أحمد شيخو
تحدث الكاتب والباحث السياسي أحمد شيخو خلال مقال له عن تكتيكات السلطة الفاشية التركية وحربها وجرائمها للبقاء في الحكم، واستهلاك أردوغان لموارد تركيا واقتصادها في الحروب الكثيرة للحفاظ على مستقبله ووجوده.
تم جلب حزب العدالة والتنمية الإخواني منذ عام 2002 إلى سدة الحكم في تركيا وفق مسارات وآليات وأهداف معينة من قبل حلف الناتو والمنظومة الغربية، كأحد أهم أفرع الإسلام السياسي الذي تم التمهيد له في تركيا والمنطقة بعد عام 1979 عقب دخول الاتحاد السوفيتي لأفغانستان ووصول الشيعة القومية في إيران إلى سدة الحكم بعد اختطاف الثورة الإيرانية من قبل رجالات الدين السلطويين.
وتم دعم وصول العدالة والتنمية وأردوغان وتمكينه من قبل ما يسمى المجتمع الدولي أو الدولتي أو نظام الهيمنة العالمية ومؤسساته المختلفة كصندوق النقد الدولي إلى جانب مباركة النفوذ اليهودي المؤثر في الخريطة الاستراتيجية الدولية لوصول أردوغان وحزبه لحكم تركيا كسلطة دولتية أداتية بعيدة عن المجتمعات والشعوب وإرادتهم الحرة في تركيا رغم الديمقراطية التمثيلية الشكلية التي تم إمرار عملية الجلب والوصول عبرها وفيها.
تم تسويق أردوغان وحزب العدالة والتنمية داخلياً عبر جانبين:
1- ما تم تسميته بالانفتاح الديمقراطي أو حل القضية الكردية كونها القضية المركزية والأساسية في تركيا وتحقيق الاستقرار والتنمية مرتبط بها، لكن لا شيء تم سوى تمضية الوقت وإدارة الأزمة وتأجيل البت الحقيقي القضية والتمويه ومحاولة الخداع والتضليل ببعض الإجراءات والأمور الشكلية التي لا تعني شيء لقضية شعب وأمة وجغرافية محتلة.
2- بعض الانجازات الاقتصادية المرحلية والمؤقتة في تركيا و التي كانت تفتقد الذاتية الاقتصادية لشعوب ومجتمعات تركيا ومدعومة من أقطاب الهيمنة العالمية لتمكين العدالة والتنمية فقط، كأحد النماذج المرادة والمضللة المقدمة للداخل التركي والتي تحقق أهداف النظام الرأسمالي العالمي في تركيا و المنطقة بعد الأزمة الاقتصادية قبل وصول العدالة والتنمية للحكم وبعده، مع استهلاك أردوغان وحزبه لموارد تركيا واقتصادها في الحروب الكثيرة التي ربط أردوغان وحزبه والتحالف السلطوي الفاشي الحكومي الحالي مستقبلهم ووجوده في الحكم والسلطة بهذه الحروب ونتائجها.
وكذلك تم تصدير أردوغان وحزبه للإقليم والمنطقة وشعوبها من عدة جوانب منها:
1- كنموذج وموديل للإسلام السياسي المرن والناجح بين الشعوب والدول الإسلامية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا والمنطقة بشكل عام والقادر على حل القضايا الوطنية ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
2- نظرية صفر مشاكل مع دول الجوار التي تشدق بها أقطاب ومنظري العدالة والتنمية كأحمد داوود أوغلو وعبدالله غول وغيره ، وغالبيتهم الآن انشقوا عن أردوغان وحزبه وشكلوا أحزاب معارضة لأردوغان وينتقدونه يومياً، حتى أصبح أردوغان يصفهم بالخونة وقلة القيمة والحضور السياسي وأنهم كانوا لا شيء و أنه هو الذي أعطى القيمة والمكانة لهم بالعمل لجانبه.
3- مقاربة أردوغان والعدالة والتنمية واستغلالهم للقضية الفلسطينية العادلة والمهمة للشعوب العربية والمسلمة، والتلاعب بمشاعر الشعوب العربية والمسلمة وتوظيفها لأجندات السلطة التركية ومشاريعها والنفوذ التركي في الإقليم دون أي مساعدة وتحرك حقيقي مساند للشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة، بل وحدوث تزايد في ميزان التبادل التجاري والعسكري.
