=KTML_Bold=مقدمة م. ب. رودينكو للطبعة الروسية * لكتاب عادات الكرد وتقاليدهم=KTML_End=
الترجمة عن الروسية : د. شكرية رسول
ترك لنا البايزيدي آثاراً قيمة في غاية الأهمية والجمال، كما ترك لنا العديد من المخطوطات الأدبية، وترجم آثاراً فلكلورية عديدة من اللغتين الفارسية والتركية إلى الكردية كما كتب عدة مؤلفات عن قواعد اللغة الكردية ومنها مخطوطته “قواعد اللغة الكردية” التي اعتمد عليها الكسندر جابا في المعجم الذي الذي ألفه ونشره بعنوان “اللهجات الكردية في هكاري- راوندي”.
يعتبر بايزيدي أول من ترجم كتاب شرف خان بدليسي “شرفنامه” الى اللغة الكردية. وقد سعى هذا المؤرخ والعالم الديني والذي كان على دراية تامة بأسلوب حياة الأكراد ومعيشتهم، إلى اطلاعنا على التقاليد والعادات الكردية، فكان له ما ابتغاه في مخطوطته هذه المتداولة بين أيديكم.
أعرب القنصل الروسي في أرضروم السيد الكسندر جابا عن بالغ سعادته وسروره بعد التعرف على ملا محمود بايزيدي الذي ساعده وأفاده بإخلاص في المخطوطات، كما أنه بفضل تشجيع جابا استطاع بايزيدي جمع مخطوطاته كافة وإنقاذها من الضياع والنسيان.
لا شك أن بايزيدي كان على علاقة وثيقة مع مجتمعه الكردي، وعلى دراية تامة بأحواله في القرون الوسطى، لذلك أتحفنا بمخطوطات قيمة وفي غاية الأهمية. فلولا جهود بايزيدي وجهود جابا لما كنا لنعرف كثيراً عن الأعمال الأدبية لدى الأكراد في القرون الوسطى.
يفرد ملا محمود أحد أقسام مخطوطته هذه للتحدث عن الأحوال الاقتصادية لدى بعض القبائل الكردية المسلمة المتنقلة، وعن التجار والحراس والموظفين وعن الجوامع المبنية من قبل الحكام الأكراد الاقطاعيين وعن النظام القبلي وقوانينه، وعن العمارة والبناء واقتناء الأسلحة والجياد وعن عادات الزواج والخطبة والأعراس والختان والثأر وأوضاع المرأة، والعلاقات بين رجال الدين وباقي أفراد المجتمع.
ويفهم من خلال كتاباته أن الكردي مكرم للضيف، صبور ومضحٍ، وفارس، فيما تتميز المرأة الكردية بمراعاة العادات والتقاليد والوفاء والأخلاق الحميدة، ولا يخفي مؤلفنا استياءه من عادة سيئة منتشرة بين بعض الأكراد، وهي اللصوصية في الليل وقطع الطريق للسلب والنهب، تنتشر هذه العادة بين بعض القبائل المتنقلة بينما تنعدم بين الأكراد الحضريين وبذلك يثبت بايزيدي التناقض الموجود بين الأكراد الرحل والأكراد الحضريين ويقول بهذا الصدد : “ثمة تناقض وتنافر كبير بين الأكراد الرحل والأكراد الحضريين …. ينظر الأكراد الرحل إلى غيرهم من الحضريين على أنهم جبناء ومضرين ويعتقدون أن أطفال النساء الحضريات لا ينفعون لأي أمر ولا خير فيهم ، بينما انطباع الأكراد الحضريين عن غيرهم من الرحل فهو أن الأطفال الذين يولدون من نساء الرحل يشبون على اللصوصية والعنف لذلك لا يثق الطرفين ببعضهم ولا يتفاهمون”.
كما يتحدث بايزيدي في هذه المخطوطة عن بعض العادات الدخيلة لدى الأكراد وهي : شرب الخمر والربا .
ويتحدث المؤلف عن “عيد إطلاق الكبش” ويفرد تفاصيل دقيقة عن كيفية الاحتفال بهذا العيد في أوائل فصل الربيع. ويعتبر عمل بايزيدي أول مخطوطة تعرض تفاصيل دقيقة عن هذا العيد. وقد ورد ت هذه التفاصيل في إحدى مقالات س . فيكوندر حيث يعتقد الكاتب بأن لهذا العيد علاقة بعبارات قديمة مثل: “افستا فارشي” أو “هافه زانه” أو “فارشي هاريشتا” حيث تعني تللك العبارات إطلاق الكباش بين الأغنام في فصل الربيع وبالتحديد في شهري آذار ونيسان.
إذا قارنا العادات والتقاليد الواردة في هذه الرسالة مع عادات وتقاليد الأكراد المسلمين في ايران فسنرى أنها تنطبق مع ما هي منتشرة لدى الأكراد المسلمين في تركيا دون غيرهم.
يؤكد بعض الكتاب السوفيت ومنهم : أ. أ. أراكليان ، ك. خجاتوروف ، ل. فيلشيفسكي ، ت. ف. أرستوفا ، س . بيلكيزاروف، بأن العادات والتقاليد المذكورة في هذا الكتاب تتطابق بشكل عام مع العادات والتقاليد الموروثة لدى أكراد القوقاز. رغم أن ملا محمود بايزيدي يقول إن هذه العادات والتقاليد تخص الأكراد المسلمين دون الأكراد اليزيديين فلا يمكن من حيث الواقع مشاركته وتأييده في هذا الزعم .
