهذه الدول والمجتمعات.[1]