4- أردوغان العمدة ورئيس البلدية وصاحب الخبرة الدولتية والمؤسساتية في بلدية إسطنبول والمناضل الذي قاوم، وكان في السجون عندما تم إيصال حزب العدالة والتنمية للحكم، وفي هذا صنع مصطنع لبطل خيالي للبعد التصوري في عقل المنطقة الوهمي الاسلاموي الغيبي الكاذب.
لكن ما الذي حصل مع وصول أردوغان وحزبه كأدوات وظيفية مرحلية للهيمنة العالمية إلى الحكم وتمكنهم من الحكم وتمرسهم فيه وتقوية شوكتهم، لقد تبين أن ما تم تسميته بالانفتاح الديمقراطي لم يكن سوى كذبة ووسيلة خداع لتضليل الناس والمجتمعات داخل تركيا وخارجها، فلقد استمرت حرب الإبادة الجماعية الفريدة التي تشنها دولة الاحتلال التركية على الشعب الكردي في شمال كردستان(جنوب شرق تركيا) وتركيا بوتيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الدولة وما تسمى الجمهورية التركية، وبل تمددت وتوسعت هذه الحرب إلى جنوب كردستان(إقليم كردستان العراق) وروج آفا (شمالي سوريا) بشكل احتلالي غير مسبوق ويتم استخدام كل أنواع الاسلحة ومنها الأسلحة النووية التكتيكية والكيماوية، رغم أن الجانب الكردي بقيادة القائد أوجلان أوقف إطلاق النار للبدء بالحل السياسي والديمقراطي مرات عديدة لكن أردوغان وحزب العدالة والتنمية لا يتبعون سوى الحل الأمني والعسكري ولم يأخذوا فترات وقف إطلاق النار سوى لتقوية القواعد العسكرية و ما يسمى حراس القرى (القرجيون) المليشيات العملية لدولة الاحتلال التركي في المناطق الكردية في شمال كردستان.
نظام الرجل الواحد:
و الأسوأ أن أردوغان قام بتحويل النظام البرلماني والدستور التركي العنصري والفاشي بالأصل الموجود منذ انقلاب 1980 إلى شكل أسوأ وأكثر مركزية وأقذر بتحويله إلى نظام الرجل الواحد و النظام الرئاسي المركزي على مقاسه ومقاس أتباعه من حزب العدالة والتنمية، وأنهى بذلك قاعدة فصل السلطات المعتادة والموجودة لمستويات معينة حتى أصبحت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كلها تسبح وتشكر بحمد الرئيس طيب أردوغان أو ما يحب مريديه واتباعه السلطان والخليفة أردوغان، الذي سيطر عليه هوس وكذبة السلطان الجديد و إمكانية إحياء الإمبراطورية العثمانية عبر مشروعه العثمانية الجديدة الذي يستهدف به شعوب ودول المنطقة وخاصة الشعبين الكردي والعربي والدول العربية، حتى أوجد عدد من الحراس مثل الذي كان أيام السلاطين العثمانيين واستعرض بهم في مشهد هزلي مسرحي يعبر عن تضخم الأنا التركية الطورانية وكمية من الاستعلاء والتكبر على الآخرين من غير الأتراك.
الفشل الاقتصادي:
أما التصورات الاقتصادية والإنجازات وإمكانيات الاستفادة المثلى لموارد تركيا لأجل الشعب التركي فلم يحصل رغم جملة من التغييرات في الوزراء والحكومات، بل وأنه مع نظام الرجل الواحد لأردوغان وبعد سنوات تحول الاقتصاد التركي إلى قائمة أسوأ اقتصادات العالم، وانهارت الليرة التركية فاقدة أكثر من 40% من قيمتها علاوة على التضخم الذي تجاوز 70% والديون الخارجية التي وصلت لأكثر من نصف تريليون دولار، إضافة إلى أزمة الطاقة والكهرباء ونسبة البطالة الكبيرة والتدهور في معظم القطاعات الاساسية الاقتصادية.