كنا سنمنح المؤلف كل الحق لو كان زعمه هذا نابعاً من منطلق ديني، لكن ما عدا ذلك فليس هناك أي تناقض أو فروقات في العادات والتقاليد بين الأكراد المسلمين واليزيديين. وعندما اجتمعت مع بعض شيوخ اليزيديين وقرأت عليهم ما ورد في هذا الكتاب من عادات وتقاليد، قالوا : إننا نمارسها أيضا ً وليس هناك من خلاف مطلقاً .
كتب بايزيدي جميع مخطوطاته بلهجة “هكاري” الكردية، لغته بسيطة وواضحة.
نسخ الكتاب:
توجد لدينا نسختان من مخطوطته هذه. إحداهما بخطه، والأخرى صورة طبق الأصل من النسخة الأصلية، اعتمدنا بصورة أساسية على النسخة الأصلية، سنحاول أدناه اطلاعكم على محتوى النسختين كل على حدة.
النسخة الأولى ” كرد 34 ” تبدأ بالعنوان هي بخط ملا محمود بايزيدي. وقد كتبت النسخة بين عامي 1858- 1859م. وما بين الأسطر وفي هوامش الصفحات عدة ملاحظات ومصادر باللغة اللاتينية وقد تكررت هذه المصادر عدة مرات في النصوص، كما تظهر في النصوص الترجمة الفرنسية لبعض الكلمات والعبارات بقصد التوضيح والشرح، وتبدأ الصفحة الأولى بعبارة “العادات والتقاليد الكردية، وقواعد اللغة الكردية”.
يحتل النص الكردي الجهة اليمنى من الصفحات بينما تحتل الأرقام باللاتينية الجهة اليسرى. ثمة أخطاء عديدة في المخطوطة، تبدأ من الصفحة 79، بينما تكثر هذه الأخطاء بصورة فادحة في الصفحات 90 و 112. وبعد الصفحة 136 نصل رأساً إلى الصفحة 138 دون ذكر الصفحة التي قبلها. مقاييس الصفحتين السابعة والثامنة تختلف عن البقية حيث أبعادها هي : 16.5 سم والورق أوروبي، كتبت النسخة بحبر أسود على أوراق زرقاء اللون وغلافها من الورق المقوى.
النسخة الثانية ” كرد 34 ” تبدأ بالعنوان كتبت بخط اليد من قبل أحد الأشخاص ورد اسمه هكذا: “شاه نظر” في سميرنا وقد نسخت من هذه المخطوطة عدة نسخ فيما بعد بقلم الشخص المذكور( في بعض المصادر اسمه الشيخ نظر ومن مدينة أورمية).
قام الكسندر جابا بترجمة هذه النسخة الى اللغة الفرنسية لكنها تعج بأخطاء عديدة، نعتقد أن سبب الأخطاء يعود الى نقل محتوى النسخة لالكسندر جابا شخصياً من قبل أحدهم.
وضع جابا مقدمة باللغة الفرنسية لهذه النسخة دون ذكر اسم الكاتب بناء على توصية ورغبة منه. وقد يكون ذلك بسبب أن الكتاب المسلمين حسب اعتقادهم الديني لا يحبذون أن يطالع غير المسلمين كتاباتهم، لهذا نعتقد أن المؤلف أغفل اسمه لهذا الاعتقاد.
نصادف في الكتاب بعض الألفاظ العربية والفارسية. كما نصادف في بعض الصفحات ورود الأفعال على صيغة المصادر، خطوط الكتاب تشبه خط أحد المنحدرين من أصل غربي. من المحتمل جداً أن يكون خط الكسندر جابا نفسه، الأوراق أوربية وكتبت النصوص بحبر أسود وغلاف هذه النسخة عبارة عن ورق مقوى أزرق اللون.
إن هذا الأثر في غاية الأهمية بالنسبة للمهتمين والباحثين في مجالي التاريخ والجغرافية وخاصة للباحثين والمهتمين بدراسة التراث القومي الكردي . وإنني آمل أن يصبح هذا البحث مصدراً مفيداً ورئيساً للأجيال القادمة من الباحثين .
كما أنتهز أخيراً الفرصةَ لأقدم خالص شكري وامتناني للباحثين الأكراد: أسو جنكو، شكو حموتوف، علي جنكو، كما أنني أقدم خالص شكري للسيدين اسماعيل سادة ومعروف محمدوف على مساعدتهم لي في جمع المواد الخاصة بهذا الكتاب، وأقدم حبي وشكري العميق للسيد ن. أ. كيسلياكوف الذي قدم لي معلومات قيمة ومهمة للغاية تخص الكتاب، و للسيد أ. ل. فيلتشيفسكي، وللسيدة إ. م. بيشيرفا اللذين لم يبخلا علي بتقديم ما طلبت منهما من مساعدات قيمة و أخيراً أود أن أحي السيد ز. س. موسايليان الذي ساعدني في مقارنة النصوص .
م ، ب ، رودينكو
لينينغراد (بطرسبورج) 1963م
• نشرت الدكتورة شكرية رسول هذه المقدمة في ترجمتها لهذه الرسالة بعد ترجمتها من الروسية، وقد ترجمها جان دوست من الكردية. انظر: شكرية رسول. عادات وتقاليد الأكراد. ص9-18
[1]