استغلال القضية الفلسطينية وعلاقات تركيا مع إسرائيل:
استغل أردوغان القضية الفلسطينية كما استغل الدين الإسلامي والمذهبية السنية، ففي الأولى قدم بعض الحركات البهلوانية والمسرحيات كما في مؤتمر دافوس وإرسال سفينة الحرية وانخدع به بعض البسطاء والحمقى وروجها حركات الإسلام السياسي، لكن حتى هذه لم تستمر، فالعلاقات التركية-الإسرائيلية راسخة يشهد عليها اعتراف تركيا كأولى دولة مسلمة علناً بإسرائيل بعد 8 دقائق من إعلان إسرائيل في 1948 وهما عضوان في الناتو ولهما برنامج تعاون عسكري وأمني واقتصادي دوري طويل مستمر، حتى أن رئيس وزراء إسرائيل قال إن أردوغان كل يوم يهددنا ويهاجمنا على الإعلام مرتين و لكن حركة الطائرات بيننا والتجارة تزداد اضعافاً مضاعفة كل أسبوع، علاوة على أن الطائرات الإسرائيلية التي قصفت وتقصف الشعب الفلسطيني وفصائله تتدرب في الأجواء التركية، التي جلب السلطان بعض قيادات الفصائل الإسلامية والفلسطينية إليها لاستعمالهم كأوراق وأدوات ضغط ونفوذ عند اللزوم، وها هو أردوغان وتركيا ومعها إسرائيل يعلنون العودة الكاملة للعلاقات الدبلوماسية، علماً أنه لم يكن هناك قطع أو توقيف، بل بعض المناكفات البسيطة والمسرحيات اللازمة لتصديره للعالم العربي والإسلامي والداخل التركي، والآن بعد اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل والدول العربية و منتدى غاز الشرق المتوسط ولأجل مزيد من الاستثمارات ولكي لا تبقى تركيا خارج المعادلات الجديدة، هرول السلطان المعتوه إلى بيت الطاعة والأحضان الصهيونية الذي لم يخرج منه أبداً، والملفت أن بعض الأطراف الفلسطينية ومنها ما تسمى حماس الإخوانية وهي إحدى أوراق أردوغان ومناديله للاستعمال، تبارك التطبيع الكامل للعلاقات تلك وتعتبره انتصار للشعب الفلسطيني، ربما لأن حماس أولوياتها خارجية وليست فلسطينية وهي نفسها ورشة عمل وأداة وظيفية مشتركة بين تركيا وإسرائيل في جسد الشعب الفلسطيني ونضاله العادل، مثلما التزمت الصمت المتواطئ مؤخراً مع تجدد الاشتباكات بين إسرائيل و ما تسمى حركة الجهاد الفلسطيني ذات الأولوية الخارجية أيضاً .
من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء:
ونظرية صفر مشاكل، كانت من أكبر خدع أردوغان وحزبه التي تحولت لصفر أصدقاء و مئات وملايين المشاكل والقضايا مع الشعوب والدول المجاورة، ولكن العتب واللوم لمن صدق هذه النظرية من شعوب ودول ونخب المنطقة، فكيف لدولة فاشية دكتاتورية تنكر وجود وحقوق حوالي 33% من سكانها والبالغين لأكثر من 25 مليون من سكانها الكرد وتحتل أرضهم وتخوض حرب إبادة ضدهم لتصفيتهم وتتريكهم وإلحاقهم بالقومية الدولتية التركية وتسجن قائدهم القائد عبدالله أوجلان لأكثر من 24 سنة وتفرض عليه العزلة والتجريد المطلق، كيف لها أن تكون صاحبة نظرية صفر مشاكل مع الجوار فمن لديه مشاكل داخلية وحروب ظالمة وجرائم ضد الإنسانية ومشاكل متراكمة غير محلولة ولها ألف ومليون مشكلة داخلية وتمارس الإرهاب ضد شعبها، كيف يمكن أن يمتلك القدرة ويكون صحيحاً وجاداً في طرحها صفر مشاكل مع الجوار، الذي تبدد بسرعة وتحول لصفر اصدقاء في الجوار والعالم. إلا من كان يستخدم أردوغان وحزبه من أقطاب الهيمنة العالمية أو من يستعمله ويستخدمهم أردوغان وحزبه من الحركات الإخوانية ومشتقاتهم القاعدية الداعشية وبعض التيارات الليبرالية المصلحية ذات الوجوه المتعددة والجهات المتواطئة مع تركيا كحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يشرعن ويشارك ويسهل كل تحركات تركيا ضد الشعب الكردي وشعوب المنطقة.
دعم تركيا لداعش:
أما حالة الإسلام المرن والنموذج المعتدل الناجح والقادر على حفظ إرث الإسلام وموروثه وقيمه والتعامل والتعاون مع الغرب كنموذج للشعوب والدول المسلمة، تبين بفترة قصير وخاصة مع الربيع أو الخريف العربي أنه لا يفرق على الإسلام المتشدد و الراديكالي، بل أن حزب العدالة والتنمية هو ليس بمعتدل وليس بمرن وليس له علاقة بقيم الإسلام وأخلاقياته فهو استمرار وامتداد للإخوان الإرهابيين نفسه وأن الحالة الإسلامية السياسية التركية من أخطر حالات الإسلام السياسي في المنطقة كونه تركيا عضوة في الناتو وكونها اقامت علاقات عضوية مع داعش والقاعدة المهددين للأمن والسلم الدوليين، ولعل ترابط وعلاقات تركيا مع داعش في سوريا والعراق وحماية تركيا لقادة الدواعش في مناطق احتلالها في شمالي سوريا وكذلك احتضان تركيا لمجمل حركات الإخوان من دول المنطقة وتدريبهم في أكاديميات وبرامج خاصة للتجنيد والاستخبارات والاغتيالات إضافة إلى التدريبات العسكرية ومحاولة التدخل عبرهم ومن خلالهم تقويتهم وتمكينهم في زعزعة الاستقرار والأمن في دول المنطقة واستخدامهم كأدوات وجيوش مرتزقة إنكشاريين وتحضير الظروف لمشروعها العثمانية الجديدة. وعليه فشل نموذج أردوغان وحزب العدالة والتنمية ما تم تسميته بالإسلام المرن فهو حلقة في الإرهاب وعدم الاستقرار ووجودهم في السلطة وحلقي اللحى وبأطقم وبدلات رسمية وربطات عنق لا يجعلهم يفرقهم إلا شكلياً ولكن الممارسات والسلوك والذهنية والعقلية هي نفسه لكل حالات الإسلام السياسي و ما الإسلام السياسي المرن والداعشي سوى وجهان لعملة واحدة ومكملان لبعضهم من حيث النفاق والإرهاب والبعد عن جوهر الإسلام وقيمه الأخلاقية العالية ومجتمعيته الديمقراطية.
هزيمة مرشح أردوغان لبلدية اسطنبول:
أما أردوغان العمدة ورئيس البلدية وصاحب الخبرة المؤسساتية فلم يظهر إلا في الجانب السيئ وكيفية سرقة ونهب موارد الدولة والشعب الذي ظهر وهو يقول لأبنه في أحد التسريبات عن جمع الأموال واخفاء ذلك وفي تصفية المؤسسات والعمل الجماعي والبرلماني عندما حول نفسه للحاكم الأوحد والوحيد لتركيا وأما الأردوغان المناضل والذي خرج من السجن فلم يكن سوى خدعة وتضليل لإكمال الصورة فهو الذي يفرض أشد وسائل التعذيب والقتل في السجون حتى أنه لا يسمح للذين قضوا حكمهم فرأيه كل كردي حر أو مخالف مكانه إما السجن أو القبر كما حالة إبراهيم يلدرم و محمد جان بولات، بالإضافة إلى فرضه التجريد والعزلة منذ 2011 على القائد عبدالله أوجلان في سابقة تجاوزت كل الحكومات التركية السابقة وكأن أردوغان ووجوده لفترة في السجن جعلته ينتقم من السجناء بدل السجان والسلطات وهذه علامات نفاق وازدواجية كبيرة في نفسية وفهم أردوغان القاصر وسلوكه المضطرب والموتور. ولعل هزيمة مرشح أردوغان في انتخابات بلدية اسطنبول وأنقرة وأزمير رغم الإعادة أنهى تصور أردوغان وحزبه القوي والقادم من بلدية اسطنبول وتلك الهالة الكبيرة فالشعب التركي قال لا لوجود أردوغان وحزبه مرة أخرى في بلدية اسطنبول والكثير من المدن وفي هذه رسالة لانتهاء أردوغان وقصف لأردوغان العمدة ورئيس البلدية والمؤسساتية والخبرة التي لم تسعف اردوغان سوى حوالي 17 سنة لخداع وتضليل الأتراك والشعوب الموجودة في اسطنبول وتركيا.
التركيب الفاشي العنصري للسلطة:
والأخطر منذ 2015 تحولت السلطة التركية وتحالف العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية التركية، إلى تركيب فاشي عنصري من ثنائية إرهابية من الفاشية القومية التركياتية والإسلام السياسي. وبعد 2016 ومع الانقلاب المزعوم الذي كان أردوغان على علم به من قبل المخابرات الروسية، أطاح أردوغان بغالبية المخالفين والمعارضين له ولسياسات حزبه من مؤسسات الدولة والجيش والأمن ومع نظام الرجل الواحد لم يبقى شيء لم يتحكم به أردوغان فعلياً حتى الإعلام والصحافة والقضاء وكذلك الفضاء الإلكتروني أصبح مراقب ومرصود و من يكتب بوست أو عبارة أو يقول رأي مخالف ومعارض يتم اتهامه بالإرهاب وانه يوالي ويناصر جماعات وأحزاب لا يرضى عنه أردوغان فيتم وصمهم ووصفهم بالإرهاب على هوى السلطان المتعجرف المتكبر، علماً أن أكثر من يتعامل ويدعم الإرهابيين ويحميهم هو أردوغان وحزبه سواء داخل تركيا أو في المناطق المحتلة في سوريا التي تحولت لإمارات للقاعدة ومرتع لقادة داعش بالتنسيق مع الجيش والاستخبارات التركية.
حملات الإبادة الجماعية بحق الشعب الكردي وشعوب المنطقة:
وفي 2015 وبعد هزيمة #داعش# في كوباني وقيام العلاقة بين المجتمع والقوات العسكرية في روج أفا وحصول حزب الشعوب الديمقراطي على حوالي 80 مقعد في انتخابات البرلمان في تركيا وعدم تمكن أردوغان وحده من تشكيل الحكومة ، أدرك أردوغان حجم الحضور والنفوذ الكردي الديمقراطي المتصاعد مع شعوب تركيا والمنطقة والذي سيزداد في حال استمرار وقف إطلاق النار فبادر إلى إنهاء وقف إطلاق النار والحوار الذي كان موجود مع القائد آبو و تصفية مطابقة دولما بهجلي والبدء بحرب الإبادة الجماعية الفردية مرة أخرى أشد ضراوة وقسوة وجرمً، فتم تهديم وتخريب حوالي 20 مدينة وناحية منها سور آمد ونصيبين وجزيرا وكفر وشرناخ وغيرهم وقتل المدنيين والشباب الكرد المنتفضين بحرقهم بالغاز في مدينة جزيرا كمثال وترك جثة الأم الكردية تايبت لمدة أسبوع في شوارع مدينة ومنع المدنيين من دفنها علاوة على مئات الحالات بل الآلاف من تجاوز القانون وممارسة القتل العمد وإرهاب الدولة، كما فعلتها عبر الدفع بداعشي متعاون مع الاستخبارات التركية لتفجير نفسه في تظاهرة لمؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي في أنقرة وشهادة أكثر من 126 شخص وجرح أكثر من 500 شخص عام 2015 إضافة إلى استشهاد حوالي 33 من الشباب الاشتراكيين في مدينة سروج، الذي كانوا يودون إيصال مساعدات لأطفال كوباني أثناء مقاومة كوباني لداعش.
وتدخلت تركيا عام 2016 في سوريا في ذكرى معركة مرج دابق التاريخية 24 آب\أغسطس وفي هذه رسالة لمن يفهم التاريخ وربطه بالحاضر واستحضاره واحتلت جرابلس وتدخلت بعضها وتوغلها مستفيدة من وجودها في الناتو وعلاقاتها المرحلية المتزايدة مع روسيا بعد أن اشترت تركيا أول مرة في تاريخها وكأول دولة في الناتو منظومة الصواريخ S-400من روسيا. بالإضافة إلى توغلاتها واقامة القواعد العسكرية والأمنية واحتلالها لمناطق في جنوب كردستان (إقليم كردستان العراق) واستخدامها الأسلحة المحرمة والمحظرة دولياً ضد مقاتلي الكريلا والمدنيين وقصفها لشنكال ومخمور بالتواطؤ ومشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني وبتوافق وصمت من القوى المركزية في نظام الهيمنة العالمي كأمريكا والاتحاد الأوربي وغيرهم ومدهم تركيا بالأسلحة والتقنيات الحديثة وتكنولوجيا المسيّرات.
حرب البقاء في الحكم:
تحاول حكومة الحرب الخاصة حكومة أردوغان وبهجلي البقاء في الحكم بشتى الوسائل والطرق والتنازلات التكتيكية المرحلية، فالخوف الشديد من الهزيمة يسيطر عليهم بسبب المؤشرات التي أفرزتها انتخابات البلدية وهزيمتهم في إسطنبول وأزمير وأنقرة، كبرى مدى تركيا بسبب الكتلة الانتخابية الكردية و#حزب الشعوب الديمقراطي# الذي قال كلمته ولذلك تحاول السلطة التركية الانتقام منهم عبر عزل رؤساء البلديات واعتقال وسجن أعضاء الحزب والعمل لإغلاقه.
تحاول السلطة التركية التحضر للانتخابات والعمل على رفع زيادة شعبيتها باي شكل من الأشكال و في الدرجة الأولى يأتي تحقيق اي انتصار عسكري على الشعب الكردي وقوات دفاعه في سوريا أو العراق وداخل تركيا واحتلال أرضهم وتهجير سكانهم وقتلهم، وفق العقلية الفاشية التركية التي ترى بقاء الدولة ودوامها بقتل الكرد وإبادتهم ومنع حريتهم وحقوقهم في أي مكان من العالم، ولكن هذا المسعى لم يتحقق رغم الدعم الدولي والصمت من القوى العالمية والإقليمية ورغم استعمال تركيا للأسلحة النووية التكتيكة والكيميائية في حربها ضد الكريلا وحزب العمال الكردستاني في مناطق الدفاع المشروع في زاب وأفاشين ومتينا، بسبب بسالة وشجاعة وشهادة أبناء وبنات الشعب الكردي ضمن صفوف قوات الدفاع الشعبي الذين يخوضون مقاومة لامثيل لها في التاريخ البشري وبإرادة حرة وروح عظيمة أمام كل تقنيات الناتو والأسلحة المقدمة للجيش التركي، لحماية الشعب الكردي وشعوب المنطقة ضد دولة الاحتلال التركي الفاشي ومشروعها العثمانية الجديدة المستهدف لكل المنطقة وشعوبها ودولها.
وفي روج آفا وسوريا لم تتوقف يوماً الهجمات التركية ضد الشعب الكردي وشعوب المنطقة ومكوناتها وفي حالة عدم موافقة الدول المتدخلة بالشأن السوري في اجتياحات تركية جديدة، فإنها تلجأ لأساليب جبانة وقذرة من الجرائم والاغتيالات والقصف بالطائرات المسيّرة والقصف وبث الفتنة والفرقة ومحاولات إضعاف الجبهة الداخلية وتأليب المكونات والشعوب وقتل المدنيين والأطفال وتخويفهم لترك قراهم ومدنهم كما تفعلها الآن في مناطق الشهباء ومنبج وكوباني وعين عيسى وتل تمر وعامودا الدرباسية وقامشلو وتربه سبيه وغيرها.
المناورات والاستدارات التكتيكية:
ولكون الحرب التي تخوضها ضد الشعب الكردي وشعوب المنطقة والتدخلات في الدول العربية ودعم الإرهابيين لم تعد وحدها تكفي السلطة التركية لتكون قادرة على الفوز بالسلطة في الانتخابات القادمة إن حصلت فأنها تذهب إلى بعض المناورات والتكتيكات لإضعاف ما تسمى المعارضة التركية التي تطالب بالسلطة بدلاً عنه والتي ربما لا تختلف كثيراً عنه في كثير من القضايا الأساسية، سوى حزب الشعوب الديمقراطي والتحالف الديمقراطي الذي تبنيه حيث لهم توجه مختلف لدمقرطة تركيا وحل القضايا العالقة ووقف الحرب العبثية للدولة والسلطات التركية ضد المنطقة وشعوبها داخلاً وخارجاً.
ومن هذه التكتيكات والمناورات التي تقوم بها السلطة التركية، إعطاء انطباعات وهمية و إيهام المحيط والعالم والداخل التركي إنه يقوم ببعض الاستدارات والتغيرات الجوهرية في سياساته الإقليمية والعالمية ومنها علاقاته مع الدول العربية لأخذ هذه الورقة من يد المعارضة التي تتهمه بتخريب علاقات تركيا مع المحيط والعالم العربي وكذلك للاستفادة الاقتصادية قدر الإمكان من التحسن النسبي والتكتيكي للعلاقات مع بعض الدول العربية رغم قناعة الدول العربية بنوايا أردوغان الانتخابية وعدم ثقتهم فيه لعلمهم بصعوبة إن لم يكن باستحالة تخلي أردوغان عن الأخوان وتدخلاته في دول المنطقة لبنية وماهية أردوغان وحزب العدالة والتنمية وعقيدتهم الإخوانية والإسلام السياسي وعلاقته واستفادته المادية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية من مال ونفوذ التنظيم الإخواني العالمي، حتى أن جبهة تركيا من الإخوان بات تتنافس جبهة لندن الإخوانية التاريخية، إضافة إلى تشكيل التيارات المتشددة في تركيا لكتلة مؤثرة داخل العدالة والتنمية وعليه أخذهم بعين الاعتبار مع وجود وتشكل أحزاب إسلامية منافسة .
وما قاله ويقوله وسيقوله تركيا وأردوغان وبهجلي والوزراء في تركيا حول سوريا أو الاستدارة في الملف السوري وحل الأزمة السورية وملف اللاجئين ما هو إلا تكتيكات ومناورات مرحلية لسحب ورقة اللاجئين من يد المعارضة في الانتخابات القادمة وكذلك الضغط بها على أوربا وامريكا وبالمثل على روسيا وإيران لخض النظر عن حربه وجرائمه بحق الكرد في سوريا والعراق وداخل تركيا واحتلال تركيا لمناطق الشمال السوري والعراق، واستعمال اللاجئين كمرتزقة وكأدوات لجرائمه في التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي في المناطق المحتلة في روج افا (شمالي سوريا) إضافة إلى استعمالهم كقوة في اي مشهد سياسي سوري قادم. والهدف التركي في سوريا والعراق معلوم وواضح وهو تطبيق الميثاق الملي في شماله وضم المناطق والمحافظات من حلب والرقة والحسكة إلى الموصل وكركوك إلى الدولة التركية كخطوة أولى في مشروعها العثمانية الجديدة.
أما الكلام عن ما تسمى اتفاقية أضنة الغير شرعية رغم أنها لم تتعدى كونها وثيقة وتفاهم والتي تم فرضها على النظام السوري بالأزمة الحاصلة عام 1988 والتي تتجاوز وتمس السيادة السورية وأمنها القومي والتي تمثل خيانة وطنية بالتخلي عن جزء من أراضي سوريا(لواء اسكندرون) وفتح الطريق للجيش التركي للدخول للأراضي السورية، و محاولة توسيع وتجديد تفاهم أضنة والتقارب بين النظام التركي ونظام البعث في سوريا والحض على ذلك وتقديمه كحل وطريق من قبل روسيا وإيران وكذلك الكلام من قبل البعض عن دولة للسنة وتعويم جبهة النصرة في الشمال الغربي من قبل القوى الغربية، ماهي إلا مجاراة وتوافق وتأييد مباشر أو غير مباشرة للاحتلال التركي وتمكين لها وتقسيم لسوريا و موافقة ضمنية على الممارسات التي تقوم بها تركيا ضد الشعب السوري وبكافة تكويناته من تتريك وتهجير وتهيئة الظروف للتقسيم والضم، فقبل كل شيء على دول الاحتلال التركية الانسحاب من سوريا و وقف تجاوزها السيادة ووحدة الأراضي السورية والتخلي عن دعمها للإرهابيين وحمايتها لقادة داعش والقاعدة والقبول بإرادة الشعب السوري وعدم استغلال والتلاعب باللاجئين السوريين والأزمة السورية ووقف تدخلها في المسار والتمثيل السياسي السوري.
وفي مقاربة تركيا وسياساتها الإقليمية، عليها احترام شعوب ودول المنطقة ووقف التدخل بشؤونهم ودعم جماعات الإخوان وداعش والقاعدة. وكذلك عليها عدم تهديد الاستقرار والأمن والسلام في جهاتها الأربعة فمرة تتدخل ضد الأرمن وأرمينيا ومرة تحاول التنقيب في المياه التابعة لليونان ولقبرص نتيجة احتلالها لقسم من جزيرة قبرص ومرة تدعم أوكرانيا وأخرى تجاري روسيا وتساعدها كما تساعد إيران في التهرب من العقوبات الدول وتحاول استغلالهم في الجانب الاقتصادي والسياسي والإقليمي. وهنا ايضاً للسلطة التركية أجندات مرحلية تتعلق بوجودها في الحكم وأجندات طويلة واستراتيجية تقتضي الاستدارة التكتيكية والقيام بمناورات لإخفاء أجنداتها الاستراتيجية وإظهار المرونة والتغير في التفاعل والتعامل مع الإقليم دون القيام باي إجراء حقيقي في الملفات الإقليمية والدولية التي تخص تركيا. ولعل نظرة للملفات الداخلية تبين هذا السلوك التركي المصلحي والأناني والانتهازي في بعض المراحل حتى تصل إلى بر الأمان وتحقق أهدافها. فلقد حاولت بداية وصلولها للحكم في الإصرار على مبادئ الاتحاد الأوربي والدخول فيها ولكن كان هدف أردوغان وحزبه هو قصقصة أجنحة الجيش وترويضه وعندما حصل بعض ما أرادته وفق الضوابط الأوربية التي تحد نفوذ الجيش انطلقت بعيداً وبل خالفت كل ما يقوله الاتحاد الاوربي فكم من المرات التي يقول الاتحاد الاوربي ويصدر القرارات عن المعتقلين وحقوق الإنسان في تركيا لكن تركيا لم تلقي لها بالاً، ربما لعلم السلطة التركية أن المواقف الأوربية لا تتعد النطاق الإعلامي والكلامي، بينما كل العلاقات الاقتصادية والتجارية قائمة و الأوربيين أكثر حرصاً من السلطة التركية نفسها عليها ، فكيف سوف يقبل ويرضخ أردوغان بالكلام والقرارات الأوربية الغير ملزمة الذي هو كلام وكلام وكلام فقط دون أي عقوبات أو إجراءات ملموسة وطالما ظل تقديم الاسلحة وكافة أنواع الدعم والصمت على حربها ضد الشعب الكردي وتدخلاتها في المنطقة لكونها جزء من الناتو وحليف استراتيجي مهم ، رغم الاستدارات التكتيكية أيضاً للسلطة التركية نحو روسيا و حتى إيران والصين أحياناً في حين أن تركيا الدولة والجيش والاقتصاد هو جزء من منظومة الناتو الغربية وكأنها مسموح لها التواجد والتحرك في المنطقة الرمادية طالما تستفيد منها الطرفين أو أن أيامها اصبحت معدودة و بالتالي من الجيد أن تكون في المواقف والممارسات الخطأ حتى يسهل دفعها للهاوية والتخلص منها بعد أن اصبحت عبئ وثقل على النظام الدولي والإقليمي.
النتيجة:
لكن هل يستطيع أردوغان وبهجلي وتحالفهما أي السلطوية الدولتية الفاشية التركية من الاستمرار والوجود في الحكم رغم سلوكهم المكشوف والخطر وتهديداتهم لاستقرار المنطقة والعالم وحروبهم وتدخلاتهم في المنطقة وعلاقاتهم المتوترة مع الإقليم وشعوبها ودولهم والدول المركزية في نظام الهيمنة العالمية، ربما حان الوقت لكي يتم التخلص من تركيا القوة الإقليمية أو خلاص تركيا والمنطقة من أردوغان وحزبه فهم وحسب وصفة الإسلام السياسي ما هم إلا أدوات وظيفية قاموا بأدوارهم وحان التخلص منهم، لكن ربما لهم أدوار جديدة في الحرب العالمية الثالثة أو يتم تكليفهم بوظائف جديدة مع تبلور المشهد الإقليمي الجديد، وهذا يتوقف على تداعيات ونتائج حرب العالمية الثالثة والخرائط الجديدة التي ترسم وستظهر، مع العلم إرهاصات ومؤشرات تبلور المشهد الإقليمي وهندسة المنطقة دولها، تعطي وتبين مسارات إقليمية أخرى جديدة ربما تكون إحداها هي تكتل الدول العربية المحورية وإسرائيل وعلى الصعيد الفاعل المهم والجديد لابديل عن الشعب الكردي وقواته ودور و أهمية حركة حرية كردستان، لما يحملون من مشروع ديمقراطي مجتمعي حر وتشاركي وقادر على تقديم البديل والحل الأفضل لشعوب ودول المنطقة مستنداً إلى بناء المجتمع الديمقراطي وحرية المرأة والثورة البيئية كبراديغما ومنظومة فكر وعمل وجهود كبيرة وجبارة والكونفدرالية الديمقراطية لشعوب الشرق الاوسط كحالة حل ديمقراطي وحر ووحدة طوعية وتكامل كلياتي ديمقراطي للمنطقة وشعوبها بدل الهيمنة العالمية الاحتكارية والإقليمية والتقسيم والنهب الذي يمارسونه على المنطقة و شعوبها ومجتمعاتها وثرواتها و بديل المشاريع الاستعمارية كالعثمانية الجديدة والشرق الأوسط الكبير والجديد و الصفوية والشيعة القومية و غيرهم. [1]